شخصيات مؤثرةعجائب

مريم ناباتانزي.. وقصة «أم 44» أسطورة الخصوبة في العالم

بالتأكيد لا يوجد ما هو أهم من العائلة، لكن ماذا لو أن هذه العائلة تشبه تلك الخاصة بـ«مريم ناباتانزي»، المرأة الأكثر خصوبة في العالم؟ كيف يمكن لسيدة السيطرة على أكثر من 40 طفلًا، فضلًا عن توفير المال اللازم لتربيتهم؟

فلاشباك.. طفولة مشوهة

تعود رغبة «مريم ناباتانزي» في تكوين أسرة كبيرة (جدًا) لسنواتها الأولى بهذه الحياة، حيث عانت من طفولة تراجيدية.

ولدت السيدة الأكثر خصوبة في إفريقيا عام 1974 بأوغندا، لأسرة فقيرة، مكونة من أب وأُم و5 أشقاء. بعد مرور 3 أيام فقط على مولدها، قررت الوالدة دون سابق إنذارٍ أن تغادر المنزل، وتترُك الأبناء ووالدهم لمصير أسوأ من الفقر.

”كنت في السابعة من عمري حينها، وكنت أصغر من أن أفهم حتى ما يعنيه الموت في الواقع“.

-مريم ناباتانزي تحكي عن واقعة وفاة أشقائها. (رويترز)

بشكلٍ متوقع، قرر والد «مريم» أن يتزوج من سيدة أخرى، رغبة منه في توفير أم جديدة لأبنائه، لكن الحظ العسِر طرق باب هذه الأسرة المشوهة مجددًا، حيث قامت زوجة الأب بتسميم الأبناء الخمسة الأكبر سنًا، عبر وضع قطع من الزجاج المكسور في طعامهم، ليلقوا حتفهم واحدًا تلو الآخر، بينما فرّت بطل قصتنا من هذه الحادثة بالصدفة البحتة، لمجرّد أنها كانت في زيارة لأحد الأقارب.

ومن هنا، امتلكت الفتاة الصغيرة حلمها الخاص؛ بأن تتزوج وتُنجب 6 أبناء، لتلملم شتات أسرتها التي فقدتها وهي طفلة.

شاهد أيضًا:عائلة لا تشعر بالألم.. حالة عجيبة لأسرة مارسيلي الإيطالية

أسرة مريم ناباتانزي

مريم ناباتانزي
الأسرة الأكبر عددًا في أوغندا.

في الواقع، تحقّق حُلم «مريم»، لكن بشكل يصعُب على أي إنسان استيعابه، حيث وصل عدد أبنائها لـ44، فبمجرَّد وصولها لسن الـ36، كانت قد أنجبت 4 مجموعات من التوائم، 5 مجموعات من 3 توائم، و5 أخرى من 4 توائم، الأمر الذي جعل الأطباء يخبرونها بأنّه يجب أن تخضع لجراحة لمنعها من الإنجاب مجددًا.

تزوجت المرأة الأكثر خصوبة في العالم بعمر 12 عامًا، بل تم بيعها ‑إن صح التعبير- حيث أنجبت طفلها الأول حين بلغت عامها الـ13، لتبدأ رحلة جديدة من المُعاناة.

شاهد أيضًا: التعددية اللغوية.. وقصة جزيرة يتحدث أهلها 9 لغات

مرض نادر

بعد أن أنجبت «مريم ناباتانزي» توأمها الأول، أخبرها طبيب أوغندي محلّي بأنّها تعاني مرضا نادرا بالرحم، حيث تنتج كميات غير عادية من البويضات، لكن في نفس الوقت، حذرها من تناول «حبوب منع الحمل» لأن ذلك قد يسبب مشاكل خطيرة لمبيضها.

 ”حالتها هي الاستعداد الوراثي للإباضة المفرطة، وهو ما يؤدي إلى إطلاق العديد من البويضات في دورة واحدة، مما يزيد بشكل كبير من فرصة حدوث توائم“.

-الدكتور تشارلز كيجوندو، طبيب أمراض النساء في مستشفى مولاغو في كمبالا.

وحتى تُدرك حجم الكارثة التي اختبرتها هذه السيدة، يمكننا أن نُخبرك أنّ أوغندا تمتلك أعلى مُعدّل إنجاب في إفريقيا برمتها (5.6 طفل لكل امرأة)، وهذا ما يقارب ضعف معدّل الإنجاب في العالم، في حين تمتلك السيدة التي لم تكن تخطت سن الأربعين، 44 طفلًا وطفلة.

لكن في عام 2019، قرر الأطباء إجراءات لمنع «مريم» من الإنجاب مجددًا، عن طريق قطع رحمها من الداخل.

شاهد أيضًا: لماذا يرفض سكان جزيرة سينتينل الاتصال بالعالم الخارجي؟

معاناة مستمرة

مريم ناباتانزي
تمتلك مريم ناباتانزي 45 طفلًا وطفلة.

بشكل مؤسف، قرر زوج «مريم ناباتانزي»، الذي يكبرها سنًا بنحو 25 عامًا، أن يتركها وحيدةً عام 2015، لتحارب الظروف القاسية، المتمثلة في إعالة أسرة بهذا العدد الضخم.

”مررت بأوقات صعبة، تركني زوجي، وقضيت كل وقتي في رعاية الأطفال والعمل لكسب المال“.

يدرك «إيفان»، نجل «ناباتانزي» الأكبر حجم المعاناة التي عاشتها والدته، وكيف صمدت أمام الظروف لتوفير حياة مناسبة لهم، لكنه شدد على أن الأولوية الأولى لها، كانت تعليم كل أبنائها مهما كلفها الأمر من جهد وتضحية.

كيف تعيش الأسرة الأكبر في أوغندا؟

مريم ناباتانزي
كيف تدبر السيدة الأكثر خصوبة في العالم أمور منزلها؟

عملت الأم بكل الوظائف الغريبة التي يمكن أن تجدها في قرية فقيرة بالقرب من العاصمة الأوغندية كمبالا، حيث كانت تبيع الأدوية العشبية، الخردة المعدنية، وعملت كمصففة شعر، بل وأحيانًا ساعدت في التزيين بالمناسبات المحلية.

تتكون واجباتها المنزلية اليومية الحالية بشكل أساسي من العمل في وظائف غريبة والطهي لأطفالها، وينام عشرات من أطفالها على أسرّة معدنية بطابقين ومراتب رفيعة، بينما يتشارك آخرون المراتب على الأرض أو ينامون على التراب.

تطبخ «مربم ناباتانزي» 55 رطلاً من الذرة كل يوم، مع إضافة البروتين مثل الأسماك أو اللحوم، ومع ذلك، يساعد الجميع في الطهي والتنظيف.

وحتى تتحكَّم في تقسيم العمل بين أفراد الأسرة الكبيرة، تكتُب السيدة المهام اليومية لكل فرد على لوح خشبي معلّق على الحائط، كي تسير أمور المنزل بسلاسة.

في النهاية؛ تصر المرأة الأكثر خصوبة في العالم على أنّها حتى إن كانت تعاني من فقر مضجع، إلا أنها تُحب أبناءها، وتحتفظ بصور تخرجهم من المدرسة، لأنها تعتقد أن نجاحهم يعني بداهةً نجاحها في مهمتها.

أخيرًا، إذا قارنّا تصرُّف «مريم ناباتانزي» بتصرف زوجة أبيها، لا يمكن سوى اعتبارها هدية من الله لأبنائها، فقد بذلت كل غال ونفيس، كي لا يعيشوا طفولة كالتي عاشتها قبل سنوات.

المصدر
مصدر 1مصدر 2مصدر 3

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى