يعد التوحد من الاضطرابات العصبية التي وإن تعددت أنواعها، فإن علامات الإصابة بها تبدو متشابهة مثلما تصبح فرص العلاج متقاربة، ما نوضحه عبر أعراض طيف التوحد وكيفية السيطرة عليها.
طيف التوحد
يعرف طيف التوحد بأنه من أشهر الاضطرابات المؤثرة على ضحاياه منذ عمر مبكر، حيث يمكنه الإضرار بقدرات الطفل الصغير، ليقلل من فرص تطوره على صعيد العلاقات الاجتماعية والمهارات السلوكية وغيرها من الأمور.
يشير العلماء دومًا إلى أن حدة ومدى صعوبة التحكم في أعراض طيف التوحد تختلف من حالة لأخرى، حيث تتفاوت القدرات على التعلم والتفكير وحل المشكلات من مريض لآخر، فيما يؤدي ذلك إلى اختلاف درجة المساعدة التي يحتاجها كل فرد على حدة.
يتفق الخبراء على وجود بعض العوامل التي تزيد من فرص المعاناة من أعراض طيف التوحد، وإن كان السبب ليس مؤكدًا بصورة جذرية، حيث تتمثل في العوامل الوراثية والطفرات الجينية، وكذلك أزمات الولادة وسن الأبوين المتقدم عند الإنجاب، لتظهر أعراض طيف التوحد المقسمة لأعراض اجتماعية وأخرى سلوكية.
أعراض طيف التوحد الاجتماعية

هي علامات طيف التوحد التي تظهر على المصاب الصغير عند التعامل مع الأطفال الآخرين أو مع البشر المحيطين بشكل عام، وتدفعه دفعًا نحو الانعزال، مثل:
صعوبة المشاركة
على الرغم من أن حب مشاركة الأطفال الآخرين لأوقات اللعب والمرح، تبدو من ضمن الرغبات الأساسية لدى أي طفل بشكل عام، فإن طفل التوحد لا تنتابه نفس الرغبة في ممارسة الألعاب مع الأطفال من نفس مرحلته السنية، مفضلًا الاستمتاع بالوقت على طريقته الخاصة ودون تدخل من أي شخص.
عدم فهم المشاعر
ليس من السهل بل ويبدو من المستحيل على الطفل المصاب بأعراض طيف التوحد، أن يدرك ويفهم مشاعره الخاصة، لذا يبقى من المستبعد دون شك أن ينجح في فهم مشاعر الآخرين من حوله.
ضعف لغة الجسد
يعاني ضحايا التوحد من صعوبة فهم الإيماءات التي يقوم بها الآخرون، فيما يفشلون هم أنفسهم في استخدامها بالشكل المناسب، مع الوضع في الاعتبار أن المصاب بالتوحد لا يمكنه الاعتماد على تبادل النظرات والتواصل البصري مع المتحدث.
التحدث المبرمج
تعد طريقة التحدث النمطية والتي تشبه طريقة الروبوت، من حيث افتقادها لاختلاف النبرات بحسب المشاعر وإلى آخره، من أبرز علامات طيف التوحد، التي يمكن ملاحظتها فور بدء ضحية الاضطراب في التعبير عن أفكاره، والتي تبدو مرتبكة في أغلب الأحيان.
الفشل في تكوين العلاقات
يبدو من المؤكد بعد الإشارة إلى أعراض طيف التوحد الاجتماعية السابقة، أن تكوين العلاقات العادية وتحديدًا علاقات الصداقات طويلة الأجل، يعد من المستحيلات بالنسبة لضحية هذا الاضطراب، وخاصة وأنه يميل إلى الانعزال وعدم المشاركة من الأساس.
أعراض طيف التوحد السلوكية

تتسم علامات طيف التوحد السلوكية دومًا بالتكرار الذي يعشقه ضحية هذه الأزمة الذهنية، حيث تتلخص في:
- الحرص على ترتيب الأشياء بصورة محددة ومكررة دون تغيير.
- الغضب العارم عند ملاحظة أي اختلاف في أي من نشاطات اليوم.
- الاعتقاد بأن رغبات الآخرين يجب أن تتشابه مع رغباته طوال الوقت.
- الحساسية الشديدة تجاه الأضواء والأصوات، والانفعال عند الشعور بالانزعاج بسببها.
- الاعتماد على حركات مكررة تشمل التصفيق أو الرقص بطرق معتادة.
علاج طيف التوحد

بالطبع لا يوجد حتى وقتنا هذا علاج جذري يمكنه شفاء مريض التوحد بشكل تام، إلا أن هناك بعض الخطوات العلمية المتبعة القادرة على علاج طيف التوحد، خاصة إن خضع لها الطفل الصغير مبكرًا، مثل:
تعلم المهارات الاجتماعية
يحصل الطفل المصاب بالتوحد على جلسات تهدف إلى تعليمه بعضا من المهارات التي يفتقدها، الأمر الذي يؤثر بدرجة أو بأخرى على قدراته عند التعامل مع الأطفال الآخرين.
جلسات التخاطب
هي وسيلة علاجية تبدو ملائمة تمامًا، من أجل تقليل علامات طيف التوحد المتعلقة بصعوبات التحدث، حيث لا يأمل من خلالها الخبراء أن يحسنوا من قدرات ضحية الاضطراب على النطق والتكلم فقط، بل كذلك تبدو مثالية لزيادة قدرته على فهم عبارات الآخرين.
العلاج النفسي
يعد العلاج النفسي مطلوبًا إن كان ضحية التوحد يعاني من أعراض أخرى جانبية لأزمته، قد تشمل صعوبات النوم والأرق المستمر على سبيل المثال، إضافة إلى القلق والاكتئاب في بعض الأحيان، لتأتي جلسات العلاج النفسي وتقلل من حدة الأزمة.
الأدوية العلاجية
إن كان العلاج النفسي ضروريًا عند ظهور أعراض التوحد الجانبية، فإن الحل قد يتمثل كذلك في الأدوية القادرة على تقليل تلك الأعراض، الأمر الذي يستدعي في جميع الأحوال استشارة الأطباء المتخصصين، الذين يملكون القدرة على تحديد الدواء الأنسب وفقًا للحالة.
نصائح للتحكم في أعراض طيف التوحد
بينما ينصح دومًا بسرعة عرض طفل التوحد على الأطباء، فإنه لا يمكن تجاهل دور الأسرة في تقليل صعوبة أعراض طيف التوحد الخفيف، عبر اتباع بعض الخطوات التالية:
التعلم
يحتاج الأبوان إلى التعلم الدائم والاطلاع على كل ما هو جديد فيما يخص حالة الطفل، فسواء حدث ذلك عبر استشارة المتخصصين أو من خلال القراءة فإن النتيجة تصبح هي الإلمام بأزمة الطفل ومن ثم زيادة القدرة على التحكم في علامات طيف التوحد المفاجئة منها والمتوقعة.
الانضباط
إن كان طفل التوحد يبدو عاشقًا للروتين والتكرار، فإن تلك الخطوة لن تتعارض مع رغباته بل يمكنها تحسين وضعيته الصحية، حيث تتمثل في فرض الانضباط بدرجة أو بأخرى على نشاطاته الحياتية، ليشمل ذلك تعويده على سلوكيات إيجابية وعادات غذائية مفيدة، كي تصبح جزءا لا يتجزأ من يومه.
التواصل
ليس المقصود هنا فقط التواصل مع الطفل ضحية التوحد في نطاق الأسرة الواحدة، بل كذلك التواصل مع عائلات الأطفال التي تعاني من نفس الاضطراب في المجتمع الصغير من حوله، حيث تؤدي مشاركة النصائح وطرق التعامل المتبعة من عوامل تقديم الدعم سواء للطفل أو لأسرته التي تحتاج المساندة النفسية أيضًا.
التحفيز
يتطلب الأمر في كثير من الأحيان النظر إلى قدرات المصاب بالتوحد، والتركيز على ما يتمتع به من إيجابيات حقيقية، من أجل تحفيزه على القيام بالمزيد، ما يحتاج أيضًا إلى تعويده على الخروج من البيت لشراء الاحتياجات المنزلية مع أفراد الأسرة على سبيل المثال، كي تقل مشاعر عدم الألفة تجاه المجتمع الخارجي.
الراحة
هي الخطوة الأخيرة التي يحصل من خلالها أفراد الأسرة على الوقود من أجل الاستمرار في تقديم الدعم للطفل المصاب، حيث تتمثل في تحديد وقت للراحة يحصل خلاله كل فرد على نصيبه من الهدوء النفسي، ما يصب في مصلحة ضحية التوحد نفسه بمرور الوقت.
في الختام، تبقى أعراض طيف التوحد الخفيف شديدة التنوع، إلا أنها تتفق بشكل عام على تأثيرها السلبي على حياة المريض الاجتماعية والعملية، لذا يبقى الدعم الموجه إليه ضروريًا كي يتعايش مع أزمته بنجاح.