الصحة النفسية

كيف يساعد العلاج النفسي في الحد من أعراض الفصام الحاد؟

يعد الفصام الحاد إحدى المراحل النشطة والمتأخرة، من مراحل الإصابة بمرض انفصام الشخصية، إذ يتسبب في عدة مشكلات معرفية وجسدية، يصعب السيطرة عليها بمرور الوقت، حيث يمكن أن يصل الشخص المصاب إلى مرحلة تُفقده اتصاله بالواقع، والعالم الخارجي المحيط به.

الفصام الحاد

يختلف مفهوم الفصام في علم النفس، إذ ترى العالمة والاستشارية النفسية أبيغال جونسون، أن الفصام الحاد إحدى المراحل المتأخرة من مرض انفصام الشخصية، وهو اضطراب حاد في الصحة العقلية، يؤثر بشكل فعال على أفكار الفرد ومشاعره وسلوكياته، ورغم جميع الدراسات التي أجريت على المصابين بهذا الاضطراب، فإن ما يظهر على الفرد من سلوكيات وأفعال، ما هو إلا جانب واحد فقط من الجوانب المظلمة لمرض الفصام، والتي تصف ما يقاسيه الفرد من أوهام.

بينا يعتقد الطبيب النفسي ستيفن جيزلر، أستاذ مركز الصحة النفسية الشامل في بروكلين، بأن الفصام الحاد اضطراب عقلي، ولكنه ليس بالخطورة التي يصورها البعض، إذ يعاني الشخص المريض من الهلاوس البصرية والسمعية، ولكن أفكاره تظل منطقية ومتماسكة بنسبة كبيرة.

اضطراب عقلي

الفصام الحاد

ولكن بعض علماء النفس أجمعوا على تعريف الفصام الذهاني الحاد، والذي يعرف أيضًا باضطراب الذهان النشط، بأنه أحد أكثر أنواع الاضطرابات العقلية خطورة، والتي يصل فيها الشخص إلى مرحلة لا يستطيع التمييز بين ما هو حقيقي، وبين ما يُخَيل إليه في عقله، من هلاوس وأوهام بصرية وسمعية، الأمر الذي قد يتطور في بعض الأحيان، حتى يصل الشخص إلى مرحلة يفقد فيها اتصاله التام بالواقع، وبالأشخاص المحيطين به، إذ يشعر الفرد بأنه خاوٍ تمامًا، يرى العالم من حوله مثل خليط مشوش من الصور والأفكار والأصوات المربكة.

أعراضه

تظهر علامات المرض الأولية لدى الرجال، وتكون عادةً في أواخر سن المراهقة أو بداية العشرينات، ولكن أعراضه تتأخر لدى النساء، إذ تبدأ في الظهور عادة في أوائل الثلاثينات من العمر، وقد تستمر فترة ظهور الأعراض أيام وأسابيع أو حتى سنوات، الأمر الذي يجعل تشخيص الحالة أمرًا صعبًا، نتيجة عدم وضوح سلوكيات الفرد بنسبة كبيرة.

ولكن هذا لا ينفي وجود عدة علامات ومؤشرات، كذلك بعض التغيرات السلوكية، التي يمكن ملاحظتها بسهولة وتعد ناقوسًا لخطر الإصابة بالمرض، خاصةً في سن المراهقة، ووفقًا لما ذكره الطبيب النفسي ستيفن جيزلر، فإن هذه الأعراض تشمل:

  • انخفاض ملحوظ في القدرة على الأداء الوظيفي، كذلك العمل اليومي الروتيني، أو الذهاب إلى المدرسة في حالة كان المريض في مرحلة المراهقة.
  • فقدان القدرة على التواصل الاجتماعي بشكل صحيح.
  • إصابة الفرد بالكثير من الأوهام، والإيمان ببعض المعتقدات والأفكار الخاطئة، حتى وإن أنكرها جميع من حوله.
  • ظهور بعض السلوكيات الغريبة، مثل التحدث إلى النفس، أو التبسم والضحك في أوقات لا تستدعي ذلك، بالإضافة إلى الذهول أو الصمت.
  • اضطراب الفكر، والذي يقصد به التفكير والكلام غير المنظم والمسترسل، مما يفقد الأشخاص المحيطين بالمريض قدرتهم على فهمه أو التواصل معه.
  • وصول الفرد لحالة من الهلوسة السمعية والبصرية، كذلك الهلوسة المتعلقة بحاسة الشم والتذوق.
  • عدم القدرة على إظهار المشاعر، واللامبالاة، بالإضافة إلى الانسحاب التلقائي من جميع المواقف والعلاقات الاجتماعية.

الأسباب

الفصام الحاد

كغيره من الاضطرابات النفسية، لا يوجد سبب واضح ومحدد للإصابة به، ورغم ذلك فقد اجتهد العلماء والأطباء النفسيون، للتوصل إلى بعض الأسباب المؤدية لحدوثه، وتتضمن ما يلي:

الوراثة

توجد احتمالية كبيرة لانتقال اضطراب الفصام الحاد، من الآباء إلى الأبناء، بالإضافة إلى أن جميع أفراد الأسرة يصبحون أكثر عرضة للإصابة بالمرض، إذ يعد من الاضطرابات التي تنتقل بالوراثة، حتى وإن كانت صلة القرابة ليست من الدرجة الأولى.

كيمياء الدماغ

قد يكون الأشخاص المصابون بالفصام لديهم مشكلة تنظيم المواد الكيميائية في الدماغ التي تسمى الناقلات العصبية التي تتحكم في مسارات معينة للخلايا العصبية التي تؤثر على التفكير والسلوك.

خلل في المخ

وجدت الأبحاث أن بنية الدماغ غير طبيعية لدى المصابين بالفصام، لكن هذا لا ينطبق على جميع المصابين بالفصام.

البيئة

أشياء مثل الالتهابات الفيروسية، والتعرض للسموم مثل الماريجوانا، أو المواقف العصيبة للغاية قد تؤدي إلى انفصام الشخصية في الأشخاص الذين جيناتهم أكثر عرضة للإصابة بهذا الاضطراب؛ يبدأ الفصام في كثير من الأحيان عندما تحدث تغيرات هرمونية وجسدية في الجسم كتلك التي تحدث خلال سنوات المراهقة والشباب.

العلاج

الفصام الحاد

وقد أضاف الطبيب جيزلر، أن تشخيص الفصام الحاد يستوجب استمرار ظهور الأعراض على الشخص المصاب، لمدة 6 أشهر على الأقل، خاصة الأعراض المتمثلة في التغير المفاجئ في التحصيل الدراسي، وصعوبة التركيز، بالإضافة إلى قلة النوم وتقلب المزاج.

ويعد العلاج الدوائي هو الطريقة الأسرع لمساعدة الفرد على عيش حياته بشكل طبيعي، وتخفيف الأعراض في فترة وجيزة، وذلك من خلال وصف بعض الأدوية والعقاقير المضادة للاضطرابات العقلية، ولكن هذا لا ينفي حدوث بعض الآثار الجانبية للشخص مع استمرار الأدوية.

العلاج النفسي

وهنا يأتي دور العلاج النفسي والاجتماعي، والذي له تأثير فعال جدًا يظهر تدريجيًا بمرور الوقت، إذ يسهم العلاج النفسي والاجتماعي للفرد في حل الكثير من المشكلات، المتعلقة بالسلوكيات اليومية والسلوكيات الوظيفية، بالإضافة إلى تعزيز قدرة الشخص المصاب على إدارة الأعراض، وتحديد مواطن الخطر المؤدية للانتكاسة، مما يزيد من قدرة السيطرة عليها، ويتلخص العلاج النفسي في عدة خطوات هامة:

إعادة التأهيل

من أهم مراحل العلاج النفسي إعادة تأهيل الفرد، والتركيز على مهاراته الاجتماعية، وتدريبه باستمرار لتعزيز قدرته على العمل في المجتمع، والتواصل الإيجابي مع المحيطين به.

العلاج المعرفي السلوكي

يتضمن هذا النوع من العلاج تقنيات حديثة للتعلم، والتي من شأنها إصلاح ومعالجة المشاكل الخاصة بتعلم الفرد، ومدى معرفته وإدراكه، الأمر الذي يتم من خلال تطبيق بعض التدريبات والتمارين المعتمدة على أجهزة التكنولوجيا الحديثة، مما يؤدي تدريجيًا إلى تقوية المهارات العقلية للشخص، والتي تتطلب قدرًا كافيًا من التركيز والانتباه والتنظيم والتخطيط.

العلاج الفردي

يساعد العلاج النفسي السريري على زيادة استيعاب المريض لطبيعة مرضه، والتطورات والأعراض التي يمر بها، مما يمكنه من فهم مرضه بشكل أفضل، ويساعده على تعلم مهارات المواجهة وحل مشكلاته بنفسه.

العلاج الأسري

تلعب الأسرة دورًا رئيسيًا في مساعدة مريض الفصام الحاد، إذ تسهم توجيهاتهم وإرشاداتهم في تقديم العلاج المناسب، مما يمكن المريض من عيش حياته بشكل طبيعي، وهو الهدف الأساسي من وسائل العلاج المتبعة، والتي تعتمد بشكل عام على مدى تفاقم الاضطراب وتطور الحالة، ومدى خطورة الأعراض على الشخص المصاب.

ويظهر تأثير العلاج النفسي في فترة وجيزة، وفقًا لمدى استجابة المريض وتقبله لمواجهة مرضه، مما يجعله قادرًا على العيش بسلام بين أسرته وبيئته المحيطة، دون اللجوء إلى الإفراط في تناول الأدوية، أو الإقامة في المستشفيات والمصحات العقلية.

المصدر
مصدر 1مصدر 2

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى