في يونيو 2021، استيقظ شاب أمريكي يدعى «دانيال بورتر»، معتقدًا أنه لا يزال بالتسعينيات، بعد أن فقد نحو 20 عامًا من ذاكرته بسبب اضطراب بالمخ، يعرف طبيًا باسم «فقدان الذاكرة الشامل العابر»، فما قصة هذا الرجل؟
ما هي قصة دانيال بورتر؟

استيقظ دانيال بورتر، الذي يبلغ من العمر 36 عامًا، ويقطن بجرانبري في تكساس الأمريكية، بجوار زوجته روث، في يوليو من عام 2021 دون أي فكرة عن هويتها أو سبب وجودها بجانبه.
واعتقد بورتر، الذي يعمل كأخصائي للسمع أنه كان يبلغ من العمر 16 عامًا وقد حان الوقت للاستعداد للمدرسة، ولم يتذكر زوجته التي ترقد بجانبه أو ابنتهما ليبي، التي أنجباها منذ نحو 10 أعوام، ولم تستطع روث إقناعه بأنه لم يتم اختطافه وأنها زوجته سوى بعد الاستعانة بوالديه.
«استيقظ ذات صباح، ولم يكن يعلم من أنا أو أين هو. كان مرتبكًا جدًا. أستطيع أن أقول إنه لم يتعرف على الغرفة، لقد ظنّ أنه كان مخمورًا وعاد إلى المنزل مع امرأة أو أنه قد تم اختطافه».
- روث بورتر تحكي تفاصيل اليوم الأول من معاناة زوجها.
تم تشخيص حالة بورتر من قبل الأطباء بأنه يعاني من اضطراب دماغي نادر يعرف بـ فقدان الذاكرة الشامل العابر، والذي عادة ما يكون انقطاعًا مؤقتًا مفاجئًا للذاكرة قصيرة المدى، وأنه سيعود إلى طبيعته في غضون 24 ساعة، لكن وحتى بعد مرور عام كامل على هذه الحادثة، لا يزال بورتر على نفس الحال.
بالعودة إلى حالة دانيال مجددًا، فقد هذا الشاب معظم ذكرياته، خاصة تلك المتعلقة بآخر 20 عامًا، حيث لم يكن لديه فكرة عن أن لديه ابنة، كما كان خائفًا من كلابه، بل وامتعض غاضبًا عندما نظر إلى نفسه في المرآة، يتساءل لماذا أصبح عجوزًا وبدينًا، لكن الأهم بذلك الخصوص؛ كان فقدانه لكل ما تعلّمه واضطر مجبرًا للتخلي عن وظيفته كأخصائي للسمع.
بالتأكيد تحوَّل بورتر لشخص آخر، يجب أن تتعرَّف عليه عائلته مرّة أخرى، نظرًا لنسيانه كل تجاربه وعلاقته تقريبًا، والتي كانت بالتأكيد عاملًا مؤثرًا في تشكيل شخصيته وطريقة تعامل من حوله معه.
ما هو فقدان الذاكرة الشامل العابر؟

طبقًا لموقع (كليفلاند كلينيك/Clevland Clinic)، فقدان الذاكرة الشامل العابر (TGA) هو انقطاع مؤقت مفاجئ للذاكرة قصيرة المدى، وهو حالة نادرة للغاية، تصيب من 3 إلى 10 أشخاص من كل 100 ألف إنسان، ويكون المرضى الذين يعانون من هذه الحالة مشوشين، لا يعرفون مكانهم أو يشعرون بالارتباك بشأن الوقت، لكنهم بخلاف ذلك يكونون يقظين ولديهم قدرات تفكير طبيعية.
خلال نوبة الإصابة، التي عادة ما تكون قصيرة بشكل عام، لا يستطيع المرضى تكوين ذكريات جديدة، وتميل التأثيرات إلى أن تكون مؤقتة، لكن المريض غالبًا لا يتذكر أي شيء يحدُث أثناء هذه النوبة.
أسباب الإصابة بفقدان الذاكرة الشامل العابر

على الرغم من أن أسباب الإصابة بفقدان الذاكرة الشامل العابر لا تزال غامضةً وغير معروفة، إلا أن بعض الأطباء كشفوا عن بعض الحالات التشابهات التي يحملها معظم من يصابون بهذه الحالة النادرة.
- الأشخاص الذين تتخطى أعمارهم الـ50 عامًا هم الأكثر عرضةً للإصابة.
- الأشخاص الذين يمتلكون تاريخًا مرضيًا مع الإصابة بالصداع النصفي أكثر عرضة كذلك للإصابة بهذه الحالة من غيرهم.
ومن هنا يمكننا أن نُدرك مدى ندرة احتمالية تعرُّض شخص مثل دانيل بورتر للإصابة بهذا المرض، حيث كان لم يصل لعامه الـ40 عند إصابته، كما أنه لا يمتلك تاريخًا مع الإصابة بالصداع النصفي.
أسباب أخرى
إضافة لذلك، يقترح بعض الأطباء أنّه على الرغم من عدم وجود سبب محدد للنوبة، إلا أنه في حالات نادرة، يمكن أن تؤدي أحداث بعينها في حدوث هذه النوبة مثل؛
- النشاط البدني الشاق.
- التعرض المفاجئ للماء شديد الحرارة أو شديد البرودة.
- الإجهاد العاطفي.
- صدمة خفيفة في الرأس.
ويتم تشخيص الحالة عن طريق إقصاء احتمالية الإصابة بنوبات مشابهة مثل الصرع، وتشمل الاختبارات الفحص العصبي، اختبارات الدم، التصوير بالرنين المغناطيسي، التصوير المقطعي، التخطيط الكهربائي للدماغ والتقييم النفسي.
أعراض الإصابة
بغض النظر عن حالة بوتر ‑الأكثر ندرةً- وضع أطباء المخ والأعصاب قائمة من الأعراض التي تظهر على الشخص المصاب، والتي يمكن من خلالها اكتشاف الإصابة سريعًا وهي:
- القلق والانفعال الدائم.
- طرح الأسئلة بشكل متكرر حول ما يحدث.
- الاحتفاظ بالهوية الشخصية أثناء النوبة.
- القدرة على إكمال المهام الروتينية المعقدة أثناء النوبة.
- عدم وجود علامات تشير إلى تلف أنسجة المخ.
- انتهاء النوبة بعد مرور فترة تتراوح بين 8 ساعات إلى 24 ساعة على أقصى تقدير.
في النهاية؛ وبما أنّ أسباب الإصابة بفقدان الذاكرة الشامل العابر ليست محددة، بالتالي لا يمكن توقُّع المضاعفات التي قد تنتج عن الإصابة به، وهو ما قد يفسّر تدهور حالة دانيل بوتر، لكن الأطباء ينصحون بضرورة احتواء المصاب عاطفيًا نظرًا لأنه عادة ما تنتابه حالة من الغربة إثر تواجده مع أشخاص لا يعرفهم، ولو مؤقتًا.