ثقافة ومعرفة

لماذا لا يمكن التخلص من البعوض نهائيا؟

يعد البعوض أحد أخطر الكائنات الحية على الإطلاق، حيث ينقل الأمراض التي تقتل نحو مليون شخص كل عام، والسؤال: لماذا لا يمكننا ببساطة القضاء على هذا الكائن المؤذي؟

البعوض القاتل

بشكل عام، هناك نحو 3500 نوع معروف من البعوض ولكن معظمها لا يزعج البشر على الإطلاق، وتعيش على رحيق النباتات والفاكهة، لكن إناث 6% فقط من الأنواع هي التي تسحب الدم من البشر، لمساعدتهم على تطوير بيضهم، ونصفها فقط تحمل طفيليات تسبب الأمراض التي تصيب الإنسان.

ولعل أبرز هذه الأنواع القاتلة من البعوض ما يلي.

  • الزاعجة المصرية: تساعد في نشر الأمراض مثل: فيروس زيكا والحمى الصفراء وحمى الضنك، ونشأت في إفريقيا ولكنها تنتشر أيضًا في المناطق الاستوائية وشبه الاستوائية في جميع أنحاء العالم.
  • بعوضة غرب النيل: تنشر الأمراض بما في ذلك الحمى الصفراء وحمى الضنك وفيروس غرب النيل، ونشأت في جنوب شرق آسيا ولكنها تنتشر حاليًا في المناطق الاستوائية وشبه الاستوائية في جميع أنحاء العالم أيضًا.
  • أنوفيليس جامبيا: تعرف أيضًا باسم بعوضة المالاريا الإفريقية، ويعد هذا النوع واحدًا من أكثر الأنواع كفاءة في نشر المرض المالاريا القاتل.

وبالعودة مجددًا للسؤال حول إمكانية القضاء الفوري على البعوض باستخدام المبيدات الحشرية، أيّد مجموعة من العلماء هذا الطرح، ومن ضمنهم، عالمة الأحياء أوليفيا جودسون، التي ترى أن استخدام المبيدات الحشرية للقضاء على البعوض الناقل للأمراض القاتلة، خطوة قد تنقذ نحو مليون إنسان

شاهد أيضًا: وصفات طبيعية للتخلص من الحشرات المنزلية

تجربة

البعوض
الزاعجة المصرية

في بريطانيا، قام علماء في جامعة أكسفورد وشركة Oxitec للتكنولوجيا الحيوية بتعديل وراثي على ذكور نوع من البعوض الذي يحمل فيروس زيكا وحمى الضنك، حيث تحمل هذه الذكور المعدلة وراثيا جينًا يمنع نسلها من التطور بشكل صحيح، ثم يموت هذا الجيل الثاني من البعوض قبل أن يتمكن من التكاثر ويصبح هو نفسه حاملًا للمرض.

تم إطلاق حوالي 3 ملايين من هذا البعوض المعدل في موقع بجزر كايمان بين عامي 2009 و2010، وبعد ذلك، أبلغت شركة Oxitec عن انخفاض بنسبة 96% في البعوض مقارنة بالمناطق المجاورة.

لنعد مجددًا لنفس السؤال؛ هل هناك سلبيات متوقعة إذا قمنا بإزالة البعوض تمامًا من حياتنا؟ وفقًا لفيل لونيبوس، عالم الحشرات في جامعة فلوريدا، فإن استئصال هذا الكائن تمامًا يظل محفوفًا بآثار جانبية غير مرغوب فيها.

شاهد أيضًا: التخلص من الصدأ.. واستخدامات مبتكرة لزيت جوز الهند

الآثار الجانبية لإزالة البعوض من حياة الإنسان

انقراض البعوض، حتى وإن كان حلًا مطروحًا، يظل مرهونًا ببعض الآثار الجانبية التي لا تقل سوءًا عن بقائه داخل النظام البيئي.

السلسلة الغذائية

طبقًا للونيبوس، البعوض الذي يتغذى في الغالب على رحيق النبات يعد من الملقحات المهمة، كما أنه مصدر غذاء للطيور والخفافيش بينما صغارها، مثل اليرقات، مصدر غذاء للأسماك والضفادع، بالتالي يمكن أن يكون لهذا تأثير أعلى وأسفل السلسلة الغذائية، ومع ذلك، يمكن استبدالها بأنواع أخرى من الحشرات التي يمكنها القيام بنفس الدور.

ضرر الاستبدال

يعتقد أن استبدال البعوض بأنواع أخرى من الحشرات، قد يكون مشكلة بقدر كونه حلًا مطروحًا. حسب الكاتب العلمي ديفيد كوامن، البعوض حد من التأثير المدمر للبشرية على الطبيعة، فمثلًا، جعل الغابات الاستوائية المطيرة غير صالحة للسكن بالنسبة للبشر.

بالنسبة لكوامن، حافظ تواجد البعوض على بقاء أنواع مختلفة من الحيوانات والطيور، المعرضة للخطر بسبب الإنسان، لذلك يعتقد أن القضية فلسفية أكثر من كونها علمية، فمن غير المنطقي إقصاء نوع من الكائنات لمصلحة كائن (الإنسان) يتسبب في دمار أكبر للبيئة.

شاهد أيضًا: صور مفاجئة.. وكيف تبدو صغار الحيوانات مختلفة عن المتوقع؟

حلول منطقية

البعوض

يتم تطوير طرق مبتكرة للتعامل مع البعوض في جميع أنحاء العالم، حيث يعمل العلماء مثلًا في حدائق كيو في لندن على تطوير جهاز استشعار يمكنه اكتشاف كل نوع مختلف من البعوض من خلال ضربات جناحه المميزة، كما يخططون لتزويد القرويين في المناطق الريفية بإندونيسيا بأجهزة كشف صوتية يمكن ارتداؤها لتتبع البعوض الحامل للأمراض، وهذا من شأنه أن يساعدهم في إدارة حالات تفشي المرض في المستقبل.

بنفس الصدد، حاول مجموعة من العلماء في مدرسة لندن للصحة اكتشاف كيف تنجذب إناث البعوض إلى روائح جسدية معينة، مما يبعث الأمل في الحصول على مواد طاردة أكثر فعالية في المستقبل.

بينما يُعتقد أن أكثر الحلول واقعية هو جعل البعوض مقاومًا للطفيليات التي تسبب الأمراض، في أستراليا مثلًا، يستخدم برنامج القضاء على حمى الضنك البكتيريا التي تحدث بشكل طبيعي، لتقليل قدرة البعوض على نقل حمى الضنك بين البشر.

ختامًا ومع الاعتراف الكامل بخطورة بعض أنواع البعوض على حياة البشر، يرى المتخصصون أنّ الحرب ضد هذا الكائن لا بد أن تكون حربًا تطورية، يسعى الإنسان خلالها في الفوز في أقرب فرصة، بدلًا من التعرُّض لعواقب إقصائه تمامًا من البيئة.

المصدر
مصدر 1 مصدر 2

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى