ثقافة ومعرفة

قضية زودياك.. رموز مشفرة وملف لم يغلق منذ 50 سنة

خلال فترة أواخر ستينيات القرن الماضي، عرفت منطقة خليج سان فرانسيسكو بالولايات المتحدة الأمريكية اسم زودياك؛ وهو القاتل المتسلسل الذي ظل لغزا محيرا للأمن، الذي فشل في القبض عليه مطلقًا.

من هو زودياك؟

بالعام 2007، جسّد الممثل الأمريكي «جايك جلينهال» شخصية زودياك، في فيلم حمل نفس الاسم، من إخراج «ديفيد فينشر»، وتدور أحداث الفيلم حول الرواية الحقيقية لقصة القاتل الذي أعلن مسؤوليته عن 5 جرائم قتل على الأقل بشمالي كاليفورنيا، خلال الفترة ما بين العام 1969 و1974.

في الأول من أغسطس 1969، تلقت كل من صحف «سان فرانسيسكو إكزامينر» و«سان فرانسيسكو كرونيكل» و«فاليجو تايمز هيرالد» خطابات متطابقة مكتوبة بخط اليد في مظروف بدون عنوان المرسل.

وحمل الخطاب الموحد الرسالة التالية.. «عزيزي المحرر: أنا قاتل المراهقين في عيد الميلاد الماضي في بحيرة هيرمان».

واحتوت الرسائل على تفاصيل من جرائم القتل التي ارتكبها والتي لم يكن يعرفها سوى القاتل، واستمر القاتل في التهديد بمزيد من الهجمات إذا لم تتم طباعة حروف معينة على الصفحة الأولى من الصحف، وكانت هذه الحروف لها شكل خاص، حيث يتم إغلاق كل حرف برمز يتكون من دائرة بها بداخلها صليب، فيما سيعرف لاحقًا باسم رمز القاتل زودياك، وكانت كل الرسائل مصحوبة بجزء واحد من تشفير مكون من 3 أجزاء ادعى أنه يحتوي على هويته.

 رموز زودياك

زودياك
رموز زودياك.

بينما عملت أقسام الشرطة، بدعم من مكتب التحقيقات الفيدرالي (FBI)، لتعقب القاتل، سرعان ما وصلت رسالة أخرى إلى صحيفة «سان فرانسيسكو إكزامينر»، حملت نصا يسخر من الشرطة لعدم قدرتها على فك شيفرات حروفه، كما حملت شرحا يصف الجرائم التي ارتكبها، لكن الأهم كان تعريفه لنفسه خلال الرسالة للمرة الأولى باسم «زودياك».

بالتأكيد شغلت هذه الرموز بال الكثيرين، رغبةً في فهم دوافع هذا القاتل المتسلسل. وبعد عدة أيام، نجح  مدرس المدرسة الثانوية «دونالد هاردن» وزوجته بيتي من حل الشفرات، وجاء في الرسالة  على لسان هذا السفاح العبارات التالية.. «أحب قتل الناس لأنه أمر ممتع للغاية، إنه أكثر متعة من قتل الحيوانات البرية في الغابة لأن الإنسان هو أخطر حيوان على الإطلاق».

تهديد ثم اختفاء

زودياك
إحدى رسائل زودياك التي تم فك شيفرتها.

عقب 3 أيام فقط من حادثة قتل زودياك الرابعة، مقتل سائق سيارة الأجرة بول ستاين عام 1969، تلقت صحيفة سان فرانسيسكو كرونيكل رسالة جديدة من ذلك الشخص الغامض، مكتوبة بنفس الطباعة غير المنتظمة مثل الرسائل السابقة، وقد أعطى بداخلها تفاصيل مقتل ستاين، مصحوبة بقطعة دامية من قميص ستاين، وفي نهاية الرسالة، حذر القاتل أنه سيطلق النار في المرة القادمة على إطار حافلة مدرسية، ليستمتع بوفاة الأطفال.

وعلى مدار نحو 5 سنوات، واصل القاتل مراسلاته الساخرة، والتي تضمنت المزيد من الشفرات، وادعى أنه ارتكب العديد من جرائم القتل، وسخر من الشرطة لعدم قدرتها على القبض عليه، إلا أنه مع حلول العام 1974، توقفت الرسائل تماما، بينما ظلت القضية والتحقيقات مفتوحة.

قائمة ضحايا زودياك

زودياك
قائمة الضحايا.

بشكل قاطع، نسبت 4 جرائم قتل للسفاح زودياك، على الرغم من وجود اتهامات بحقه في 5 أخرى حدثت بنفس الفترة تقريبا، وكانت قائمة الضحايا المؤكدين كالتالي:

حادثة بحيرة هيرمان

وقعت أول حادثة مؤكدة في ليلة 20 ديسمبر 1968، عندما قتل ديفيد فاراداي البالغ من العمر 17 عامًا وصديقته البالغة من العمر 16 عامًا، بيتي لو جنسن، بالقرب من سيارتهما في بقعة نائية على بحيرة هيرمان.

هجوم ينابيع الصخرة الزرقاء

في وقت مبكر من صباح يوم 5 يوليو 1969، كانت دارلين فيرين، 22 عامًا، وصديقها مايك ماجو، البالغ من العمر 19 عامًا، يجلسان في سيارة متوقفة بالقرب من متنزه ينابيع الصخرة الزرقاء في فاليجو، بالقرب من موقع الحادثة الأولى، عندما اقترب منهما رجل يحمل مصباحًا يدويًا، وأطلق عدة رصاصات عليهما، مما أسفر عن مقتل فيرين وإصابة ماجو بجروح خطيرة.

في غضون ساعة من الحادث، اتصل رجل بإدارة شرطة فاليجو، وأعطاهم موقع مسرح الجريمة وأعلن مسؤوليته عن ذلك الهجوم وجرائم قتل فاراداي وجنسن عام 1968.

هجوم بحيرة بيرياسا

في مساء يوم 27 سبتمبر 1969، اقترب زودياك من الزوجين الشابين سيسيليا شيبرد وبريان هارتنيل أثناء استرخائهما في جزء منعزل من شاطئ بحيرة بيرياسا في مقاطعة نابا. وكان يرتدي قلنسوة وقميصًا يحملان رمزًا على شكل دائرة، وقام بربطهما قبل أن يطعنهما بوحشية، وكتب رسالة للشرطة على باب سيارتهما وغادر المكان، ثم اتصل بقسم شرطة نابا لإعلان مسؤوليته عن الجريمة.

هجوم سائق سيارة الأجرة

في 11 أكتوبر 1969، أودى زودياك بحياة أخرى، حيث أطلق النار على سائق سيارة أجرة يبلغ من العمر 29 عامًا يدعى «بول ستاين» في سان فرانسيسكو، ونظرًا لأن هذه الحادثة لا تتناسب مع نمط زودياك، الذي استهدف الشباب في سن المراهقة، فقد تم اعتباره في البداية سرقة حتى تلقت صحيفة «سان فرانسيسكو كرونيكل» خطابًا يدعي أن زودياك هو من ارتكب الجريمة.

نظريات حول هوية زودياك السفاح

زودياك

أحاط الكثير من الغموض بهوية زودياك، وانتشرت عديد الروايات حول دوافعه الحقيقية، وطالت الادعاءات الكثير من الشخصيات، فيما رأى البعض الآخر أنه ربما قد رحل إلى اسكتلندا وترك هذه الأعمال الشريرة، لكن هنالك 3 أشخاص تم الاشتباه بهم، إلا أن الجرائم لم تثبت عليهم.

  • كتب مؤلف الجريمة الحقيقية ورسام الكاريكاتير السابق في سان فرانسيسكو كرونيكل «روبرت غرايسميث» عملين منفصلين عن القاتل زودياك، وحدد في النهاية رجلًا يُدعى «آرثر لي ألين» باعتباره المشتبه به الأكثر احتمالاً، في حين توفي ألين في عام 1992، ولم يكن مرتبطًا بشكل قاطع بأي من جرائم القتل.
  • في عام 2014، نشر هاربر كولينز كتاب «الحيوان الأكثر خطورة على الإطلاق» للكاتب غاري ستيوارت، والذي ادعى فيه أن والده إيرل فان بست جونيور، الذي يشبه إلى حد كبير الرجل في رسم الشرطة، كان هو زودياك القاتل.
  • تقدم رجل آخر في عام 2014 ليكشف عن أن صديقًا يُدعى «لوي مايرز» قد اعترف بأنه القاتل قبل وفاته في عام 2002، وتطابقت أحداث معينة في تاريخ مايرز مع تلك المرتبطة بزودياك، ولكن كما حدث مع ألين وفان بيست، لم يكن هناك دليل قاطع.

اقرأ أيضًا: «الكاتب الذي أهدى العالم أفضل مؤلفاته بـ«لغة الرموش»

فك الشيفرة

في عام 2020، أي بعد أكثر من 50 عامًا، تمكن هواة فك الشفرات من حل شفرة زودياك، وكانت الرسالة التي تم فك شفرتها كالآتي:

«أتمنى أن تكون مستمتعا بملاحقتي، لست خائفا من غرفة الغاز، لأنها سترسلني للجنة، لست خائفا لأن حياتي الجديدة ستكون سهلة».

وفي أكتوبر 2021، ادعى فريق مكون من 40 محققًا سابقًا في مجال إنفاذ القانون يُدعى Case Break­ers»»، أنه حدد هوية زودياك، ومع ذلك، ذكر مكتب التحقيقات الفيدرالي أن القضية لا تزال مفتوحة، بلا أي تأكيدات أخرى.

المصدر
مصدرمصدر 1مصدر 2

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى