ثقافة ومعرفة

دب متسلل.. وأسباب غريبة كادت تشعل حروبا نووية

ربما تعد الحرب النووية بداهةً أخطر ما قد يواجهه الإنسان المعاصر، وبشكل ساخر، يمكننا أن نُخبرك أن في تواريخ سابقة، هددت إنذارات بهجوم نووي شامل بقاء العالم بشكله المتعارف عليه حاليًا، إلا أن القدر لعب دورًا في عدم أخذها على محمل الجد.

 ما هو تهديد الحرب النووية؟

الحرب النووية
الحقيبة النووية.

تهديد الحرب النووية هو مجموعة من الظروف التي كان من الممكن أن تؤدي إلى تفجير نووي غير مقصود، تتضمن الحوادث عادة تهديدًا وشيكًا متوقعًا لدولة لديها قدرات نووية، مما قد يؤدي إلى ضربات انتقامية.

في أشد الحالات خطورة، قد يؤدي مثل هذا التهديد إلى ما يعرف بـ«Mutually Assured Destruc­tion (MAD)»، وهو ما يمكن تعريفه بإبادة كاملة لكلا الجانبين المتنازعين.

على الرغم من التحسن العام في التوترات النووية العالمية، خاصةً بعد انتهاء فترة الرعب النووي أثناء الحرب الباردة، حاليًا، يمكن للأسلحة النووية المتوفرة لدى بعض الدول في العالم أن تبيد ‑على أقل تقدير- 3 مليارات إنسان.

تاريخيًا، قاد التفسير السيئ للبيانات، أو الأخطاء التقنية إلى اقتراب اشتعال حروب نووية، وفيما يلي استعراض لأبرز تلك الأحداث.

اقرأ أيضًا: البرق والعواصف.. وأسباب تؤدي إلى الصداع

صدفة

خلال أزمة السويس عام 1956، اقترحت الولايات المتحدة الأمريكية على الاتحاد السوفييتي دمج قواتهما لوقف هجوم القوات الفرنسية والبريطانية الساعية للسيطرة على قناة السويس، وأثناء النظر في هذا الأمر، تلقت الولايات المتحدة إشارة بوجود طائرات مجهولة الهوية، في المجال الجوي التركي، وطائرات سوفيتية تحلق فوق سوريا، وطائرة قاذفة بريطانية تحطمت على الأرض، وسفن سوفيتية تناور بطريقة تشير إلى هجوم محتمل.

للوهلة الأولى، اقتنع مسؤولو الولايات المتحدة أن هذا إنذار لبدء ما قد يمكن وصفه بالحرب النووية، الموجهة من حلف الناتو تجاه الاتحاد السوفييتي.

لكن بشكل غريب، تم تفسير هذه الأحداث بشكل خاطئ، حيث اجتمعت عن طريق المصادفة فقط؛ كانت الطائرات المجهولة فوق تركيا مدنية، والطائرة السوفيتية كانت مرافقة للرئيس السوري، وكانت القاذفة البريطانية قد عانت مشاكل ميكانيكية، بينما الأسطول السوفيتي يقوم بتدريبات عسكرية منظمة.

 قاعدة كيرتلاند الجوية

بعد الحادثة أعلاه بنحو عام، وتحديدًا في منطقة البوكيرك بنيو مكسيكو، سقطت قنبلة بطريقة ما عبر أبواب حجرة القنابل لطائرة من طراز B‑36 كانت تنقل سلاحًا نوويًا من تكساس إلى نيو مكسيكو.

سقطت القنبلة على بعد حوالي 1700 قدم في حقل جنوب قاعدة كيرتلاند الجوية، وبعد أن انفجرت، خلقت حفرة بعمق 12 قدمًا وعرضها 25 قدمًا.

هذه الحادثة، هي التوصيف المثالي لكيفية بدء «الحرب النووية»، إلا أن الله سلم، فقد تم فصل الكبسولة النووية عن المتفجرات التقليدية أثناء النقل من أجل السلامة. بالتالي كان الضرر الناتج عن الانفجار أقل بكثير مما كان يمكن أن يكون؛ بينما كانت الضحية الوحيدة في الحادث بقرة رعي شاردة في المنطقة المحيطة.

اقرأ أيضًا: “أذن السباح”.. أعراض وأسباب وطرق علاج طبيعية

حادثة دُب فولفيلد

الحرب النووية
قاعدة فولكفيلد الجوية.

وصل التهديد بالحرب النووية ذروته بمنتصف الحرب الباردة، تحديدًا بعد أزمة الصواريخ الكوبية عام 1962، حيث كان من المتوقع أن يبدأ أي من الطرفين الأمريكي أو السوفييتي هجومًا نوويًا شاملًا، إذا ما تم استفزازه في أي وقت.

في منتصف ليل الـ25 من أكتوبر 1962، أبلغ أحد حرّاس قاعدة فولك الميدانية الجوية بولاية مينسوتا الأمريكية عن رصده جسما غريبا يعبر سياج القاعدة، وفسّر الجسم الذي شاهده على أنه أحد الأشخاص المنتمين لـ«القوات الخاصة السوفييتية»، والذي يسعى لتخريب المنشأة الحساسة.

بعد إطلاق عدد من الطلقات، تعطل نظام الإنذار ودق صاروخ «Klax­on» فوق القاعدة الجوية، مما أدى إلى اندفاع سربين من طائرات مقاتلة من طراز F‑106A تحتوي على 800 رطل من الصواريخ النووية إلى مواقع الإطلاق على افتراض أن الحرب العالمية الثالثة قد بدأت.

المثير للسخرية، وقبل أن تصوب الرؤوس النووية تجاه المنشأة، اتضح أن الجسم الذي عبر السياج لم يكن سوى دب أسود ضخم.

اقرأ أيضًا: أعراض الخوف المرضي وأسباب ظهورها

خطر التزوُّد بالوقود

في عام 1966، وأثناء عملية إعادة التزود بالوقود التي قامت بها طائرة أمريكية من طراز «B‑52» فوق المجال الجوي الإسباني، أدّت طفرة ما بالوقود الذي تم تزويد الطائرة به إلى انفجارها في الحال، مما أدى على الفور إلى تدمير كلتا الطائرتين ومقتل 7 من أفراد الطاقم البالغ عددهم 11.

من جهة أخرى، سقطت قنبلتان من طراز B‑52 على الأرض وانفجرتا عند الاصطدام بالقرب من قرية بالوماريس الإسبانية، مما أدى إلى تلويث ميل مربع بالبلوتونيوم المشع، في حين عثر على قنبلة أخرى غير منفجرة في مجرى النهر فيما سقطت أخرى في البحر الأبيض المتوسط.

لحسن الحظ، لم يتم اعتبار هذه الحادثة هجومًا نوويًا متعمدًا، وانتهت القصة برمتها بتسوية قضائية كلفّت الحكومة الأمريكية نحو 20 مليون دولار لصالح صيادي المنطقة، لاعتبارهم الأكثر تضررًا من سقوط الإشعاع، الذي يمنعهم بداهةً من كسب الرزق عبر الصيد.

تجربة علمية

في 25 يناير 1995، أشارت رادارات التحذير الروسية إلى أن غارة جوية أمريكية كانت وشيكة، بالتبعية، تم تنبيه الرئيس الروسي «بوريس يلتسين»، وحصل على حقيبة تحتوي على تعليمات حول كيفية توجيه ضربة انتقامية، وبدوره أصدر تعليمات للقوات النووية الروسية بأن تكون في حالة تأهب قصوى.

لسبب مجهول، قرر يلتسين عدم شن هجوم مضاد، وتبين لاحقًا أن أنظمة الإنذار الروسية قد التقطت بالفعل صاروخًا بحثيًا نرويجيًا أمريكيًا، أطلقه علماء يدرسون الأضواء الشمالية.

في النهاية، يعتقد المتخصصون أن نحو 22 حادثة كادت أن تقود البشرية للانزلاق في الحرب النووية، لكن بسبب التأنّي أحيانًا، ظلّت الفأس بعيدة عن الرأس، ويبدو ذلك في مصلحة الجميع.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى