الصحة النفسية

أسباب التلعثم عند الأطفال والكبار وطرق العلاج

من يعتقد أن التلعثم (التأتأة) يخص الأطفال فقط، هو واهم بالطبع، فهي حالة تنتاب الكبار والصغار على حدٍ سواء، فكثيرًا ما نجد أنفسنا نكرر كلمة معينة مثل “أنت تعرف أن” أو “آه” وغيرها من الكلمات التي تعني عدم القدرة على الاسترسال في الكلام بشكل طبيعي، هيا بنا نتعلم الكثير عن هذا الاضطراب وطرق علاجه.

ما هو التلعثم (التأتأة)؟

لا تعبر التأتأة فقط عن عدم إتقان الكلام، بل تشمل المرور بمشاعر التوتر عند التحدث إلى شخص معين، أو في موقف معين، وقد أشار المتخصصون إلى أنه يمكننا تجنُب المواقف التي تُدخلنا في هذا المنعطف الذي يؤثر سلبيًا على نفسيتنا ويقلل من الثقة في أنفسنا أو التخلي عن الكلمات الصعبة التي لا نجيدها.

اعلم عزيزي القارئ أن أعراض التلعثم لا تكون بنفس النسبة دائمًا، بل قد تجد نفسك طلق اللسان في أوقات، وفي أوقاتٍ أخرى يصيبك التردد فتطيل في الألفاظ ولا تدري أين ذهبت تلك الكلمات التي أعددتها مسبقًا، وبخاصة حين تتحدث إلى شخص قريب من قلبك أو تقف مخاطبًا أناسا كثيرين في لقاء ما.

هل ترتبط التأتأة بالسن؟

ليس حقيقيًا أن التلعثم مرتبط بسنٍ معين، بل يصيب الجميع بلا استثناء، فقد تجد طفلًا يتلعثم عندما يبدأ في تعلم مهارات لغوية جديدة، ومن المحتمل أن يستمر هذا التلعثم معهم لفترة طويلة قد تصل إلى حياتهم كاملة، وهنا يُعد اضطرابًا نفسيًا يحتاج لعلاج.

أما عن اختلاف نسبة المصابين بين الأولاد والبنات، فهي واضحة جدًا، حيث تزداد نسبة الذكور 4 أضعاف الإناث تقريبًا، ومنهم نسبة كبيرة تتخلص من تلعثمها عندما تكبر وتصل تلك النسبة إلى 75% من عدد المصابين من الأطفال.

أنواع التلعثم 

التأتأة عند الكبار

عند الحديث عن أنواع التأتأة (التلعثم) نجد أنها تنقسم إلى مراحل، منها ما يميز الأطفال في سنٍ مبكر، ومنها ما يتعلق بالشباب والكبار لأسباب معينة، هنا بالتفصيل نتحدث عن الأنواع وتعريف كل منها.

تأتأة النمو 

تمر مراحل النمو اللغوية لدى الطفل بمراحل كثيرة، وحين يبلغ من عمره عامين يصبح مستعدًا لألفاظ وكلمات جديدة، ومع تقدم السن من المفترض أن يحول الكلمات إلى جمل مفيدة، ولكن معظم الأطفال لا تتطور مهاراتهم اللغوية وقدراته الكلامية تبعًا لمتطلباتهم اللفظية.

وعندما تم تصوير دماغ مجموعة من الأطفال الذين يتلعثمون ومجموعة أخرى ليست بمصابة بالتلعثم، شوهدت بعض الاختلافات الثابتة بينهم، وقد وُجد أن هناك جينات وراثية مسؤولة عن هذا الاضطراب لدى الطفل.

التلعثم العصبي

هذا النوع من التأتأة ينتج عندما يتعرض الشخص لمشكلة صحية ما، مثل أن يصاب في رأسه أو يتعرض لسكتة دماغية، فلا تتمكن مناطق الدماغ التي تقوم بدورها في ترتيب الكلمات وتنسيقها وإدارة حديث متوازن من أداء مهمتها جيدًا، فتظهر المشكلة في الكلام بوضوح، وهذا النوع ينتج عن صدمات نفسية أيضًا ليسمى التلعثم النفسي.

التشخيص

عادةً ما يتم التشخيص من خلال الأعراض التي تبدو على الشخص، ولكن حتى يكون الأمر أكثر موضوعية ولا تتدخل خبرات البشر فيه، بتم اللجوء إلى أخصائي النطق والتخاطب، الذي يتعرف على التاريخ المرضي للأسرة فيما يتعلق باضطرابات الكلام، ومتى أصيب الطفل بهذا الاضطراب، وما هي السلوكيات التي تتزامن معه وتحليلها جيدًا، بحيث يربط بين السبب والنتيجة إن كان الأمر عابرًا.

من خلال التشخيص قد تكون لدى الطبيب فكرة مسبقة عن مدى استمرار هذا الاضطراب، وهل سوف ينتهي سريعًا أم أنه سيظل مقترنًا بالطفل لسنوات أخرى.

أسباب التأتأة عند الأطفال 

أسباب التأتأة عند الأطفال غير مفهومة تمامًا، ولكن يعتقد الخبراء أنها ناتجة عن مزيج من العوامل الوراثية والبيئية.

العوامل الوراثية

تشير الأبحاث إلى أن التأتأة تنتقل في العائلات، مما يشير إلى وجود عامل وراثي، حيث أن الأطفال الذين لديهم أحد الوالدين أو كلاهما متلعثمين هم أكثر عرضة بثلاث إلى خمس مرات للإصابة بالتأتأة مقارنةً بغيرهم.

العوامل البيئية

يمكن أن تلعب العوامل البيئية أيضًا دورًا في التأتأة، قد تتضمن هذه العوامل:

  • صعوبات تعلم اللغة: قد يكون الأطفال الذين يجدون صعوبة في تعلم اللغة أكثر عرضة للتلعثم.
  • التعرض للضغوط: يمكن أن يؤدي التعرض للضغوط، مثل البدء في المدرسة أو الانتقال إلى منزل جديد، إلى تفاقم التأتأة لدى الأطفال المتلعثمين بالفعل.
  • إصابات الدماغ: هي أحد أسباب التأتأة عند الأطفال مثل السكتة الدماغية أو رضوض الدماغ، إلى التأتأة.

أسباب التلعثم عند الأطفال 

التلعثم عند الاطفال

قد تتعدد الأسباب كثيرًا ولا تتوقف على العامل الوراثي فقط، على الرغم من أن له اليد الطولى للإصابة بالتأتأة عند الأطفال، إلا أن العوامل البيئية أيضًا تساهم بنسبة كبيرة في ذلك؛ كأن تحاول تعليم الطفل جملًا طويلة في مراحل نموه اللغوي الأولى، ويجد نفسه تحت ضغطٍ كبير، ليصاب بالتلعثم.

أيضًا نجد أن ثنائية اللغة لها دور كبير، كأن يولد طفل عربي في دولة أجنبية، ليجد الأب يتحدث بلغة بينما تتحدث الأم بلغةٍ أخرى، ويكون هو متحيرًا أي اللغتين يتعلم في سن ما قبل المدرسة، أما السبب الأخير فهو متعلق بالحياة الأسرية ومدى استقرارها، حيث التفكك الأسري له تأثير بالغ على الطفل وقدراته اللغوية.

علاج التأتأة عند الأطفال 

علاج التلعثم عند الأطفال

كلما لوحظ الاضطراب مبكرًا وتم تشخيصه على أنه ليس حالة طبيعية تنتهي مع الوقت، كان الحصول على علاج وإدارة المشكلة أكثر يسرًا، هناك الكثير من الاستراتيجيات التي تنمي لغة الطفل وتجعله قادرا على التواصل مع من حوله بشكلٍ طبيعي، وقد أوصت الدراسات أنه لا بد من تقييم الطفل المتلعثم كل 3 شهور للوقوف على تطور حالته وما إذا كان هناك تزايد أو تناقص في التأتأة، والآن إليكم بعض الخطوات التي تسهم في العلاج من خلال تشجيع الوالدين للطفل كالآتي:

  • خصص وقتًا للحديث الحميمي مع طفلك، وامنحه فرصته كاملة للتعبير عن نفسه فهو وسيلة جيدة من أجل علاج تأتأة الأطفال.
  • الاستماع باهتمام وإنصات يجعل طفلك شغوفا بتوصيل المعلومة لك، وتزداد ثقته بنفسه كثيرًا ويصبح أكثر ترتيبًا لأفكاره وكلماته.
  • عندما تتحدث أنت ببطء مع الطفل، هذا يمنحه متسعًا من الوقت لفهم ما تقول وترتيب الرد عليه دون تردد.
  • لا تساعده بإكمال جملته المبتورة، بل دعه يبحث عن الكلمة المناسبة بنفسه.
  • إذا كان طفلًا انطوائيًا، فقد يكون هذا السبب في تلعثمه، وهنا عليك إشراكه في بعض الأنشطة الاجتماعية مع مجموعة أخرى من الأطفال.
  • حاول تهيئة أجواء مناسبة في المنزل بينك وبين الأم، بحيث يركز الطفل في تطوير لغته من خلال الحديث معكما، وليس من خلال سماع الشجار بينكما.

أسباب التلعثم المفاجئ عند الكبار

التلعثم عند الكبار

أسباب التلعثم عند الكبار كثيرة وقد تؤدي لإصابة البالغ بهذه التأتأة وعدم الطلاقة في الكلام كما كان في الماضي، وهي كالتالي:

  • إذا ما تعرض الشخص لصدمة نفسية فقد على أثرها القدرة على التعبير عن نفسه ومشاعره بالكلام.
  • إصابته في حادث بحيث كانت الإصابة في الدماغ، يمكن أن يكون سببًا قويًا لعدم قدرته على الكلام بطريقة طبيعية مرةً أخرى.
  • تعرضه للسكتات والجلطات الدماغية يمكن أن يسبب بطئا في الكلام أو إطالة أو ترددا.
  • العامل الوراثي له دور كبير في الإصابة بهذا الاضطراب، ويكون التلعثم ليس مفاجئًا، بل مرافقًا للشخص منذ طفولته.
  • التعرض لمواقف محرجة أو صدمات نفسية وعاطفية.
  • يمكن أن تنشأ التأتأة كنتيجة آثار جانبية لبعض الأدوية، وخاصةً المستخدمة في علاج الأمراض النفسية الأخرى مثل الفصام والاكتئاب.
  • تناول الشخص الكحوليات بإفراط يثقل من لسانه ولا يكاد يبين الكلام حتى بعد زوال تأثير الكحول.

طريقة علاج التلعثم المفاجئ عند الكبار 

في حالة البحث عن علاج فوري للتأتأة فلن تجد على الأحرى، بل يمكن أن تتفاقم أعراض التأتأة إذا ما لازمها التوتر والقلق وانعدام الثقة بالنفس، والأمر هنا يحتاج لإدارة صحيحة ينتج عنها تقليل الأعراض والتدرب على التحدث بسلاسة، وإليكم بعض الطرق التي تفيد في هذا الصدد:

التحدث ببطء

هو طريقة مفيدة للغاية، حيث يمكنك نطق الكلمات ببطء بحيث تتخطى مشكلة التلعثم عندما تتحدث بطريقتك العادية، حينها سوف يكون لديك فرصة لمتابعة الكلمة تلو الأخرى دون تلعثم، يفيدك في هذا قراءة قصة أو كتاب ببطء وبصوت عالٍ وأنت في غرفتك منفردًا، وبعد ذلك يكون من السهل استخدام هذه الطريقة أمام الآخرين.

العلاج طويل المدى

لا تتردد في زيارة طبيب متخصص في علاج التخاطب سواء كنت كبيرًا أو صغيرًا، حتمًا لن تكون سعيدًا مع شعورك بثقل في لسانك أو تباطؤ في خروج الكلمات من فمك، مما قد يثير شفقة الآخرين أو امتعاضهم، لذلك كان علاج التلعثم الفجائي عند الكبار هامًا للغاية للوصول إلى درجة عالية من الرضا عن النفس والوثوق في الذات.

مهما كان عمرك فإن التدرب على يد متخصص سوف يعمل حتمًا على تحسين النطق لديك، بحيث يمكنك المشاركة في الاجتماعيات واللقاءات، ولا تجد في نفسك ما يؤرقك بسبب المخاوف التي تنتابك من التلعثم أمام الغير، وهناك أكثر من وسيلة للعلاج طويل المدي وهي:

معالجة النطق

  • يتعرف الطبيب على ما هي المثيرات أو المواقف التي تجلب التأتأة أو تزيد منها.
  • يدرب الشخص على التحدث ببطء وبطريقة مفهومة.

العلاج السلوكي والمعرفي

كما نعلم أنه أحد الطرق الفعالة في العلاج النفسي، حيث يهدف إلى:

  • محاولة حل المشاكل المتسببة في ذلك، مع التعرف على أي نوع من أنواع التأتأة أصيب بها هذا الشخص.
  • منح الشخص المعلومات الكافية حول هذا الاضطراب.
  • التدرب على تمارين التنفس بعمق والتحدث ببطء.
  • دعم التواصل مع الآخرين.
  • عدم الوقوف على الأفكار السلبية.

هذا النوع من العلاج السلوكي مفيد جدا في دعم ثقة الشخص بنفسه، وتقليل توتره وقلقه بشأن اضطراب التلعثم.

تمارين التنفس لعلاج التلعثم

أسباب التلعثم عند الأطفال والكبار وطرق العلاج

تعمل تمارين التنفس لعلاج التلعثم والتأتأة على إبطاء دخول الشهيق إلى الصدر ثم إخراجه ببطء أيضًا بعد حبسه مدة لا تقل عن 15 ثانية، وذلك يكون في وضع الاسترخاء والاستلقاء في الهواء الطلق، يمكنك اتباع التمرين مدة من 45 حتى 60 ثانية للحصول على نتيجة جيدة، كرر الخطوة حوالي 5 مرات في المرة الواحدة، على أن تكرر التمرين بأكمله مرتين يوميًا.

هناك تمرين آخر، يمكن القيام به، وذلك عن طريق الشهيق ثم إخراج الزفير مع نطق العدد 1، ثم شهيق مرة أخرى وإخراج النفس مع نطق العدد 2، وهكذا حتى العدد 10، مع ملاحظة أن يخرج الزفير كاملاً مع نطق العدد، ويمكن نطق الكلمة التي لا يجيد المريض نطقها ويتلعثم بها مع الزفير.

المرحلة التالية من التمرين ينطق الشخص عددين مع كل زفير، ثم 3 أعداد، وهكذا حتى يصل لنطق 5 أعداد في الزفير الواحد، وبنفس الطريقة يمكن نطق أكثر من كلمة مع إخراج النَفَس حتى يتقن الكلمات التي لم يكن يجيد نطقها بسهولة.

علاج التأتأة بالقرآن

يمكن علاج التأتأة بالقرآن بأكثر من طريقة؛ فقد يستخدم تمارين التنفس ومن خلالها يقرأ كلمات ثم آيات من القرآن، وذلك لضبط مخارج الصوت، أو يمكن العلاج بالقرآن بأن يتلو الطفل القرآن في حلقات مع مجموعة من الأطفال في نفس عمره، بحيث يكرر الآية مرات ومرات حتى يتقنها ويتغلب على تلعثمه.

ونود أن نقول إن العلاج بالقرآن لا يتعارض بأي شكل مع أنواع علاجات التلعثم الأخرى، فكثيرًا لا تكون العلاجات السلوكية والمعرفية والنفسية غير مجدية، ويكون الحل في القرآن الكريم وما يحمله من بركات، وإذا كان الطفل خجولا يمكنه سماع أحد القراء المفضلين له، وترديد الآيات من خلفه، وحتمًا سوف يتحسن النطق لديه كثيرا وتزداد ثقته في نفسه.

علاج التأتأة في الكلام بالأعشاب

قد يكون من أسباب التلعثم هو فقدان الطفل بعض الفيتامينات الهامة مثل فيتامين ب12، ب6 وهنا نهتم برفع نسبته في الجسم عن طريق تناول بعض العناصر المفيدة:

  • أحماض أوميجا 3 بكل مصادرها، بحيث تعين الطفل على تحسين تفكيره وسلوكه أيضًا، حتى إن بعض الأطباء يوصون بإدخال مكملات تحتوي على زيت السمك مع العلاج النفسي والسلوكي.
  • عشبة الزعتر لها تأثير قوي على النطق عند الأطفال، حيث يشربه الطفل على الريق بعد نقعه وتحليته بالعسل الأبيض.
  • قيل إن استخدام الملح والعسل مع أوراق السدر سويًا يمكن أن يأتي بنتائج رائعة، إذا ما واظبت الأم على فرك لسان طفلها من أسفل بهذا المزيج.
  • أوراق الغار يتم وضعها تحت لسان الشخص مدة 3 دقائق، ومع تكرار هذا مرتين يوميا، وسوف يقل التلعثم كثيرًا بفضل الله تعالى.
  • حبة البركة أو الحبة السوداء لعلاج التلعثم، بإضافتها إلى قشور الرمان، حب الرشاد، مع التحلية بالعس الأبيض، والخلط جيدًا، يتناولها الشخص مرتين يوميا، لمدة لا تقل عن 3 أسابيع وسوف تجدون نتائج غير متوقعة.

كانت هذه هي أهم المعلومات عن التلعثم عند الأطفال والكبار والطرق الفعالة في العلاج، ولكن الأهم من كل هذا، الحفاظ على الحالة النفسية للشخص ودعم ثقته بنفسه حتى يجيد التواصل اللغوي مع الآخرين، من دون الشعور بحرج إذا ما وقع في التأتأة أو التردد في الكلام.

المصدر
مصدر 1
زر الذهاب إلى الأعلى