الصحة النفسية

علاج الخوف من الظلام عند الأطفال

تسيطر المخاوف أحيانًا على عقول الكبار، مهما بلغوا من وعي وفهم، لذا يبدو تخوف الصغار من بعض الأشياء مبررًا في كثير من الأحيان، ومن بينها الخوف عند الأطفال من الظلام، والذي نسعى للكشف عن أسباب حدوثه، وكيفية علاجه قبل أن يتفاقم.

الخوف عند الأطفال من الظلام

الخوف عند الأطفال من الظلام
الخوف عند الأطفال من الظلام

يعتبر الخوف من المشاعر الطبيعية التي تنتاب البشر في جميع المراحل العمرية، حيث يسيطر على عقل الإنسان غالبًا حينما يبدأ في خوض تجربة جديدة، أو عندما يقتحم بعض الأمور المحاطة بالغموض.

يبدو الأمر أكثر انتشارًا بين الأطفال الصغار، إذ يمر الطفل بمشاعر الخوف بصفة شبه يومية، وخاصة مع حلول الظلام، إذ يؤكد خبراء علم النفس أن الخوف من الظلام عند الأطفال يظهر مع وصولهم لمرحلة عمرية، يملكون خلالها القدر الكافي لتخيل الأمور المرعبة.

تقول الطبيبة النفسية الأمريكية جين بيرمان: «في العادة، يبدأ الخوف عند الأطفال من الظلام في السيطرة على أفكارهم مع بلوغ العام الثاني أو الثالث، في هذا الوقت الحساس تزداد قدرات التخيل لدى الطفل الصغير، لكنه لا يملك الحكمة اللازمة من أجل التفرقة بين الأمور الواقعية والخيالية، لنلاحظ العلاقة ما بين الطفل والخوف من الظلام.

أسباب الخوف من الظلام عند الأطفال

الخوف عند الأطفال من الظلام
أسباب الخوف من الظلام عند الأطفال

إن كان الخوف عند الأطفال من الظلام يبدو غير منطقي للبعض، فإن هناك الكثير من الأسباب التي تثبت عكس ذلك وفقًا لخبراء علم النفس، حيث تتمثل في:

الغموض

بينما يظن البعض أن الظلام هو المتهم الأوحد وراء مشاعر الخوف التي تهز أركان الأطفال الصغار، فإن الواقع يثبت أن الغموض تحديدًا يعتبر هو سر هلع الطفل من الأماكن المظلمة، وخاصة وأن خيال الطفل الخصب يعد قادرًا على تحويل ظلال الملابس إلى وحوش مخيفة في مخيلته، مع الوضع في الاعتبار أن الليل ووقت النوم على وجه التحديد، تصبح هي الفترة المثالية للخوف من أجل التسلل لقلوب الصغار، في ظل غياب المشتتات التي تجنبهم التفكير في أمور مرعبة لا حدود لها.

التلفاز

لا يوجد شك في أن التلفاز يعتبر من أبرز وسائل الترفيه للطفل الصغير، إلا أنه يصبح أحيانًا من عوامل الخوف عند الأطفال من الظلام بصورة زائدة عن الحد، ليس المقصود هنا فقط أفلام أو مسلسلات الرعب التي يحذر الآباء من ترك الفرصة للطفل لمشاهدتها، بل كذلك الأعمال الدرامية العادية التي تبرز قيام الأشرار دومًا باستغلال الليل الحالك من أجل اقتحام المنازل وارتكاب الجرائم، الأمر الذي يكشف عن ضرورة انتقاء ما يمكن للأطفال متابعته دون أن يؤثر سلبًا على حالتهم النفسية.

الجينات

من الوارد أن يكون الخوف من الظلام عند الأطفال نتيجة لعوامل وراثية ليس لهم فيها أي ذنب، فبينما يرث البعض مخاوف الآباء والأجداد من أشياء غير منطقية، مثل الخوف من الأمطار أو المرتفعات أو الأماكن المغلقة أو حتى أصغر الحشرات، فإن الخوف عند الأطفال من الظلام ينشأ أحيانًا بصورة وراثية ومن دون أن يكونوا قد تعرضوا قبلًا لأي من العوامل التي تنمي هذا الهاجس.

الطعام

قد يستبعد البعض وجود أي علاقة بين الطفل والخوف من الظلام من ناحية، وبين العناصر الغذائية التي يحرص على تناولها من ناحية أخرى، بالرغم من أنه أمر وارد وفقًا للعلماء، والذين يؤكدون أن بعض الأكلات يمكنها التأثير بالسلب على درجات الاسترخاء في الأوقات المسائية، لتتسبب في الأرق من جانب وتزيد من مشاعر القلق من جانب آخر، لذا ينصح دومًا بعدم إعطاء الأكلات المصنعة أو المتخمة بالسكريات للطفل الصغير ليلًا، واللجوء إلى اللوز على سبيل المثال بما يحمل من مغنيسيوم قادر على زيادة استرخاء العضلات، أو إلى شاي البابونج المزود بقليل من العسل، لدوره المهدئ والمطلوب للكبار والصغار.

التخويف

سواء قام الأب أو الأم بتهديد الطفل بتركه في غرفة مظلمة، من أجل تحفيزه على المذاكرة، أو قاما بذلك على سبيل الدعابة لمشاهدة رد فعله، فإن النتيجة تبدو واحدة ومحزنة، وتتلخص في تنمية رابط قوي بين الطفل والخوف من الظلام، حيث يؤدي ذلك لوقوعه تحت سيطرة حالة من الهلع بمجرد التواجد وحده في مكان ليس مضاء بالقدر الكافي، وهو ما ينطبق أيضًا على سرد القصص المرعبة للأطفال الصغار بغرض التقويم، حيث لا يعتبر ذلك مفيدًا بقدر ما هو مضر للطفل.

التهوين

إن كان التهوين من مشكلة الخوف من الظلام عند الأطفال أو من أي مشكلة أخرى تواجههم، يبدو هو الخيار الأفضل لديك، فعليك إذن أن تعيد النظر في ذلك بحسب توصيات خبراء علم النفس دون استثناء، إذ يمكن للخوف الطبيعي للطفل الصغير من الظلام، أن يتحول إلى خوف مرضي يتطلب الكثير من الوقت لعلاجه، إن تجاهل الوالدين مخاوف طفلهما من الليل أو اعتقاده بأن هناك وحشا يختبئ أسفل فراشه، وبعكس ما يحدث حينما يسعى الأب والأم إلى تهدئة الطفل وإخباره بأنهما على علم وفهم كامل بمخاوفه.

علاج خوف الأطفال من الظلام

الخوف عند الأطفال من الظلام
علاج خوف الأطفال من الظلام

تعتبر معرفة الأبوين بأسباب الخوف عند الأطفال من الظلام من عوامل العلاج في كثير من الأحيان، وخاصة عند إدراك تلك الطرق التالية والقادرة على إنهاء الأزمة في أسرع وقت ممكن، وهي:

الهدوء

يتفق الخبراء على أن التحلي بالهدوء أثناء التحدث مع الطفل عن أي من مخاوفه، بما فيها الخوف من الظلام، هو الخيار الأصوب من أجل علاج الأزمة بدلًا من زيادة حدتها، حيث يساهم الهدوء أثناء الكلام في طمأنة الطفل، وخاصة حينما نؤكد على مسامعه بأن الخوف يعتبر من المشاعر الطبيعية التي تصيب الكثيرين بخلافه.

عدم الانفعال

تبدو فرص الدخول في نوبات الغضب والانفعال مرتفعة، عند محاولة إقناع الطفل يوميًا بأن نومه وحيدًا في الظلام لن يصيبه بأي ضرر، إلا أن استسلام الأبوين لتلك المشاعر السلبية ونعت الطفل بالغباء أو عدم المنطقية لاعتقاده بوجود الأشباح والوحوش المختبئة في غرفته، سوف يزيد الأمور سوءا، نظرًا لأنه سيشعر حينها بأنه وحيد في مواجهة مخاوفه، والتي تبدو حقيقية للغاية من وجهة نظره، لذا يبدو الانفعال من الأمور المرفوضة عند علاج أزمة الخوف عند الأطفال من الظلام.

عدم التنازل

إن كان التنازل عن القواعد داخل المنزل يعتبر مرضيًا للطفل الصغير، وخاصة عندما يتمثل ذلك في ترك الفرصة له من أجل النوم في فراش الأبوين، فإن ذلك لن يعالج أزمته بأي من الأحوال، بل ربما يزيد من درجة تخوفه من النوم وحده في الظلام فيما بعد، ما يكشف عن أهمية عدم تجاوز الطفل للحدود، حيث يجب أن يسعى الأب والأم إلى دعم الطفل وتفهم مخاوفه دون اللجوء إلى حل مؤقت لقلقه، لن يبدو مفيدًا على المدى البعيد.

طرح الخيارات

بإمكان أزمة الخوف من الظلام عند الأطفال أن تتلاشى رويدًا رويدًا، إن تعامل الأبوان معها بذكاء، مثلًا ينصح بإعطاء الطفل بعض الخيارات المطمئنة له، كأن يختار ما بين قيام أحد الأبوين بالاطمئنان عليه أثناء النوم كل 5 أو كل 10 دقائق، أو أن يحدد الألعاب التي يمكن تركها إلى جانبه في الفراش، مع الوضع في الاعتبار أنه ينصح بانتقاء دومًا ألعاب لا يمكنها إصابة الطفل بالأذى أو الاختناق ليلًا.

لا للمجاراة

يعتقد البعض أن مجاراة الطفل في مخاوفه، عن طريق التفتيش داخل خزانة الملابس أو أسفل الفراش عن الأشباح، من أجل إثبات خلو تلك الأماكن من أي شيء مرعب، هو الخيار المثالي لإنهاء الأزمة، لكنه في واقع الأمر يعتبر من وسائل زيادة خوف الطفل، حيث يؤدي ذلك إلى إعطاء مخاوف الطفل مصداقية، لن تساعد الطفل بقدر ما تضره.

البحث العميق

في بعض الأحيان، يصبح الخوف من الظلام عند الأطفال هو مجرد أحد أعراض أزمة أكبر حجمًا، كأن يكون الطفل مصابا بتوتر شديد جراء أزمة أسرية بين الأبوين، أو نتيجة لموت حيوانه الأليف أو حتى لانضمام طفل جديد لأسرته الصغيرة، حيث يحتاج الطفل حينها لعلاج أكثر عمقًا لأزمته، قبل أن يتطور إلى ما هو أسوأ عند التجاهل.

زيارة الطبيب

يؤدي تفهم الأبوين لأزمة الطفل المؤدية إلى تخوفه من الظلام، إلى علاجها سريعًا وبصورة انسيابية لا تدعو للقلق، إلا أن زيارة الطبيب تبدو مطلوبة بشدة إن عجز الأب والأم عن تجاوز الأزمة، أو شعر كل منهما بأنها تنتج عن أزمة أخرى أكثر خطورة، حيث يملك الطبيب النفسي القدرة على تحديد خطوات العلاج الأكثر علمية واحترافية.

في كل الأحوال، يبدو الخوف عند الأطفال من الظلام، من أكثر المخاوف الشائعة في المراحل العمرية التي تتراوح بين الثالثة والسادسة، إلا أن ذلك لا يستدعي تجاهل الأمر وكأنه لم يكن، بل يتطلب السير على الخطوات السابقة، كي لا تصبح فترة النوم هي أسوأ ما في اليوم بالنسبة للطفل ووالديه.

المصدر
مصدر 1مصدر 2

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى