الصحة النفسية

أحلام اليقظة في علم النفس.. مضيعة للوقت أم مدخل للإبداع؟

هل تخيلت يومًا أن تكون بطلًا أو بطلة في قصتك عندما تشعر بالملل؟ هل يتجول عقلك في خيالٍ مليء بالصور والتجارب التي لا يمكنك الحصول عليها في الحياة الواقعية؟ هل تأخذ استراحة من الحياة اليومية من حولك من أجل التخطيط لمستقبلك؟ إذا كانت إجابتك نعم! فأنت طبيعي مثل جميع البشر الآخرين، ولا يعد ثمة اضطراب تمر به حتى الآن، لذا سوف نتعرف سويًا على كنه أحلام اليقظة في علم النفس وما هي وظائفها وأهميتها وهل لها من سلبيات.

معنى أحلام اليقظة في علم النفس

هي وسيلة من وسائل التكيف مع المجتمع والمواقف التي تطرأ على حياتنا لكنها لا ترضينا، ويمكن وصف أحلام اليقظة في علم النفس على أنها استخدام بعض المهارات العقلية ومحاولة توظيفها كي نصل إلى أهداف ورغبات تبدو صعبة، ومن خلالها يمكن للفرد إشباع ملكة الخيال لديه على الأقل.

أحلام اليقظة هي الشكل الأكثر شيوعًا للوعي الذي يتغير ويتبدل كثيرًا، وهو ببساطة مستوى وعينا لما يحدث حولنا وداخلنا في جميع المواقف، أو يعبر عن مستوى اليقظة التي نمر بها، هذا يعني أن أحلام اليقظة هي التي تمكننا من الانتقال بسرعة إلى حالة متغيرة في أي وقت في واقع الأمر، حيث يمكننا التحول بسرعة من وعي اليقظة إلى أحلام اليقظة الشاردة في غمضة عين.

والسؤال الآن هل أحلام اليقظة في علم النفس تعبر عن اضطراب معين، أم أنها قد تكون ذات فائدة في دفعنا للعمل والإبداع؟ دعونا نناقش سويًا هذا الأمر من خلال موقع قل ودل وما يحاول تقديمه من معلومات وافية لزائريه.

هل أحلام اليقظة مضيعة للوقت؟

أحلام اليقظة في علم النفس
هل أحلام اليقظة مضيعة للوقت

وفقًا لعلماء النفس، فإننا نستهلك حوالي نصف نشاطنا العقلي على أحلام اليقظة، حيث تساعدنا على تحقيق أهدافنا، وتكشف عن أكبر آمالنا ورغباتنا ومخاوفنا أيضًا، وقد تجعلنا نخطط جيدًا لمواجهة موقف معين بطريقة سليمة، وهنا تبرز أهميتها.

يقول “إريك كلينجر” أستاذ علم النفس في جامعة مينيسوتا: “بالرغم من أن أحلام اليقظة تبدو متناقضة، فهي ما يجعلنا منظمين”، ومن غير الصائب أن نفكر في أحلام اليقظة على أنها مبعثرة وغير مركزة، حيث إن إحدى وظائف أحلام اليقظة هي إبقاء أجندة حياتك أمامك، الحلم أثناء اليقظة يذكرك بما سيحدث، ويجعلك تتدرب على مواقف جديدة  وتخطط للمستقبل وتختبر التجارب السابقة حتى تتمكن من التعلم منها.

الهدف من أحلام اليقظة في علم النفس

يقول العالم “كلينجر”: “نظرًا لأن أحلام اليقظة تتعلق بأهدافنا الشخصية، فإنها تختلف بين كل فرد والآخر، حيث يميل كل منهم في إثبات ما يعرفه الآخرون عنه ويؤكد أمورًا بداخله، بدلاً من تقديم معلومات جديدة، وتعد تلك الأحلام بمثابة قناة تصل بين الشخص وذاته وتجعله يتقبل الحياة من حوله بكل ما فيها من أمور مزعجة بالنسبة له ويحاول تطويع المواقف لصالحه.

