«بوابة الجحيم»، ليس عنوانا لفيلم رعب أمريكي، بل لواحدة من أخطر الأماكن على سطح الكرة الأرضية، حيث ترتفع درجات الحرارة لأعلى مستوياتها، وتختفي الحياة بشكل مخيف إلا من بعض الكائنات الخارقة، فما هو سر تلك المنطقة البركانية الغامضة في إثيوبيا؟
بوابة الجحيم البركانية
تتعدد البحيرات البركانية في قارة إفريقيا، وتحديدا في إثيوبيا، إلا أن أخطرها وأكثرها تفردا بلا شك تلك الواقعة في منطقة بوابة الجحيم، إذ تعد الحياة شبه مستحيلة هناك مع وصول معدل درجات الحرارة إلى نحو 45 درجة مئوية، فيما تتجاوز الـ50 في بعض الأحيان الأخرى في ظل ندرة شديدة للأمطار.
تقع بوابة الجحيم على عمق 100 متر أسفل مستوى سطح البحر، في شمال غرب إثيوبيا، وبمنطقة شديدة القرب من الحدود مع دولة آريتريا، ما زاد من صعوبة وصول المستكشفين والباحثين إلى تلك المنطقة على مدار سنوات، بسبب الخلافات السياسية بين الدولتين الإفريقيتين، الأمر الذي أدى في نهاية المطاف إلى تأخر كشف غموض بوابة الجحيم، حتى بدأ التحرك أخيرا.
رحلات استكشاف الحياة
بدأ الباحثون في التوجه إلى بوابة الجحيم الإثيوبية منذ عام 2013، حين سافرت بعثة تضم عددا من المستكشفين الأوروبيين إلى هناك، من بينهم الباحثة بجامعة بولونيا الإيطالية، باربرا كافلاتزي، والتي تحكي: «الحياة شديدة القسوة بتلك المنطقة، قمنا بقياس درجات الحرارة ذات ليلة، لنفاجأ بها تتجاوز الـ55 درجة مئوية، هذا بخلاف الأحماض والغازات السامة المتصاعدة دوما، والتي تجبرنا على ارتداء الأقنعة طوال الوقت، وإلا حدثت الكارثة».
تضيف الباحثة الإيطالية: «لم تهدف تلك الزيارة إلا لتحديد كيفية العمل لاحقا ببوابة الجحيم، إذ بدا من الصعب أن نحضر معنا أي من المعدات اللازمة، للحصول على عينات والاحتفاظ بها بداخلها، تطلب الأمر في البداية التعامل بكل حذر، حتى لا يصاب أحد منا بأذى، خاصة في ظل هشاشة الأرض، ومع وجود أقرب مستشفى على بعد ساعات طويلة من الموقع البركاني».
في عام 2016، وبعد سنوات من التخطيط، عادت البعثة الاستكشافية ذاتها لبوابة الجحيم، من أجل الحصول على بعض العينات، أملا في أن تكشف لهم عن وجود حياة هناك، حتى حل عام 2017، الذي توصلت خلاله باربرا ورفاقها إلى وجود بكتيريا نادرة، قادرة على مواجهة درجة حرارة وحمضية شديدة الارتفاع بجحيم إثيوبيا، ما يعد الدليل الوحيد على وجود حياة في تلك المنطقة المخيفة.
بوابة إلى المريخ
تكشف باربرا كافلاتزي عن صلة عجيبة بين بوابة الجحيم في إثيوبيا، وكوكب المريخ في النظام الشمسي، قائلة: «توجد على سطح كوكب المريخ رواسب معدنية وأخرى من الكبريتات، مماثلة لتلك التي نشاهدها ببوابة الجحيم، لذا فمع التوصل إلى كيفية نجاح بعض الكائنات الدقيقة في مواصلة الحياة بذلك المناخ القاسي، يمكننا معرفة أي من المناطق بالكوكب الأحمر تعد صالحة للحياة».
في النهاية، ترى الباحثة الإيطالية بعد سنوات من البحث والاستكشاف، أننا لم نتوصل إلى أغلب القدرات الخارقة لعدد من الكائنات الدقيقة، التي تؤهلها أحيانا إلى استعمار مناطق تبدو غير صالحة للحياة، إلا أن المؤكد رغم كل شيء هو استحالة تواجد البشر ببوابة الجحيم القاتلة.