هناك جزيرة صغيرة في بحر العرب يبدو للناظر إليها وأن الزمن قد توقف فيها منذ مئات السنين، أو أنها مكان صنع خصيصا كخلفية مقفرة لأحد أفلام الخيال العلمي، التي تصور مكانا ما على بعد ملايين السنين الضوئية من الأرض، إنها الجزيرة التي وصفت بأنها «المكان الأكثر غرابة على الأرض»، مرحبا بك في جزيرة سُقُطْرَى اليمنية.
جزيرة سقطرى
تشكل جزيرة سقطرى أو سوقطرة اليمنية أرخبيلا من 4 جزر في بحر العرب على سواحل المحيط الهندي، وتبعد عن الساحل اليمني حوالي 300 كيلومتر، كما تبعد عن شبه الجزيرة العربية مسافة 350 كيلومترا، وتعد جزيرة سقطري ‑والتي تعني «جزيرة النعيم» في اللغة السنسكريتية القديمة- من أكبر الجزر العربية، حيث يبلغ طولها 125 كيلومترا كما يصل عرضها إلى 42 كيلومترا، ويسكنها أكثر من 40،000 شخص، وقد صنفت اليونسكو الجزيرة كموقع للتراث العالمي.
بين شواطئ قرمزية وحمراء، وكثبان رملية بيضاء، سنجد 800 نوع مختلف من النباتات العصارية (حوالي ثلث ما يوجد على سطح الأرض)، بعضها موجود منذ أكثر من 20 مليون سنة، والتي يعرف عنها اختزانها للماء في أشد البيئات قحولة وأقساها ظروفا.
إحدى أكثر العصاريات ندرة وغرابة في سقطرى هي «دورستينيا غيجاس»، والتي غالبا ما يشار إليها باسم التين السقطري، ذات الساق التي تشبه ساق الفيل، ولكن تبقى شجرة أخرى تسيل منها عصارة حمراء بلون الدم، والتي نسجت حولها الكثير من الأساطير والخرافات أبرز ما يميز هذه الجزيرة.
وفقا لإحدى الأساطير الكثيرة، أن الله أنشأ هذه الجزيرة الجميلة بكل الروعة والجمال، وخلق عليها تنينا ليسكنها، فعاث التنين فيها خرابا وأحرق الأرض والزرع، فمسخ الله التنين إلى شجرة حية تتألم وتتوجع، وكلما قطع من لحاء هذه الشجرة ينزف التنين دما مع الألم.
أسطورة أخرى حول تلك الشجرة الحية التي يطلق عليها أيضا «دم الأخوين»، حيث يعتقد أنها نبتت من دم الأخوين قابيل وهابيل ابني آدم عليه السلام، وقيل أنها نمت من دم سال من فيل وتنين أثناء صراعهما حتى الموت.
هذه الشجرة التي تشبه الفطر والتي يبلغ طولها 15–20 قدما حسب الأسطورة هي شجرة «دم التنين»، وقد عثر عليها لأول مرة في عام 1835 من قبل الملازم ويلستيد الذي فتن بمظهرها غير المعتاد، وذلك خلال دراسة استقصائية نظمتها وأجرتها شركة الهند الشرقية البريطانية، أكبر شركة تجارية في العالم في ذلك الوقت، وهي شجرة دائمة الخضرة بطيئة النمو، لا تنمو أوراقها إلا على أطراف الأغصان، وتطلق عصارة حمراء سميكة بلون الدم، ولكنها بالطبع لا تنزف، وما يخرج منها من عصارة حمراء ليس دم تنين بكل تأكيد، على الرغم من تلك القصص المثيرة.
استخدم السكان الأصليون تلك العصارة الحمراء (دم التنين) لعدة قرون كدواء عجيب وعلاج لجميع الأمراض، لقد استخدموه لعلاج كل شيء بداية من الإسهال والحمى والفيروسات إلى علاج القرحة والآفات واضطرابات الجلد المختلفة والطفح الجلدي وتجلط الدم، إضافة إلى استخدامات أخرى كصباغة الصوف، ولصق الفخار، وكمعطر لرائحة الفم، كما تستخدمه النساء كأحمر شفاه.
تم ذكر جزيرة سقطرى وأهميتها لأول مرة أثناء فتوحات الإسكندر الأكبر، حيث استخدمها كقاعدة عسكرية له ومقر لجيشه قبل انطلاقه لغزو الهند.