الصحة النفسية

اضطراب الشخصية الاعتمادية.. وكيفية التعامل مع الاعتمادي وعلاجه

يصيب اضطراب الشخصية الاعتمادية نحو 0.6% من عموم سكان العالم، وحتى نضع هذا الرقم في سياقٍ، يمكننا أن نخبرك بأن هذه النسبة تعني إصابة قرابة الـ400 مليون إنسان بهذا الاضطراب، الأمر الذي يستدعي دراسة مفهوم هذا الاضطراب، أسبابه وكيفية التعامل معه.

ما هو اضطراب الشخصية الاعتمادية؟

الشخصية الاعتمادية
الحاجة الماسة للرعاية والاهتمام.

يعرف اضطراب الشخصية الاعتمادية (Depen­dent Per­son­al­i­ty Dis­or­der) كذلك باضطراب الشخصية الاتكالية، وهو أحد أنواع اضطرابات الشخصية المدرجة ضمن الدليل التشخيصي والإحصائي للاضطرابات النفسية الخاص بالجمعية الأمريكية للطب النفسي.

الاعتماد على الآخرين

ويتميز أصحاب هذه الشخصية ‑إن جاز التعبير- بالاعتماد النفسي الزائد على الآخرين لفترات طويلة؛ بحيث يعتمد الشخص على من حوله بشكلٍ مطلق؛ لتحقيق وإشباع رغباته النفسية والجسدية، ما يجعله ينعم بقدر ضئيل مما يعرف بالاستقلالية.

يتبنى صاحب الشخصية الواهنة (الاعتمادية) سلوكًا يوصف بالخضوع أحيانًا، بالإضافة إلى شعوره الدائم بالخوف من انفصال الآخرين عنه، كذلك افتقاره للقدرة على الاعتماد على نفسه في أشد المواقف خصوصية.

الشعور بالدونية

يعتقد أن الشخصية الاتكالية تنظر لنفسها من منظور دوني، نظرًا لانعدام ثقتها بنفسها، ما يجعلها تقبل الإهانات وما قد يصل لحد الإذلال من أجل الإبقاء على الآخرين من حولها، لأنها تظن بأنها ليست إلا فراغًا من دون هؤلاء الذين يلبون احتياجاتها.

ضعيف الشخصية

يواجه صاحب الشخصية الاعتمادية صعوبة بالغة في اتخاذ أبسط القرارات اليومية دون أن يستشير أحدًا، كما يعاني من كونه سلبيًا، لا يستطيع التعبير عن رأيه صراحةً، خاصةً وإن كان رأيه مضادًا لمن يمنحه الرعاية، آنذاك يقرر أن يتجنب المخاطرة بالتصريح برأيه خوفًا من فقدان دعمه.

تتقبل الشخصية الاعتمادية في بعض الأحيان بعض المهام غير اللائقة، في حال كانت هذه المهام ستكفل لها ما تحتاجه من رعاية الآخرين لها، بالتالي تكون أكثر عرضةً للاستغلال الجسدي والنفسي من غيرها.

ما هي أعراض الشخصية الاعتمادية؟

طبقًا للدليل التشخيصي والإحصائي للاضطرابات العقلية التابع للجمعية الأمريكية للطب النفسي، تبدأ أعراض الشخصية الاعتمادية بمرحلة البلوغ، وقد لا يشعر الفرد أنه يعاني من أي خلل نفسي أو عقلي، نظرًا لأن هذه الفترة تتميز بالتغيرات النفسية والسلوكية بشكل كبير.

وحتى يتم تشخيص الفرد بأنه مصاب باضطراب الشخصية الاعتمادية ينبغي أن يظهر على الأقل 5 من الأعراض التالية.

  • صعوبة اتخاذ القرارات دون استشارة وطمأنة من الآخرين.
  • عدم القدرة على تولي المسؤوليات الرئيسية.
  • الخوف من التصريح برأيه المخالف خوفًا من فقدان دعم من حوله.
  • عدم القدرة على أخذ زمام المبادرة في أي موقف، بسبب انعدام الثقة بالنفس.
  • الهلع والانزعاج الشديدين من احتمالية البقاء منفردًا.
  • عدم القدرة على البقاء لفترات طويلة دون علاقات وطيدة مع الجنس الآخر.
  • الموافقة على تقديم كل غالٍ ونفيس من أجل الحصول على الرعاية والاهتمام اللازمين لتلبية احتياجاته.

أسباب تكوّن الشخصية الاعتمادية

الشخصية الاعتمادية
الإهمال الأسري.

لم يتم تحديد الأسباب المباشرة للإصابة بـ اضطراب الشخصية الاتكالية في علم النفس، لكن تتباين أطروحات المتخصصين حول عدة عوامل يمكن لها أن تتداخل بشكل ما في عملية تكوّن هذه الشخصية المعقدة.

الوراثة

يُعتقد أن العائلات صاحبة التاريخ الطويل مع الإصابة بالاضطرابات النفسية والعقلية؛ يكون أفرادها أكثر عرضة للإصابة باضطراب الشخصية الاعتمادية، ما يعني أنه من الممكن أن نعتبر الإصابة تحدث لسبب جيني ينتقل عبر الأجيال.

المواقف

هنالك بعض العوامل أيضًا التي يمكنها أن تؤثر في تطور الشخصية الاعتمادية، مثل وجود تاريخ طويل من التعرُّض للإهمال من الأبوين، القسوة والعنف الزائدين بمرحلة المراهقة، الإصابة بمرض جسدي بالطفولة أو بمراحل مبكرة من المراهقة أدى لضرورة الاعتماد على الآخرين، أو أخيرًا الانخراط في علاقة عاطفية حقيقية مسيئة طويلة الأمد.

كيفية التعامل مع الشخص الاعتمادي

إذا كان أحد المقربين منك يعاني من اضطراب الشخصية الاعتمادية (الاتكالية)، فيجب أن تتعامل معه بشكلٍ خاص، لأن التعايش معه كشخص عادي لن يؤول إلى نتائج جيدة دون شك، لذلك يجب أن تتفهّم جيدًا صفاته، ودوافعه ثم تلجأ للحيل التالية للحصول على حياة أكثر استقرارًا معه.

لا تنصع إليه

سلاح الشخص الاعتمادي للحصول على ما يريد هو محاولة اللعب على مشاعرك، وابتزازك عاطفيًا، عبر تحريك ما يمكننا تعريفه بزر الشعور بالذنب، كي تقوم بتنفيذ طلباته. أنت هنا أمام حل من اثنين، إما أن تنفذ طلبه وبالتالي تضره وتزيد من اعتماديته واتكاله على الآخرين، أو ترفضه فيتهمك بالتخلي عنه وعدم تقديره.

لهذا، لا تجعله يتلاعب بك، وحاول أن تكون واضحًا بشأن ما يمكنك تقديمه له وما لا يمكنك، وبنفس الصدد، يجب مساعدته على تفهُّم أولوياته ومسؤولياته التي يجب أن يقوم بها بمفرده، بل وتدريبه وتشجيعه على القيام بها، ومكافأته إن أنجزها، وتأنيبه إن لم يفعل.

علاج الشخصية الاعتمادية

الشخصية الاعتمادية
العلاج السلوكي المعرفي.

كأي اضطراب في الشخصية، لا يتم علاج الاضطراب نفسه بالدواء، لكن يحاول الطبيب النفسي منع المضاعفات الناتجة عن الاضطراب، وفي هذه الحالة التي نحن بصددها قد تصل المضاعفات إلى الاكتئاب أو إدمان المخدرات والكحول، وبغض النظر عن كون اضطرابات الشخصية بشكلٍ عام يمكن تصنيفها كأمراض مزمنة، إلا أنه ما زال هنالك إمكانية لعلاجها.

العلاج النفسي

يشمل مجموعة من التدريبات السلوكية التي تهدف لجعل الشخص أكثر نشاطًا واعتمادًا على نفسه في القيام بالأمور والتعلم من العلاقات الناجحة التي يراها أمامه، لكن ينصح بأن يستخدم السلوكي المعرفي لفترة قصيرة لأن اعتماد طريقة المدى الطويل قد تجعل الشخص معتمدًا على العلاج بشكل أساسي، ما يعيد المريض إلى نقطة الصفر مجددًا.

العلاج الدوائي

بالتأكيد لا توجد عقاقير من شأنها معالجة اضطراب الشخصية الاعتمادية أو غيرها من الاضطرابات، لكن في بعض الأحيان، يلجأ الطبيب النفسي لوصف بعض الأدوية للمرضى للحد من أعراض القلق أو الهلع التي تضر به أحيانًا وتقليل تأثيرها عليه.

وبنفس الصدد، يجب الأخذ بعين الاعتبار أن يتم الحذر ومراقبة تعاطي المريض مع الدواء كي لا يتحول بشكل دراماتيكي إلى إدمان دون أن يشعر.

أخيرًا، لربما يعتبر أهم سبل تخليص المصاب بـ اضطراب الشخصية الاعتمادية من أزمته هو منحه الشعور بالثقة، والاستماع إليه ومشاركته أفكاره وآراءه، حتى لا يشعر بأنه مُتجاهل فيلجأ للاتكالية كمصدر مضمون للاهتمام.

المصدر
مصدر مصدر 1

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى