علاقات

متى تصبح مقارنة النفس بالآخرين مفيدة دون أضرار؟

تتعدد تحذيرات خبراء علم النفس من مخاطر مقارنة النفس بالآخرين، حيث يؤدي وضع المقارنات بيننا وبين من حولنا في أغلب الأحيان إلى سوء الحالة النفسية وربما الميل للشعور بالندم والاكتئاب، إلا أن هناك بعض الاستثناءات التي تكشف عن فوائد خفية لتلك المقارنات وعلى عكس المتوقع.

الشعور بالامتنان

ربما يرتبط مفهوم مقارنة النفس بالآخرين لدى الكثيرين، بتركيز المرء على عيوبه قبل مقارنتها بإيجابيات البشر المحيطين به، إلا أن أسلوب المقارنة من الوارد أن يصبح مفيدا لنا، حينما نلجأ لتدقيق النظر في كل ما نملك، ومقارنة وضعنا بأحوال من يفتقدون لتلك الأشياء، فبينما يبدو الاستلقاء على فراش مريح داخل منزل نظيف قبل الاستيقاظ والذهاب للعمل أو للجامعة يبدو مضمونا، فإن إدراك معاناة البعض من افتقاد كل تلك الأمور يزيد من مشاعر الامتنان والثناء بداخلنا، لتصبح المقارنة إيجابية وليس العكس.

تجاوز الندم

فائدة أخرى نكتسبها عند مقارنة النفس بالآخرين ببعض من الوعي، كشفت عنها دراسة كندية أجريت في جامعة كونكورديا، حيث أجريت بين نحو 104 متطوعين وشهدت قيام كل فرد بالكشف عن أكبر الأشياء التي ندم عليها في حياته، ليتوصل الخبراء إلى أن الأغلبية العظمى من المشاركين قد شعروا بتحسن في الحالة النفسية وزيادة في الرضا عن الذات وانخفاض في درجات التوتر والقلق، بعدما أدركوا وجود حالات أسوأ وأكثر قسوة من الندم عاشها البشر الآخرون، وهي الفائدة التي ينصح باللجوء إليها أحيانا ولكن من دون المبالغة في ذلك، حتى لا نجد أنفسنا قد اكتفينا بالاعتماد الكامل على مقارنة أوضاعنا بأسوأ ظروف الأشخاص المحيطين بنا.

حل الأزمات

تبدو مقارنة النفس بالآخرين مفيدة أيضا حينما نلجأ لوضع مقارنة سريعة بين أزمة ما تؤرق أذهاننا وبين مشكلة مشابهة نجح صاحبها في تجاوزها بنجاح، حيث يساهم ذلك في تحفيز النفس وزيادة الشعور بالراحة وعدم القلق، بل ومن الوارد أن نضع أحد هؤلاء الأشخاص الذين نجحوا في تخطي مشكلاتهم كمثل أعلى، عبر توقع أو تخيل كيفية تعامله مع أزماتنا عند مواجهتها، مع الوضع في الاعتبار أن المقارنة تبدو أكثر فائدة عندما تدفعنا لتجنب المشكلات قبل وقوعها، استفادة من العثرات التي واجهها الآخرون.

تطوير الشخصية

ليس من المطلوب أن نبحث دائما عن مقارنة أنفسنا بأوضاع الأشخاص الأسوأ حالا حتى نشعر بالرضا أو نتعلم من الأخطاء التي قاموا بارتكابها، بل من الوارد أن تصبح مقارنة النفس بالآخرين مفيدة حتى إن كانوا أكثر مهارة وخبرة، ذلك حينما نحاكي أساليب تعاملهم لتخطي عيب ما في الشخصية، مثلا إن كان شخص ما يعاني من الخجل الشديد، فإن تجاوز هذه الأزمة يصبح أكثر سهولة عند السعي لتقليد طريقة تعامل الشخص الاجتماعي مع من حوله، فبينما لا يعد التشبه بالآخرين هو المطلوب في كل الأحوال، فإنه أحيانا ما يصبح مفيدا لتخطي المراحل المعقدة في حياتنا.

تحقيق النجاح

تعد مقارنة النفس بالآخرين من الأمور الإيجابية وليست السلبية، حينما يملك الشخص القدر المطلوب من الثقة في النفس والرضا عن الذات، ليتمكن من الاستفادة من نجاحات الآخرين دون ذرة من الحقد، وبقليل من الغيرة الصحية، إذ يؤدي وضع المقارنة بين نظام الحياة التقليدي الذي نتبعه، وبين الأسلوب الصحي والعملي الذي يتبعه الأشخاص الناجحون حول العالم، إلى زيادة الحماس والرغبة من أجل محاكاة هذا النظام، مثلما يمكن لمقارنة إنتاجية الشخص في العمل بالمجهود الجبار الذي يبذله زميل آخر، أن تصبح دافعا من أجل التطور في الوظيفة اليومية، الأمر الذي يسلط الضوء على أهمية المنافسة الشريفة ودورها في دعم الإنسان من أجل تحقيق النجاح.

في كل الأحوال، يعد استخدام أسلوب المقارنة بين شخصين آخرين مرفوضا، بل ويصبح الأمر أسوأ حالا حينما تكون المقارنة بين طفلين، حيث تؤدي لزيادة مشاعر التوتر وليس العكس، ما يكشف هنا عن أهمية المقارنة فقط عندما تقتصر على البالغين الأكثر حكمة وثقة في النفس.

المصدر
طالع الموضوع الأصلي من هنا

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى