الصحة النفسية

قلق الانفصال.. أعراضه وأهم النصائح للتخلص منه

غالبًا ما تتم مناقشة قلق الانفصال من منظور الأطفال، حيث يعتبر قلق الانفصال عند الأطفال مشكلة خطيرة؛ لأنها تزيد بشكل ملحوظ احتمالية فقدانه فرص التنمية النفسية والاجتماعية وإصابته بمزيد من مشاكل القلق في وقت لاحق من الحياة.

لكن بدأ منذ عدة سنوات ليست بالكثيرة ظهور قلق الانفصال عند البالغين أيضًا، ويمكن أن يكون مشكلة خطيرة بنفس القدر لدرجة أن علماء النفس فكروا في إضافته إلى دليل التشخيص الطبي للأمراض النفسية، حيث يعاني العديد من البالغين من مشاكل قلق الانفصال وقد لا يكونون على دراية بالأمر أو يفشلون في طلب العلاج.

اضطراب قلق الانفصال عند الكبار

عادة ما يكون من السهل تحديد اضطراب قلق الانفصال عندما يكون شديدًا، حيث يميل البالغ الذي يعاني منه بدرجة خطيرة إلى ارتباط غير صحي بشخص قريب منه، ويعاني من القلق والذعر الشديد عند الاضطرار إلى الانفصال عن هذا الشخص، ومن أهم العلامات التي تظهر على يعاني من اضطراب قلق الانفصال في علاقاتهم مع من حولهم:

  • الغيرة الشديدة: قد يُظهِر البالغون المصابون علامات الغيرة الشديدة في العلاقات، وغالبًا ما يكون الخوف من الهجر هو ما يدفعهم للغيرة خصوصًا إذا كانت الغيرة مصحوبة بأفكار مقلقة للشخص مثل الخوف من الوحدة أو مخاوف غير عقلانية بشأن الخيانة الزوجية.
  • الإفراط في الشدة مع الأبناء: هناك بعض الأدلة على أن الآباء أو الأمهات الصارمين للغاية والمتطلبين قد يكون لديهم مشكلات القلق من الانفصال أيضًا، ويشار إليه أحيانًا بقلق الانفصال العكسي؛ لأنه قد يشعر الوالدان بالقلق الشديد من أن طفلهما سيتركهما يومًا ما لدرجة أنهما يحاولان التحكم في حياة الطفل قدر الإمكان.
  • بعض المشاعر السلبية الشديدة التي تظهر مثل القلق المفرط عند الشعور بوجود احتمالية الانفصال، والشعور بـ الأرق وبعض الشكاوى الجسدية عند الابتعاد أو الانفصال، كما يشعر بأنه لا يستطيع الاستمرار في الحياة دون الطرف الآخر المتعلق به.

كيفية التعامل مع اضطراب قلق الانفصال

قلق الانفِصال
قلق الانفصال

إذا كنت تشعر بأي من الأعراض السابقة؛ فمن المهم أن تفكر في كيفية إدارة ذلك القلق المحتمل في نفسك وأحبائك، ويمكن أن تساعد نفسك ببعض الخطوات البسيطة إذا كانت الأعراض ليست شديدة وإلا فمن المفيد الاتصال بأخصائي العلاج النفسي للحصول على الدعم، ومن الأمور التي من شأنها مساعدتك في تلك المرحلة ما يلي:

  • مارس تقنيات الاسترخاء مثل التأمل والتنفس العميق.
  • تدرب على الانفصال لبعض الوقت مثل الذهاب في نزهة دون من تحب أو اذهب إلى السوبر ماركت بمفردك.
  • ضع خطة ليومك، إذا كنت تقيم في المنزل بينما يذهب الآخرون في منزلك إلى العمل؛ فقد يفيدك وضع خطة وقائمة مهام يومية وأسبوعية، لكن تأكد من أن قائمة المهام هذه ليست مليئة بالأعمال المنزلية فحسب، بل تحتوي أيضًا على بعض العناصر الممتعة أو المثيرة.
  • تعرف على تقنيات التهدئة الذاتية الصحية مثل الطهي أو الخبز أو ممارسة الرياضة أو الاستحمام أو كتابة اليوميات أو الرسم.
  • ابدأ بالتركيز على الطريقة التي تتحدث بها مع نفسك عندما تشعر بالقلق، وتخيل محادثة وهمية إيجابية في خيالك مع نفسك تبث فيها الهدوء والاطمئنان داخل قلبك.

اضطراب قلق الانفصال عند الأطفال

غالبًا ما يتشبث الأطفال الرضع والأطفال الصغار ويصرخون إذا تركتهم الأم حتى لفترة قصيرة، والقلق من الانفصال والخوف من الغرباء أمر شائع لدى الأطفال الصغار، لكنه جزء طبيعي من نمو طفلك، وعادة ما يخرج منه إذا تم التعامل مع ذلك التعلُّق بصورة سليمة، ومن صور القلق من الانفصال في مراحل الطفولة ما يلي:

عند الرضع

عادةً يبدأ قلق الانفصال في الظهور بعد أن يكتسب الطفل بعضًا من الفهم للحياة من حوله، فبمجرد أن يدرك طفلك أنك ذهبت بالفعل يبدأ في الشعور بعدم الاستقرار والانزعاج خصوصًا إذا كان متعبًا أو يشعر بالجوع، وقد يبدو ذلك بسيطًا بعض الشيء في عمر الخمسة أشهر، ولكن يزداد الأمر بشدة عند الوصول لعمر التسعة أشهر.

عند الأطفال الصغار

يتخطى العديد من الأطفال قلق الانفصال في سن الرضاعة، ليظهر مرة أخرى من عمر 15 أو 18 شهرًا، ويكون الانفصال هنا أكثر صعوبة؛ لأن الطفل أصبح أكثر إدراكًا لوجود الأم أو المُربي، ولكن بمجرد أن تبدأ الأم في تطوير مفهوم الاستقلالية عند الطفل عندها يصبح أكثر وعيًا وتقبلًا للانِفصال عن الأم خصوصًا إذا كان الطفل يمارس الأنشطة التي يستمتع بها عند غياب الأم.

مرحلة ما قبل المدرسة

بحلول الوقت الذي يبلغ فيه الأطفال 4 سنوات من العمر أو العمر الذي يبدأ فيه الدخول في المراحل التعليمية، يعود قلق الانفصال عن الأم ليصبح أقوى من ذي قبل؛ وذلك لأن الطفل في تلك المرحلة يكون قد اعتاد وجود والدته أكثر من أي وقت مضى، كما أنه في بداية دخوله مراحل التعليم يضطر لدخول بيئات جديدة لم يكن اعتادها من قبل، وسيكون عليه مجهود أن يعتاد الكثير من الأشخاص الذين لا يعرفهم؛ لذلك يجب على الأم أن تُهيئ الطفل لتلك المرحلة، وبالطبع هناك مسؤولية على هيئة التدريس أن تتقبل مشاعر الطفل وتتعامل معها بتفهم دون عنف.

أعراض اضطراب قلق الانفصال عند الأطفال

قلق الانفِصال
قلق الانفصال

فيما يلي بعض الأعراض الأكثر شيوعًا عند الأطفال لاضطراب قلق الانفصال:

  • قلق غير واقعي ودائم من حدوث شيء سيئ للأب أو الأم إذا غابا عن الطفل.
  • رفض الذهاب إلى المدرسة من أجل البقاء مع أحد الوالدين.
  • رفض النوم دون أن يكون أحد الوالدين في مكان قريب، ورفض النوم بعيدًا عن المنزل.
  • الخوف من الوحدة.
  • كوابيس عن الانفصال.
  • التبول اللاإرادي.
  • شكاوى من أعراض جسدية مثل الصداع وآلام المعدة.
  • تكرار نوبات الغضب أو التوسل.
  • الخوف الشديد.

أسباب اضطراب قلق الانفصال عند الأطفال

عادةً ما يمر الكثير من الأطفال بمشكلة قلق الانفصال، لكن هناك عدة أسباب تجعل الأمر أكثر سوءا على الطفل منها:

  • حدث مرهق أو صادم حصل في حياة الطفل مثل الإقامة في المستشفى أو وفاة شخص عزيز أو حيوان أليف أو حدوث تغيير كبير في البيئة التي اعتاد العيش بها مثل الانتقال إلى منزل آخر أو تغيير المدارس.
  • يكون قلق الانفصال أكثر سوءًا عند الأطفال الذين يتمتعون بحماية مفرطة من الأسرة خصوصًا الأب والأم.
  • غالبًا ما يكون لدى الأطفال الذين يعانون من اضطراب قلق الانفصال بصورة سيئة أفراد من العائلة يعانون من القلق أو اضطرابات عقلية أخرى مما يشير إلى أن خطر الإصابة بهذا الاضطراب قد يكون موروثًا.

نصائح للتعامل مع قلق الانفصال عند الأطفال

قلق الانفِصال
قلق الانفصال

هناك العديد من النصائح التي يمكنها أن تساعدك لتخطي تلك المشكلة مع طفلك، ومن أهمها:

تدربي على فترات انفصال قصيرة عن طفلك

يمكنك البدء بترك الطفل في رعاية شخص آخر لبضع دقائق بينما تذهبين إلى المتجر القريب مثلًا، ومن المهم أن تتركي طفلك مع شخص يعرفه جيدًا حتى يشعر بالراحة والأمان في غيابك، واستمري تدريجيًا في زيادة المدة الزمنية.

تحدثي معه بعد عودتك

من المهم للطفل أن يتحمس لما بعد غيابك عنه تلك الفترة، فعلى سبيل المثال يمكنك القول: «عندما تعود ماما لاصطحابك، سنذهب إلى المتجر معًا للحصول على الطعام الذي تحبه».

اتركي شيئًا يريح طفلك

قد يريح طفلك أن يكون لديه شيء خاص بكِ بالقرب منه مثل وشاح به رائحتك أو لعبة مفضلة تلعبانها سويًا بالقرب منه، فقد يطمئنه هذا أثناء غيابك.

اجعلي وقت الوداع وقتًا إيجابيًا

مهما كان شعورك بالحزن أو القلق عندما تتركين طفلك؛ ابتسمي وودعيه بثقة وسعادة وإلا فسوف يلتقط توترك ويشعر بالانزعاج أكثر ولن يطمئن؛ لذلك من المهم إعطاؤه تجربة وداع جميلة ولم شمل سعيدا، وتذكري أنه من الطبيعي تمامًا أن يبكي الرضع والأطفال الصغار عندما ينفصلون عن الأم.

ولكن مع تقدم الأطفال في السن يصبحون أكثر قدرة على فهم أن الناس والأشياء موجودون حتى وإن غابوا عنَّا قليلًا، فمن المهم ألا يمنع قلق طفلك من الانفصال عنكِ من الاستفادة القصوى من التجارب الجديدة مثل التواصل الاجتماعي والتعلم في المدرسة.

على مدار مراحل حياتنا المختلفة نُحِب وتتعلق قلوبنا بالأشخاص من حولنا، لكن من المهم لصحتنا النفسية أن نراقب أنفسنا جيدًا ونسأل، هل يعد ما نحن فيه تعلُّقًا صحيًا يدفع حياتنا للأفضل؟ أم يُصبح تعلقًا هادمًا لنفوسنا وحياتنا وقلوب أحبابنا؟!

المصدر
مصدر 1مصدر 2مصدر 3

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى