تتعرض الحيوانات إلى الانكماش حجما بمرور السنوات، ودون أن يلاحظ البشر ذلك، ربما يبدو الأمر لا يصدق إلا أن خبراء علم الحيوان طالما كشفوا عن تعرض أحجام الكثير من الحيوانات مثل الدب القطبي وحتى بعض أنواع الطيور إلى التضاؤل، فيما يتضح أن التغيرات المناخية وكذلك تدخلات البشر هي سر الأزمة.
التغيرات المناخية وانكماش الحيوانات
تؤكد دراسة أمريكية أجريت بجامعة نيوهامشير، أن ظاهرة الإجهاد الحراري التي أصابت كوكب الأرض منذ سنوات، لتؤثر على درجات حرارة الأجسام، لها دور واضح في تضاؤل أحجام الحيوانات بمرور الزمن بنسبة وصلت إلى 30%، حيث بدا انكماش الحيوانات على مدار سنوات طويلة كرد فعل عكسي لمواجهة التغيرات المناخية، والسر هنا في أن الأجسام الأقل حجما تستطيع تبريد نفسها بكفاءة أعلى من غيرها.
كذلك قام أحد الأبحاث التي أجريت بجامعة كيب تاون الجنوب إفريقية بدعم الدراسة السابقة، حين أشار إلى أن زيادة درجات الحرارة بنحو 32 فهرنهايت في موطن طيور ذعرة الجبل تسبب في انكماش أحجامها على مدار نحو 23 سنة في الفترة من سنة 1976 وحتى 1999، إذ حدث ذلك مع زيادة الضغط هناك.
التلوث وتضاؤل حجم الدب القطبي
يعد التلوث البيئي والذي يمثل أحد أسوأ أعمال البشر على كوكب الأرض، من أسباب معاناة الدب القطبي من الانكماش في الحجم، وفقا لدراسة أجريت بجامعة آرهوس الدنماركية، حيث قام الباحثون بدراسة أجسام تلك الحيوانات القطبية لمرتين في زمنين مختلفين، ليكتشفوا تضاؤل أحجامها نظرا للتلوث البيئي، وكذلك بسبب ذوبان الجليد، علاوة على زيادة صعوبة قيام تلك الحيوانات باصطياد الفرائس.
تتعدد الدراسات العلمية الأخرى التي أثبتت تضاؤل أحجام الكثير من الحيوانات بمرور الأعوام، ومن بينها الأغنام الاسكتلندية المعروفة باسم أغنام سواي، والمتأثرة بظاهرة التغيرات المناخية، وكذلك حيوان الوشق الكندي الذي تعرض للانكماش على مدار نحو نصف قرن في ظل اختفاء الأطعمة المفضلة لديه، فيما لم تسلم الفراشات الملكية من الأزمة نفسها والسر في حرمانها من الطعام في مرحلة اليرقات، لتصبح أجنحتها أقصر مما كانت عليه من قبل.
الأزمة مستمرة
يرى الخبراء والباحثون في مجال علم الحيوان، أن الأزمات التي تعرضت لها الحيوانات على مدار عقود طويلة، والمتمثلة في الانكماش في الحجم، لن تتوقف عند هذا الحد، بل يمكن للأمر أن يسوء أكثر وأكثر في السنوات المقبلة.
تحذر إحدى الدراسات البريطانية والتي أجراها علماء من جامعة ساوثامبتون، من إمكانية تعرض الحيوانات إلى انكماش قد يصل لنسبة 25% خلال العقد القادم، ليتبين أن تضاؤل أحجام الحيوانات سوف يستمر لمراحل أخرى قادمة.
في الختام، يتضح أن التغيرات المناخية والتدخلات البشرية لها أدوار أخرى سلبية غير متوقعة على الطبيعة، حيث تتمثل تلك المرة في انكماش الحيوانات وتضاؤل أحجامها، بدرجة تؤثر على أساليب معيشتها ومن ثم على أعمارها بالسلب، فهل يدق ذلك ناقوس الخطر قبل فوات الأوان؟