الصحة النفسية

أنواع الإعاقة العقلية.. وكيف تتباين من حيث الحدة والأعراض؟

تتعدد أنواع الإعاقة العقلية على عكس اعتقاد البعض، فيما تختلف من حيث المسميات متباينة الأعراض وكذلك درجات الحدة، ما نوضحه الآن بالتفصيل بجانب الإشارة إلى فرص الشفاء.

الإعاقة العقلية

عرفت الإعاقة العقلية أو الذهنية قديمًا باسم التخلف العقلي، وهو اللقب سيئ السمعة والذي لم يعد يستخدم كونه منافيًا للقيم، فيما بات الاضطراب العقلي النمائي هو الاسم العلمي الشائع في وقتنا الحالي.

تكشف الإعاقة العقلية عن حالة تدهور غير طبيعية للعقل، حيث يعاني المصاب من تراجع بمستويات الذكاء أحيانًا ما يبدو حادًا فيما يبدو بسيطًا في أحيان أخرى، لكنه في كل الأحوال يعد أقل كثيرًا من معدلات الذكاء لدى الأشخاص العاديين.

تؤثر أنواع الإعاقات العقلية على الضحايا بصورة واضحة المعالم، حيث تؤدي في العادة إلى مواجهة الشخص المصاب منذ نعومة أظافره صعوبات في التعلم، وأخرى في اكتساب مهارات الحياة العادية، مثل التواصل مع البشر المحيطين، لتتسبب في تراجع جودة حياته وصعوبة قيامه بالنشاطات التقليدية للإنسان.

أنواع الإعاقة العقلية من حيث درجة الصعوبة

أنواع الإعاقة العقلية
أنواع الإعاقة العقلية من حيث درجة الصعوبة

تختلف أعراض أنواع الإعاقة العقلية باختلاف درجة الأزمة، فما بين حالات شديدة الصعوبة وأخرى متوسطة وحالات تبدو هي الأقل حدة، نكشف عن تفاصيل أنواع الإعاقات العقلية.

النوع الأقل حدة

هو النوع البسيط من بين أنواع الإعاقة العقلية، والذي يعاني خلاله المصاب رغم ذلك من صعوبات عدة على صعيد التعلم والتواصل مع البشر المحيطين، حيث تبدو القدرة على القراءة والكتابة وكذلك التحدث ضعيفة لديه.

تكمن قلة صعوبة هذا النوع مقارنة بأنواع الإعاقات العقلية الأخرى، في إمكانية استقلال المصاب بحياته بمرور السنوات، ومع اكتساب القدر الكافي له من المهارات، كما تظهر عدم حدة هذا النوع كذلك في صورة معدل ذكاء المصاب، والذي يبدأ من حوالي 50 ويصل إلى 69 درجة، وهو المعدل المتراجع دون شك ولكنه يبقى مقبولًا بالمقارنة بحالات أخرى أكثر تعقيدًا.

النوع متوسط الحدة

لا يبدو هذا النوع بسيطًا مثل النوع السابق ولا شديد الصعوبة مثل أنواع الإعاقة العقلية الأخرى التالية، حيث يعاني المريض من ضعف القدرة على التعلم والتواصل مع غيره كما هو معتاد، لكنه قد يكتسب مهارات القراءة والكتابة بمرور الوقت.

يعجز ضحية تلك الدرجة من الإعاقة العقلية عن الاستقلال بحياته، لتبدو فرص الزواج والإنجاب شبه معدومة، لكن ذلك لا يتعارض مع احتمالية تطوره على الصعيد الاجتماعي، علمًا بأن معدلات الذكاء في هذا المستوى قد تقترب من الـ50 في أفضل الأحوال، فيما تنخفض إلى حوالي 35 في أسوأ الظروف.

النوع الحاد

هي الدرجة شديدة الصعوبة التي يصل إليها بعض ضحايا الإعاقة الذهنية، حيث يبدو المصاب متأثرًا بأزمات كبرى في الجهاز العصبي، مثلما تبدو قدرته على الحركة ضعيفة للغاية، ليصبح أداء المهام اليومية مستحيلًا على ضحية هذا النوع من ضمن أنواع الإعاقة العقلية.

لا يعد معدل ذكاء ضحية هذا النوع الحاد مقبولًا بأي حال من الأحوال، حيث يصل إلى حوالي 34 درجة في أفضل الأحوال، فيما ينخفض لدى البعض حتى 20 درجة، ليفسر ذلك صعوبات الحياة التي لا يقوى الشخص على مواجهتها في تلك الحالة.

النوع شديد الحدة

في هذا النوع من بين أنواع الإعاقة العقلية، تبدو الأزمة الحادة بالفعل مضاعفة، حيث تجتمع الكثير من الأعراض السابقة مضاف إليها عجز شبه كامل في التحرك وفشل تام في التواصل مع الآخرين، علاوة على احتمالية الإصابة بسلس البول.

تصل معدلات الذكاء في تلك الحالة إلى أدنى مستوياتها، حيث تبدو أقل من 20 درجة في جميع الأحوال، ليصبح الضحية هنا بحاجة دائمة إلى الدعم والمساعدة من قبل أفراد الأسرة، في ظل عجزه عن القيام بأي نشاطات ممكنة.

أنواع الإعاقة العقلية من حيث المسميات

أنواع الإعاقة العقلية
أنواع الإعاقة العقلية من حيث المسميات

إن كانت السطور السابقة كشفت لنا عن اختلاف درجات الإعاقة الذهنية، فإن السطور التالية سوف توضح لنا اختلاف أنواع الإعاقات العقلية من حيث المسميات الطبية مثل:

متلازمة الكروموسوم إكس الهش

هي النوع المتسبب في المعاناة من أنواع الإعاقة العقلية في أغلب الأحوال، حيث تعمل الأزمات الجينية والتي تعرف علميًا باسم الطفرة الجينية، في ارتباك بشكل الحمض النووي الوراثي في الكروموسوم إكس، لتظهر أزمات مختلفة في النمو وكذلك مشكلات سلوكية وأخرى متعلقة بالمشاعر.

تؤدي متلازمة الكروموسوم إكس الهش إلى حالة من التأخر في النمو ودرجة شديدة من العجز على صعيد التواصل مع الآخرين، فيما يصاب بأزمة حقيقية تخص تفهم مشاعره الخاصة أو مشاعر من حوله، ولا يبدو قادرا على التواصل بالنظرات حتى مع البشر المحيطين به، ليبدو ذلك من عوامل التشابه بين تلك المتلازمة وبين اضطرابات طيف التوحد المعروفة باسم التوحد.

متلازمة داون

يعتقد البعض بالخطأ أن متلازمة داون والتي تحدث عند وجود نسخة زائدة من الكروموسوم 21 في الجسم، تندرج تحت قائمة الأمراض، فيما يصنفها أهل العلم باعتبارها اضطرابا يعد هو الأكثر تأثيرًا على فرص تعلم الأطفال.

تتسبب متلازمة داون في معاناة الضحية على صعيد ضعف قدرات التواصل والتعلم، كما أنها تؤثر عليه سلبًا من ناحية الصحة العضوية، ولم لا وهي تزيد خطر إصابته بمشكلات في القلب والجهاز التنفسي، علمًا بأن العين المائلة لأعلى والوجه المستدير وكذلك القامة القليلة حجمًا، تشكل بعضا من العلامات الجسدية لضحية تلك المتلازمة.

تأخر النمو

ما بين أنواع الإعاقة العقلية مختلفة التفاصيل، نلاحظ تأخر النمو المؤثر على حالة الطفل منذ نعومة أظافره، حيث يبدو بسبب هذا الاضطراب وكأنه متأخر دومًا عن بقية الأطفال من نفس العمر، سواء فيما يخص القدرة على التعلم أو التواصل وغيرها من المهارات المفقودة أو لنقل مؤجلة الظهور لديه.