خلال أحلام اليقظة نكون في حالة انفصال نوعًا ما عن واقعنا الحالي، أو أننا أكثر تقبلاً للأفكار المتولدة داخل عقلنا الباطن، لكن لا ينبغي أن نتعامل مع أحلام اليقظة في ظاهرها؛ حيث غالبًا ما يكون معناها الحقيقي غامضًا وله علاقة بـ”تجربة” ما قد مررت بها، أكثر من كونها أمنية تبدو صعبة أو مستحيلة؛ كأن تصبح واحدًا من نجوم السينما أو العلماء المشهورين.

هل أحلام اليقظة تختلف بين الرجل والمرأة؟

أحلام اليقظة في علم النفس
يحلم الرجل بالبطولة والمرأة تفضل دور الضحية

تشير الأدلة إلى أن الرجال يميلون إلى دور الشخصية الشهيرة ذائعة الصيت، والنساء نحو دور الضحية، لأنهم يميلون عمومًا إلى اجترار المشاعر أكثر، وفي أحلام الرجال يكون البطل هنا ناجحًا أو قويًا، وربما موسيقيًا موهوبًا أو عالمًا رائدًا، أو يصنع سيناريو يتغلب فيه الشخص على خوفه الشخصي، مثل الطيران أو التسلق، ويتلقى ردود فعل رائعة من الآخرين.

تعكس الأوهام من هذا النوع الحاجة إلى السيطرة والارتقاء فوق إحباطات الحياة الصغيرة، والنوع الثاني يرتبط بمشاعر عدم التقدير وسوء الفهم، وهكذا يتخيل الحالم أثناء اليقظة مواقف يندم فيها الآخرون على أنانيتهم ​​ويعترفون بكونه هو الشخص الرائع الذي يتمناه في الواقع.

أحلام اليقظة في علم النفس وهل هي اضطراب أم علاج؟

يقول كليف أرنال؛ عالم النفس الشهير: “تحدث أحلام اليقظة غالبًا في أوقات التوتر أو الإحباط أو الملل، فعندما نشعر بالإحباط في العالم الواقعي، بالتالي ننقل أنفسنا إلى وضع آخر أكثر مثالية”.

فيما يخص الأحلام المتكررة لدينا، فإن علاجها هو تغيير النمط الذي نحيا به، وإدخال الهوايات وخاصةً الرياضة في الروتين اليومي، الهروب من الممكن أن يحدث بطريقة بعيدة عن الاضطرابات النفسية، والحصول من خلاله على التحفيز الذي نفتقده من المحيطين بنا، وقد قال بعض الأطباء النفسيين إن أحلام اليقظة في حد ذاتها يمكن أن تكون علاجًا لو كانت تعمل على تغيير المزاج للأفضل دون الانسلاخ كليةً من الواقع.

يمكنك الاحتفاظ بأوقات معينة تمارس فيها أحلام اليقظة، ولكن من الأفضل أن توجهك للتغلب على بعض المواقف الصعبة التي تعتقد أنها عقبة في طريقك نحو أهدافك التي تخطط لها في الحقيقة.

أهم إيجابيات أحلام اليقظة 

أحلام اليقظة في علم النفس
الخيال الصحي بعيدًا عن الاضطراب

طالما كان 80% من الأشخاص يمارسون أحلام اليقظة كما قال “كلينجر” كان لا بد من التعامل معها على أنها تملك أهمية كبرى، فمن غير المعقول أن يصاب هذا العدد الهائل باضطراب نفسي ويتعايشون معه هكذا ببساطة، لذلك توصل العلماء بعد أن قاموا بإحصائيات ودراسات كثيرة إلى فوائد أحلام اليقظة في علم النفس وهي كالتالي:

فكر وإبداع

أحلام اليقظة هي أرض خصبة لأكثر الأفكار إبداعًا، حيث يمكن أن تتوصل في حوارٍ مع كاتب مشهور أو عالم وصل إلى القمة، بأنه كان يعيش مع أحلامه وقتًا طويلًا، ومن خلال هذا الحلم يصل إلى فكرة مميزة كعالم، أو يمسك بطرف خيط لقصة مذهلة لو كان روائيًا.

أداة للتعلم والتخطيط

أحلام اليقظة هي واحدة من أدوات هامة يحتاج لها المتعلم في طريقه، وتساعده لأن يكون مخططًا جيدًا لأهدافه المستقبلية، وذلك باستخدام الخبرات السابقة لتوقع الأحداث في المستقبل والتنبؤ بها، حيث ينتج عن معايشة الشخص لبعض الخبرات وربط الأحداث بعضها ببعض، أن يكون أكثر انفتاحًا للتعرف على أبعاد جديدة لم يكن يدركها من قبل.

تصل بين الماضي والحاضر والمستقبل

كما ذكرنا سابقًا هي مفيدة جدًا في إدراك الارتباط بين الخبرات التي سبق ومر بها، وبين الأحداث التي تقع له في مستقبله، وهنا يختار الشخص الاستجابة الأفضل ليقدمها ويتعامل مع البدائل المتاحة له بصورة أكثر إيجابية، وبذلك يتمكن من التخلي عن الطرق غير الفعالة التي كان ينتهجها في الماضي.

الحفاظ على العلاقات

نعم من إيجابيات أحلام اليقظة في علم النفس أنها تساعدك في البقاء على صلة بمن تحب؛ سواء كان صديقًا أو شريكًا، وذلك عن طريق تذكر بعض المواقف التي جمعتكما سويًا أو التفكير في زيارة يمكن أن تحدث فيما بعد، وبخاصة لو كان هناك خلافٌ قد وقع بالفعل مؤخرًا، وأدى إلى الانفصال بينكما، فسوف تقودك أحلام اليقظة إلى الشعور أنه لا يزال بجانبك وقد يدفعك ذلك لمحاولة إصلاح ذات البين.

تساعد على التكيف 

قد تسوقك تجاربك غير المرضية في الحقيقة إلى قضاء وقتٍ ليس بالقصير بعيدًا عن أرض الواقع، ولكن عليك أن تأخذ من هذه الفترة وسيلة لمحاولة التكيف على الأوضاع، وليس معنى ذلك الانصياع لما يحدث حولك دون محاولة تغييره، ولكن قد تساعدك فترة الاستجمام عبر خيالاتك في إيجاد وسيلة لإثراء تجاربك والبعد عن الأحداث المملة والرتيبة من حولك.

عيوب الانغماس في أحلام اليقظة

أحلام اليقظة في علم النفس
عندما يتحول الحلم إلى سراب

كما أوضحنا سابقًا أن أحلام اليقظة في علم هي بمثابة وسيلة للتكيف والتخلص من توترات تحيط بالشخص وتمنعه من أداء مهامه، إلى هنا يكون الأمر صحيًا إلى حدٍ كبير، أما لو تمادى الشخص في أحلامه وانغمس فيها بعيدًا عن واقعه ولم يحاول الاستفادة منها، فإن هناك الكثير من العيوب التي تجترها عليه ومنها:

  • تسبب لك تشويشا في الذاكرة ونسيان المعلومات الهامة.
  • تتداخل مع إنتاجيتك في العمل وتجعلك لا تركز في أداء مهامك على النحو الأكمل.
  • كن حذرًا في التعامل مع تشغيل الآلات في مصنعك مثلًا، حيث الانغماس بها يجعلك قليل التركيز نوعًا ما.
  • من عيوب أحلام اليقظة في علم النفس أن تكون منغمسًا في بعض الأفكار السلبية التي قد تقودك للانتحار أحيانًا.

كانت هذه هي أهم المعلومات حول أحلام اليقظة في علم النفس وما هي الإيجابيات والعيوب، وما زال الحديث الإيجابي عنها هو الأوفى، بحيث تستمر طبيعية دون الانسلاخ من الواقع تمامًا.

المصدر
مصدر 1مصدر 2

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى