الصحة النفسية

أبرز أعراض الرهاب النفسي وكيفية علاجه

ينتج الرهاب النفسي غالبًا عن بعض الاضطرابات العقلية، أبرزها اضطراب الفصام، مما يتسبب في إثارة الكثير من المشاعر السلبية لدى المريض، مثل الخوف المفرط من نشاطات أو مواقف معينة، كذلك الخوف من الأفكار الشخصية وأفكار الآخرين أيضًا، والتي تكون غير حقيقية وليس لها أساس من الصحة.

الرهاب

يعرف الرهاب أيضًا باسم عُصاب المخاوف، أو الفوبيا، وهي كلمة من أصل إغريقي تعني الخوف، صاغها عدد من الباحثين في أواخر العقد 1970، بهدف وصف قطب واحد من الاعتقادات والسلوكيات، وتختلف أنواع الرهاب بحسب اختلاف الأسباب المؤدية إليه، والتي من بينها مرض الرهاب النفسي.

الرهاب النفسي

عرف بعض العلماء الرهاب النفسي بأنه خوف عميق ومستمر، وهو الخوف الذي يكون على غير أساس، من واقع التهديد أو الخطر من شيء محدد، إذ تنتج هذه المخاوف إثر سلسلة من الارتباطات، بين الكثير من المواقف والمؤثرات السلبية التي حدثت للفرد.

بينما عرفه علماء آخرون بأنه مرض نفسي، يتسبب في حدوث خوف متواصل من نشاطات أو مواقف معينة، ويتكون ذلك الخوف بحدوث هذه المواقف أو مجرد التفكير فيها، كما ترتبط هذه المخاوف أيضًا عند رؤية أجسام أو أشخاص معينة، مما يتسبب في شعور المريض بالقلق الشديد، والضجر والارتباك الدائم، رغم أن المريض يعلم جيدًا أن الخوف الذي يصيبه غير منطقي ولا أساس له، ولكنه لا يستطيع التخلص منه ببساطة، إذ يستدعي الأمر تدخل طبيب مختص، لإخضاع الشخص للعلاج النفسي اللازم.

تصنيفه

هكذا يمكن تصنيف هذا النوع من الرهاب، ضمن أكثر أنواع الرهاب خطورة، إذ يرتبط ارتباطًا وثيقًا بصحة العقل، حيث ينتج غالبًا عن بعض الاضطرابات العقلية مثل الفصام، أو متلازمة توريت، ولكن هذا لا ينفي الفرق بين هذه الاضطرابات ومرض الرهاب، والذي يمكن أن يحدث أيضًا نتيجة تعرض الشخص إلى بعض أنواع العنف، المؤدية إلى الألم النفسي الشديد.

مما يجعل المريض يعاني من خوف غير منطقي من عقله، وعقول الآخرين حوله، بمعنى آخر يخشى أفكاره وأفكار من حوله، حتى إنه قد يصاب بنوبة هلع كاملة، بمجرد التفكير في النتائج المترتبة على أفكار الآخرين، مما يدفع الشخص بالتبعية، لتجنب الأنشطة الأكاديمية والمهنية التي تتطلب التفكير.

أسبابه

الرهاب النفسي

لا توجد أسباب محددة للرهاب النفسي، إذ من الممكن أن تبدأ أعراض المرض في الظهور بشكل مفاجئ، إثر تعرض الشخص لبعض الضغوطات الشديدة، والتي قد ترتبط بعدة أسباب مثل:

  • ضغط يرتبط بدراسة الشخص، مثل الضغط الناتج عن فترة الامتحانات، أو المنافسة الشديدة بينه وبين أقرانه، لتحصيل مركز معين.
  • ضغط مرتبط بالوظيفة، إذ تؤثر بعض التحكمات من الرؤساء، والتزامات العمل وعراقيله، على الحالة العقلية للشخص، مما يزيد من احتمالية إصابته بالرهاب النفسي.
  • ضغط نفسي مرتبط بتجربة قاسية، أو حادث مؤلم مرَ به الشخص، خاصةً إذا كان الحادث داخل محيط الأسرة أو الأقارب.

بالإضافة إلى ما سبق، فإن هناك عدة عوامل أخرى تتسبب في حدوث المرض، وتشمل هذه الأسباب:

الوراثة

تلعب الوراثة دورًا محوريًا في إصابة الشخص بالمرض، خاصة إذا كان هناك تاريخ عائلي للمرض، من أقارب الدرجة الأولى، كما أن الأمر يتعلق باكتساب السلوكيات أيضًا، فإذا كان أحد أفراد الأسرة يعاني بالفعل من القلق أو خائفًا من شيء ما، فإن احتمالية إصابة الطفل أو أحد أفراد الأسرة بالرهاب تزيد، إذ ينعكس الأمر عليهم تدريجيًا ولا إراديًا.

العوامل البيولوجية والبيئية

يعتقد العلماء أن وجود بعض العوامل البيئية المحيطة بالشخص، أو المرتبطة بكيمياء الدماغ، يمكن أن تتسبب في ظهور بعض المخاوف المؤدية إلى الرهاب، حيث تطلق الخلايا العصبية للدماغ مواد كيميائية معينة، تسمى الناقلات العصبية، مثل الدوبامين، والتي من شأنها إحداث القلق وبعض أعراض الرهاب الأخرى.

تجارب صادمة

وكما هو شائع في بعض الأنواع الأخرى من الرهاب، قد يكون سبب الرهاب النفسي نابعًا من ذكريات سيئة، وتجارب صادمة عاشها الشخص في طفولته، ولا تزال كامنة بداخله وعالقة في ذاكرته، حتى تبدأ آثارها في الظهور تدريجيًا على هيئة رهاب نفسي، إذ إن معاناة الشخص من تجربة قاسية في مرحلة الطفولة المبكرة، يمكن أن تُحدث عواقب وخيمة في حياته اللاحقة.

أسباب وهمية

قد يرتبط ظهور الرهاب بعدة أسباب وهمية، ليست واقعية ولا أساس لها من الصحة، مثل قراءة بعض الروايات أو الكتب التي تحتوي على سرد مفصل، لأشخاص يلعبون ألعابًا ذهنية، أو تحتوي على قصص من الخيال العلمي، إذ تتحكم الرواية بشكل لا إرادي في عقل الآخرين، بقوى نفسية يمكن أن تزيد من مخاوفهم.

أعراض الرهاب النفسي

الرهاب النفسي

قد تظهر أعراض الرهاب تدريجيًا منذ المراحل العمرية المبكرة، وقد تظهر بشكل مفاجئ دون سابق إنذار، في مرحلة بلوغ الشخص، وتنقسم هذه الأعراض إلى:

أعراض جسدية

  • صداع شديد.
  • قشعريرة مفاجئة في سائر الجسد.
  • التعرق المفرط دون سبب واضح.
  • الارتجاف والارتباك دون سبب.
  • تسارع نبضات القلب، والشعور بضيق شديد في التنفس.
  • الشعور المفاجئ بغثيان شديد ودوخة، مما يؤدي إلى الإغماء أحيانًا.
  • سماع صوت رنين في الأذنين.
  • جفاف الفم رغم شرب كميات كبيرة من المياه.
  • ارتفاع مفاجئ في ضغط الدم.

أعراض نفسية

الرهاب النفسي

أثناء نوبات الهلع المختلفة التي تصيب المريض، قد يشعر ببعض الأعراض النفسية، التي تفقده القدرة على التحكم في عقله أو تصرفاته، وتشمل هذه الأعراض:

  • الخوف من الإغماء.
  • الرهبة المفرطة دون أسباب واضحة.
  • الهلع من فكرة الموت.
  • الشعور الدائم بالذنب أو العار.
  • الخوف من الأذية بشكل عام، مثل أن يخاف المريض أن يؤذي غيره، أو يتسبب شخص آخر في إيذائه.
  • إلقاء اللوم على النفس باستمرار، وتأنيب الذات دون مبرر.
  • الخوف من المرض.
  • التقلبات المزاجية المفاجئة.
  • الغضب والتهيج المفاجئ.
  • الشعور باليأس والاكتئاب.
  • قلة التركيز والإدراك.
  • التباس الأمور وتداخلها.

علاج الرهاب

الرهاب النفسي

يمكن علاج الرهاب النفسي من خلال وضع خطة علاجية محكمة، تتمثل في العلاج الدوائي أولًا، ثم العلاج السلوكي المعرفي، كذلك بعض أشكال العلاج الفردي والجماعي، والتي تعتمد جميعها على الأسرة والأصدقاء، قبل اللجوء إلى العلاج السريري من قبل طبيب مختص.

العلاج الدوائي

هناك أنواع مختلفة من الأدوية، يمكن أن يصفها الطبيب النفسي، إذا كانت أعراض الرهاب شديدة ومتأخرة، وتتمثل هذه الأدوية في:

الأدوية المضادة للقلق

يجب أن تؤخذ مضادات القلق بعد استشارة الطبيب فقط، كذلك التوقف عن تناولها يجب أن يكون بأمر الطبيب، وليس حسب التقدير الشخصي، نظرًا لما قد يترتب عليها من آثار جانبية للشخص المصاب.

مضادات الاكتئاب

تعد مضادات الاكتئاب من أهم الأدوية، التي يتم وصفها لعلاج مرض الرهاب، إذ تستخدم للتخفيف والحد من أعراض الرهاب النفسي، والتي يكون لها تأثير فعال جدًا، إذا ما تم إقرانها مع بعض أنواع العلاجات الأخرى.

العلاج السلوكي المعرفي

في العلاج المعرفي السلوكي يساعد الطبيب المريض، من خلال العمل على تعديل أفكاره ومشاعره، وفقًا لوضعه الراهن والحياة التي يعيشها، دون التركيز على الماضي وحياته السابقة، في محاولة لتعزيز الأفكار الإيجابية بداخله، ويعد هذا العلاج فعالا جدًا، فعندما تتغير أفكار الفرد ويتغير مدى إدراكه، سيكون هناك بالتبعية تأثير إيجابي ملحوظ على سلوكه.

العلاج السلوكي الانفعالي

يعد العلاج السلوكي الانفعالي العقلاني، شكلًا من أشكال العلاج السلوكي المعرفي، والذي صممه عالم النفس الأمريكي ألبرت إليس، ويسهم هذا العلاج في الحد من التوتر القائم على اليقظة، كما يعمل على تعزيز إدراك الفرد ومشاعره، من منظوره الخاص به، وتقليل التدخل من البيئة المحيطة به.

العلاج الفردي

يعتمد العلاج الفردي بنسبة كبيرة على تغيير نمط حياة المريض، وكسره الروتين اليومي، مما يساعده على التخلص من القلق المستمر، والكثير من علامات وأعراض الرهاب الأخرى، ويتضمن هذا التغيير:

  •  ممارسة رياضة الجري أو المشي يوميًا، إذ يمكن أن يسهم تمرين المشي في إعاقة الأفكار السلبية للمريض، ومدى تأثيرها على سلوكه.
  • الذهاب إلى صالات الرياضة وممارسة بعض تمارين التقوية، إذ تسهم هذه التمارين بشكل فعال، في الحد من أعراض التوتر والقلق، بل تساعد العقل أيضًا وتعزز قدرته على التعامل والتكيف، مع جميع المواقف المجهدة والضغوط التي يتعرض لها الفرد.
  • تغيير عادات الأكل والشرب، إذ يمكن أن يؤدي التقليل من تناول الأطعمة الدهنية، وشرب كميات كبيرة من الكافيين، إلى تحسين مزاج الشخص والحد من القلق والتوتر الذي يشعر به طوال اليوم.
  • زيادة عدد ساعات النوم ليلًا، وتخصيص وقت للراحة نهارًا، إذ يتحسن تركيز الشخص وإدراكه بنسبة كبيرة، إذا حصل على القدر الكافي من الراحة والاسترخاء، مما يحد من اضطراب المشاعر الناتج عن الرهاب النفسي.

العلاج الجماعي

أخيرا يأتي العلاج الجماعي، عبر مجموعات المساعدة الذاتية، وهي نوع فعال من العلاج، حيث لا يشعر المريض بالوحدة، أو يظن أنه فقط من يعاني، إذ تتكون هذه المجموعات من أفراد يعانون نفس أنواع الرهاب، فيتلاقون في اجتماعات دورية فيما بينهم، لتبادل أفكارهم وخبراتهم، واستراتيجياتهم المتبعة في التأقلم بناء على تجاربهم.

المصدر
مصدر 1مصدر 2

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى