الصحة النفسية

اضطراب تبدد الشخصية.. عندما يفقدك المرض الشعور بالواقع

يراود الشخص شعور غريب كأنه يراقب نفسه عن بعد ويلاحظ كيف يتصرف؟ ويشعر أنه في مسلسل أو فيلم وهو يشاهده، هذا ما يسمى بـ تبدد الشخصية، وكأن الإنسان ليس بالواقع؛ وأيضًا لا يتمكن المصاب من استيعاب من حوله؛ لذا دعونا نتمحور أكثر بتفاصيل هذا المرض النفسي.

ما هو اضطراب تبدد الشخصية؟

يعد اضطراب تبدد الشخصية نوعًا من أنواع اضطرابات الانفصال، وهو عبارة عن إحساس يرافق الشخص بشكل مستمر أو متقطع بأنه بعيد عن واقعه، ويشعر أنّ الناس غير حقيقيين، وهو يرى شخصيته وأفكاره ومشاعره من بعيد، ويشعر أنه في حلم رغم وجوده في الواقع، ويعلم أن كل هذا الشعور غير حقيقي.

أنواع اضطراب تبدد الواقع

يوجد نوعان لاضطراب تبدد الشخصية، ويختلف سبب الإصابة بكل نوع من هذا المرض النفسي:

  • مرض تبدد الشخصية الرئيس؛ ويأتي على شكل مرضي متواصل ورئيسي، ويتعرض الإنسان لهذا المرض النفسي دون معرفة السبب.
  • اضطراب تبدد الشخصية الثانوي؛ حيث يأتي بشكل مؤقت؛ نتيجة مشاكل نفسية أخرى؛ مثل: التوتر والاكتئاب والوسواس القهري، ونسبة التعافي من النوع الثانوي 80%.

أسباب مرض تبدد الشخصية

اسباب تبدد الشخصية

حتى هذه اللحظة لم يستطع العلماء معرفة السبب الرئيس الذي يؤدي إلى التعرض لهذا الاضطراب، ولكن هناك مجموعة من العوامل التي تساهم في ظهور هذا المرض النفسي، وتزيد من مضاعفاته؛ وهي كما يلي:

  • الجينات الوراثية قد تساعد في ظهور هذا المرض عند الشخص؛ خاصةً إذا كان أحد الأبوين أصيب بالاضطراب.
  • المشاكل العاطفية التي يتعرض لها الشخص خلال حياته أو نتيجة عدم اهتمام الوالدين به خلال الطفولة.
  • قد يصاب الطفل بهذا المرض النفسي؛ بسبب التعذيب الجسدي أو نتيجة العنف المنزلي.
  • التوتر، القلق والاكتئاب.
  • تناول بعض الأدوية غير المشروعة؛ مثل: المهلوسات أو الماريجوانا؛ فهي تساهم في الإصابة بالمرض النفسي.
  • الضغط النفسي في العمل أو بالمنزل.
  • الصدمات القوية في بعض مراحل العمل.

أعراض تبدد الشخصية

يصاحب الشخص المريض بأعراض عديدة عند الإصابة بهذا الاضطراب النفسي؛ وتتمثل في الآتي:

  • الإحساس بالمراقبة الخارجية لمشاعرك وجسدك وأفكارك، ويصاحبك شعور غريب وكأنك في الهواء.
  • تشعر بعدم التمكن من التحكم بحركاتك وكأنك شخص آلي.
  • لا تستطيع معرفة ذكرياتك وتفقد الشعور العاطفي.
  • عدم القدرة على الاستجابة للأشخاص من حولك.
  • الإحساس أنك في حلم أو مسلسل والبعد عن الواقع والبيئة.
  • عدم الاتصال العاطفي مع الإنسان القريب منك والشعور بوجود حاجز بينكما.
  • قد لا تتمكن من تحديد حجم وشكل الأجسام.
  • تشعر بعدم وضوح الألوان من حولك.
  • عدم القدرة على تحديد زمن الأحداث التي حدثت معك.

مدى انتشار اضطراب تبدد الشخصية

يعد هذا الاضطراب من ضمن المشاكل النفسية المنتشرة بين الناس، حيث أكدت الإحصائيات وجود 1 إلى 2% من البشر مصابين بهذا المرض النفسي؛ وهو من أكثر الأمراض النفسية انتشارًا بعد مرض الاكتئاب، وتتعرض الإناث لهذا الاضطراب أكثر من الرجال، و70% من مرضى هذا الاضطراب هم أشخاص أقل من 35 عامًا.

متى تذهب إلى الطبيب؟ 

لا داعي للقلق والتوتر عند الإحساس بأعراض تبدد الواقع أو اضطراب تبدد الشخصية؛ فهو مشكلة نفسية شائعة؛ نتيجة بعض الصدمات أو الأحداث، ولكن إذا كان الأمر متواصلا والأعراض قوية بحيث تشعر بالانفصال عن الواقع؛ فهذا يدل على الإصابة بمرض تبدد الشخصية أو اضطراب نفسي آخر بحاجة للعلاج؛ لذا يجب مراجعة الطبيب والتحدث معه لوصف العلاج المناسب.

تشخيص مرض تبدد الشخصية

يجري الطبيب مجموعة من الفحوصات؛ لتحديد طبيعة المرض النفسي أو العضوي للمريض؛ عبر الخطوات التالية:

الفحص الطبي

قد تكون أعراض تبدد الشخصية ناتجة عن مشكلة صحية عضوية، أو نتيجة تناول المخدرات والكحول أو دواء معين؛ لذا يساعد الفحص الطبي في كشف السبب الحقيقي.

التحاليل الطبية 

تساهم التحليل المخبرية في تحديد ومعرفة سبب الأعراض التي تصاحب المريض؛ وهل هي نتيجة مشكلة جسدية ما تستدعي التدخل الطبي والعلاج، أم لا؟

الاختبار النفسي

سيتحدث الطبيب مع المريض حول الأعراض التي يشعر بها، والمشاعر والعواطف والروتين اليومي؛ فهذه الأسئلة ضرورية لاكتشاف نوع المرض النفسي؛ وهل هو يعاني من اضطراب تبدد الشخصية؟

مضاعفات تبدد الواقع

يشكل اضطراب تبدد الشخصية عقبات عديدة في الحياة، مما تزيد من مضاعفاته، وتؤثر على الإنسان المصاب بشكل سلبي؛ ومن أبرز هذه المضاعفات ما يلي:

  • اليأس من الحياة.
  • ضعف التركيز والتذكر.
  • حدوث مشاكل مع الأهل أو الأصدقاء أو الزوجة أو الزوج.
  • عدم القدرة على أداء الأعمال والمهام بالشكل المطلوب.
  • التوتر والقلق.

كيفية التخلص من تبدد الشخصية 

يسعى الطبيب لعلاج اضطراب تبدد الواقع من خلال القضاء على الأعراض مثل التوتر والقلق والخوف؛ وهناك حالات تختفي معهم الأعراض بعد وقت بشكلٍ تدريجي، والعلاج يرتكز على المريض الذي يعاني من هذا الاضطراب باستمرار أو في حال تأثير هذا المرض على الحياة اليومية؛ بحيث يرتبط طبيعة العلاج على الشخص وقوة أعراض الاضطراب عنده؛ لذا من أهم طرق العلاج ما يلي:

العلاج النفسي

علاج تبدد الشخصية

يعتمد الطبيب على هذه الطريقة عبر الحديث مع الشخص حول ما يشعر به، وما يدور في خاطره من أفكار، والمشاكل العاطفية التي تعرض لها في حياته، وذلك يجعل المريض يتعرف على الصراعات النفسية بداخله، وكيف يمكن التحكم بأفكار؟ وطريقة استبعاد الضغوط النفسية.

العلاج بالأدوية

بشكلٍ عام لا تستعمل الأدوية في علاج هذا الاضطراب النفسي، ولكن يصف الطبيب دواء معينا لعلاج القلق والاكتئاب، وبعض أعراض تبدد الشخصية؛ إذ تعمل على تحسين نفسية المريض.

العلاج الجماعي أو الأسري

لا بد من توعية وإرشاد الأهل حول هذا المرض النفسي وكيف يؤثر على شخصية الفرد وحياته؟ وطريقة تعامل الأهل مع المصاب، وكيف يمكن تحسين نفسيته والمساهمة في العلاج؟

العلاج الفني

تلعب الموسيقى الهادئة دور في تهدئة الأعصاب؛ وهي طريقة أيضًا لجعل الشخص يعبر عما يدور بداخله من أفكار ومشاعر، كما يمكن التعبير من خلال الفن التشكيلي والرسم عبر اختيار اللون والأدوات الخاصة التي من خلالها تكشف طبيعة تفكير المريض وتحديد عواطفه، والأمر لا يحتاج لموهبة في الرسم، فقط هو بحاجة توصيل رسالة؛ ليستطيع الطبيب فك الرموز بداخل اللوحة.

التنويم المغناطيسي السريري

التنويم المغناطيسي من الأساليب العلاجية التي أثبتت فعاليتها؛ فهو يساعد على التركيز والاسترخاء؛ لزيادة الإدراك والوعي، وذلك يتيح للشخص معرفة المشاعر والأفكار والذكريات والأحداث التي مر بها وكيف يمكن تجاوزها بسهولة.

العلاج بالاسترخاء والتأمل 

التأمل بالأحداث والأمور بشكل إيجابي يساعد على علاج اضطراب تبدد الشخصية؛ وأيضًا من المهم الابتعاد عن الصراعات الخارجية وتفريغ الطاقة السلبية عبر الاسترخاء للوصول للراحة النفسية.

طريقة التعامل مع مريض تبدد الشخصية

الأهل والأصدقاء لهم دور في تخفيف اضطراب تبدد الشخصية؛ عبر اتباع عدة خطوات مهمة؛ وهي كالتالي:

  • تجنب الحديث معه حول المشاكل التي يتعرض لها.
  • لا تسأل المريض عن طبيعة مشاعره والحالة التي يمر بها أمام الناس.
  • التحدث معه عن الأمور الإيجابية التي لها علاقة بشخصيته.
  • يمكن أيضًا ذكر المواقف الجميلة المشتركة بينك وبين المريض والأماكن التي جمعتكما.

لا تجعل الصدمات والمواقف السلبية تؤثر على حالتك النفسية؛ قاوم بحب وإخلاص، فكل شخص منا يعيش تجارب مليئة بالتحديات والأحداث؛ لذا كن أنت ولا تكن غيرك والحياة واحدة فقط لنعشها بكل إيجابية دون خوف وقلق؛ للوقاية من الأمراض النفسية.

المصادر:

مايو كلينيك.

كليف لاند كلينيك.

هيلث لاين.

زر الذهاب إلى الأعلى