الصحة النفسية

فقدان الشهية العصابي.. أعراضه وكيفية التشخيص وطرق العلاج

البحث عن المثالية لا يعني انتفاء العيوب، فقد يكون اكتساب بعض الوزن بدايةً لسلسلة من الاضطرابات: النفسية، والجسدية التي ليس لها نهاية، بسبب اعتقاد خاطئ بأنه يعيق الكمال والمثالية، ومن هذه الاضطرابات: فقدان الشهية العصابي كنتيجة للمحاولات الخاطئة لفقدان الوزن، وإليكم بعض المعلومات عن: فقد الشهية العصابي، مضاعفاته، وطرق علاجه.

ماذا يعني فقدان الشهية العصابي؟

فقدان الشهية العصابي، أو العصبي، أو القهم العصابي (anorex­ia ner­vosa)، هو: اضطراب نفسي يجعل الشخص في خوف دائم من زيادة الوزن، أو السمنة، ولديه اعتقاد راسخ بأنه زائد في الوزن، فينعكس ذلك على كمية الأكل التي يتناولها، وربما يصل الأمر إلى مقاطعة الطعام بشكل كلي بسبب خروج الحالة عن السيطرة، وفقدانه الرغبة في تناول الطعام؛ ليفقد الشخص وزنه بصورة كبيرة، ومخيفة.

يبدأ اضطراب فقد الشهية العصابي بالرغبة في خسارة الوزن، أو الحفاظ على قوام رشيق، ومتناسق، ثم حمية متصاعدة الخطوات بصورة سريعة؛ لتصبح الرغبة الطبيعية في الطعام غير موجودة على مر الوقت، مع الاستمرار في تجويع الشخص لنفسه، واستخدام أدوية للتخسيس، والإفراط في ممارسة الرياضة، وهو ما ينعكس على النمط الغذائي الصحي؛ فيجد الشخص نفسه مضطربًا، ومتوترًا طوال الوقت.

اضطراب فقدان الشهية العصابي يتحول إلى هوس النحافة، والبحث عن كل الطرق التي تجعله يفقد وزنه؛ حتى يصل إلى: النحافة المرضية، نحافة الجسم، الضعف، الإعياء، وغيرها من الآثار السلبية التي تؤثر على حياته، والمخيف في الأمر هو: انتشار فقدان الشهية العصبي بنسبة تقدر حوالي 1% أي حالة لكل 100 شخص.

أعراض فقدان الشهية العصابي

أعارض فقدان الشهية العصابي

كحال الكثير من الاضطرابات النفسية غير المزمنة، ومنها: فقدان الشهية العصبي، حيث لا يعترف المريض بإصابته، أو أهمية طلب الاستشارة الطبية، وهو ما يتطلب اعتناء الأسرة به، ومساعدته على طلب العلاج، ومن أبرز الأعراض التي تُلاحظ على مريض فقدان الشهية العصبي:

أولًا: الأعراض النفسية والسلوكية

لا تقل خطورة اضطراب فقدان الشهية العصابي عن الاضطرابات الأخرى من حيث: تأثيره النفسي، والجسدي على صاحبه، إذ يبدو في حالة شعورية غير متزنة تزامنًا مع ظهور بعض السلوكيات غير المقبولة منه، مثل: التقيؤ بعد الطعام، أو البصق، أو التوتر أثناء الأكل؛ إذن توجد مجموعة من الأعراض السلوكية، والشعورية لفقد الشهية العصابي، منها:

  • تجاهل الإحساس بالجوع، وإنكار أي شعور بالجوع، أو الرغبة في تناول الطعام.
  • يبدو شخصًا غريبًا بالغ السرية في جميع أفعاله، وسلوكياته.
  • الانعزال عن الآخرين، وتفضيل الوحدة.
  • الحمية الغذائية القاسية، وتقليل كمية الأكل بصورة كبيرة، أو الصوم لفترات طويلة عن الطعام.
  • أكل أنواع كثيرة من الطعام، والتقيؤ بعد الطعام مباشرة، أو بصقه؛ للتخلص منه.
  • استخدام أدوية التخسيس بشراهة، واستخدام بعض المواد التي تجعله يفقد ما يتناوله من طعام باستمرار.
  • ممارسة رياضات شاقة، ولفترات طويلة.
  • الشكوى المستمرة من السمنة، نقد النفس، القلق، والتوتر بشأن قوامه.
  • التوتر، القلق، والاضطراب المزاجي مع العصبية باستمرار.
  • النظر لقوام جسمه باستمرار في المرآة، وفحصه؛ اعتقادًا بأنه شخص سمين ذو شكل غير لائق.
  • الإصابة بالهوس حول كميات الطعام، والوزن.
  • الإصابة في بعض الحالات بالوسواس القهري.

ثانيًا: الأعراض الجسدية

العرض الأكثر خطورة من أعراض فقدان الشهية العصبي هو: النقص الكبير في الوزن، والذي يصل إلى حد نحافة الجسم، والإصابة بالكثير من الأمراض، ومن آثار فقدان الشهية العصابي على الصحة:

  • الانخفاض الكبير في الوزن كنتيجة منطقية للتغذية غير الصحية، الحمية القاسية، وعدم حصول الجسم على ما يحتاجه من عناصر غذائية.
  • نمو غير مناسب للعمر لجميع أعضاء الجسم.
  • الإرهاق، الإعياء الدائم، والشعور بالخمول طوال الوقت.
  • زرقة الأطراف، وبخاصة أصابع القدم واليدين.
  • الجفاف، وهو ما ينعكس على نضارة البشرة والشعر.
  • تساقط الشعر، تقصفه، وضعف الأظافر.
  • التعرض لنزيف الدم، وظهور بقع حمراء وزرقاء في الجسم نتيجة اضطراب الدورة الدموية.
  • تسوس الأسنان، وتساقطها.
  • سرعة ضربات القلب، وعدم اتزان ضغط الدم.
  • الشعور بالبرد حتى مع دفء الجو.
  • تورم الذراعين، والقدمين.
  • ضعف الرغبة الجنسية.
  • ضعف المفاصل بسبب نقص المعادن في الجسم.
  • بهتان الوجه، وذبول العينين.
  • ظهور شعر أبيض خفيف في مناطق كبيرة من الجسم.

أسباب فقدان الشهية العصابي

أسباب فقدان الشهية العصابي

فقدان الشهية العصبي ليس مرضًا بذاته، ولكنه نتيجة لمزيج من: العوامل النفسية، الاجتماعية، والثقافية التي سادت العصر الحديث، ومنها:

النحافة عنوان للجمال

ثقافة غربية اجتاحت العالم، ومنه: الثقافات الشرقية، خاصة بين الفتيات والشباب في سن المراهقة، حيث رُبِط بين: الجمال، الأناقة، النجاح، وبين النحافة والقوام الرشيق، مع ظهور اتهامات مستمرة للسمنة، أو القوام الممتلئ بأنه سبب للأمراض الجسدية، ودافع لتنمر الآخرين كحق مكتسب لهم، وهو ما دفع الفتيات والشباب لتفضيل النحافة على حساب صحتهم، وتوازنهم: النفسي، والجسدي.

ضعف الثقة بالذات

نظرة الشخص لنفسه هي المحدد الأول لثقته بذاته؛ لذا فأي اهتزاز في هذه النظرة، وبخاصة الصورة المشوهة عن جسمه ستجعله يعاني، ويستمر طوال الوقت لتحسين هذه الصورة من جانبه؛ فتنمر الآخرين، اللوم المستمر، توجيه النقد، والاستهزاء من شكل جسمه ستحوله إلى شخص مضطرب نفسيًا يبحث عن النحافة بأي طرق صحية، أو غير صحية تحت ضغط، واضطراب نفسي قوي.

الذكريات والخبرات السابقة

إصابة أحد  أفراد العائلة بالسمنة، أو تسببها في مرض، أو أزمة نفسية، أو صحية تجعل الشخص خائفًا من أي زيادة في الوزن، ودائمًا ما يرى نفسه سمينًا مهما كانت نحافته؛ فيتجنب الأكل، أو يأكل ويتقيأ، أو يبالغ في أدوية التخسيس وفقدان الوزن، كما رُبِطَ بين وجود شراهة الطعام، أو اضطراب نفسي بين أحد أفراد العائلة، وإصابة الشخص بفقدان الشهية العصابي.

البحث عن الكمال

الاضطراب النفسي الأصعب للشخص هو: عدم رضاه عن ذاته، وبحثه المستمر عن الكمال والمثالية؛ لأنه يجهل معنى أن الكمال للّه وحده، وهو من الاضطرابات القهرية التي تجعله قلقًا، متوترًا بشأن وزنه؛ فيبحث عن أنظمة غذائية قاسية للتخلص من هذا القلق.

الضغوط النفسية

قد يكون التعرض للصدمات النفسية، مثل: فقدان شخص عزيز، أو الطلاق، أو فقدان العمل، أو التعرض لأزمة مالية أثرت على استقراره المادي، وغيرها من الصدمات التي  تزيد من حدة فقدان الشهية العصابي.

مضاعفات فقدان الشهية العصبي

لا يوجد أغلى من حياة الشخص، وهو  الثمن الذي قد يدفعه في حالة فقدان الشهية الحاد الذي يؤدي إلى مضاعفات خطيرة، منها:

  • اضطراب الهرمونات، وانقطاع الطمث عند الفتيات والسيدات.
  • الإمساك، واضطرابات الهضم.
  • مشكلات القلب، والأوردة الدموية.
  • الضعف الجنسي عند الرجال.
  • انخفاض معدلات البوتاسيوم، والصوديوم في الدم.
  • الإصابات الدائمة بالكسور، والتمزق العضلي بسبب ضعف العضلات، وهشاشة العظام.
  • الهزال، وعدم القدرة على ممارسة أي نشاط بدني، أو عقلي.
  • هدم الحياة: الشخصية، الاجتماعية، والمهنية للشخص.
  • الاكتئاب، والتوتر.
  • الإقبال على الإدمان.
  • الانتحار.

الفئات الأكثر عرضة للإصابة بفقد الشهية العصابي

لا يمكن القول إن هناك أشخاصا دون غيرهم هم المعرضون للإصابة بفقدان الشهية؛ فهناك دوافع، وعوامل تزيد من احتمالية الإصابة، وينتشر فقدان الشهية العصبي بنسبة أكبر بين:

  • المراهقين الباحثين عن النحافة، والقوام الممشوق تحت تأثير: الثقافات الوافدة، ضغط المجتمع، وانتشار ظاهرة التنمر.
  • النساء، خاصة مع تعرضهم لضغط نفسي يتعلق بالوزن، ورغبتهم في الاحتفاظ بقوام جسم نحيف.
  • أبناء الطبقة الغنية، والباحثون عن النحافة كسمة جمالية تميز الأثرياء، وعلية المجتمع.

تشخيص فقدان الشهية العصابي

علامات فقدان الشهية العصابي

هذا النوع من الاضطرابات يعتمد علاجه على أكثر من تخصص، بالتزامن مع الطبيب المعالج لأعراض، وآثار فقدان الشهية، لا بد من استشارة متخصص في العلاج النفسي، حيث تُعمل الفحوصات المختلفة للجسم، منها: فحوصات القلب، الكلي، واختبارات ضغط الدم من أجل: استكشاف أي أسباب عضوية للقهم العصابي، بالإضافة إلى قياس الوزن الحالي نسبة إلى الوزن الطبيعي لعمر الشخص.

علاج فقدان الشهية العصبي

إذا شخّص الطبيب فقدان الشهية بأنه القهم العصابي، يحتاج العلاج منه إلى اتجاهين بالتوازي، وهما: العلاج الدوائي، والنفسي؛ لأن أحدهما بمفرده لن يجدي نفعًا في حالات فقدان الشهية العصابي؛ لذا سيكون العلاج كالآتي:

أولًا: العلاج الدوائي

  • عمل نظام غذائي صحي يشتمل على جميع العناصر الغذائية الضرورية، والتي يفتقدها الجسم.
  • وصف بعض الأنواع من المكملات الغذائية؛ بناءً على الفحوصات المخبرية، مثل: البوتاسيوم، الكالسيوم، الفيتامينات، والحديد.
  • وصف الأدوية المضادة للقلق، والاكتئاب.
  • علاج الأعراض، والمضاعفات التي تسبب بها.

ثانيًا: العلاج النفسي

يعتمد الطبيب النفسي في علاجه للقهم العصابي على:

  • إقناع الشخص بأنه مريض يحتاج للعلاج، والمساعدة.
  • يدرك عند رؤية الطعام أنه جائع، ويبدأ في الأكل، والاعتراف بالرغبة في الطعام.
  • دعم الشعور بالرضا لديه، الرضا عن: شكله، وعن جسده.
  • تغيير الأفكار السلبية، ومفاهيمه عن الحمية الغذائية، وفقدان الوزن.

أخيرًا… اكتسابك للوزن لا يعني السمنة، بل يعني نمو جسمك بشكل طبيعي إلا إذا زاد عن المعقول؛ فنبدأ بنظام غذائي صحي مع الرياضة، ونمط حياتي سليم؛ لأن مضاعفات فقدان الشهية العصابي ستجعلك تفقد كل شيء ليس فقط الوزن.

المصادر:

إن إتش إس.

ميديكال نيوز توداي.

هيلث لاين.

ويكيبيديا.

زر الذهاب إلى الأعلى