جريمة قتل نكراء وقعت في هولندا وجرت أحداثها المؤسفة في إقليم ليمبورج بجنوب هولندا قبل 20 عاما، وانتهى المطاف بمرتكبها في إسبانيا شمال مدينة برشلونة حين أوقفته الشرطة الإسبانية، قبيل تسليمه للسلطات الهولندية، فما القصة؟ ومن هو الضحية؟
بداية القصة
في أحد أيام أغسطس/ آب الصيفية عام 1998، انطلق الطفل الصغير نيكي فيرستابن صاحب الـ11 ربيعاً للحاق بمخيم صيفي وقضاء وقت ممتع في الكشافة رفقة أصدقائه، وفي صباح أحد الأيام بالمعسكر استيقظ كل من بالمخيم ليجدوا أن نيكي قد اختفى.
جرى البحث عن الطفل الصغير كثيراً طوال يومين، وفي اليوم الثاني عثر على جثته في غابة قريبة من المخيم، وبحثت الشرطة الهولندية كثيراً عن القاتل لكنها لم تعثر عليه رغم الإجراءات الدقيقة التي قامت بها للوصول إليه، فقد كان عالم الكشف عن الجريمة آنذاك يشهد طريقة جديدة في مجال البحث الجنائي، وهي فحص الحمض النووي، وقد وجد مسؤولو البحث عينات من حمض نووي لأكثر من شخص على ملابس نيكي الغارقة في الدماء.
وكدليل للتعاون مع السلطات في البحث عن المجرم الهارب، قام أكثر من 140 ألف شخص من القاطنين بالقرب من ساحة الجريمة بالتقدم لفحص عينات الحمض النووي ومطابقتها مع تلك التي وجدت على قميص نيكي.
لم تتطابق أي من العينات التي تقدم بها المتطوعون حينذاك، لكن بعد 20 عاما، أرسلت والدة نيكي نداء إلى الشرطة مجدداً لإعادة التحقيق في مقتل طفلها، فقررت الشرطة الهولندية تضييق نطاق البحث عن طريق فحص نسب تطابق العينات، فجاءت عينات أقارب القاتل قريبة نسبياً من تلك الموجودة على قميص الطفل، وبعد عدة تحقيقات تبين أن المشتبه به الأول هو الهولندي جوزيف بريتش، والذي يقيم في إسبانيا.
كيف وجد القاتل؟
كأغلب القتلة، عاد بريتش إلى مسرح جريمته في اليوم التالي لارتكابه لها عام 1998، وفي ذلك الوقت كانت الشرطة تحيط بالمكان، فأوقفته الشرطة باعتباره أحد المارة، ثم مضى إلى حال سبيله، لكن اسمه ذكر في التحقيقات آنذاك، وحين فتحت القضية مجدداً، وجد أن بريتش لديه صلة قربى بأشخاص تبرعوا لفحص الحمض النووي وكانت نسبة مطابقته للحمض النووي الغريب الموجود على قميص نيكي.
بطبيعة الحال ذهبت الشرطة لتقصي أثر بريتش، الذي كان كثير السفر والترحال ويقضي وقتاً لا بأس به في أحضان البرية، ومن خلال البحث علمت الشرطة أنه كان قد سافر إلى منطقة جبال الفوج شمال فرنسا الخريف الماضي، ثم انقطعت أخباره عن أسرته في إبريل/ نيسان 2017، وعندما فحصت عينات الحمض النووي من منزله، تطابقت بنسبة 100 بالمائة مع عينات الحمض النووي الغريبة التي وجدت على قميص نيكي.
مع زيادة الدلائل التي تشير إلى بريتش، وانتشار الخبر في وسائل الإعلام الهولندية، وصل إلى الشرطة الإسبانية رجل هولندي يقول إنه شاهد المشتبه به في مدينة كاستيلتير كول بالقرب من برشلونة، وأنه تحدث معه في يولويو/ تموز الماضي، في مخيم بالغابة القريبة من منزله الذي يقطنه منذ عدة أعوام.
على الفوز ذهبت قوات الشرطة الإسبانية لتوقيف بريتش البالغ من العمر 55 عاما، وبعد اعتقاله ووضعه قيد الاحتجاز في إسبانيا، تواصل الجانب الإسباني والهولندي وصدرت مذكرة توقيف أوروبية تعيد المجرم القاتل إلى البلد الذي ارتكبت فيه الجريمة لمحاكمته.
ينتظر بريتش في هولندا محكمة متعطشة لتطبيق العدالة، ومدع عام صارم، وحشود غاضبة منذ 20 عاما، بالإضافة إلى أسرة الطفل الفقيد، وقد انبرى أحد محامي الدفاع يقول في تصريح لصحيفة “التلغراف” البريطانية إنه مستعد للدفاع عن بريتش لأن هناك آثار لحمض نووي غريبة أخرى وجدت على قميص الطفل المغدور.