لا تتمثل الأزمة فقط في صعوبات التواصل والتعلم، بل كذلك تبدو فرص تفهم المصاب للعبارات المنطوقة حوله مستبعدة، مثلما يعاني من الصمت الطويل أحيانًا ويبدو وكأنه قادر على الجلوس في موقعه دون حركة لزمن ليس له نهاية، مع الوضع في الاعتبار أن فرص تطور الحالة ليست معدومة بل تتطلب الصبر فقط.

متلازمة برادر فيلي

تشير تلك المتلازمة إلى اضطراب جيني نادر، يصاب الإنسان به إن بدت بعض المتغيرات الخاصة بجينات الكروموسوم 15 هي المسيطرة على زمام الأمور.

يعاني ضحية متلازمة برادر فيلي دومًا من الشغف الدائم والغريب بالأكل، الأمر العجيب الذي يفسره بالعلماء بالإشارة إلى سوء التواصل بين إشارات المخ والإنسان، والتي تكشف عن شعوره بالشبع، ليصبح الجوع هو الشعور الدائم لدى المصابين، علمًا بأن قصر القامة والشعر الخفيف وكذلك ضعف التكوين العضلي كلها من علامات الأزمة.

اضطرابات طيف الكحول الجنينية

هو الاضطراب الذي ينبه الخبراء من منظمة الصحة العالمية، إلى ضرورة الوقاية منه عبر تجنب سببه الأوحد، والممثل في اتخاذ الأم لقرار شرب الكحول أثناء فترات الحمل الصعبة، إذ يؤدي ذلك لانتقال تركيز الكحول من جسم الأم لجسم الطفل، عبر مجرى الدم.

تؤدي اضطرابات طيف الكحول الجنينية لتشوهات جسدية لا حصر لها، حيث يظهر صداها في المفاصل أحيانًا، فيما تؤدي في أحيان أخرى أكثر خطورة لمشكلات طبية بالقلب والكلى، علاوة على صعوبات التعلم شديدة الإرهاق.

فرص الشفاء من أنواع الإعاقة العقلية

أنواع الإعاقة العقلية
فرص علاج أنواع الإعاقة العقلية

تبدو فرص الشفاء الكامل من أنواع الإعاقات العقلية معدومة، كونها اضطرابات مزمنة لا توجد لها أي علاجات جذرية حتى الوقت الحالي، لذا تعد الخطوات العلمية المتبعة عند المعاناة منها، هي الملاذ الوحيد القادر على تهدئة أعراض الأزمة.

يحتاج ضحية أي من أنواع الإعاقة العقلية إلى زيارة الطبيب، ليس من أجل الحصول على العلاج في التو واللحظة، بل من أجل ترك المساحة الكافية للطبيب لتشخيص المرض بهدوء، سواء عبر الاستفسار عن بعض المعلومات من المريض نفسه أو من أسرته.

تمثل الخطوة الثانية التي يتبعها المريض، والتي تشكل أولى خطوات العلاج الفعلي، الخضوع لعدد لا بأس به من جلسات العلاج المعرفي السلوكي، التي توصف لمرضى بعض الاضطرابات، فيما تبدو مثالية من ناحية تحفيز المريض على العلاج وعلى ممارسة أفضل السلوكيات.

قد يلجأ الأطباء إلى الأدوية العلاجية، ليس من أجل علاج أنواع الإعاقة العقلية نفسها بل لتخفيف بعض الأعراض الجانبية أو الأزمات النفسية التي يصاب بها المريض، إلا أن حصوله عليها من تلقاء نفسه ودون وصف الأطباء قد يفسد عملها وليس العكس.

في الختام، تبدو أنواع الإعاقة العقلية شديدة التنوع، لكنها تخالف حق المريض دائمًا في أن يحيا بالطريقة الملائمة، ليصبح علاجها المتاح الممثل في زيارة الأطباء وحضور الجلسات وتوفير الدعم الملائم، هو الخيار الأوحد أمام المريض وأسرته.

المصدر
مصدر 1مصدر 2

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى