كتبت — إسراء حمدي
بمجرد سماعك لكلمة معتقل أو سجن ستتطرق إلى ذهنك آلاف الصور عن الزنازين المعتمة والممرات الضيقة والجدران المهترئة والعزل الانفرادي، والزيارات التي ينتظرها السجين بين الحين والآخر ليتسنى له رؤية عائلته وأطفاله، ولكن ماذا عن زنزانة عائلية جمعت الأب والأم وطفلهما الرضيع «فيكتور» معا؟
فيكتور
يقضى الطفل «فيكتور مانويل» أيامه مثل باقي الأطفال الذين تتراوح أعمارهم من عام إلى ثلاثة أعوام، فهو يذهب إلى الحضانة ويرسم ويلعب ويركب دراجته ليمرح هنا وهناك، ولكن الفارق الوحيد بينه وبين أقرانه أنه يؤدي كل هذه الأنشطة في السجن؛ حيث يعيش مع والدته القاتلة ووالده مدمن المخدرات.. مرحبا بك الآن في سجن «أرانجويز» الإسباني العائلي!
سجن 5 نجوم
يسمح للسجين هنا أن يتقدم بطلب ليعيش طفله معه إن كان بلا مأوى، ولكن يشترط أن يجري هذا الأمر حتى عمر الثالثة فقط، كذلك يسمح له بالزواج داخل السجن والإنجاب والعيش أيضا في زنزانة واحدة، وقد قال المسؤولون عن وحدات هذا السجن أنها «وحدات خمس نجوم»؛ حيث امتلأت جدرانها بالرسوم وشخصيات ديزني وميكي ماوس والصور العائلية.
ويوجد أيضا سرير مزدوج وخزانة مليئة بالألعاب وحمام صغير ونوافذ، كما أن ملعب السجن الخارجي قد تمت تهيئته لأطفال السجناء.
إصلاح وتهذيب
الغرض من هذا الأمر أن يرتبط الأطفال بوالديهم حيث إن أعمارهم لا تسمح لهم بفهم واقع السجن، كما أنها ستكون فرصة جيدة أيضا للسجناء الذين يسعون إلى إعادة التأهيل وتعلم مهارات الأبوة والأمومة، وبالرغم من أن الطبيب النفسي في السجن والآباء المسجونين أنفسهم لا يعتقدون أن هذا الوضع مثالي؛ فأن الترتيب والتنظيم داخل المؤسسة العقابية يشعرهم كما لو أنهم يعيشون في منازلهم.
ويقول السجناء أن هذا الأمر بالتأكيد أخف وطأة من ألم الانفصال، وأنها خطوة جيدة من مسؤولي السجن.
رعاية أسرية
وفي لقاء مع (كارمن جارسيا) والدة الطفل فيكتور البالغة من العمر 28 عاما والتي حكم عليها بعشر سنوات بتهمة قتل صديقها، قالت أنها التقت زوجها داخل السجن وتزوجا وأنجبا طفلهما الأول، وعندما طلبا العيش في زنزانة واحدة تم الترحيب من قبل السجن، وقالت أيضا أنها تشعر بالسعادة البالغة لكونهما معا، كما أنهم يعتنون بهم جيدا ويعاملونهم بكل احترام وتقدير؛ لتخفيف آلام السجن عنهم.
لم ينته دور السجن عند هذا الأمر وحسب؛ بل يقومون باستلام الأطفال بعد الثالثة وإرسالهم إلى أحد الأقارب إن وجد أو هيئة الخدمات الاجتماعية، ويعود الوالدان بعد ذلك إلى الزنازين المخصصة لهما.
ويقول الطبيب النفسي أن هذا الأمر قد خلق محيطا يبعث على الراحة والطمأنينة والحب داخل السجن، وبالتالي انخفض معدل الانتهاكات بين السجناء، كما أن السيدات اللاتي لديهن طفل على وشك بلوغ الثالثة من عمره يسعين للحمل مرة أخرى حتى يبقين في الوحدات العائلية.
وقد جرى تصنيف سجن «أرانجويز» من بين أفضل 10 سجون على مستوى العالم.