رفيقة الدرب
أعد «مازن» كوب القهوة واتخذ موقعه المفضل على الأريكة ومن أمام التلفاز ليشهد على الهواء أحد أهم وأحدث إنجازاته، ولم لا ننسب له هذا الإنجاز؟ وقد كان دومًا العون والسند والرفيق والشريك الأول لهذا النجاح.
فمنذ الخطوات الأولى لزوجته ورفيقة شبابه وحب حياته «يمنى» في مجال العمل الإعلامي وتقديم البرامج وكان خير سند ومشجع وداعم لها، كان يشاركها التخطيط والسعي والتنفيذ في كل خطوة وكل مرحلة، حتى وبعد أن أصبحت الآن في مصاف النخبة والصفوة في تقديم البرامج المعنية بشؤون الأنثى، مازال مازن يشاركها التحضير للحلقات واختيار مواضيعها وحتى الضيوف، ولكن هذه المرة مختلفة، فقد آثرت «يمنى» أن تجعل تفاصيل حلقتها الجديدة بالكامل مفاجأة لزوجها الحبيب، ليتسنى له ولها استكشاف ورصد رد فعل المشاهدين لهذه الحلقة بدقة وحيادية.
صوت حواء
وبينما كان مازن يحتسي قهوته انتهت الفقرة الإعلانية المملة الطويلة التي غالبًا ما تسبق مقدمة البرنامج بل تزاحمه في بعض الوقت، ظهرت زوجته الحبيبة على التلفاز وخفق قلبه ككل مرة يراها فيها وكأنه يشاهدها لأول مرة، وكانت تقف كعادتها مبتسمة واثقة شامخة تتحدث بطلاقة:
«أهلا بيكم في حلقة جديدة من برنامج «صوت حواء»، اللي اتعودتوا ديمًا إنه يكون الصوت الحر والجريء والصريح، واللي بيعبر عن الأنثى المصرية بل العربية بل الأنثى في العموم بكل صدق وحق وبدون خطوط حمرا».
«عشان كده النهارده الحلقة مختلفة ومفاجأة، ومن نابع إيماننا إن الفهم والتعمق في نفس الرجل وأفكاره وحتى أمراضه هو السبيل لنجاح الأنثى في فهمه والتعايش معاه، وكمان تفهم إزاي تحافظ على حقوقها و تاخدها، عشان كده ضيف حلقتنا النهارده مختلف، المفروض إن نوعه في البطاقة رجل، بس أعتقد إنه المفروض يوصف كوحش أو شيطان، مش هطول عليكم، ضيفنا النهارده السفاح حديث البرامج والسوشيال ميديا الأسبوع اللي فات، السفاح اللي انتهك عرض العديد من البنات المصريات الشريفات العفيفات بخسة وقذارة وندالة، نستضيفه النهارده ‑غصب عنه- عشان نقدر نغوص في نفسه المريضة ونعرف منين لإنسان كل هذا الشر، فاصل ونواصل».
السفاح
خفق قلب مازن بشدة، بل ارتعد من مثل هذه مقابلة، فهو يعلم جيدًا ما أثير حول هذا السفاح المغتصب الأسبوع الماضي وكيف زلزلت أخباره أركان المجتمع المصري بشدة، جلس بترقب يأكل في أظافره، ويكاد يقتله الخوف والقلق، وظهرت من جديد زوجته يمنى على مقعد المحاور ومن أمامها بدون فواصل أو حواجب ذلك المجرم السفاح، مما أشعل الخوف في قلب مازن من جديد، واستمع بغير تركيز للحديث ما بين زوجته التي اتسمت بالاستفزاز والاشمئزاز وهذا السفاح الذي كان يكسوه هدوء كهدوء الذئاب.
وفجأة بدون مقدمات ينتفض السفاح من مقعده وينقض كالثور على مقعد زوجته التي أصابها الفزع والذهول، تصرخ طلبًا لنجدة بعيدة المنال، وسط تسمر عيني مازن وكل من يتابع ذلك المجرم وهو ينقض على تلك الأنثى الرقيقة بلا حول منها ولا قوة، يحاول نزع ملابسها والتحرش بها بل اغتصابها، ومع تصاعد المشهد الصادم غير المتوقع ينقطع البث فجأة، ومعه ينقطع النبض عن شرايين وقلب مازن الذي كالمسوس انطلق نحو باب المنزل آخذا مفاتيح بيته وسيارته، ومن الصدمة ينسى هاتفه وباب منزله على مصراعيه.
ينطلق نحو سيارته والدموع تنهمر من عينيه خوفًا على زوجته وحبيبته بل رعبًا، أشعل محرك السيارة وانطلق كالسهم يحاول أن يتحسس طريقه بصعوبة نحو موقع تصوير البرنامج، يضغط دواسة الوقود بكل قوة لعله يستطيع أن ينجد حبيبته، ويستحضر ذهنه اللحظات الأخيرة الصادمة على التلفاز، وفجأة يتوقف كل شيء وتسود الدنيا أمام عينيه، وتتوقف كل الأصوات، بل تتوقف الحياة.
الترند
في موقع التصوير كانت يمنى تقف وسط فريق الإعداد والتصوير الخاص بالبرنامج مبهورة بنسبة المشاهدة وكم التداول لهذا المقطع والخبر على مواقع التواصل الاجتماعي، كانوا يحتفلون بهذا النجاح، فقد كان هذا المقطع كفيلًا بأن «يركبوا الترند» لأسابيع، ويحقق نسب متابعة غير مسبوقة، كانت الفقرة الإعلانية هذه المرة طويلة وطويلة للغاية، وحسب الاتفاق المسبق، كان الإعداد قد اتفق مع السفاح على تمثيل هذا المشهد دون المساس بيمنى مقدمة البرنامج، وكان الغرض من هذا المشهد السخيف بالقطع «ركوب الترند».
بعد لحظات وقبل أن تعود يمنى للبرنامج بعد الفاصل الإعلاني، لتحبك التمثيلية وتحكي عن معاناتها ومقاومتها لهذا السفاح المتوحش وهي تذرف الدموع، حاولت الاتصال بزوجها لطمأنته إلا أنه لم يرد، ازداد توترها، إلا أنها عادت للهواء من جديد وواصلت تمثيليتها السخيفة من جديد ابتغاء مرضاة الترند.
ومن جديد بعد النجاح الباهر، والتمثيل الدرامي الرائع، يلتف من حولها المعدون مهنئين، وبيدها الهاتف تحاول الوصول لمازن بدون فائدة، وفجأة يرن الهاتف في يدها فترد بسرعة ولهفة دون أن تتبين من المتصل، فإذا بشخص غريب يحدثها:
«ألو.. حضرتك زوجة الأستاذ مازن حسين.
أيوه هو فين؟ في إيه؟
أنا آسف يا مدام بس جوزك عمل حادثة كبيرة من شوية، وللأسف يا مدام البقاء لله، الله يكون في عونك، يا ريت حضرتك تحضري المستشفى حالًا عشان الإجراءات».
إخلاء مسؤولية: المحتوى في قسم الآراء والمساهمات لا يعبر عن وجهة نظر الموقع وإنما يمثل وجهة نظر صاحبه فقط، ولا يتحمل الموقع أي مسؤولية تجاه نشره.