ثقافة ومعرفة

الدولار.. وكيف أصبح العملة الاحتياطية الأقوى في العالم؟

يعد الدولار الأمريكي الأول (USD) إحدى أقوى العملات في العالم، ويعتقد أن امتداده في جذور تاريخ الولايات المتحدة الأمريكية، يعود لطباعته لأول مرّة عام 1914.

حسب المؤرخين، بدأت عملية طباعة الدولار بعد عام من إنشاء الاحتياطي الفيدرالي، باعتباره البنك المركزي لأمريكا، تزامنًا مع صدور قرار قانون الاحتياطي الفيدرالي، عندما بدأ بنك الاحتياطي الفيدرالي في إصدار الأوراق النقدية الفيدرالية بفئات 10 دولارات التي تحمل صورة «أندرو جاكسون».، والسؤال؛ كيف تحولت هذه العملة إلى عملة الاحتياطي العالمي؟

تاريخ الدولار

يعود أول استخدام موثق للعملات الورقية في الولايات المتحدة إلى عام 1690، عندما أصدرت مستعمرة «خليج ماساتشوستس» الأوراق النقدية الاستعمارية، وتم استخدام هذه الأوراق النقدية لتمويل العمليات العسكرية، وفي عام 1785، اعتمدت الولايات المتحدة رسميًا علامة الدولار، باستخدام رمز البيزو الأمريكي الإسباني.

في عام 1863، أنشأت الحكومة الأمريكية مكتب المراقب المالي للعملة (OCC) والمكتب الوطني للعملات، حيث تم تكليف هاتين الوكالتين بالتعامل مع الأوراق النقدية الجديدة، بينما بدأت الطباعة المركزية في مكتب النقش والطباعة عام 1869، حيث كانت تطبع النقود من قبل الشركات الخاصة قبل ذلك.

معيار الذهب

بموجب قانون الاحتياطي الفيدرالي الذي أُصدر عام 1913، تم إنشاء بنك الاحتياطي الفيدرالي للرد على عدم موثوقية وعدم استقرار نظام العملة الذي كان يعتمد في السابق على الأوراق النقدية الصادرة عن البنوك الفردية.

في نفس الوقت، كان الاقتصاد الأمريكي بمثابة أكبر اقتصاد في العالم، متجاوزًا اقتصاد المملكة المتحدة، وعلى الرغم من ذلك، كانت لا تزال التجارة العالمية تتمحور حول المملكة المتحدة، حيث تتم معظم المعاملات التجارية بالجنيه الإسترليني.

جرت العادة أن تربط غالبية الدول المتقدمة عملاتها بالذهب كوسيلة لتحقيق الاستقرار في تبادل العملات، ولكن مع اندلاع الحرب العالمية الأولى في عام 1914، علقت العديد من الدول استخدامها لمعيار الذهب لدفع نفقاتها العسكرية بأموال ورقية، الأمر الذي أدى إلى خفض قيمة عملاتها.

ومع ذلك، التزمت بريطانيا بمعيار الذهب للحفاظ على مكانتها كعملة رائدة في العالم، بالتالي، وجدت الحكومة البريطانية نفسها تقترض الأموال لأول مرة بعد مرور 3 أعوام على بدء الحرب.

عند هذه اللحظة من التاريخ، أصبحت الولايات المتحدة المُقرض المفضل، للعديد من البلدان التي أرادت شراء سندات أمريكية مقومة بالدولار، ومع تخلي بريطانيا عن معيار الذهب في عام 1931، تم تدمير الحسابات المصرفية للتجار الدوليين الذين يتداولون بالجنيه الإسترليني، وهنا حل الدولار محل الجنيه الإسترليني كعملة احتياطية دولية رائدة.

 اتفاقية بريتون وودز

الدولار
اتفاقية بريتون وودز.

كما فعلت في الحرب العالمية الأولى، دخلت الولايات المتحدة الحرب العالمية الثانية بعد فترة طويلة من بدء القتال، لكن قبل دخولها الحرب، كانت الولايات المتحدة بمثابة المورد الرئيسي للأسلحة والسلع الأخرى للحلفاء، حيث دفعت معظم الدول الذهب لها، مما جعل الولايات المتحدة مالكة غالبية ذهب العالم بنهاية الحرب، وهذا ما جعل مسألة العودة إلى قاعدة الذهب استحالة، بالنسبة للدول التي دفعت كل الذهب الذي تملكه أثناء الحرب.

وفي محاولة لحل هذه الأزمة، التقى مندوبو 44 دولة حليفة في بريتون وود بنيو هامبشاير عام 1944، للتوصل إلى نظام لإدارة النقد الأجنبي بحيث لا يضر بأي بلد.

وقتئذٍ قرر الوفد أن عملات العالم لن تكون مرتبطة مستقبلًا بالذهب، ولكن يمكن ربطها بعملة الولايات المتحدة؛ وذلك لأن الدولار نفسه كان مرتبطًا بالذهب.

عُرف هذا الحدث تاريخيًا باسم «اتفاقية بريتون وودز»، التي أعلنت ما يعرف بسلطة البنوك المركزية، التي تقوم بالحفاظ على أسعار الصرف الثابتة بين عملاتها والدولار، في المقابل، تقوم الولايات المتحدة باسترداد الدولار الأمريكي مقابل الذهب عند الطلب.

بشكلٍ عام، أصبحت البلدان تتمتع بدرجة معينة من السيطرة على العملات في مواقف ضعف أو قوة عملاتها أمام الدولار، حيث يمكن لهذه الدول بيع أو شراء هذه العملات، لتنظيم المعروض النقدي.

الدولار الذي نعرفه

الدولار
صندوق النقد الدولي.

بفضل اتفاقية بريتون وودز، راكمت الدول احتياطيات بديلة للذهب من الدولار الأمريكي، بالتالي، ظهرت الحاجة لشراء أماكن آمنة لتخزين هذه الدولارات، بالتالي، قامت نفس الدول بشراء سندات بالخزانة الأمريكية، باعتبارها مخزنًا آمنًا للأموال.

أدى ازدياد الطلب على سندات الخزانة الأمريكية، إضافة إلى جانب «الإنفاق بالعجز» لتمويل حرب فيتنام، إلى إغراق الولايات المتحدة بالأوراق النقدية التي لا تملك احتياطيًا من الذهب لها، الأمر الذي أدى لارتفاع المخاوف بشأن مدى استقرار الدولار، بالتالي، بدأت الدول في تحويل احتياطيها الدولاري إلى ذهب مرّة أخرى.

مع تزايد الطلب على الذهب، اضطر الرئيس ريتشارد نيكسون لفك ارتباط الدولار بالذهب، وعلى الرغم من التعرُّض لفترات من التضخم المصحوب بالركود الاقتصادي والذي يُعرَّف بأنه ارتفاع معدلات التضخم والبطالة المرتفعة، ظل الدولار الأمريكي هو العملة الاحتياطية العالمية.

خلال الربع الرابع من عام 2020، وطبقًا لصندوق النقد الدولي، احتفظت البنوك المركزية بنحو 59% من احتياطياتها بالدولار الأمريكي.

لهذا السبب يُعتقد أن الدولار هو أقوى العملات كاحتياطي نقدي بالعالم، على الرغم من احتلاله المرتبة العاشرة من حيث القيمة وفقًا لـ«CMC Mar­ket»، أمام عملات مثل الجنيه الإسترليني، اليورو، والدينار الكويتي.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى