الصحة النفسية

الشخصية الحساسة في علم النفس بين الصفات الأبرز وطرق التعامل

لا يعترف أصحاب الشخصية الحساسة بأن خير الأمور الوسط؛ فحياتهم ما هي إلا سلسلة من المشاعر التي تتأرجح من أقصى اليمين إلى أقصى اليسار، ما يجعلهُم أحيانًا عُرضةً لبعض المشاكل بحياتهم، تعرفوا معنا على ماهية تلك الشخصية بالتفصيل.

ما هي الشخصية الحساسة؟

يُمكن تعريف الشخصية الحساسة بأنها شخصية تمتلك ردة فعلٍ قويةٍ تجاه المتغيرات التي تحدُث من حولها، سواء كانت هذه المتغيرات لها علاقة بالأماكن أو الأشخاص من حولها، لذلك يمكن أيضًا وصف الشخص الحساس بأنه إنسان مرهف الشعور، يتمتع بعواطف جياشة على الدوام.

طبقًا لعلماء النفس؛ من السهل أن يتعرّض أصحاب الشخصية الحساسة للتحفيز أو الإحباط، كما أنهم أكثر قدرة من غيرهم على ملاحظة التفاصيل مهما بدت دقيقة.

 أسباب تكوين الشخصية الحساسة

الشخصية الحساسة
الاستمتاع بالجمال

بشكل عام، يعتقد الباحثون في مجال علم النفس أن نحو 20% من سكّان الأرض هم من أصحاب الشخصيات الحسّاسة، كما أن هنالك البعض ممن يشير إلى أن هذا التباين المتطرف في مشاعر هؤلاء الأشخاص تجاه أي متغير يطرأ؛ يعود في الأساس إلى سبب وراثي، بينما يرجعه البعض الآخر لفترة الطفولة.

لكن على العموم؛ وضع المختصون احتمالين يمكن اعتبارهما كأسباب ضمنية لكون أحد الأشخاص حساسًا بشكل مُفرط، وكانت الأسباب المحتملة كالتالي:

التربية الخاطئة

أحيانًا يتعامل الآباء مع أبنائهم بشيء من التقليل من قدراتهم، ما قد ينتج عنه هزّة واضحة في ثقة الأبناء بأنفسهُم خاصةً وأن في فترة الطفولة؛ حيث لا يستطيع الطفل أن يحتوي هذا النوع من المشاعر السلبية التي تتراكم بداخله نتيجة لمقارنته الدائمة مع أقرانه وتفضيلهُم عليه بشكل واضح.

عندئذ، يتولد عند الطفل تصور يفترض بمقتضاه أن مقدار نجاحه أو فشله مرتبط بشكل وثيق بنظرة الآخرين له، بالتالي قد يفعل أي شيءٍ حتى يتجنّب نقد الآخرين، لكن المؤسف أن ذلك قد يمنعه عن التعبير عن ذاته بشكل حقيقي، لأنه يستمد قيمته من الآخرين، وفي هذه اللحظة يتحول الطفل لشخصية حسّاسة، يعيش يومًا بمنتهى السعادة نتيجة لتعليق إيجابي عليه، وآخر في منتهى البؤس بسبب تعليق سلبي.

الفشل في التعامل مع الضغوطات

يتعرض البشر طوال حياتهم لضغوطات مختلفة من حيث النوع والتأثير، لكن دائمًا يكون الأهم من تخطي هذه الضغوط هو استخلاص العبرة وتعلُّم الدرس من كُل محنة يقع بها الإنسان.

في بعض الأحيان، يفشل الكثير من الناس في التعلّم من أي عقبة تواجههم ويكتفون بتخطيها بالوقت، لأنهم كما ذُكر أعلاه يفتقرون للثقة اللازمة بأنفسهم، ويضعون أنفسهم في المقام الثاني بعد باقي البشر، بالتالي يصبح الحل الوحيد لهم هو تبني نمط الشخصية الحسّاسة، حيث لا يمكنهم تكوين وجهة نظر شخصية كاملة بأي شأنٍ.

صفات الشخصية الحسّاسة

الشخصية الحساسة
مشاعر التحفيز أو الإحباط.

ما يجعل التعرُّف على الشخصية الحسّاسة في علم النفس مُحيرًا للعلماء، هو أن أصحابها يمتلكون صفات يشترك فيها معظم البشر، لكن العامل الذي يفصل ما بين كون الشخص حساسًا أو لا، هو الشدة التي يتبناها أثناء تحويله لهذه الصفات إلى تصرفات على أرض الواقع تجاه مُختلف المتغيرات التي تطرأ على حياته اليومية.

لذلك، وضع علماء النفس قائمة من الصفات الإيجابية والسلبية التي يمتلكها أصحاب الشخصيات الحسّاسة، والتي يمكن التعرّف عليهم من خلالها، مع التشديد على أن تطبيقهم لهذه الصفات على هيئة تصرفات بشكل متطرف.

كراهية القسوة

يكره صاحب الشخصية الحساسة العنف والقسوة بشكل مضاعف، وتعتبر هذه الصفة إيجابية في العموم، إلا أن مشاهد العنف بالنسبة للشخصيات الحساسّة أمر لا يُحتمل، ويشعرهم بالقلق والتوتر وعدم الاستقرار، سواءً كان من يتعرض لهذا العنف إنسانًا أو حيوانًا، ولا تتوقف حالة الانزعاج عند هذا الحد، بل إن مشاهدة مشاهد العنف عبر شاشة التلفاز أيضًا قد تشعره بالتوتر.

استيعاب مشاعر الآخرين

يُظهر أصحاب الشخصيات الحساسة تعاطفًا مع احتياجات ورغبات الآخرين، وهذا أمر محمود في المطلق، لكنه بنفس الوقت يُثقل كاهلهم بالكثير من الأعباء النفسية جرّاء محاولاتهم الحثيثة لاستيعاب مشاعر الآخرين.

السلبية

يتجنب أصحاب الشخصية الحساسة المواقف التي يتعرضون خلالها للضغط، وهذا ما قد سبق وذكرناه بشكل مفصل أعلاه، لأن التعرّض للضغوطات هو أكثر ما يُرهق الشخص الحسّاس، حتى وإن كانت هذه الضغوطات جزءًا لا يتجزأ من حياته العملية مثلًا.

التأثر بالجمال

تتأثر الشخصية الحساسة بكل ما قد تراه جميلًا بشكل مضاعف، ويندرج تحت بند الجمال هذا عديد الأشياء مثل الجمال البشري، جمال الطبيعة، وصولًا إلى الفنون بمختلف أشكالها.

إظهار الامتنان

أثناء فترة تعرُّض أصحاب الشخصية الحساسة لأي أزمة، وخلا فترة التعافي من توابعها، يبحثون بشكل مضاعف عن أي سبب للحياة، وقتئذٍ يبحثون عن الأشخاص الذين دعموهم أثناء أزمتهم، ويحاولون أن يظهروا امتنانهم لهم بشتى السبل الممكنة، فحتى وإن كانت الشخصيات الحساسة تبالغ في الشعور بالحزن، فهي كذلك تبحث عن أي أسباب تجلب لها السعادة.

العصبية

تتسم الشخصيات الحساسة بتطرف المشاعر، بالتالي فقد يبدو الشخص الحساس أكثر عصبية تجاه بعض المواقف بشكل يبدو ساذجًا، لكن هذه الصفة نابعة من سرعة استثارته، التي ينتج عنها حمل نفسي أكبر عليه، يظهر للمحيطين على شكل عصبية واندفاع مبالغ بهما.

حب الروتين

لا تحبذ الشخصية الحساسة التغيير، حيث إن الطقوس الروتينية هي أفضل ما يمكنهم تقبله بحياتهم اليومية، لأنها تعمل كنظام تهدئة لجهازهم العصبي، الذي يضطرب بشكل دوري نظرًا لتأثره بالمتغيرات، بالتالي، فكلما كانت حياتهم أكثر روتينية، كلما شعروا بالاستقرار.

عدم تقبُّل النقد

لربما تعتبر أكثر صفات الذي يعاني الحساسية المفرطة سلبيةً هي عدم تقبله للنقد، والتعامل معه على طول الخط بشكل سلبي ينتقص من قيمته حتى وإن كان نقدًا بناءً، ما قد يدفعه للانعزال، ويرجع ذلك للسبب السالف ذكره، وهو مشكلته الأزلية مع الثقة بالنفس.

عيوب الشخصية الحساسة

الشخصية الحساسة
التعرض للضغط

من خلال التعرُّف على أهم صفات الشخصية الحساسة يمكننا استنباط ما لديها من عيوبٍ، وهذا قد يوّفر الكثير من الوقت والمجهود على المحيطين بمن يعاني هذه الحساسية، بمنحهم دليل يمكنهم من خلاله التأقلم مع سبل التعامل معه بشكل أمثل، وتتلخص عيوبه في الآتي:

  1. العصبية الزائدة والتقلبات النفسية.
  2.  التأثر الشديد بآراء الآخرين.
  3.  عدم القدرة على التواجد بالأماكن العامة حيث تعم الضوضاء.
  4.  الشعور الدائم بالذنب وتأنيب الضمير.
  5.  سيطرة الأوهام على عقله وتضخيمه لأي مشكلة مهما بدت تافهة.
  6. شعور دائم بأنه ضحية العالم الموحش.

كيفية التعامل مع الشخص الحساس؟

الشخصية الحساسة
العزلة

بما أننا في الغالب محاطون بالكثير ممن يعانون الحساسية المفرطة، بالتالي يجب علينا معرفة سُبل التعامل الأمثل مع هؤلاء الأشخاص عن طريق إطار واضح لا يجعلهم يؤثرون سلبًا علينا، وفي نفس الوقت يحفظ حقهم في أن يعاملوا بطريقة لا تتضاعف من شعورهم بالكراهية للعالم.

طبقًا لعلم النفس؛ هنالك سلسلة من التعليمات التي يجب اتباعها أثناء التعامل مع أصحاب الشخصية الحساسة، وتشمل الآتي:

الوضوح

ينبغي على من يتعامل مع الأشخاص ذوي الحساسية المفرطة أن يتسم بالصراحة معهم، لأنهم يفتقدون للثقة، يدققون في التفاصيل، بالتالي من الأفضل أن تجيب على تساؤلاتهم بأكبر قدر من الوضوح حتى لا يتشتت ذهنه.

 فرض الهدوء

عند التعامل مع شخص حساس، يجب أن تتسم المناقشات معه بالهدوء المطلق، حتى وإن أظهر غضبه، وبدلا من تبادل الصوت العالي، يكفي إخباره بأن هذا الأسلوب غير مناسب وليس في موضعه.

المشاركة

بما أن الأزمة الرئيسية لذوي الشخصيات الحساسة هي انعدام ثقتهم بأنفسهم، ربما تبدو أحد أفضل الطرق لاجتذابهم لصفك، هي التأكيد المستمر على أن رأيهم مهم، بمشاركتهم وطلب آرائهم في مشاكلك الخاصة.

منح الطاقة الإيجابية

أخيرًا؛ لا بُد وأن يتم منح الشخص الحساس انطباعًا جيدًا عن نفسه، عبر تعريفه بمزاياه، وإظهار الإعجاب بها وحثه على الاستمرار في تطويرها، وفي نفس الوقت التقليل من وطأة مشاعره السيئة تجاه سلبياته وإعطائه تصورات عن طريقة الحد منها.

كيف يمكن علاج الحساسية المفرطة؟

حقيقةً يعاني معظم البشر من الحساسية بدرجات متفاوتة، لأن التجربة الإنسانية ما هي إلا خليط من المشاعر تجاه العالم، بالتالي فعلاج الحساسية يبدأ عند إدراك المرء حقيقة أن ما يعانيه أمر عادي، لا يستدعي القلق، من ثم يتبع بعض النصائح التي قد تقيه بدورها المضاعفات السلبية لهذه الحساسية، مثل:

  • الحفاظ على السلام الداخلي الذي لا يتأتى إلا بحب النفس أولًا.
  • عدم الاستسلام لمشاعر التوتر والقلق.
  • عدم أخذ آراء الآخرين وتصرفاتهم على محمل شخصي.

يتبقى أخيرًا أن نجيب على آخر الأسئلة التي يمكن أن تطرح، وهو هل يعتبر صاحب الشخصية الحساسة مريضا نفسيا؟ والإجابة التي اتفق عليها علماء النفس هي أن هذا اعتقاد خاطئ، فالحساسية هي مجرد سلوك إنساني، لا يمكن أن يصنف كاضطراب أو مرض نفسي.

المصدر
مصدر مصدر 1

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى