الصحة النفسية

وسواس الإيدز.. حرر نفسك من وهم الإصابة بالمرض الخطير

غالبًا ما تتفاوت حدّة الوسواس من شخصٍ لآخر؛ إذ تختلف وفقًا لحالته النفسية وظروفه وكذلك بيئته المحيطة، حتى ما إن وصل الأمر لـ وسواس الإيدز عندها يصبح الأمر كارثيا؛ إذ يتقوقع الفرد داخل دائرة المرض، ينظر للأمان بعين الخوف دائمًا، ينتابه الهلع حتى بممارسة الأمور الطبيعية غير المقلقة؛ ظنًا منه باقتراب الإصابة بالمرض، فلم يعد يتوارد على ذهنه سوى الأفكار السلبية المتطفلة تجاه العدوى فحسب؛ لذا فلا تترك نفسك رهينة ذلك الدرب المروع من الخوف؛ واعزم الأمر الآن وابدأ بالاطلاع على مفهوم هذا الوسواس، وكيفية تشخيصه، وكذلك مسبباته وأعراضه.

ما يعنيه وسواس الإيدز

يندرج وسواس الإصابة بالإيدز ضمن الاضطرابات الشائعة التي لا تُجدي بشيء سوى انتهاك حياة الفرد وطمأنينته؛ فهو أحد أنماط اضطراب الوسواس القهري؛ إذ يسيطر على المصاب بهذا الوسواس حالة من الهلع لم تنتابه من قبل تدفعه للتصرف بشكل غير منطقي؛ فلا يترسخ بداخله سوى الأفكار السلبية عن احتمالية تعرضه للإيدز بنسبة فائقة.
هذا وعلى الرغم من كَون الإيدز في الأساس مرض صعب انتقاله بمجرد التلامس؛ إلا أن تلك الحالة ما إن تسيطر على المصاب؛ تجعله أعمى تجاه المنطق والتفكير بعقلانية عامةً؛ فيصبح مهووسًا بغسل اليدين بشكل زائد عن المعدل الطبيعي، والابتعاد عن التعامل مع الآخرين في إطار الاحتكاك؛ بل وأحيانًا تصل إلى الشك في نتائج الفحوصات وإجرائها مرارًا وتكرارًا، الأمر الذي يجعله على عتبات الانعزال عن الآخرين، وفقد إمكانية مزاولة الحياة بالشكل الطبيعي.

أسباب الإصابة بوسواس الإيدز 

أسباب وسواس الإيدز
على الرغم من عدم وجود أسباب فعلية وراء الإصابة بوسواس مرض الإيدز؛ إلا أن هناك بعض الفرضيات التي قد يرتكز عليها وجود هذا الوسواس من الأساس؛ ومن هذه الأسباب أو الفرضيات ما يلي:

العوامل الوراثية 

كأي مرضٍ آخر قد تكون للجينات والعوامل الوراثية الأثر الواضح في انتقال المرض أو حتى تشابه الطباع؛ إذ تزيد احتمالية وجود أفراد قد سبق لهم التعرض لوسواس الإيدز ضمن العائلة وخاصةً الأبوين من فرصة انتقاله للأبناء؛ حتى وإن كان هذا السبب فرضًا في حد ذاته؛ إلا أنه واقعي بنسبة كبيرة.

خلل واضطراب في آلية الدماغ 

قد ينتج وسواس الإصابة بالإيدز عن وجود خلل واضطراب في وظائف الدماغ وآليتها، كنتيجة لحدوث بعض التغيرات الواضحة في الخلايا العصبية للدماغ، وفي أحيانٍ أخرى قد يكون ذلك الخلل في مادة السيروتونين؛ وهذه الأخيرة واحدة من ضمن المواد الكيميائية الرابطة بين الخلايا العصبية، ولها الدور الفعال أيضًا في زيادة احتمالية تحفيز ظهور المخاوف والوسواس.

تأثير الوسط والبيئة المحيطة 

يتبع تعرض الفرد للصدمات النفسية أيًا كانت منذ الصغر إلى ترسخ وسواس الإيدز في الكبر؛ وبصفة خاصة في حالة التعرض للصدمات النفسية الخاصة بالإيدز؛ مثل فقد شخص عزيز كنتيجة للإصابة به، أو التعرف على مرض الإيدز منذ الصغر بشكل خاطئ وترسخ شعور الخوف منه بداخله، ولم يتوقف الأمر عند ذلك فحسب؛ بل أصبح الخوف من وسواس الإصابة بالإيدز والحذر منه بمثابة المُعتقد الثابت الصعب تغييره، وبدوره فقد تحول هذا التفكير إلى وسواس قهري لا يمكن التغاضي عن شعوره قط.

أعراض وسواس الإيدز 

حتمًا بعد الاطلاع على تلك المقتطفات السالف ذكرها عن هذا الاضطراب، فقد أصابتك الحيرة تجاه كيفية التعرف عليه، ومدى اللحاق بعلاجه منذ بداية الطريق لتجنب مخاطره، ولكن لم تعد لتلك المشاعر المخيفة حيز منذ هذه اللحظة، فتأتيك السطور التالية وافية بكافة أعراض وسواس الإيدز، حتى يسهل عليك التعرف عليه فيما إذا كنت مصابًا به حقًا أم لا؛ وتتمثل تلك العلامات فيما يلي:

استبداد الهواجس والأفكار 

تأسر الهواجس والأفكار المصاب داخل حيز الخوف لا محالة، فدائمًا ما يجعله يتساءل عمّا إذا كان مصابًا أم لا، مُفكرًا فيما يجب عليه فعله لتجنب الإصابة من الأساس، الأمر الذي يدفعه لزيارة الأطباء مرارًا وتكرارًا، والشك في مصداقية النتائج وعدم الثبات على طبيبٍ واحد حتى، والجازم في الأمر هنا؛ هو خروج الأمر عن سيطرة المريض، فلم يعد بوسعه التحكم فيما يفعله على الإطلاق؛ فغريزة الخوف هي من تحركه.

مجبورية التصرف بغير منطقية 

كما نوهنا في النقطة السابقة إلى خروج الأمر عن السيطرة في حالة التعرض لهذا الوسواس؛ فتأتي مجبورية التصرف بشكل غير منطقي من هذا المنطلق لكبح جماح الأفكار السلبية وتجنبها؛ إذ يدفعه هذا الوسواس إلى التحرك بعيدًا عن الآخرين واختيار العزلة عن غيرها من التجمعات، والابتعاد أيضًا عن الأفراد بمجرد الشك باحتمالية إصابتهم بمرض الإيدز.
كل ما عليك الآن هو الانتباه لظهور تلك الأعراض مليًا، ومن ثَم الاعتماد عليها والمتابعة مع الطبيب النفسي المختص؛ لإدراك ماهية الإصابة بوسواس الإيدز من العدم.

طرق علاج وسواس مرض الإيدز 

علاج وسواس الإيدز
لم تخرج طرق علاج وسواس الإيدز عن كَونها دربا من دروب علاج الوسواس القهري؛ حيث تتشابه إلى حدٍ كبير؛ وتتمثل طرق العلاج في طريقتين أساسيتين؛ وهما:

نمط العلاج النفسي 

تعتمد تلك الطريقة المُتبعة من قِبل الأخصائي النفسي اعتمادًا كليًا على اتباع سُبل العلاج السلوكي المعرفي؛ وفيها يتم محاورة الأخصائي النفسي المسؤول عن تلك الحالات للمرضى المصابون بوسواس الإيدز، والتي تفتح أمامه الطريق من متسع بالتعرف على كافة ما يعاني منه المريض وسماع هواجسه واحدٍ يلو الآخر.
ترتكز الطريقة الأساسية لنمط العلاج السلوكي المعرفي على ضرورة تخلص المريض من هواجسه؛ بل والتعامل معها بأريحية ومواجهتها لتخرج عن إطار التوتر والقلق؛ وذلك من خلال إيضاح الأسباب الحقيقة وراء الإصابة بالإيدز للمريض، وبيان استحالة انتقاله من خلال المصافحة أو التعامل مع الآخرين.

نمط العلاج الدوائي 

إذا لم تأت سبل العلاج النفسي بالنتيجة المرجوة في بعض الحالات؛ فيصبح الحل الأمثل هنا هو الاعتماد على العلاج الدوائي؛ فهناك بعض الأدوية التي يتم وصفها من قِبل الطبيب المختص، والتي تلعب دورًا فعالًا في التخلص من هذا الوسواس، والتخفيف من وطأة أعراضه وهواجسه المخيفة؛ مثل مضادات الاكتئاب.
كما تختلف مدة اتباع المريض للعلاج الدوائي وفقًا لحالته، فقد يستمر لفترة معينة ثم يتم توقفه، أو مع الأسف في بعض الحالات قد يستمر تناول تلك الأدوية للأبد.
في ختام هذه السطور المُشبعة بكافة محاور وسواس الإيدز، وكيفية تشخيصه وأعراضه وكذلك أسبابه، فلم يتطلب منك الآن سوى ملاحظة تلك الأعراض السابق ذكرها بالشكل الصحيح، والمتابعة مع الطبيب النفسي في حالة ظهورها؛ حتى لا يتضخم منك الأمر وتجد نفسك أسيرًا للوسواس في وسطٍ تملؤه الريبة والخوف عبثًا دون داعٍ.

المصادر:

فيري ويل هيلث.
ساينس دايركت.
ويكيبيديا.

زر الذهاب إلى الأعلى