الصحة النفسية

ما أثر الوسواس القهري على الدماغ وكيف يمكن تفاديه؟

إن أثر الوسواس القهري على الدماغ هو أكثر ما يقلقنا من هذا المرض؛ إذ يعد مرضا نفسيا عقليا مزمنا يجعل الشخص يتصرف بشكلٍ قهري مريض، دون أن تكون لديه القدرة على التحكم في ذلك، ولا يؤثر هذا المرض على الحياة العامة للشخص فحسب؛ بل له العديد من التأثيرات على الدماغ؛ ومن خلال سطور هذا الموضوع سنتعرف على أثر الوسواس القهري على الدماغ والمضاعفات التي يتعرض المريض لها بسببه.

أعراض تشير إلى الإصابة بالوسواس القهري

مشكلة مرضى الوسواس القهري هي أنهم يعانون من الأفكار القهرية التي تدفعهم إلى القيام بتصرفاتٍ قهريةٍ لا يتمكنون من التوقف عنها، وتظهر عليهم بعض السلوكيات التي تظهر إصابتهم بهذا المرض؛ وهي كالتالي:

  • تكون لديهم أفكار عدوانية تجاه المحيطين بهم؛ ينبثق عنها تصرفات عدوانية.
  • لديهم حساسية مفرطة من التلوث والجراثيم واتساخ أي شيء حولهم.
  • يسيطر عليهم الخوف دومًا من إيذاء الآخرين؛ بسبب أفكارهم العدوانية.
  • يركزون بشكلٍ مفرطٍ على الأفكار والمعتقدات الدينية.
  • لا يمكنهم التفريط في أي من متعلقاتهم الشخصية ويخافون دومًا من فقدانها.
  • لا يقومون بغلق الأبواب والأقفال مرةً واحدة، بل يتأكدون أكثر من مرة من أنهم قد أغلقوها بالفعل.
  • لديهم نمطيةٌ مبالغٌ فيها، بحيث يبالغون في ترتيب أغراضهم ولا يقبلون انتقال أحدها من مكانه.
  • يفرطون في أداء الصلوات والطقوس الدينية، ويعيدون الصلاة لظنهم أنهم قد نسوا شيئًا.
  • عندما يهمون بغسل أيديهم أو أي شيء آخر، يفعلون ذلك مرارًا وتكرارًا في كل مرة.

أثر الوسواس القهري على الدماغ

أثر الوسواس القهري على الدماغ

على الرغم من أنه حتى هذا الحين لم يتم التوصل إلى السبب وراء الإصابة بمرض الوسواس القهري؛ إلا أن النتائج التي يتسبب فيها معلومةٌ للأطباء وتم الوقوف عليها؛ وهناك أكثر من نظرية طبية توضح حجم تأثيره على الدماغ؛ وهي تأثيرات تغير حياة المريض إلى الأسوأ، مع الأسف الشديد؛ وفيما يلي نورد هذه التأثيرات بشكلٍ مفصل:

التهاب مناطق معينة من الدماغ

من أثر الوسواس القهري على الدماغ هو أنه يؤدي إلى التهاب مناطق محددة ومعينة من الدماغ؛ والمشكلة هنا تكمن في أن الالتهاب الناتج عن الوسواس القهري يؤدي إلى تفاقم المشكلة، على عكس جميع أشكال الالتهاب الأخرى التي تساعد الجسم على التعافي؛ ولسوء الحظ، يزداد الالتهاب كلما حاول المريض مقاومة الأعراض التي تظهر عليه ومواجهتها.

تباين المادة الرمادية في الدماغ

من أهم آثار الوسواس القهري على الدماغ هو أنه يُحدث تباينًا في المادة الرمادية في بعض المناطق بالدماغ؛ فلا تكون نسبتها متساوية بين كل مناطق الدماغ؛ كما هو الحال في الدماغ السليم، ومن أهم المناطق التي تقل فيها المادة الرمادية هي منطقة الساحة الجبهية البصرية والقشرة الحزامية الأمامية والتلفيف الجبهي الوسطي؛ ولأن هذه المناطق تكون مسؤولة عن قمع الأفعال غير الضرورية؛ فإن المريض يقوم بالكثير من التصرفات غير الضرورية؛ مثل: التأكد من القيام بالأشياء التي قام بها بالفعل.

زيادة نشاط القشرة الحزامية الوصادية

يتمثل أثر الوسواس القهري على الدماغ في زيادة نشاط القشرة الحزامية الوصادية؛ وهي جزء من الدماغ يتمثل دوره في الشعور والتنبه واليقظة ناحية جميع المؤثرات الخارجية المحيطة، وعندما يصاب الشخص بالوسواس القهري الذي يؤدي تباعًا إلى زيادة نشاط هذه القشرة؛ فإنه ينتبه بشكلٍ زائدٍ عن الحد الطبيعي لكل ما يحدث حوله.

دراسات حول تأثير الوسواس القهري على الدماغ

هناك العديد من الدراسات التي قام بها مجموعةٌ من العلماء والأطباء النفسيين بجامعة ميشيغان في آن أربور؛ ومن خلالها تم فحص عددٍ كبيرٍ من مرضى الوسواس القهري؛ لمعرفة مدى اختلاف أدمغتهم عن أدمغة الأصحاء، وكشفت هذه الدراسات عن ما يلي:

  • وجود نمط بارز في دماغ المريض يجعل لديه نشاط أكبر في تتبع الأخطاء وتكرار محاولة إصلاحها.
  • قلة نشاط بعض المناطق الموجودة في المخ، والمسؤولة عن القيام بالمهام الأساسية.
  • لا تصل إشارات الخطأ إلى الشبكة الدماغية؛ لذا فإن المريض يقوم بالأفعال القهرية.

كيفية تجنب أثر الوسواس القهري على الدماغ؟

تأثير الوسواس القهري على الدماغ

إن التعافي والتخلص من الأمراض العقلية ليس بالأمر الهين على الإطلاق، وبالتالي فإن مريض الوسواس القهري عليه اتباع بعض النصائح التي تقية من أثر الوسواس القهري على الدماغ لحين التعافي التام منه؛ وهذه النصائح كالتالي:

  • البعد عن التفكير المتزايد والتحليل العميق للأفكار الوسواسية الناتجة عن الإصابة بالمرض، حتى لا تتفاقم الحالة.
  • مواجهة الأفكار الوسواسية بشكلٍ فرديٍ وعدم الاعتماد على أحد من المحيطين في ذلك.
  • عدم التهرب من التوتر الناتج عن الوسواس القهري ومواجهته بدلًا عن ذلك.
  • قوة العزيمة للتعافي والصبر على ذلك؛ فالأمر يستغرق بعض الوقت.
  • العلم بأن مشكلة الوسواس القهري تكمن في تكرار الأفعال التي قمت بها بالفعل؛ وليس التوتر الذي تعاني منه.
  • الاعتراف بأن هذا النوع من الأمراض تكون تناقضية تمامًا، وليس من الحكمة التفكير بمنطقية في الأعراض الناجمة عنه.
  • الحفاظ على الحالة النفسية ومستوى التحفيز لدى الفرد والتركيز على الإنجازات التي يقوم بها.

علاج أثر الوسواس القهري على الدماغ

كما ذكرنا سلفًا، فإن مرض الوسواس القهري يسبب الكثير من المشاكل للدماغ؛ فهو يؤدي إلى تعطيل تواصل أجزائه المختلفة أو يؤدي إلى التهاب بعض الأجزاء به أو يزيد نشاط بعض المناطق، في الوقت الذي يتسبب فيه في قلة نشاط بعض المناطق الأخرى، ومن هنا تأتي أهمية البحث عن العلاج المناسب في الوقت المناسب؛ حتى لا يتفاقم الأمر ويزداد سوءًا؛ وهناك 3 طرق لعلاج هذه الآثار نوردها فيما يلي:

العلاج الدوائي

في هذه الحالة يقوم الطبيب بوصف أدوية تنتمي إلى البنزوديازبينات؛ وهي نفس الأدوية المهدئة التي تستخدم في علاج الاكتئاب، حيث إنها تساعد على التخلص من المشاعر السلبية التي تسيطر على مريض الوسواس القهري؛ مثل: التوتر والقلق؛ وعندما يحصل المريض على الاسترخاء الكافي، تخف حدة الأفكار الوسواسية التي تسيطر عليه.

العلاج المعرفي السلوكي

يعتبر هذا الشكل من أشكال العلاج فعالًا للغاية في حالة الوسواس القهري؛ حيث إنه يسهم في تخفيف أثر الوسواس القهري على الدماغ والعلاج منه كذلك، وذلك من خلال تعديل نشاط الخلايا العصبية في الدماغ، ويحاول الطبيب المتابع لحالة المريض في هذا النوع من العلاج تدريب دماغ المريض؛ بحيث يتحكم في الأفكار الوسواسية التي تراوده؛ وبالتالي يكون قادرًا على التحكم في التصرفات القهرية الناتجة عنها.

العلاج بالتعرض

من خلال هذا النوع من العلاج الذي يستخدم للتخلص من أثر الوسواس القهري على الدماغ وخلاياه، يقوم الطبيب بوضع المريض في مواجهة مع أفكاره والمواقف التي يتعرض لها وتسبب زيادة حدة الوسواس القهري؛ وهنا يتعلم المريض الكيفية الصحيحة للتعامل مع هذه الأفكار والتخلص منها بمرور الوقت، ويمكن استخدام هذا النوع من العلاج مع أحد النوعين الآخرين؛ بحيث تكون النتيجة أفضل.

مضاعفات الوسواس القهري على حياة الإنسان

مضاعفات الوسواس القهري

بسبب أضرار الوسواس القهري على الدماغ وخلاياه؛ فإن ذلك يؤدي إلى سوء حالة المريض، وتأثر جميع جوانب حياته بسبب الاضطراب الدماغي الذي يعاني منه؛ ومن أهم مضاعفات الوسواس القهري ما يلي:

  • انخراط المريض في الكثير من التصرفات النمطية وإعادتها وتضييع الوقت فيها.
  • وجود الكثير من المشكلات الاجتماعية، وعدم قدرة المريض على الانخراط مع المحيطين وإقامة علاقات معهم.
  • عدم تمكن المريض من عيش حياته الطبيعية والقيام بمهامه؛ وهو ما يقلل قيمته وقيمة حياته في نظره.
  • معاناة المريض من الأفكار السلبية التي تصل لحد التفكير في الانتحار أو الموت.
  • قد يتسبب الوسواس القهري في مشاكل صحية؛ مثل: التهاب الجلد التماسي الناتج عن كثرة الاستحمام، وغسيل اليدين.
  • قد يتلازم مع الوسواس القهري بعض الأمراض النفسية الأخرى؛ مثل: الاكتئاب، التوتر والقلق.
  • هناك الكثير من الحالات التي تلجأ إلى إدمان المخدرات والكحوليات لتناسي الألم النفسي الذي تعاني منه.
  • اضطرابات النوم والأكل التي تسبب المزيد من التوتر في حياة المريض.

نهايةً… ننوه إلى أهمية الالتزام بالنصائح التي تم توجيهها لأولئك الذين يعانون من الوسواس القهري؛ حتى لا يكون تأثير الوسواس القهري على الدماغ سببًا في تفاقم المشكلة لديه؛ حيث إن الأطباء لم يصلوا حتى الآن إلى علاج نهائي للمرض؛ وبالتالي فإن تفادي تبعاته يعد ذا أهميةٍ قصوى، وما دام المريض يقوم بذلك؛ فلا خوف من أثر الوسواس القهري على الدماغ على الإطلاق.

المصادر:

فيستابينز هيلث.

بامبد إن سي بي أي.

ميديكال نيوز توداي.

زر الذهاب إلى الأعلى