الصحة النفسية

متلازمة برادر ويلي.. جوع دائم يؤدي إلى الوفاة

هل تعتقد أن الرغبة الدائمة في تناول الطعام تعد من الأمور الصحية؟ ربما عليك إذن استكشاف متلازمة برادر ويلي، والتي تجعل الجوع هو الصديق الدائم للمصاب بها، حتى وإن كان تناول طعامه في التو واللحظة.

متلازمة برادر ويلي

تعد متلازمة برادر ويلي من الاضطرابات الجينية التي نادرًا ما يصاب بها البشر، حيث تشير الإحصاءات الرسمية إلى أن واحدا فقط يعاني من هذا الاضطراب من بين ما يتراوح من 10000 إلى 30000 شخص، فيما تؤدي لحالة دائمة من الجوع تبدأ أعراضها في الظهور منذ العام الثاني من الولادة.

تصنف متلازمة برادر ويلي والتي تعرف كذلك باسم متلازمة برادر فيلي، باعتبارها من ضمن أنواع الإعاقات الذهنية، حيث يعاني خلالها المريض من درجات ضعيفة إلى متوسطة من التخلف العقلي، لتبدو الأزمة أكثر سوءا مع امتزاج حالة الجوع الدائمة بأعراض سلوكية وجسدية لا حصر لها.

يفسر الخبراء سبب معاناة البعض من متلازمة برادر فيلي، بالإشارة إلى خلل وراثي يحدث بالجينات، وتحديدًا في منطقة الكروموسوم 15، يؤدي للإضرار بالمنطقة المسؤولة عن تحفيز شعور الشبع بالدماغ، فيما يمكن لإصابات الرأس القوية أن تتسبب كذلك في ظهور أعراض متلازمة برادر فيلي التالية.

أعراض متلازمة ويلي الشكلية

متلازمة برادر ويلي
أعراض متلازمة برادر ويلي الشكلية

تظهر أعراض متلازمة ويلي في البداية على الصعيد الشكلي، حيث يبدو الطفل مختلفًا عن بقية أفراد الأسرة في الأمور التالية:

  • عين غير تقليدية الشكل حيث تشبه الجوز وضيق الرأس من ناحية الصدغين.
  • قلة سمك الشفاه العلوية وميل الفم إلى الأسفل.
  • ضعف العضلات وارتخاء الأطراف عند حمله.
  • قصر القامة غير المناسب للمرحلة العمرية وصغر حجم اليدين والقدمين.
  • كثرة دهون الجسم مقابل ضعف الكتلة العضلية وعدم نمو الأعضاء التناسلية بالشكل الكافي.
  • لون الجلد والشعر الأفتح من بقية أفراد الأسرة.
  • هشاشة العظام وسهولة التعرض للكسور.
  • امتلاك مظهر مجهد طوال الوقت مدعوم بانحناء في العمود الفقري.

أعراض متلازمة برادر ويلي السلوكية

هي الأعراض الأكثر شهرة والتي تخص النهم بالطعام لدى مصابي متلازمة ويلي، ومن بينها:

  • الرغبة الدائمة في تناول الطعام، ومهما بلغت كميات الأكل التي قام المصاب بتناولها منذ فترة قصيرة.
  • المطالبة بالمزيد من الأكلات بصورة تبدو غير مناسبة للعمر.
  • احتمالية إخفاء الطعام أملًا في تناوله في وقت لاحق بعيدًا عن الأنظار.
  • إمكانية أكل الأطعمة حتى وإن كانت مجمدة أو كانت ملقاة في سلة القمامة.
  • البكاء بصوت خافت والتجاوب الضعيف مع البشر المحيطين.
  • المعاناة من نوبات من الغضب الشديد دون سابق إنذار أحيانًا.
  • مواجهة صعوبات في تعلم الجلوس والمشي والوقوف والتحدث.

تجدر الإشارة إلى أن السنوات الأولى من الولادة، قد تشهد على عكس المألوف معاناة الرضيع من عدم القدرة على تناول الطعام بالشكل المطلوب، وضعف قدرته على الامتصاص، وكذلك التمتع بجسد هزيل وزيادة وزن بوتيرة متباطئة.

أعراض متلازمة برادر ويلي الصحية

تؤدي المشكلات السابقة إلى ظهور أعراض أخرى تخص متلازمة ويلي المثيرة للاستغراب، مثل:

  • مشكلات في الرؤية تنتج عن المعاناة من قصر النظر.
  • سهولة الإحساس بالألم بالمقارنة بالبشر الآخرين وهشاشة العظام.
  • تأرجح درجات حرارة الجسم عند الإصابة بالحمى أو عند التواجد في أماكن حارة أو باردة.
  • تسوس الأسنان وغيرها من مشكلات الفم جراء كثافة اللعاب.
  • تضاؤل فرص الإنجاب وعدم نمو الأعضاء التناسلية بالدرجة الطبيعية لدى الرجال والنساء.
  • مواجهة صعوبات في النوم ومشكلات في التحدث وارتباك في المزاج العام.
  • قلة هرمونات النمو بصورة مبالغة.

مضاعفات متلازمة برادر ويلي

متلازمة برادر ويلي
مضاعفات متلازمة برادر ويلي

تتسبب تلك المجموعة المقلقة من الأعراض في زيادة فرص معاناة ضحية متلازمة ويلي من مضاعفات أخرى ربما تبدو أكثر سوءا من المتوقع، حيث تتمثل في:

  • المعاناة من السمنة المفرطة.
  • الإصابة بـ داء السكري من النوع الثاني.
  • التعرض لأزمات خطيرة في القلب.
  • اختبار مشكلات مفاجئة في عملية التنفس.

ينبه الخبراء إلى أن متلازمة برادر فيلي نفسها لا تتسبب في الوفاة، حين يسير المريض على خطوات العلاج والوقاية من الأزمات، إلا أن عدم تحكمه في عاداته الغذائية الخاطئة والاستسلام للرغبة في الطعام قد تؤدي في النهاية للموت المبكر، علمًا بأن خطر الاختناق أثناء الأكل يبدو محيطًا بصغار السن.

تشخيص متلازمة برادر ويلي

لا يحتاج الأطباء إلى بذل الكثير من الجهود من أجل تشخيص متلازمة برادر فيلي للصغار، إذ يمكنهم اكتشاف الأمر بالاعتماد على فحص دم يعرف باسم تحليل الكروموسومات.

يساهم التحليل الخاص بالكروموسومات في توصل الأطباء إما لوجود خلل في جينات المصاب أدى لمعاناته من متلازمة برادر ويلي، أو لعدم وجود أي أزمة في الكروموسومات، لتبدأ عملية البحث عن السبب الحقيقي عبر طرق أخرى.

يرى الخبراء أن تشخيص متلازمة برادر ويلي عبر تحليل الدم المشار إليه، لا يؤكد للطبيب إصابة الطفل بالمتلازمة المذكورة من عدمها فقط، بل كذلك يعطي الفرصة للأبوين من أجل معرفة فرص إنجاب طفل آخر يعاني من الأزمة ذاتها قبل حدوثها.

علاج متلازمة برادر ويلي

متلازمة برادر ويلي
علاج متلازمة برادر ويلي

لم يتوصل العلماء حتى الآن إلى طرق علاج جذرية لمتلازمة برادر فيلي، إلا أن بعض الخطوات العلاجية لها دور في السيطرة على الأزمة قدر الإمكان، ما يتحقق عبر شقين، الأول منزلي ويعتمد على تدخل الأبوين من أجل تنظيم سلوكيات الطفل المصاب، والثاني يتم اللجوء خلاله إلى العلاج النفسي والدوائي.

علاج متلازمة ويلي في المنزل

هي الخطوات المتبعة داخل المنزل للسيطرة على مشكلات الطفل الأولية بعد الولادة، قبل الحد من سلوكياته السلبية بمرور السنوات، حيث تتمثل بالنسبة للرضيع في منحه غذاء عالي السعرات كبديل عن اللبن، كي يتمتع بالوزن الطبيعي ويتم تعويض ضعف العضلات وقلة فرص تناوله للغذاء.

ينصح الأطباء كذلك بالاعتماد على أنبوب خاص قادر على توصيل اللبن أو الغذاء المناسب للطفل بصورة أسهل، عبر إيصاله مباشرة داخل المعدة، ذلك لمواجهة أزمة صعوبة قيام الطفل بالمص.

تتطور مهمة الأبوين مع مرور السنوات، حيث يصبح الهدف مع وصول المصاب لنهاية مرحلة الطفولة أو المراهقة، هو السيطرة على نهمه بالطعام، ذلك عبر وضع حدود لا يمكن تجاوزها وتخص توقيتات تناول الطعام وكذلك الكميات المسموحة له.

يتطلب الأمر أيضًا حرص الأبوين على مد الطفل ضحية متلازمة ويلي بوجبات متنوعة وصحية تحتوي على عناصر غذائية مطلوبة، مع تحفيزه على ممارسة الرياضة للحفاظ على وزنه وتحسين حالته النفسية، مع إمكانية حصوله على فيتامين د ومعدن الكالسيوم.

العلاج النفسي والدوائي

يساهم هذا العلاج كذلك في تحسين حالة متلازمة برادر ويلي، جنبًا إلى جنب مع الخطوات السابقة، حيث يبدأ الأمر دون شك بزيارة الطبيب لتحديد أفضل الطرق الملائمة لضحية المرض الصغير، وسواء كانت تعتمد على الجلسات العلاجية أو الأدوية أو الاثنين معًا.

تعد جلسات العلاج النفسي مفيدة للمصاب، حينما تقلل من مشاعر التوتر التي تصيبه في ظل رغبته الدائمة في الأكل، وفشله في تحقيق هذا الهدف في كثير من الأحيان، كما أنها قد تساعد على تعويده على بعض النشاطات والسلوكيات المفيدة التي تغنيه عن التفكير في الطعام طوال الوقت، علمًا بأن بعض الجلسات الطبية تبقى مطلوبة للسيطرة أيضًا على أزمات النوم والغدة الدرقية.

ينصح الأطباء كذلك في بعض الأحيان بحصول المريض على أدوية مضادات الاكتئاب، مثل مثبطات استرداد السيروتونين الانتقائية، والتي تخفف كثيرًا من الأعراض النفسية التي يعاني منها المريض، مع الوضع في الاعتبار أن الخضوع للكشف لدى طبيب العيون يعد ضروريًا وبصورة مستمرة، للتأكد من عدم تدهور القدرات البصرية.

في الختام، يبقى مريض متلازمة برادر ويلي في صراع مستمر مع جوع دائم، لذا ينصح أفراد أسرته دائمًا بتحفيزه على اتباع سلوكيات صحية تتمثل في ممارسة الرياضة وتنظيم الوقت وتقليل الوجبات، كي لا تؤدي أزمته إلى معاناة من السمنة المفرطة، التي تزيد الأوضاع النفسية والعضوية سوءا بمرور الوقت.

المصدر
مصدر 1مصدر 2

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى