دراسة حديثة تربط بين التلوث البيئي، وبين زيادة فرص الإصابة بالأمراض النفسية، حيث تشير لدور تربية الصغار في الأماكن الأكثر تلوثا في معاناتهم لاحقا من أعراض الاكتئاب واضطرابات ذهنية أخرى.
التلوث والاكتئاب
لا يوجد شك في تعدد المخاطر التي تنتج عن انتشار التلوث البيئي، والتي يبرز من بينها مخاطر صحية شديدة الاختلاف والخطورة، إلا أن تسببه في أزمات نفسية هو أمر جديد تكشف عنه الآن دراسة أمريكية دنماركية مثيرة للجدل.
توصلت الدراسة التي أجراها باحثون من جامعة آرهوس في الدنمارك، وجامعات أمريكية مختلفة، مثل شيكاغو وكاليفورنيا ونورث كارولينا، إلى أن التعرض للتلوث البيئي، وخاصة في الـ10 سنوات الأولى من الولادة، يزيد من مخاطر الإصابة لاحقا بأزمات نفسية مختلفة.
وجدت الدراسة أن معدلات الإصابة باضطراب ثنائي القطب والاكتئاب، ترتفع بصورة ملحوظة في الأماكن الفقيرة أو التي تشهد جودة سيئة للهواء، في إشارة إلى أن أبناء الدنمارك الذين عاشوا العقد الأول من عمرهم في أماكن أكثر تلوثا من غيرها، ارتفعت لديهم نسب المعاناة من اضطرابات نفسية وأمراض الفصام إلى ضعف النسبة العادية.
الدراسة
استند الباحثون على بيانات رسمية، إحداها تخص وكالة حماية البيئة الأمريكية، والأخرى لوكالات محلية بالدنمارك، حيث لاحظ الباحثون أيضا عددا هائل من الحالات الصحية في كلتا الدولتين، فيما سمحت البيانات الموضحة للباحثين، بمعرفة المستويات الحياتية التي عاشتها الحالات الصحية المراقبة في سنوات العمر الأولى، لذا فمع ارتفاع فرص تأثر المخ بالتلوث البيئي في سنوات الطفولة، توصل الباحثون إلى أن التلوث البيئي له مفعول سلبي على الصحة النفسية للمرء، إن تعرض له بكثرة خلال أول 10 سنوات بعد الولادة.
يقول أندريه ريزتسكي، الأستاذ بجامعة شيكاغو الأمريكية، والباحث المسؤول عن الدراسة: «ندرك دور العوامل الوراثية والجينات وكذلك التجارب الشخصية، في تحفيز الإصابة بالأمراض النفسية، أما الآن فقد توصلنا إلى أن التلوث البيئي يعتبر من أسباب المعاناة من الاكتئاب ومن اضطرابات نفسية أخرى أيضا، ما يستحق الانتباه».
في النهاية، قوبلت الدراسة الأمريكية الدنماركية الأخيرة، بشكوك أبداها البعض من دور التلوث في معاناة الذهن، إلا أن ذلك لا ينفي أهمية مواجهة مصادر التلوث البيئي بكل السبل الممكنة، ولكن قبل فوات الأوان.