الصحة النفسية

علامات طفل التوحد.. وكيف تختلف وفقا لدرجة الاضطراب؟

تتعدد علامات طفل التوحد، والتي وإن أثرت بالسلب على قدراته الاجتماعية والذهنية، فإن اكتشافها المبكر يزيد من فرص تحسين الوضع الصحي للمريض الصغير، لذا نشير إلى تلك الأعراض وكيفية التعامل معها بنجاح.

التوحد

يرى الخبراء أن التوحد المعروف بشكل عام باسم اضطرابات الطيف الذاتوي، يكشف عن أزمات عقلية لا حصر لها، تعرقل مسيرة المخ في النمو، فيما تفسد من قدرات المريض على التواصل مع غيره، أو التطوير من مهاراته الخاصة.

تظهر علامات اضطراب التوحد على الأطفال في مراحل مبكرة، حيث يشهد الشهر الثامن من الولادة بداية ملاحظتها، فيما يمكن لتلك الأعراض أن تتأجل حتى بلوغ العام الأول أو الثاني، لتبقى القدرة على متابعتها من جانب الأبوين مؤكدة مع الالتحاق بالمرحلة المدرسية.

علامات طفل التوحد

علامات طفل التوحد
علامات طفل التوحد

إن كانت علامات الطفل المتوحد تدور حول ضعف قدراته، سواء على التواصل بشكل عام أو التحدث بشكل خاص أو حتى فهم المشاعر الخاصة بنفسه أو بغيره، فإنها تتنوع ما بين علامات مبكرة وأخرى متطورة تؤثر على السلوك، مثل:

علامات طفل التوحد المبكرة

هي تلك المجموعة من علامات توحد الطفل المبكرة، والتي قد يلاحظها الأبوان في مرحلة الرضاعة، حيث تتمثل في:

  • بلوغ العام الأول وعدم الاستجابة لمناداته باسمه مثلما يقوم الأطفال الأصحاء بنجاح.
  • العجز عن إتمام مهمة التواصل البصري، وخاصة مع بلوغ الشهر الثاني من الولادة.
  • صعوبة فهم مشاعر البشر المحيطين، مع عدم القدرة على تمييزها بمتابعة تعابير الوجه أو نبرات الصوت.
  • الشعور بالغضب عند قيام أحد الأشخاص بحمله أو بلمسه بأي الطرق.
  • عدم الاهتمام بممارسة أي من الأنشطة الترفيهية مع الأشخاص المحيطين.
  • الفشل في استخدام الإيماءات والإشارات بل وعدم القدرة على فهمها عند اعتماد الآخرين عليها.
  • صعوبة النطق ولو كلمة واحدة مع تجاوز العام الأول بعدة أشهر، والعجز عن نطق عبارة من كلمتين حتى مع بلوغ العام الثاني.
  • عدم الاعتماد على تعابير الوجه التقليدية للكشف عن المشاعر في ظل العجز عن التحدث.
  • الظهور دومًا في صورة طفل لا يهتم بما يدور حوله.
  • فقدان المهارات التي يمكن اكتسابها بمرور الوقت.

علامات طفل التوحد السلوكية

تشمل علامات توحد الطفل التالية، كل المظاهر السلوكية والدالة على العجز عن تواصل الطفل المصاب بمن حوله، كما نوضح الآن:

  • تكرار الكلمات والعبارات التي يقولها الآخرون، دون القدرة على فهم معانيها في أغلب الأحوال.
  • التحدث باستخدام نبرة صوت ثابتة، تبدو وكأنها آلية وغير بشرية مفعمة بالمشاعر.
  • الميل الشديد إلى الانعزالية، والاكتفاء بممارسة الألعاب التخيلية مع النفس.
  • الاعتماد على بعض الحركات المكررة دونًا عن غيرها، مثل الدوران والتصفيق.
  • الفشل في استخدام الكلمات الصحيحة عند التحدث، كقول كلمة نحن بدلًا من أنا والعكس.
  • صعوبة استنتاج معاني الكلمات التي تحاط بقدر ولو بسيط من السخرية أو المداعبة.
  • اتباع الروتين بشكل ممل، والحرص على اتخاذ الخطوات المكررة دون تعديل.
  • عدم القدرة على خوض التجارب الجديدة أو الاستمتاع بها.
  • الحساسية المبالغة تجاه أشياء تقليدية مثل الأصوات والأضواء والروائح حتى.
  • الغضب العارم عند قيام أي شخص بإجراء تعديل ولو بسيط في روتينه الثابت.
  • التمتع بدرجة زائدة من النشاط يخلط البعض بينها وبين اضطراب نقص الانتباه والنشاط المفرط.
  • العدائية تجاه الأشخاص الآخرين أو ربما تجاه النفس في بعض المواقف.

كيف تختلف علامات طفل التوحد وفقًا لدرجة الاضطراب؟

علامات طفل التوحد
أنواع التوحد

يرى الخبراء والباحثون أن علامات طفل التوحد وإن بدت ثابتة في كثير من الأحيان، فإنها تختلف في أحيان أخرى وفقًا لنوع الاضطراب الذي يصيب الطفل، والذي قد يتمثل في:

متلازمة أسبرجر

تعد متلازمة اسبرجر هي المثال الحي على أكثر اضطرابات التوحد سهولة، فبالرغم من كونها تتسبب في كثير من علامات توحد الطفل المذكورة، فإنها لا تؤثر على نسب ذكاء المصاب، والتي تبقى متوسطة أو ربما فوق المتوسطة.

اضطراب النمو الشامل

هو النوع الثاني من حيث السهولة، من بين اضطرابات الطيف الذاتوي، حيث تبدو أعراضه أكثر حدة من متلازمة أسبرجر، كما تصبح مستويات ذكاء المصاب أقل أيضًا، لكن علامات الطفل المتوحد حينها لا تبدو بنفس القدر من الصعوبة والتعقيد كما هو الحال في الأنواع الأخرى التالية.

متلازمة هيلر

هو اضطراب الطفولة الذي يشكل أحد أشد اضطرابات التوحد من حيث الصعوبة والتعقيد، والسر في أنه لا يكتفي بالتأثير سلبًا على قدرات الطفل حينها، بل كذلك يعمل على إفساد المهارات التي اكتسبها المصاب فعليًا منذ ولادته.

التوحد الكلاسيكي

هو التوحد التقليدي الذي يبدو وكأنه يجمع علامات توحد الطفل كافة، ليعرقل مسيرته في التواصل مع الآخرين وتكوين العلاقات الاجتماعية وتطوير مهاراته الخاصة، ويصبح هذا الاضطراب هو صاحب المرتبة الأخيرة من حيث السهولة.

كيفية مواجهة علامات طفل التوحد

يؤكد العلماء أن عدم التوصل للعلاجات الجذرية لمرض التوحد، لا يعني تجاهل خطوات العلاج التي تقلل من حدة الأعراض قبل التحكم فيها بنجاح، حيث تتمثل تلك الخطوات دومًا في:

العرض على الأطباء

هي الخطوة الأولى والتي تهدف إلى تشخيص الاضطراب قبل أي شيء آخر، حيث يمكن خلالها الاعتماد على مجموعة من الخبراء، ما بين طبيب أطفال وطبيب نفسي وأخصائي تخاطب، من أجل مراقبة سلوكيات الطفل والتأكد من معاناته من الأزمة المذكورة من عدمها.

بدء العلاج المعرفي

تحتاج أعراض توحد الطفل إلى سرعة العلاج قبل التدهور، ذلك عبر زيارة المصاب للطبيب النفسي، من أجل الحصول على جلسات العلاج المعرفي السلوكي، حيث تبدو تلك الجلسات أقرب إلى المثالية فيما يخص تعويد المريض على التعامل مع أعراضه في ظل اتباع سلوكيات إيجابية وتجنب السلبية، علمًا بأنها تقلل من مشاعر القلق سواء لدى الطفل المتوحد أو لمرضى المشكلات الذهنية والنفسية بشكل عام.

ممارسة العلاجات باللعب

هي تلك الخطوة المفضلة على جميع الأصعدة، فبجانب دورها في تحسين الحالة النفسية للطفل المصاب باضطرابات الطيف الذاتوي، فإنها تعطي الطبيب فرصة التقرب من المريض في وضعية ملائمة، كي يكتشف طرقا تساهم في تطوير مهاراته وتحسين قدراته على التواصل، علمًا بأن تلك الجلسات لها دور كذلك في تقريب المسافات بين الطفل وأسرته.

المتابعة مع أخصائي التخاطب

لا يوجد شك في أن علامات طفل التوحد، والتي تشمل صعوبة الكلام وتكرار العبارات فحسب، تتطلب المتابعة الدائمة مع أخصائي التخاطب، والذي إن نجح في البداية في تشخيص الاضطراب، فإنه يبقى قادرًا فيما بعد على التواصل مع الطفل بذكاء، من أجل تعويده على الكشف عن أفكاره في صورة كلمات مرتبة، مع فهم عبارات الآخرين والاستجابة لها بأفضل الصور.

طرق تعامل الأسرة مع علامات طفل التوحد

علامات طفل التوحد
طرق تعامل الأسرة مع علامات طفل التوحد

لا يمكن الاكتفاء بخطوات العلاج التي يتبعها الأطباء والمتخصصون فحسب، بل ينصح الأبوان كذلك بالتعامل مع علامات طفل التوحد بصورة عملية وعلمية، ربما تكشف الخطوات التالية عنها بوضوح:

لا للانتقاد

ربما لا يوجد ما هو أسوأ من ملاحظة علامات طفل التوحد قبل توجيه اللوم إليه بسببها، حيث تبقى الأزمة أكبر كثيرًا من قدرة المريض على التحكم فيها، ليصبح الدعم النفسي المقدم للطفل المصاب هو الخيار الأفضل، والذي يساعده فيما بعد على الاستمرار في العلاج.

التركيز على نقاط القوة

ربما يمكن لتلك الخطوة الضرورية والممثلة في التركيز على نقاط القوة لدى الطفل المصاب بالتوحد، أن تساهم في زيادة الدعم النفسي له كما سبق وأن ذكرنا، إلا أن الأمر لا يتوقف عند هذا الحد، في ظل دورها في تحسين الحالة النفسية للأبوين أنفسهما، ما يحدث عند التأكد من أن الجوانب السلبية للطفل المتوحد لا تنفي وجود جوانب أخرى إيجابية.

الترفيه الآمن

يؤدي التعامل مع علامات طفل التوحد بحذر إلى إبقاء الأمور تحت السيطرة، إلا أن هذا لا يعني عدم الترفيه عن الطفل وحبسه داخل المنزل خوفًا عليه من أي خطر، المطلوب هو إتاحة الفرصة له للتنزه أو على الأقل الخروج مع أفراد الأسرة لشراء الاحتياجات المنزلية، حيث يؤدي ذلك عاجلًا أم آجلًا إلى تقليل مخاوف الطفل تجاه العالم الخارجي الغامض من وجهة نظره.

لا للإحباط

سواء بدت علامات الطفل المتوحد ثابتة بلا توقف لوهلة، أو فشلت بعض الطرق العلاجية في الإتيان بثمارها، فإن الإحباط لن يكون هو الخيار المناسب بأي حال من الأحوال، حيث يحتاج الأمر إلى الاستمرارية على العلاج، والذي صار روتينا يتبعه الطفل براحة وهدوء، فيما يؤدي التوقف عنه إلى إمكانية تفاقم الأزمة وربما إصابة المريض نفسه بالغضب بعدما اعتاد خطوات العلاج لسنوات.

في كل الأحوال، تبقى علامات طفل التوحد ورغم تعددها، متشابهة وتصب في اتجاه الانعزال وضعف القدرات وصعوبة التواصل للمصاب، إلا أن التعامل المثالي معها قد يكون له مفعول السحر، ليصبح تطور الطفل ضحية التوحد مسألة وقت وليس أكثر.

المصدر
مصدر 1مصدر 2

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى