الصحة النفسية

كيف تتخلص من وساوس النفس؟

تُراودُك بعض الوساوس القهرية التي تُرغمك على القيام بالعديد من الأمور غير المريحة، أو غير المرغوب بها، والتي تُعرف علميًا بمرض وساوس النفس، لكن ما أسباب ظهوره، أعراضه، طريقة التخلص منه، أو التعامل معه؟ هذا ما سنتناوله في موضوعنا اليوم؛ لذا تابع معنا.

وساوس النفس

أسباب وساوس النفس

وسوسة النفس هي: حديث النفس، ودائمًا ما تتعلق بالتنشئة، والتربية للإنسان منذ الصِغَر، ومدى تقرُّبه، أو ابتعاده عن التعاليم الدينية، فقد تأمُر النفس صاحبها بالقيام ببعض الأمور رغمًا عنه، أو إقناعه بها، مثل: ترويج النفس لفعل المُحرّمات، أو سوءٍ ما في حال غياب الرقابة الذاتية، أو الوازع الديني، وقد تُحاسب النفس الإنسان على اقترافه لإثم، أو معصيةٍ ما دون الخوف من اللّه، وتُعرف بالنفس اللوّامة، فتأتي من تركيبة النفس الإنسانية التي نشأت على حُب المُتع، والشهوات التي نبهنا منها اللّه _سبحانه وتعالى_ في كتابه العزيز: بسم الله الرحمن الرحيم «وَنَفسٍ وَمَا سَوَّىٰهَا (٧) فَأَلهَمَهَا فُجُورَهَا وَتَقوىٰهُا (٨) قَد أَفلَحَ مَن زَكَّىٰهَا (٩) وَقَد خَابَ مَن دَسَّىٰهَا) [سورة الشمس].

لا تقتصر وساوس النفس على الناحية الدينية، أو التربوية فقط، فقد تكون ناجمة عن مرض نفسي يتسبب في هيمنة الوساوس، أو الاضطرابات القهرية على العقل؛ مما ينجم عنه إجبار الفرد على القيام ببعض الأوامر غير المُمتعة، أو غير المريحة، مثل: التأكد من: إغلاق السيارة، أو المكواة، أو الباب، أو غسل اليدين، وغيرها أكثر من مرة طوال اليوم بشكل مزعج.

أسباب ظهور وساوس النفس

تتعدد أسباب ظهور وسواس حديث النفس على الفرد، والتي قد تكون: نفسية، أو دينية، مثل:

  • غياب دور الوالدين في التربية، أو التنشئة الصحيحة على عدم القيام بأي أمور غير مناسبة، وعدم الاهتمام بالتعاليم الدينية أيضًا.
  • غياب الوازع الديني؛ مما يساعد على هيمنة النفس الأمّارة بالسوء على الفرد، وجعله يقوم بعدة أمور سيئة، ومعاصٍ ينهى عنها الدين.
  • إدمان الإنسان مُنذ الصِغَر على القيام بعدة أمور لا يُمكنه التخلص منها، والناجمة عن: الصحة النفسية، أو الاضطراب العقلي، مثل: هوس ممارسة العادة السرية، مشاهدة الإباحيات، الهوس بالسيدات، وغيرها.
  • الإصابة بالهوس القهري، أو اضطراب النفس، أي: التأكد من غلق الموقد أكثر من مرة، غسل اليدين أكثر من 20 مرة يوميًا؛ مما قد يتسبب في تقشُر الجلد، غلق الأبواب، إطفاء الأنوار، وغيرهم بشكل مزعج، ويصعب السيطرة عليه.
  • الخوف من مُصافحة الآخرين؛ لعدم الإصابة بالفيروسات، أو البقاء في غرفة بها العديد من الأفراد؛ خوفًا من التعرض لمرض ما.
  • الميل للعزلة، أو الانطواء؛ مما يساعد على تغلب الوساوس القهرية على النفس، والتحكم بها.
  • قد يكون ناجمًا عن مرض وراثي.
  • حُب الفرد للتمتع والشهوات، حتى وإن كانت مُحرّمة، أو غير مناسبة اجتماعيًا، أي: تحولت إلى إدمان.

أعراض وساوس النفس

أعراض وساوس النفس

هناك العديد من الأعراض التي تشير إلى إصابتك بمرض وسواس حديث النفس الذي يرغم الفرد على القيام بالعديد من الأمور غير المُحببة، والتي يصعب السيطرة عليها، أو التحكم بها، مثل:

  • الخوف من إصابة الآخرين، أو إصابة النفس.
  • الهوس من الإصابة بالأمراض؛ مما يجعلك لا تُصافح الآخرين مطلقًا، أو استخدام أدوات الغير.
  • الوعي المستمر بالتنفس، والنبض، وغيرها من أحاسيس الجسد الأخرى.
  • الشك في إخلاص الشريك «الزوج، أو الزوجة» دون داعِ بشكل متكرر؛ مما يسبب لك العديد من المشكلات الأُسريّة.
  • القيام بمهام التنظيف، والترتيب بشكل معين، ومتكرر.
  • الرغبة في عدّ الأشياء، أو الأدوات غير المهمة، مثل: الأقلام، الألوان، الخطوات، المُنشآت، الطرق، أو الشوارع، وغيرهم، ويقودك ذلك للجنون.
  • الهوس الشديد بممارسة العادة السرية، أو مشاهدة الإباحيات؛ إرضاءً للنفس الأمّارة بالسوء.
  • عدم القدرة على الامتناع عن المعاصي؛ نتيجة سيطرة النفس الأمّارة بالسوء عليك، والتي تعد من وساوس الشّيطان.
  • وسواس الوضوء، والصلاة، أي: عدم دراية المريض كم صلى، كم توضأ؟ ويكون ناجمًا عن وساوس الشيطان أيضًا.
  • الوقوع في غرام أي فتاة، أو سيدة تقع عينك عليها، والذي يُطلق عليه في الطب النفسي، أو المجتمع «مريض بالسيدات».
  • لوم النفس كثيرًا أثناء قيامك بشيء ما قد ألحق الضرر بالآخرين، أو قيامك بشيء آخر دون قصد.
  • صعوبة التركيز، أو النوم، والإصابة بالاضطراب، أو التوتر، أو التعرُّق بمجرد دخول مكانٍ ما غير نظيف، أو غير منظم.

تشخيص وساوس النفس

يعد مرض وساوس النفس من الأمراض التي تنتشر كثيرًا بين الناس، وعلى الرغم من ذلك، فإنها لا تُشكّل خطرًا على من حولك، بل تصيب الفرد، وتؤثر على نمط حياته فقط، يُشخص هذا المرض من خلال: الطبيب المختص؛ لما له من دراية تامة بطرق التشخيص، استنتاج الأسباب، والبدء في وضع الخطة العلاجية، وذلك بعد إجراء الفحص الطبي أولًا؛ للتأكد من السلامة الجسدية، ومن ثم طرح بعض الأسئلة على المريض، مثل: منذ متى تُعاني من هذه الأعراض؟ هل تعاني من أي أمراض نفسية، وغيرها؟ وتُحدّد الحالة النفسية؛ بناءً على تقييم إجابات المريض، وبدء الطبيب بوضع الخطة العلاجية.

علاج وساوس النفس

علاج وساوس النفس

بعد إجراء الطبيب للتشخيص الطبي؛ لتحديد الحالة النفسية للمريض، والمدى الذي توصل له مع هذا المرض، تُحدّد الخطة العلاجية حسب حالة كل مريض، والتي تتمثل في الآتي:

العلاج النفسي

يعد من أولى الطرق المُستخدمة لعلاج أي حالة مرضية؛ لما له من أثر كبير على المريض بشكل إيجابي، والبدء في التحسن تدريجيًا، وللعلاج النفسي عدة طرق، وهي:

المعرفي السلوكي

يعد من أهم وأفضل الطرق العلاجية لهذه الحالات، خاصةً المُصابين بوساوس اضطراب الأفكار، وذلك لمساعدتهم على تعلُّم كيفية السيطرة على الأفكار غير المرغوب فيها، والتحكم بها من خلال: محاولة المريض التفكير في أي شيء آخر بمجرد شعوره بأحد أعراض الوساوس، وأن يُفكر بطريقة مختلفة تجاه الوساوس، أو الهواجس، وأنهم غير موجودين.

المساعدة الذاتية

تعد الرعاية النفسية الذاتية من الطرق المفيدة؛ للسيطرة على الوساوس القهرية بأنواعها، والتي يمكن أن تنجم عن الإرهاق البدني، أو ضعف الحالة الصحية، وغير ذلك؛ لذلك على المريض القيام ببعض الأمور، وهي: السيطرة على النفس، وإرغامها على النوم، أو الراحة بشكل كافٍ، واتباع حِمية غذائية صحية؛ لتقوية النشاط العقلي، وعدم تشوشه، ممارسة رياضة التأمُل؛ لمساعدة النفس على الاسترخاء.

العلاج الدوائي

يضطر الطبيب إلى وصف بعض الأدوية في حال عدم ملاحظة أي تحسن على المريض بعد إجرائه للعلاج النفسي السابق، وقد يصفها أيضًا مع العلاج النفسي في الحالات المتأخرة التي تتطلب الرعاية الشديدة، وعادةً ما يصف الطبيب للأمراض القهرية، أو الوسواسية بعض الأدوية الخاصة بالاكتئاب، أو أدوية المثبطات التي تساعد على امتصاص، أو إفراز مادة السيروتونين الانتقائي من المخ، أو استخدام كلاهما.

العلاج الرياضي

تلعب الأنشطة الرياضية دورًا مهمًا في جسم الإنسان بشكل عام، أما فيما يخص التخلص من وساوس النفس، فإن التمارين الرياضية تقلل من: مستوى الكوليسترول بالدم؛ مما يقلل الإصابة بأي أمراض عضوية قد ينجم عنها الهواجس، أو الهلاوس، وأوضحت عدة دراسات أن التمارين الرياضية كالجري تقلل من حدة التوتر، والقلق الذي يعاني منه مريض الوساوس، كما تساعد على التقليل من أعراض اضطراب النفس سابقة الذكر.

مضاعفات وساوس النفس

مضاعفات وساوس النفس

الجدير بالذكر أن الأمراض النفسية تصيب الأفراد تحت سن 25 عامًا، أي: في مراحل عمره الزاهية، والتي يمكن أن تستمر مع المريض طوال حياته إذا لم يخضع للعلاج؛ مُسبّبة له العديد من المُضاعفات أيضًا، ومنها:

  • الإصابة ببعض الأمراض النفسية المُزمنة، مثل: الاكتئاب، التوتر، القلق المزمن، الرهاب الاجتماعي، أو القلق الاجتماعي.
  • اضطراب السلوك، وعدم القدرة على السيطرة بالنفس.
  • مهاجمة الآخرين؛ لإشباع رغبته الشهوانية حسب ميوله الجنسية.
  • تفضيل العزلة، وعدم المحاكاة مع الآخرين؛ لتجنب الإصابة بالأمراض، أو خوفًا من إيذائهم.
  • عدم قدرة المريض على ممارسة حياته الطبيعية كالآخرين.
  • التفكير في الانتحار؛ للشعور بالراحة من الوساوس المزعجة، أو المُفزعة.
  • صعوبة النوم، أو الأرق، أو عدم النوم لعدة أيام.
  • التأثير على العمل، أو الأنشطة اليومية، أو على: الحياة المهنية، الاجتماعية، والشخصية.

طرق الوقاية من وساوس النفس

إليك مجموعة من النصائح، والإرشادات المهمة التي ستساعدك بجانب الطرق العلاجية سابقة الذكر على تخطي هذه المرحلة بشكل كبير، حيث تساعد على التقليل من: أعراض الوساوس المزعجة، وتجنب الإصابة بهذا المرض مرةً أخرى بعد الاستشفاء، ومنها:

  • القناعة التامة بأن هذه الأمور، أو الأفكار المزعجة غير المرغوب فيها ناجمة عن الشيطان، أو عدم النوم بشكل غير كاف.
  • التفكير في أمور أخرى بمجرد شعورك برغبة القيام بشيء معين؛ نتيجة وساوس النفس، وعدم تنفيذ ما يدور بخاطرك مُطلقًا.
  • استمر بفعل هذا الأمر مع كل وسواس تسلُطي.
  • ضرورة المتابعة الدورية مع الطبيب الخاص بك؛ لمراقبة تطور حالتك النفسية، وإلى أي مدى توصلت في العلاج.
  • عدم التفكير بهذا المرض، أو التفكير في: هل سيجدي هذا العلاج نفعًا بالفعل، أم لا؟ لتجنب تشتت العقل، والشعور بالخوف مرةً أخرى.
  • الابتعاد عن الميل للعزلة، وتفضيل الوحدة؛ لما له أثر في زيادة أعراض الوساوس القهرية.
  • الابتعاد عن الانفعال، والحزن، وأكثِر من الضحك، أو الابتسامة بدلًا من ذلك.
  • تجنب الشكوى للآخرين؛ حتى لا تمتص جميع الأفكار الحزينة، وتتدهور حالتك.
  • لا تقلق إذا انتابك شعور الخوف أثناء فترة العلاج؛ لأنه من الأمور الطبيعة، والجيدة التي تُبشّر بالقدرة على الاستشفاء، والاستجابة إلى العلاج.

عزيزي القارئ، بعد أن تعرفت معنا على كل ما يخص وساوس النفس من حيث: الأسباب، الأعراض، مخاطر عدم تلقي العلاج، وغيرها من الأمور المهمة، ننبه على ضرورة الاهتمام بالأمر، والعرض على طبيب نفسي؛ لتحديد حالتك النفسية، والبدء في خطة العلاج مبكرًا؛ لتجنب زيادة سوء الحالة، والتي لا يمكن معالجتها بعد ذلك.

المصادر:

بيشينت.

كليف لاند كلينيك.

فيري ويل مايند.

ويكيبيديا.

زر الذهاب إلى الأعلى