الصحة النفسية

ما هي أنواع الوسواس الفكري وما علاجه؟

توجد الكثير من الأمراض النفسية التي تصيب الإنسان؛ ومن أكثرها شيوعًا: مرض الوسواس الفكري، وفي أغلب الحالات يتطلب الكثير من الوقت والجهد؛ حتى يتم شفاء المريض منه، بجانب تحليه بالإرادة القوية؛ لكي يساعد الطبيب في مرحلة العلاج، وتختلف أنواع الوسواس الفكري، وكل نوع يؤثر بالسلب على الحياة اليومية الخاصة بالمرض؛ لذلك إن كنت مستعدًا؛ لتتعرف على مرضك وتريد معالجة نفسك منه؛ فتابع معنا الموضوع التالي؛ حتى تتمكن من معرفة أي نوع من أنواع الوسواس الفكري لديك وكيف يمكن علاجها؟

ما هو الوسواس الفكري؟

الوسواس الفكري

بالتأكيد صادفك وقابلت شخصًا ما في أحد الأيام يغلق الباب عدة مرات ولا تعرف ما هو السبب؟ أو ربما قابلت شخصًا آخر ومددت يدك لتصافحه؛ فلم يبادر بمد يده ليصافحك؛ خوفًا من العدوى وشعرت بعدها بالإهانة، والكثير من الأفعال المشابهة، تلك بعض أنواع الوسواس الفكري؛ وجميعها ليست إلا نتاج بعض الأفكار التي تدفع أصحابها للتصرف بغرابة، ولا تقتصر أنواع الوسواس القهري الفكري على تلك التي ذكرناها؛ بل هناك قائمة طويلة بالمزيد من الأنواع.

يُعرف الوسواس الفكري على أنه بعض التصرفات والسلوكيات التي يكررها المريض بصورة مبالغ فيها جدًا؛ نتيجةً لدوافع وأفكار غير حقيقية، ولا يمكنه التحكم فيها أي أنها خارج إرادته؛ وتلك الوساوس تدفع المريض للقيام بتلك السلوكيات والتصرفات بلا توقف؛ حتى وإن كان واثقا من أن تلك التصرفات غير صحيحة، فتتسبب تلك الوساوس في تأخير الأنشطة اليومية للمريض لمدة لا تقل عن ساعة بشكل يومي؛ وإن لم يتم معالجة المريض في أسرع وقت؛ فقد يتفاقم الوضع، ويزداد سوءًا وتتأثر حياته العملية والاجتماعية بشكل كامل.

أنواع الوسواس الفكري

الكثير من أنواع الوسواس التي ستواجهها، ما بين هوس العد للنظافة والكمال وكذلك وسواس الاكتناز، تتنوع ما بين الوساوس الفكرية فقط؛ وبين أخرى تلازمها بعض التصرفات والأفعال التي تعبر عنها، توجد الكثير من العلامات لكل نوع منهم؛ بالإضافة إلى وجود بعض الأعراض الجانبية التي تؤثر على كل من المريض ومن حوله؛ ومن خلال تلك الأعراض يمكن للطبيب اكتشاف نوع الوسواس المصاب به المريض؛ ومن ثم تبدأ رحلة العلاج:

وسواس التأكد

أول أنواع الوسواس القهري الفكري، وأشدها هو وسواس التأكد، وفيه يقوم الشخص بتكرار التحقق من أي شيء يقوم به بأعداد كبيرة مثل: غلق الباب، مصباح الكهرباء، أنبوب الغاز، أو ربما يكرر صلاته لأكثر من 10 مرات، ويستغرق الأمر عدد ساعات كثيرة من يومه؛ لكي يقوم بمهامه اليومية، بل ومن الممكن أن يحتاج يومًا بجانب اليوم العادي؛ حتى يتمكن من إنهاء جميع مهامه اليومية على أكمل وجه؛ ولذلك يؤثر عليه الخوف من حدوث أية حادثة؛ مثل: تسبب الأنبوب في حرق المنزل، أو دخول اللصوص إلى المنزل وسرقته وقتل من فيه؛ بسبب عدم غلق الباب جيدًا؛ ومن أشهر أعراضه:

  • استغراق وقت كبير في الصلاة.
  • التأخر عن مواعيده المهمة؛ مثل: المدرسة، أو العمل وتعرضه للفصل.
  • لا يستطيع تكوين صداقات، أو الاستمرار في أحد علاقاته الاجتماعية بشكل طبيعي.
  • تلف جميع الأدوات التي يستخدمها؛ بسبب تكرار فحصها لأكثر من مرة.

الوسواس العقائدي

من أخطر أنواع الوسواس الفكري هو الوسواس العقائدي؛ فيعاني الشخص من مجموعة من الأعراض التي تدفعه للتمسك ببعض القواعد الدينية والأخلاقية الصارمة، فهو يشعر دائما بأنه مقصر؛ ومن أبرز أعراضه ما يلي:

  • شعور الشخص دائمًا بالقلق من ارتكاب الذنوب أو الكفر.
  • يشعر المريض بأن نهايته ستكون إلى الجحيم.
  • فقدانه السيطرة على أعصابه عندما يكون في مناقشة في أمور الدين.
  • يبتعد دائمًا عن أي شخص يتسبب في وقوعه في معصية أو ذنب.

وسواس النظافة

وسواس النظافة

هو أحد أنواع الوسواس الفكرية؛ وهو عبارة عن أن المريض يكون مهووسًا جدًا بالنظافة، ولا يقتصر خوفه فقط على الجراثيم؛ فهو يخاف من الحشرات والدم والمواد المنزلية، وهذا النوع من الوساوس الفكرية يتسبب في عدم تواجد المريض في أي مكان اجتماعي؛ ويتجنب أيضًا استخدام الحمامات العامة أو المواصلات أو أي شيء عام يشترك في استخدامه عدد كبير من الناس؛ وأعراضه:

  • تكرار غسل الأيدي بشكل مبالغ فيه.
  • يستحم أكثر من مرة في اليوم.
  • تغيير الملابس أكثر من مرة دون داعٍ.
  • رفض المصافحة.
  • الإفراط في تنظيف البيت.
  • تخصيص بعض المناطق في المنزل؛ لمنع تواجد أي أحد من الأسرة في تلك المناطق.

وسواس التلوث العقلي

كما علمنا أن أنواع الوسواس الفكري منها بعض الأنواع التي تكون غريبة؛ والغرابة يمكن أن تكون في مسمياتها أو في المرض نفسه، والمصابون بوسواس التلوث العقلي ليسوا مرتبطين بالتلوث الميكروبي؛ مثل: وسواس النظافة، بل يخافون من الإساءة التي يتعرضون لها سواء كانت إساءة لفظية، أو تذكر الذكريات المؤلمة في صغره؛ وأعراضه ما يلي:

  • يخاف دائمًا من تذكر الماضي.
  • الشعور بالذنب والمسؤولية تجاه الأفكار الداخلية.
  • الخوف من الأشخاص الذين تسببوا في أذيته.

وسواس الكمال

النوع الخامس من أنواع الوسواس القهري الفكري هو وسواس الكمال؛ وفيه ينشغل المريض بالترتيب، والتنظيم بشكل دقيق للغاية إلى درجةٍ مبالغ فيها؛ فيقضي المريض وقتًا طويلًا في ترتيب أشيائه بشكل متكرر؛ حتى يتمكن من الوصول إلى الشكل المطلوب، والمحاذاة المثالية، وعند ذهاب مرضى وسواس الكمال إلى أي مكان، يميلون إلى البحث عن أي خطأ في المكان أو تفقد النواقص في الترتيب والتنظيم؛ وتتمثل أعراضه في التالي:

  • هوس الترتيب والتنظيم.
  • يغضب إن تم ترتيب أغراضه من قبل شخصٍ آخر؛ خصوصًا إن كان بشكل غير الذي يريده.
  • التعليق على تصرفات الآخرين.
  • لمس الأسطح؛ لتفقدها.
  • قلة التواصل الأسري؛ لمنع انهيار نظام الترتيب الذي تمكن من إقامته من قبل.

اجترار الأفكار

جميع الوساوس السابقة كانت وساوس مصحوبة بفعل معين؛ أما وسواس اجترار الأفكار فهو يُعرف أيضًا بالوسواس الخالص؛ وذلك لأنه غير مرتبط بسلوكيات أو أفعال معينة؛ فهي فقط عبارة عن أفكار غريبة تسيطر على عقل المريض، فيبدأ كل ليلة في مراجعة جميع المواقف التي حدثت معه على مدار اليوم، ويقوم بإدخال سيناريوهات خيالية لاستكمال الأحداث التي حصلت في ذلك اليوم؛ وبالرغم من أن ذلك النوع صعب التعامل معه؛ إلا أن أغلب المصابين به يتمكنون من إيقاف تلك التخيلات؛ ونادرًا ما يصل صاحبه إلى أحداث عنف؛ وأهم أعراضه:

  • شعور بالاكتئاب.
  • أفكار جنسية ودينية غريبة.
  • أفكار متعلقة بإيذاء النفس أو إيذاء الغير.

وسواس العد

من أنواع الوسواس الفكري وسواس العد القهري؛ وفيه يهتم المريض برقم معين ويعطيه أهمية خاصة ويدخله في الكثير من جوانب الحياة؛ بسبب أهميته بالنسبة له، ومن أشهر الأرقام التي يسخدمونها هو رقم 4؛ فمثلًا يقوم الشخص بالتدخين 4 مرات، ويقوم بغسل أسنانه 4 مرات، وبدون إكمال الأربع مرات في كل مرة يشعر بالنقصان وعدم الكمال؛ بجانب الرقم المميز الخاص بهم عندما يدخلون إلى مكان ما يبدؤون في عد الأشياء من حولهم؛ مثل: عدد البلاط، وعدد الشوك على مائدة الطعام، وتختلف طريقة العد فربما يكون عدا عقليا، أو عدا بصوت عالٍ؛ وتظهر على الأشخاص المصابة بهذا النوع عدد من الأعراض:

  • تكرار القيام بالشيء؛ حتى يصل إلى عدده المميز.
  • حساب عدد الخطوات أثناء السير.
  • عد الأشياء من حوله في الطريق؛ مثل: السيارات، أو أعمدة الإنارة.

وسواس الاكتناز

آخر أنواع الوسواس الفكري هو وسواس اكتناز الأشياء؛ وفيه يقوم الشخص بالاحتفاظ بجميع الأشياء حتى وإن كانت لا تساوي شيئًا، أو لم يعد لها فائدة، وتكون دائمًا أشياء دون قيمة، والذي يدفع المريض لفعل ذلك هو الارتباط العاطفي بينه وبين الشيء الذي يحتفظ به، ويتمكن وسواس الاكتناز من الكثير من الأشخاص الذين لم يمتلكوا أشياءً مُعينة في طفولتهم؛ وخصوصًا الذين عاشوا حياة فقيرة، أو قد يصاب الإنسان بوسواس الاكتناز إن نشأ في أسرة لديها هذا النوع من الوسواس؛ وأعراضه:

  • فوضى كبيرة لا يمكن السيطرة عليها.
  • لا يستطيع الجلوس هو ولا أسرته؛ بسبب الفوضى الموجودة في منزله.
  • يحتفظ بالكثير من العلب والمئات من الألعاب والأكياس وكثير من الأشياء التي ليس لها قيمة؛ لأنه يظن أنها ستكون ذات قيمة في المستقبل.

أسباب الوسواس القهري الفكري

أنواع الوسواس الفكري

جميع أنواع الوسواس الفكري لم يتم التعرف على السبب الأساسي لها؛ ولكن هناك عدة أسباب يمكن أن تكون هي السبب الأول والأخير للإصابة بالوسواس:

  1. الخصائص الحيوية: اضطراب الوسواس الفكري قد يكون بسبب حدوث بعض التغيرات الكيميائية للجسم؛ أو تكون بسبب تغيرات في وظائف الدماغ.
  2. الخصائص الوراثية: يمكن أن يكون أيضًا السبب وراء ذلك الاضطراب هو أن أحد الأبوين لديه جين خاص بذلك الاضطراب؛ فينتقل الجين إلى الطفل، ويصاب بما كان مصابا به أحد أبويه، ولكن لم يتم التعرف على الجين المسؤول.
  3. التعلم: آخر الأسباب التي يمكنها أن تتسبب في الإصابة بذلك الاضطراب هو التعلم؛ أي أن الشخص من الممكن أن يشاهد أحد أفراد أسرته يسلك سلوكًا معينًا في حياته؛ فيتأثر به ويبدأ في القيام بنفس تلك الأشياء.

علاج الوسواس الفكري

تبدأ أعراض جميع أنواع الوسواس الفكري في مرحلة مبكرة من عمر المصاب؛ فقد تبدأ الأعراض في فترة المراهقة، أو ربما في فترة الشباب المبكر؛ وفي تلك المرحلة يكون هناك نوعان من المرضى: النوع الأول، غالبًا ما يكون المريض متأكدا من زيف جميع تلك الأعراض والوساوس؛ إلا أنه لا يستطيع التخلص منها بسبب سيطرتها عليه.

أما في النوع الثاني، فيوجد بعض الحالات لا يستطيع المصاب من إدراك أن تلك الوساوس والأفكار غير صحيحة؛  وفي تلك الحالة يكون العلاج أكثر صعوبة من النوع الأول، وبشكل عام لا يوجد علاج معين كدواءٍ مثلًا لمثل تلك الحالات؛ إنما هي رعاية خاصة؛ بالإضافة إلى بعض الوسائل التي تعمل على تحسين حالة المريض؛ وإليك تلك الوسائل:

الرعاية المنزلية

بعد اكتشاف أن الابن يعاني من أحد أنواع الوسواس الفكري؛ على الأهل أن يبدؤوا في مساعدته للتخلص من تلك الوساوس؛ فيمكن أن يجعلوا المريض يمارس بعض السلوكيات؛ مثل: أن يتجنب الأمور التي تحفز أعراض المرض، وتذكيره دائمًا بالأدوية، وعدم تناول أي أدوية جديدة إلا بعد استشارة الطبيب النفسي.

العلاج النفسي (العلاج المعرفي السلوكي)

من أفضل طرق العلاج والمساعدة في جميع أنواع الوسواس الفكري هي العلاج المعرفي السلوكي؛ يبدأ فيها الطبيب النفسي بالتعرف على نوع المرض، ومن ثم يُعرف المريض كيف يتعامل مع ذلك المرض؟ وما هي المضاعفات التي يمكنه أن يتعرض لها مستقبلًا إن لم يتابع العلاج؟ وبعد ذلك يبدأ الطبيب في عرض المريض على بعض المثيرات التي تحفز الوسواس إلى أن يتخلص من الحساسية تجاه تلك المؤثرات.

العلاج الدوائي

تُساعد علاجات الاكتئاب وتثبيت المزاج في علاج أنواع الوسواس الفكري المختلفة؛ مثل: أدوية تثبيط إعادة امتصاص السيروتينين الانتقائية، ويتم تناول تلك الأدوية مدة تبدأ من 6 أسابيع إلى 12 أسبوعا؛ حتى يتم الحصول على تركيز معين في الجسم ويبدأ تأثيرها في الظهور على المريض.

الاسترخاء

علاج الوسواس الفكري

يزيد الضغط النفسي والعقلي من أعراض الوسواس الفكري؛ فالاكتئاب يلعب دورًا كبيرًا في زيادة الوساوس؛ وعلى العكس فإن الرياضة تلعب دورًا هامًا في التخلص من الأفكار السلبية؛ ومن أهم الرياضات التي تُساعد ف ذلك: رياضة اليوجا وجلسات الاسترخاء بجانب التدليك، وأيضًا يمكن التخلص من الأفكار السلبية وتحسين الحالة المزاجية عن طريق السفر إلى مناطق طبيعية هادئة.

في النهاية… وبعد أن تعرفنا على جميع أنواع الوسواس الفكري؛ فإنه من الممكن أن يتم علاج الوسواس الفكري باستخدام تقنيات العلاج التي تحدثنا عنها وأكثرها فعالية هي طريقة العلاج المعرفي السلوكي، وفي بعض الحالات يمكن أن تختفي تلك الأعراض مع تقدم العمر؛ وعلى النقيض، فقد تزداد تلك الأعراض سوءًا على حسب الحالة وتعرضها للعوامل التي تحفز الحساسية ضد أعراض كل نوع من أنواع الوسواس التي ذكرناها.

المصادر:

إن أي إم إتش.

أي أو سي دي إف.

ويكيبيديا.

نامي.

زر الذهاب إلى الأعلى