الصحة النفسية

ما هو تأثير الطلاق على الأطفال وكيف نواجهه؟

تتعدد المخاطر التي تحيط بأبنائنا الصغار في المدارس أو الشوارع أو حتى بالمنزل، حيث يعد طلاق الأبوين من أكثرها سوءا، بعدما يصبح الطفل هو الضحية الأولى لقرارات غيره، هذا ما نكشفه عبر تأثير الطلاق على الأطفال، وكيفية تجاوز عواقبه الوخيمة.

أخطر فترات الطلاق على الأطفال

تأثير الطلاق على الأطفال
أخطر مراحل الطلاق على الأطفال

يدرك الكثيرون خطورة تنشئة الطفل في منزل مشحون بالأزمات والخلافات الزوجية، حيث أثبتت الدراسات أن الآثار الناجمة عن ذلك شديدة السلبية سواء من الناحية العضوية والنفسية، ما لا يقل خطورة عن تأثير الطلاق على الأطفال وحتى إن بدا هو الخيار الأفضل حينها.

يؤكد الباحثون أن تأثير الطلاق على الأطفال يبدو أكثر قسوة في مرحلة محددة، وهي تلك الممثلة في العام الأول وربما الثاني من انفصال الأبوين، لذا تعد تلك الفترة شديدة الخطورة، وتتطلب الحرص على التعامل نفسيًا مع الطفل بطرق علمية، كي يتجاوز مرحلة الخطر بنجاح.

ما هو تأثير الطلاق على الأطفال؟

تأثير الطلاق على الأطفال
ما هو تأثير الطلاق على الأطفال؟

ينجح الأطفال أحيانًا في تخطي المصاعب التي تواجههم بعد طلاق الأبوين، حيث يبدو التأقلم ممكنًا عند إيجاد الدعم النفسي المطلوب من المحيطين، إلا أن نسبة أخرى ليست بالقليلة من الأطفال، تعاني من ويلات هذا القرار المحبط بالانفصال، كما تبرز تلك التأثيرات التالية:

سوء المستوى الدراسي

يعد تراجع الأداء على الصعيد الدراسي، من أبرز أضرار الطلاق على الأطفال، نظرًا لأنه يظهر سريعًا في جميع الأحوال، إذ يسعى الطفل حينها لفهم ما حدث وما يخلفه من عواقب، ليؤدي ذلك به إلى التشتت وعدم القدرة على التركيز بالدرجة المطلوبة على مستواه الدراسي، ما يتطلب تهيئة الطفل قبل اتخاذ قرار الطلاق المزعج له، أو ربما اختيار الوقت الأنسب كي لا يؤثر على أداء الامتحانات الدراسية على سبيل المثال.

تجنب النشاطات الاجتماعية

يساهم قرار انفصال الزوجين دون شك في التأثير على الناحية الاجتماعية لدى الطفل، وبصورة سلبية شديدة الوضوح، حيث يشعر حينها بعدم الأمان والثقة، وكأنه الطفل الوحيد الذي تعرضت أسرته لهذه الأزمة، ليجد صعوبة في التعامل مع غيره من الكبار أو الصغار، ويبحث عن راحته النفسية كما يظن، عبر الانعزال وتجنب الأنشطة الاجتماعية بأنواعها المختلفة.

صعوبة التأقلم

يؤدي قرار الطلاق دون شك إلى إدخال الكثير من المتغيرات غير المرحب بها على حياة الطفل، بداية من تغيير أسلوب الحياة ومرورًا بالانتقال من منزل إلى آخر ونهاية بالاضطرار إلى تغيير المدرسة ومن ثم الأصدقاء، وهي أمور كثيرة يصعب تحملها على البالغين أنفسهم، لذا تبدو مرهقة للطفل الصغير الذي يعاني من العجز عن التأقلم مع تلك المتغيرات الإجبارية.

المعاناة النفسية

لا يوجد شك في أن تأثير الطلاق على الأطفال يشمل تدهور الحالة النفسية، والمعاناة من الحزن والتشتت والحيرة، وربما الغضب الشديد والإحساس بالضياع، ليؤدي ذلك في بعض الحالات إلى الإصابة بالاكتئاب، وخاصة إن لم يحرص الأبوان على التحدث مع الأبناء لعلاج مشكلاتهم النفسية في هذا الوقت الحساس.

العدوانية

تصل تأثيرات الطلاق على الأطفال في بعض الأحيان، إلى تبنيهم لسلوكيات شديدة العدوانية، سواء تجاه الأبوين باعتبارهما سبب الأزمة من البداية للنهاية، أو تجاه الأطفال في نفس المرحلة العمرية، أو ربما تجاه أنفسهم عبر تدمير الذات بصورة تلقائية، حيث يعاني الطفل مع انفصال الوالدين من مشاعر غضب ملحوظة، فيسعى للتأقلم معها أحيانًا بصورة خاطئة تحتاج إلى التدخل من قبل المتخصصين.

ممارسة السلوكيات الهدامة

بينما يصل تأثير الطلاق على الأبناء إلى حد التمتع بالعدوانية الشديدة تجاه الآخرين، وبينما يدفع الطفل أحيانًا إلى الإضرار بنفسه دون وعي، فإن ممارسة السلوكيات الهدامة بحق النفس والمجتمع ككل تبدو واردة للغاية حينها، حيث يؤكد خبراء علم النفس أن فرص ارتكاب الجرائم أو الوقوع كضحية لعادات سيئة مثل الإدمان، ترتفع بشدة لدى الأطفال عند انفصال الأبوين.

الشعور بالذنب

هو أحد أبرز أضرار الطلاق على الأطفال، فسواء تمتع الطفل بـ الاتزان النفسي المطلوب أو لا، فإنه يعجز في أغلب الأحيان عن حماية نفسه من خطر انتقاد الذات، وخاصة مع طول أوقات التفكير في سبب وقوع تلك الخلافات الزوجية، والتي تدفعه إلى الاعتقاد بأنه أخطأ في أمر ما نتج عنه الطلاق، لذلك تبدو أهمية التحدث مع الطفل حتى لا تتسبب مشاعر الذنب لديه في وقوعه أسيرًا تحت ضغوط قاسية، تؤدي به إلى التوتر والقلق وربما الاكتئاب.

الإصابة بالأمراض العضوية

إن كان سوء الحالة النفسية يعتبر من أبرز تأثيرات الطلاق على الطفل، فإن الصحة العضوية والجسدية تتأثر سلبًا هي الأخرى بمرور الوقت، ليس فقط بسبب عدم إيجاد الاهتمام اللازم بالحالة الصحية، بل لأن المعاناة النفسية يظهر صداها في صورة عدم استقرار في النوم وعدم انتباه للعادات الغذائية، مع الوضع في الاعتبار أن المشكلات النفسية أحيانًا ما تكون كفيلة بالإضرار بوظائف الجسم المختلفة.

عدم الرغبة في الزواج

تعد تلك من بين تأثيرات الطلاق على الطفل، ولو بدرجة بعيدة المدى، حيث تتشكل لديه في تلك المرحلة العمرية بعض المعتقدات الخاطئة الناتجة عن تجربته القاسية، والتي تتسبب في شعوره بفقدان الرغبة في الدخول في علاقة عاطفية تؤدي به للزواج في السنوات التالية، أو ربما تدفعه إلى اتخاذ قرار الانفصال عن طرف العلاقة الآخر بسهولة إن نجح في تكوين تلك العلاقة من الأساس.

كيفية مواجهة أضرار الطلاق على الأطفال

تأثير الطلاق على الأطفال
كيفية مواجهة أضرار الطلاق على الأطفال

بينما يصبح الطفل ضحية لقرارات الأبوين، فإن تأقلمه مع الطلاق يعتبر أيضًا من المسؤوليات التي تقع على عاتق الوالدين، حيث يحتاج الأب والأم إلى تبني بعض الاستراتيجيات القادرة على تخفيف وطأة الانفصال على الأبناء، كما نوضح عبر النقاط التالية:

التفاهم السلمي

إن كانت كثرة الخلافات الزوجية الحادة والتي تصل لحد الانفعال والشجار والسباب المتبادل، من أخطر ما قد يعاني الطفل منه قبل الطلاق هو الصدمة النفسية، فإن قرار الأبوين بالانفصال إذن لا بد أن يضع كلمة النهاية لتلك الأفعال المدمرة لعقل طفلهما الصغير، والذي يبدأ في التأقلم مع الأوضاع الجديدة حينما يشاهد تعامل الأبوين معًا بصورة سلمية، ربما تدعوه إلى عدم انتقاد ذاته أو تدفعه إلى التحلي بالتماسك أمام أزماته النفسية.

عدم وضع الأطفال في المنتصف

ليس هناك ما هو أسوأ من وضع الطفل في منتصف الأزمة بين الأبوين، عبر طرح تلك النوعية من الأسئلة، والممثلة في أي من الأبوين هو المفضل لديه، أو عبر توكيله بتوجيه رسائل مبطنة من طرف إلى آخر، حينها يفقد الطفل فرصته الوحيدة في تجاوز عواقب الطلاق سريعًا، ليظل كما هو ضحية لسلوكيات غير واعية من قبل والديه.

الحرص على الانضباط

يميل الوالدان بعد قرار الانفصال، إلى إراحة الطفل من القواعد المنظمة لحياته اليومية، اعتقادًا بأن ذلك يقلل من مشاعر التوتر لديه، أو ربما لإحساسهما بالذنب تجاهه، وهو الأمر الذي لا يفيد الطفل الصغير بقدر ما يضره، حيث يؤكد خبراء علم النفس أن الحرص على انضباط الطفل واتباعه للقواعد الراسخة يبدو مطلوبًا بشدة في تلك المرحلة الخطيرة، كي لا يشعر بالضياع ولا يعاني من التدليل الزائد بعد قرار الطلاق.

التواصل المستمر

يعد تحدث الأبوين مع الطفل بعد الطلاق وبصفة مستمرة، من أفضل ما يمكن تقديمه له، للحد من أضرار الطلاق على الأطفال السابق ذكرها، إذ يدرك الطفل حينها بشكل مباشر أو غير مباشر، بأن قرار انفصال الأبوين لم ينتج عن خطأ ما ارتكبه كما قد يعتقد، فيما يحميه أيضًا من احتمالية الوقوع في أسر عادات شديدة السلبية يعاني منها ضحايا الطلاق في أغلب الأحيان، مثل إدمان المواد الممنوعة على سبيل المثال لا الحصر.

التحفيز

إن كان التحدث مع الطفل مطلوبًا، فإن تحفيزه على تجاوز مشاعره السلبية لا يقل أهمية، حيث تزداد مخاطر المعاناة على الصعيد النفسي لدى الطفل حينما يشعر بصعوبة تأقلمه مع المتغيرات، أو عندما يعاني من الإحساس بأنه ضحية غير قادرة على اتخاذ أي قرار مفيد، ليصبح التشجيع والتحفيز عبر عبارات إيجابية تردد على مسامع الطفل من جانب الأبوين، من عوامل تجاوزه لبعض من أضرار الطلاق على الأطفال.

استشارة المتخصصين

من الوارد أن يصبح تأثير الطلاق على الأطفال شديدًا، بدرجة يعجز الأبوان عن التعامل معها بالشكل المطلوب، هنا ينصح باستشارة المتخصصين القادرين على توجيه الوالدين بصورة علمية، من أجل معرفة كيفية التعامل مع الطفل لتجاوز أزمته، علمًا بأن حصول الأب أو الأم نفسه على الدعم النفسي المطلوب من خبراء علم النفس، يمنحه فرصة تقديم أفضل رعاية ممكنة للطفل في تلك المرحلة الصعبة.

في الختام، يبقى تأثير الطلاق على الأطفال سلبيًا، على الأقل خلال الفترات الأولى من حدوثه، لذا يبدو العمل على تقديم أفضل رعاية نفسية للطفل من جانب الأبوين بعد الانفصال، هو أفضل ما يمكن القيام به لتصحيح مسار الطفل بعد اتخاذهما القرار الأسوأ له دون منازع.

المصدر
مصدر 1مصدر 2

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى