ملهماترياضة

أشقاء الذهب.. وقصص ملهمة من الألعاب الأولمبية في طوكيو

كانت الألعاب الأولمبية قديمًا جزءًا من مهرجان ديني لتكريم «زيوس»، أبي الآلهة الإغريقية، وكان يقام ذلك المهرجان متضمنًا الألعاب نفسها في «أولمبيا»، وهو موقع ريفي غرب مدينة «بيلوبونيسيوس» اليونانية.

تطوّر الألعاب الأولمبية

الألعاب الأوليمبية
الألعاب الأولمبية جزء من الحضارة الإغريقية.

ظلت هذه المنافسات الرياضية تقام منذ العام 776 قبل الميلاد وحتى 339 بعد الميلاد، قبل أن تتوقف لنحو 1500 عام قبل أن تعود للظهور مجددًا، عن طريق أول دورة للأولمبياد الحديثة بأثينا عام 1896.
ويدين العالم بالفضل لفرنسي يُدعى «بارون بيير ديكوبرتان»، في إعادة الألعاب الأولمبية مرة أخرى للواجهة، حيث كان يطمح في أن يستعيد تجربة الإغريقيين بشكل مستحدث، طامحًا في أن تقام الدورة الأولى بالعصر الحديث عام 1900 بموطنه فرنسا، لكن مندوبي الـ34 دولة المؤسسين كانوا قد انبهروا بفكرة ديكوبرتان، ما جعلهم يقنعوه بأن تنفذ الفكرة بأقصى سرعة، وهو ما جعل أثينا تستضيف الحدث الأول، عكس ما خُطط له.

لأن الرياضة أكثر من مجرد منافسات

طوال تاريخ الألعاب الأولمبية، لطالما جذب انتباه المتابعين عديد اللقطات بعيدًا عن حدة المنافسات نفسها، عبر قصص تشرح حقيقة كون الرياضيين بشرًا في الأول والأخير، يمتلكون نقاط ضعف وذكريات سيئة، كما لديهم مواطن قوة وأحلام يسعون لتحقيقها، والحقيقة هي أن كل هذه الأشياء لم تكن لتطفو على السطح دون الأولمبياد.
بعد اجتياح فيروس كورونا المستجد للعالم أواخر عام 2019، تم تأجيل الألعاب الأولمبية بطوكيو من صيف 2020 إلى صيف 2021، ومع اقتراب انتهائها، كانت بعض القصص الملهمة للمشاركين بالمنافسات قد بدأت في الانتشار، ونستعرض خلال الفقرات التالية بعضًا منها.

إهداء الذهبية لزميل

بمنافسات السباحة وتحديدًا بسباق التتابع، كان فريق الولايات المتحدة الأمريكية قد قرر ترك السبّاح « كايليب دريسل» دون أن يشارك في التصفيات المؤهلة للنهائي، حتى يبقى في حالة بدنية جيدة، خاصةً وأنه يعتبر أفضل أعضاء الفريق ومرشحًا للفوز بالذهبية الأولمبية.
وكان «بروكس كوري» عضو فريق السباحين الأمريكي كان قد خاض كل المنافسات التأهيلية ونجح في إيصال المنتخب الأمريكي للنهائي، قبل أن يترك مهمة حصد الذهب لدريسل، ليجلس مشاهدًا منافسات النهائي من المدرجات.
في النهاية استطاع دريسل بالفعل أن يحصد الميدالية الذهبية لصالح المنتخب الأمريكي، لكن وفور إعلان هذا الفوز الغالي، قرر دريسل أن يظهر امتنانه لكوري الذي خاض كل المنافسات التأهيلية، فذهب إلى المدرجات مانحًا إياه الميدالية الذهبية تقديرًا لمجهوداته.
على كُلٍ، حصل كوري على ميدالية خاصة به بما أنه عضو بالفريق المتوّج، لكنه لم يستطع الوقوف على منصة التتويج نظرًا لأنه ليس من شارك بالنهائي، لذلك يمكننا تفهُّم لماذا أقدم دريسل على منحه الميدالية فور إعلان المنتخب الأمريكي بطلًا للمنافسة، ربما لأنه أراد أن يشرح للعالم أهمية الروح الجماعية، التي لولاها، لم يكن ليصل هو إلى منصة التتويج.

لنكمل السباق معًا

الألعاب الأوليمبية
في خضم منافسات نصف نهائي العدو (800 متر)، كان العدّاء الأمريكي «إزياه جيويت» ثالثًا بالسباق قبيل 150 مترًا من نهاية السباق، لكن في حادثة مفاجئة، تعرض جيويت لعرقلة غير مقصودة من البوتسواني «نايجل آموس».
في هذه اللحظة، ربما انتهت أحلام كليهما في الوصول للنهائي، لكن وفي مشهد تفوقت فيه المشاعر الإنسانية الفطرية على المنافسة الرياضية، تجاهل إزياه أحلامه الخاصة التي تبعثرت أمام أعينه، ونظر إلى آموس الذي اعتذر عن ما حدث، ليقوم جيويت بمساعدته آموس على النهوض، واضعًا يده على كتف منافسه مرددًا.. «لا مشكلة، لنكمل السباق معًا».

لأننا أصدقاء

الألعاب الأوليمبية
جيانماركو تامبيري ومعتز برشم يتقاسمان ذهبية الوثب العالي.

بنهائي الوثب العالي، حقق كل من الإيطالي «جيانماركو تامبيري» والقطري «معتز برشم» نتائج مثالية، حيث وصلت وثبة كل منهما إلى نحو 2.37 متر، ما جعلهما يتقاسما الصدارة مؤقتًا في انتظار اللجوء لجولة فاصلة حسب اللائحة.
لكن قبل ذلك؛ يجب أن نخبرك بأن تامبيري وبرشم تربطهما علاقة صداقة وطيدة من زمن، خاصة بعدما ساند كل منهما الآخر نفسيًا عندما تعرض لإصابة كانت لتنهي مسيرته الرياضية.
بالعودة لما حدث بطوكيو، بشكل عفوي سأل برشم حكم المباراة إذا ما كان من الممكن أن يتشارك الميدالية الذهبية مع زميله، ليخبره الحكم أن ذلك ممكن بالفعل.
ذكر برشم أن قرار تقاسم الذهبية لم يستغرق سوى أجزاء من الثانية، حيث شرح القطري لشبكة «CBC».. «نظرت إليه، نظر إلي، ونحن نعرف ذلك، هذا حلم أصبح حقيقة، إنها الروح الحقيقية، الروح الرياضية».

أشقاء الذهب

الألعاب الأوليمبية
آبي وهيفومي يحصدان ذهبيتين أوليمبيتين بنفس اليوم.

في لحظة دافئة لعائلاتهم، فاز أخ وأخت، بعد معركة طويلة في الوقت الإضافي، بالميدالية الذهبية في نفس اليوم، حيث فازت اليابانية «آبي أوتا» البالغة من العمر 21 عامًا بالجائزة الأولى في نهائيات الجودو للسيدات، وبعد ساعات، نال شقيقها «هيفومي أوتا» مرتبة الشرف الأولى في فئة الرجال، مما جعلهما أول شقيق وشقيقة على الإطلاق يفوزان بالميدالية الذهبية الأولمبية في نفس اليوم.
عن هذا الحدث النادر تحدثت آبي قائلةً.. «لطالما كان حلم أن نتوج سويًا بميداليات بالألعاب الأولمبية يراودنا، هيفومي جعلني أصدق بأننا قد نستطيع تحقيق ذلك يومًا ما، إنه أفضل يوم بحياتي دون شك».

عندما لا يتوقع أحد نجاحك.. قد تنجح

الألعاب الأوليمبية
أنا كيسنهوفر تتوج بذهبية ركوب الدراجات دون دعم يذكر.

بدون مدرب أو أي دعم، استطاعت شابة تبلغ من العمر 30 عامًا، حاصلة على دكتوراه في الرياضيات، أن تمنح ميدالية ذهبية للنمسا.
بعد 91 كيلومترًا من قيادة دراجتها بطوكيو عبرت «آنا كيسنهوفر» خط النهاية متقدمة على كل من حاملة اللقب وحاملة اللقب العالمي، بعدما قامت بحل معادلة التدريب بمفردها.
تعتبر كيسنهوفر مبتدئة فيما يخص الرياضة، وليست محترفة، لذلك لم تحظ بمعسكرات إعداد تتناسب مع تمثيلها لبلدها في المحفل العالمي، لكنها لم تستسلم لسوء التحضير، فبصفتها عالمة رياضيات، اعتادت على حل المشكلات بطريقة أو بأخرى، تغلبت على كل العقبات بمفردها.
فعلى الرغم من أن كل راكبي الدراجات تقريبًا يمتلكون مدربًا، أخصائيًا للتغذية، مخططًا للسباقات، اعتادت آنا أن تقوم بكل تلك الأدوار وحدها، دون ضجرٍ أو شعور بالظلم، وربما قتالها من أجل حلمها بأن تصبح بطلة أولمبية، كان الوقود الذي دفعها لتحقيق معجزة، دون حتى أن يطالبها أحد بتحقيق أي نجاح.
في الحقيقة، لا يمكننا فصل الرياضيين عن كونهم بشرًا بأي شكل، فالمشاعر والأحلام والأمنيات هي ما يدفع البشر للاستمرار بأي مجال كان، وبما أن الألعاب الأولمبية لطالما كانت مسرحًا لتحقيق الأحلام، بالتالي تحولت لمنجم يمكننا أن نبحث بداخله عن قصص ملهمة، ربما لا تتوقف عن منحنا الشعور بالأمل.
المصدر
مصدر مصدر 1

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى