الصحة النفسية

الفرق بين الذهان والعصاب

تتعدد الاضطرابات الذهنية شديدة القسوة على المرضى، بما تحمل من أعراض مزعجة وأسباب إصابة غامضة، حيث نكشف الآن عبر الفرق بين الذهان والعصاب من حيث المفهوم والأعراض وكذلك فرص العلاج، عن الجانب الأكثر تعقيدًا من المشكلات العقلية والنفسية، والتي تتطلب الانتباه اليوم قبل الغد.

الفرق بين الذهان والعصاب من حيث المفهوم

يمكن تحديد الفرق بين الذهان والعصاب عبر النظر لمفهوم كل أزمة على حدة، والذي يلخص الكثير من الأمور كما يلي:

الذهان

يرى الخبراء الذهان باعتباره من ضمن أعراض مؤلمة يمر بها المريض، وليس مرضا في حد ذاته، حيث يصنف كخلل عقلي يؤدي إلى فقدان الاتصال بين ضحيته وبين واقع الحياة، ليعاني من أفكار شديدة التشتت ورؤية غير صائبة لما يدور حوله، حتى يصبح التمييز بين الحقيقة والخيال من المستحيلات.

يعتبر الذهان شائعًا بدرجة لا يتوقعها الكثيرون، حيث يعاني منه سنويًا نحو 100 ألف شخص بالولايات المتحدة الأمريكية وحدها، فيما يبدو هذا الخلل دليلًا على المعاناة من مرض خفي، قد يكون الفصام على سبيل المثال، علمًا بأن تعاطي المواد المخدرة يحفز هذه الأزمة.

العصاب

يحاط العصاب ببعض من الغموض في الأوساط الطبية، حيث أثار الاختلاف بين الخبراء والباحثين لفترات طويلة، بين من يرى أنه اضطراب ذهني وبين يعتقد أنه مجرد سمة شخصية، إلا أنه في كل الأحوال يعتبر من الأزمات العصبية التي تتسبب في كثير من المشكلات بالشخصية.

يتسم ضحية العصاب بالقلق والتوتر والإحساس بالاكتئاب، فيما يشعر بالعجز عن إدارة حياته وعن الوصول لتوقعات الآخرين منه، لتتأثر حياته الاجتماعية والعاطفية والعملية سلبًا بمرور الوقت، مع الوضع في الاعتبار أن المريض لا يفتقد للاتصال بينه وبين الواقع، ليشكل ذلك الفرق بين العصاب والذهان من ناحية القدرة على التمييز بين الحقيقة والخيال من عدمها.

الفرق بين الذهان والعصاب من حيث التأثير

على الرغم من اعتقاد البعض بوجود تشابه بين الأزمتين، إلا أن تأثير الذهان يختلف كثيرًا عن تأثير العصاب على المريض، حيث يبدو ذلك جليًا على صعيد الشكل على سبيل المثال.

يعاني الشخص المصاب بالذهان من صعوبة شديدة في الانتباه للنفس من ناحية المظهر أو الجوهر، إذ يجد مشقة في الاهتمام بنفسه، ليبدو في بعض الأحوال غير سوي، بخلاف ضحية العصاب الذي وإن عانى من أعراض اكتئابية عدة، فإنه يبدو قادرًا على الانتباه لنفسه ومظهره ولو بدرجة مقبولة.

تتشابه الأزمتان من حيث التأثير أحيانًا، حينما ينغمس المريض في عالم الإدمان، سواء إدمان التدخين أو الكحوليات أو حتى المواد المخدرة، كما تتأثر الحياة الشخصية للمريض في الحالتين بالسلب، ليبدو ذلك جليًا من خلال صعوبة إكمال مهام الحياة الروتينية، والعمل والزواج وغيرها من الأمور الطبيعية.

الفرق بين الذهان والعصاب من ناحية الأعراض

الفرق بين الذهان والعصاب
الفرق بين الذهان والعصاب من حيث الأعراض

تشكل الأعراض الفرق بين العصاب والذهان بصورة أكثر وضوحًا، حيث تجسد معاناة كل مريض بشكل منفصل، لتتمثل في:

أعراض الذهان

تتعدد أعراض الذهان، ولكنها غالبًا ما تظهر في صورة عرضين شهيرين، هما الهلوسة والتوهم، ليعاني المريض حينها من:

  • الاعتقاد برؤية وسماع وشم والإحساس بأمور لا تمت للواقع بصلة.
  • الوقوع تحت سيطرة اعتقادات وهمية وشكوك غير مبنية على الواقع.
  • التفكير بصورة غير منظمة تؤدي إلى سلوكيات غير معتادة.
  • صعوبة الاهتمام بالنفس من جميع النواحي.
  • التحدث بعبارات غامضة وكلمات غير مفهومة في بعض الأحيان.
  • الشعور بالقلق والكآبة والعجز عن النوم بعمق.
  • غياب الشغف والحماس تجاه النشاطات المختلفة.
  • الرغبة في الانعزال عن الآخرين غرباء كانوا أم مقربين.

أعراض العصاب

إن كان مريض العصاب لا يعاني من الهلاوس والأوهام، فإنه يقع تحت تأثير مشاعر الكآبة التي تسيطر عليه، ليعاني حينها من:

  • الإحساس بالقلق الشديد لأغلب فترات اليوم، وحتى في المواقف التي لا تستحق ذلك.
  • عدم القدرة على التأقلم مع مشاعر التوتر الخاصة به.
  • اضطراب المشاعر الداخلية بصورة غير واضحة.
  • الشعور بالتعب العام.
  • المعاناة من الحزن الشديد.
  • احتمالية ممارسة بعض السلوكيات بصورة قهرية

الفرق بين الذهان والعصاب من حيث الأسباب

ربما يؤدي إمعان النظر في الأسباب إلى اكتشاف نسبة من التشابه بين كل من العصاب والذهان، حيث نجد أن بعض العوامل البيئية والنفسية تؤدي إلى المعاناة من إحدى الأزمتين.

يرى الخبراء أن العوامل الوراثية لها دور واضح في المعاناة من إحدى الأزمتين، حيث ترتفع فرص الإصابة بالذهان أو العصاب، في حال كان أحد الأبوين قد عانى مسبقًا من أي منهما، ليكشف ذلك عن دور الجينات في انتقال الذهان والعصاب من جيل لآخر.

من الوارد أن تؤدي الصدمات القاسية وخاصة تلك التي يتعرض لها الإنسان في مرحلة الطفولة، إلى الإصابة بالذهان أو العصاب، وخاصة إن كان الشخص يملك الاستعداد للمعاناة من تلك النوعية من الأزمات.

ربما يتمثل الفرق بين العصاب والذهان من حيث الأسباب في دور الفصام أو الشيزوفرينيا في إصابة المريض بأعراض الذهان، تمامًا مثلما ترتفع فرص المعاناة من الأعراض الذهانية عند الإصابة باضطراب ثنائي القطب أو مرض الاكتئاب.

تشخيص الذهان والعصاب

الفرق بين الذهان والعصاب
الفرق بين الذهان والعصاب من حيث التشخيص

سواء كانت الشكوك تسيطر على المريض وعلى أفراد أسرته، بشأن احتمالية إصابته بالذهان أو العصاب، فإن الحل يبقى في العرض على الطبيب المختص، كونه الوحيد القادر على التمييز بين الأعراض المرضية المختلفة.

يحتاج الطبيب من أجل تشخيص الذهان، إلى إلزام المريض بالخضوع لعدد من الاختبارات والتحاليل للوقوف على الحالة العضوية ومدى تأثيرها على الوضع العقلي لديه، علاوة على ضرورة معرفة التاريخ الصحي له ولأسرته أيضًا.

يعتمد الطبيب على جلسات التحدث مع المريض، في حالة التشكك في إصابته بالعصاب، حيث يمكن لأفكاره المعلنة أن تكشف عن إصابته بهذه الأزمة من عدمها، كما يلتزم المريض بالإجابة عن تقارير مطولة من أجل المزيد من الإيضاح، علمًا بأن العصاب قد يخبئ مرضًا خفيًا يعاني منه ضحيته، ما يستحق انتباه الأطباء عند محاولة التشخيص أيضًا.

علاج العصاب والذهان

يتشابه العلاج المتاح لكل من العصاب والذهان في ضرورة زيارة الطبيب النفسي والعقلي القادر على تحديد جذور الأزمة، قبل خضوع المريض لجلسات العلاج النفسي والتي تتمثل أحيانًا في العلاج المعرفي السلوكي، وفي تمرينات الاسترخاء والتأمل.

تكشف الأدوية المتاحة عن الفرق بين الذهان والعصاب من حيث العلاج الدوائي، إذ يحتاج مريض الذهان إلى الحصول بعد استشارة الأطباء على مضادات الذهان مثل كلوزابين، فيما تعمل تلك النوعية من العلاجات على تقليل الأوهام والهلاوس.

أما عن مريض العصاب فهو يبدو بحاجة إلى مضادات الاكتئاب، القادرة على تقليل مشاعر القلق والحزن لديه، مع الوضع في الاعتبار دومًا أن الأدوية العلاجية لا تغني عن جلسات العلاج النفسي، فيما يخص تلك الاضطرابات الذهنية.

نصائح لمرضى العصاب والذهان

الفرق بين الذهان والعصاب
نصائح لمرضى العصاب والذهان

لا تعني كثرة الاختلافات بين الأزمتين، عدم وجود تشابه واضح في النصائح الموجهة للمريض، والتي تتفق من حيث ضرورة تجنب السلوكيات المدمرة والاعتماد على النشاطات المفيدة، كما نوضح الآن.

نصائح لمريض الذهان

يحتاج مريض الذهان بداية إلى ملاحظة الأعراض التي تلاحقه قبل وقوع الأزمة نفسها، حيث يؤدي ذلك إلى تجنب أسوأ أعراض نوبات الذهان، كما تمنحه فرصة طلب المساعدة في الوقت المناسب من الأشخاص المقربين.

يتطلب الأمر التزام مريض الذهان بأفضل العادات الغذائية، ومن بينها عدم تخطي الوجبات، وخاصة وأنه يتأثر بسهولة شديدة بتغيرات مستوى السكر في الدم، كما ينصح بالنوم في فترات ثابتة وعدم السهر حتى الصباح الباكر لما لذلك من ضرر على الحالة النفسية.

تؤدي ممارسة الرياضة إلى تحسين الوضع النفسي والعضوي للبشر جميعًا، فما بالك بالنسبة لضحية الذهان الذي يبقى في حاجة شديدة لهذا الأمر، تمامًا مثلما يبقى بحاجة لتجنب العادات السيئة مثل التدخين، والتي قد تفتح الباب على مصراعيه لعادات أسوأ تتعارض مع العلاج، كتعاطي المخدرات وشرب الكحوليات.

نصائح لمريض العصاب

لا يختلف الأمر كثيرًا بالنسبة لمريض العصاب، الذي يجب أن يبتعد تمامًا عن خطر الإدمان وتعاطي المواد المخدرة أو شرب الكحوليات، التي تؤدي لتأخير العلاج وربما فشله بصورة مؤكدة.

يصبح مريض العصاب أكثر تأقلمًا مع أزمته حينما ينجح في التحكم في انفعالاته رويدًا رويدًا، ليشمل ذلك عدم إطلاق الأحكام على نفسه وعلى أفكاره الخاصة، مع التنفس بهدوء عند الشعور بفقدان السيطرة على النفس.

يؤدي تقبل الوضع الشخصي كما هو إلى زيادة الاسترخاء أيضًا، حيث يعمل على تقليل المشاعر السلبية التي تحفز أعراض العصاب، ليبقى الأمر مرهونًا باجتهاد المريض وسعيه للعلاج، وكذلك بدرجة اتباعه لنصائح الأطباء المتخصصين.

في الختام، يبقى الفرق بين الذهان والعصاب واضحًا في كثير من الأمور، سواء الخاصة بالأعراض والأسباب وحتى بعض طرق العلاج، إلا أن المؤكد أن المريض في الحالتين يبقى بحاجة ماسة للدعم من الجميع، حتى يتجاوز محنته، أو على الأقل ينجح في التعايش معها بسلام.

المصدر
مصدر 1مصدر 2

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى