شائع

هل طاردت لعنة توت عنخ آمون مكتشفي المقبرة حقا؟

بعام 1922، بدأت الصحافة الإنجليزية في الترويج لما يعرف بـ«لعنة توت عنخ آمون»، كجزء فرعي من الفكرة الكبرى المعروفة بلعنة الفراعنة، بسبب تعرُّض المواطن الإنجليزي «جورج هربرت»، الشغوف بعلم المصريات، للوفاة عقب دخوله مقبرة الملك المصري رفقة عالم الآثار «هوارد كارتر» بأربعة أشهر تقريبًا، جرّاء تعرضه للدغة بعوضة تسببت له في تسمم بالدم.

الملك توت عنخ آمون

قبيل التعرّف على حقيقة لعنة توت عنخ آمون ينبغي أولًا أن نتطرق لقصة حياة الملك المصري، التي ربما كانت السبب الأساسي في حالة اللغط التي تحيط باسمه منذ سنوات.

حكم الملك توت عنخ آمون مصر كفرعون لمدة 10 سنوات حتى وفاته عن عمر يناهز 19 عامًا، تقريبًا في عام 1324 قبل الميلاد، وكانت فترة حكمه ملحوظةً لدى المؤرخين، لأنه قام بعكس الإصلاحات الدينية المضطربة لوالده «أخناتون».

كان الملك الصبي بالكاد معروفًا للعالم الحديث حتى عام 1922 حين نجح عالم الآثار البريطاني هوارد كارتر بالحفر داخل القبر الملكي، الذي ظل مغلقًا لأكثر من 3200 عام، والذي كشف عن قدر لا يُصدق من المعلومات عن الحياة الملكية في مصر القديمة، وسرعان ما جعل الملك توت أشهر فرعون في العالم.

«اقرأ أيضًا: قناة بنما.. والقصة وراء حفر أعجوبة العالم الجديد السابعة

النسب الملكي

لعنة توت عنخ آمون

أثبتت الاختبارات الجينية أن الملك توت عنخ آمون كان حفيد الفرعون العظيم أمنحتب الثالث، ومن شبه المؤكد أنه ابن أخناتون، وهو شخصية مثيرة للجدل في تاريخ الأسرة الثامنة عشرة للمملكة الحديثة، التي حكمت مصر خلال الفترة من 1550 إلى 1295 قبل الميلاد.

بدّل أخناتون نظامًا دينيًا عمره قرون لصالح توحيد العبادة، لإله الشمس ‑عندهم- آتون، ونقل العاصمة الدينية لمصر من طيبة إلى العمارنة، وبعد وفاة أخناتون، حكم اثنان من الفراعنة المتدخلين لفترة وجيزة، قبل أن يتولى الأمير البالغ من العمر 9 سنوات العرش.

وفاة توت عنخ آمون

هناك العديد من النظريات حول سبب مقتل الملك توت عنخ آمون، أولها هو ضعف بنيته الجسدية حيث كان مصابًا بمرض عظمي في قدمه اليسرى، لذلك كان الفرعون الوحيد المعروف الذي تم تصويره جالسًا أثناء ممارسة أنشطة بدنية مثل الرماية.

ومن المحتمل أيضًا أن يكون زواج الأقارب التقليدي في العائلة المالكة المصرية قد ساهم أيضًا في تدهور صحة الملك الصبي ووفاته المبكرة عن عمر ناهز الـ19 عاما، حيث كشفت اختبارات الحمض النووي التي نُشرت في عام 2010 أن والدي توت عنخ آمون كانا أخًا وأختًا وأن زوجته، «عنخيسين آمون»، كانت أيضًا أخته غير الشقيقة.

وإحدى النظريات الأخرى تزعم أن الملك توت عنخ آمون قد تم اغتياله، بعدما أثبتت الفحوصات التي أجريت على جثمانه وجود ثقوب في جمجمته، لكن الاختبارات الأخيرة تشير إلى أن الفتحة حدثت أثناء التحنيط.

وأظهرت فحوصات التصوير المقطعي المحوسب في عام 1995 أن الملك كان مصابًا بكسر في ساقه اليسرى، بينما كشف الحمض النووي للمومياء عن أدلة على عدوى ملاريا متعددة، ربما ساهمت جميعها في وفاته المبكرة.

«اقرأ أيضًا: كيف حكمت ملكات مصر الفرعونية»

لعنة توت عنخ آمون

لعنة توت عنخ آمون

«الكتابة الهيروغليفية على جدران المقبرة تعد بالموت السريع لأولئك الذين أزعجوا الملك توت».

- عناوين الصحافة البريطانية في عشرينيات القرن الماضي.

بالعام 2002، أجريت دراسة بريطانية حول معدلات حياة 44 شخصًا غريبًا حددهُم عالم الآثار «هواردكارتر» بعد فحصهم مقبرة توت عنخ آمون، من أجل الوصول لحقيقة لعنة توت عنخ آمون، خاصةً وأنه حسب زعم الصحافة البريطانية لم تكن لعنة الفراعنة تؤذي مصريي الأصل.

قارنت الدراسة متوسط ​​عمر الوفاة لـ25 من هؤلاء الأشخاص الذين كانوا حاضرين عند فتح أو فحص القبر مع الآخرين الذين لم يكونوا كذلك، ولم تجد أي علاقة ذات دلالة إحصائية بين التعرض المحتمل للعنة توت عنخ آمون والبقاء على قيد الحياة، فضلاً عن عدم وجود أي علامة على الإطلاق على أن أولئك الذين تعرضوا كانوا أكثر عرضة للوفاة في غضون 10 سنوات.

تفسير محتمل

يقول بعض المنظرين الذين يسعون للحصول على تفسير منطقي لما يعرف بلعنة توت عنخ آمون، إن موت علماء الآثار (الذين تعرضوا لمقبرة الملك الصبي) قد يكون مرتبطًا بسموم داخل قبر توت. في حين ثبت أن بعض المومياوات القديمة تحمل أنواعًا خطيرة من العفن، وقد تكون جدران المقابر مغطاة ببكتيريا معروفة بمهاجمة الجهاز التنفسي.

أين توجد مقبرة الملك توت؟

في الواقع، لا يوجد دليل علمي على فرضية لعنة توت عنخ آمون، التي تهاجم كل من حاول إزعاج الملك، طبقًا للدراسات الأكاديمية، ولذلك؛ طافت القطع الأثرية من قبر الملك توت حول العالم في العديد من عروض المتاحف الرائجة، بما في ذلك معارض «كنوز توت عنخ آمون» في الفترة من 1972 إلى 1979، حيث شاهد 8 ملايين زائر في 7 مدن أمريكية معرض قناع الدفن الذهبي و50 قطعة ثمينة أخرى من المقبرة.

مؤخرًا لم تعد القطع الأثرية الأكثر هشاشة، بما في ذلك قناع الدفن، تغادر مصر، حيث أنّ بقايا مومياء توت عنخ آمون معروضة داخل المقبرة بوادي الملوك، واستُبدلت توابيته ذات الطبقات بصندوق زجاجي يتم التحكم فيه بدرجة الحرارة، بينما يظل قناعه الذهبي معروضًا في المتحف المصري بالقاهرة، في حين تعرض بقية مقتنيات الملك بالمتحف المصري الكبير.

ختامًا؛ يسعنا القول إن لعنة توت عنخ آمون ما هي إلا خرافة انتشرت كالنار بالهشيم،  إضافة إلى أن كل الشواهد تدحض هذه المزاعم الخاصة بلعنة الفراعنة، التي روّج لها الإعلام الغربي بالقرن الماضي.

المصدر
مصدر مصدر 1مصدر 2

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى