شخصيات مؤثرةثقافة ومعرفة

أطلس.. وأسطورة العملاق الذي حمل العالم على كتفيه

تحكي الأساطير اليونانية عن «أطلس»، العملاق الذي كان مسؤولا عن حمل ثقل السماء على كتفيه، وهو العبء الذي ألحقه به «زيوس» عقابا له، فما قصتّه؟ 

تمثيل الأسطورة في الفن 

في الفن اليوناني، غالبًا ما يظهر أطلس، من القرن السادس قبل الميلاد، في تصوير أعمال هرقل، وعلى الأخص في ميدان من معبد زيوس في أولمبيا الذي بني عام 460 قبل الميلاد، حيث يصوّر واقفا في حدائق هيسبيريدس، كما تم تصويره في مشاهد مماثلة شائعة في زخرفة الفخار اليوناني، خاصة مع شقيقه بروميثيوس.

أما في العصر الهلنستي والروماني، فكثيرًا ما تم تمثيل أطلس في وضعه المألوف المتمثل في ثني الركبتين والظهر، وهو مجهد لإمساك الكرة الأرضية على كتفيه، ولعل أبرز مثال على هذا الوضع هو منحوتة القرن الثاني الميلادي الموجودة الآن في المتحف الأثري في نابولي بإيطاليا.

اقرأ أيضًا: المدينة الذهبية.. وكيف باح الفراعنة بأسرارهم من تحت الرمال؟

حرب العمالقة 

أطلس
منحوتة أطلس، نابولي.

قبل التطرُّق لقصة أطلس في الميثولوجيا الإغريقية، ربما تجدر الإشارة للخلفية التي بنيت عليها هذه القصة الأسطورية، والتي بدأت مع ما يعرف باسم «حرب العمالقة»، أو «حرب الجبابرة». 

قبل عصر الأولمبيين في الأساطير اليونانية، كان هناك جبابرة، وحكم هؤلاء الجبابرة الكون خلال العصر الذهبي، كان أطلس أحد الجبابرة الـ12؛ كان ابن إيابيتوس وكليمين. 

حسب الميثولوجيا اليونانية، حكم الجبابرة الكون حتى اجتمع زيوس مع الأولمبيين للإطاحة بوالده ومحاربة الجبابرة من أجل الكون.

خلال هذه الحرب، حارب الجبابرة الأولمبيين من أجل السيطرة على الكون، وتكون الأولمبيون من زيوس، وبوسيدون، وهادس، بينما ضم الجبابرة كرونوس، أطلس، وبروميثيوس.

وقف أطلس مع الجبابرة في معركة لهزيمة الأولمبيين، لكن خسر الجبابرة الحرب، ونفى الأولمبيون الجبابرة إلى تارتاروس؛ وهي عبارة عن هاوية عميقة تستخدم كسجن، وكان معظم الجبابرة يقضون حياتهم للأبد هناك.

اقرأ أيضًا: “أندريه العملاق”.. أعجوبة العالم الثامنة التي لن تتكرر

عقاب أطلس 

أطلس
حرب آلهة الأولمب والجبابرة.

حسب الأسطورة، لم يلق أطلس مصيرًا مشابهًا للجبابرة الآخرين، حيث تعرّض لعقاب متفرّد، فبدلاً من أن يتم نفيه إلى تارتاروس، استعبد زيوس أطلس ليحمل الأرض على كتفيه إلى الأبد.

وصف «هومر» أطلس في رسالته الأوديسة بأنه ذو عقلية قاتلة، يعرف أعماق جميع البحار، يستطيع إقامة الأعمدة التي تفصل بين السماوات والأرض، بينما يصفه «هسيود» في كتابه «Theogony» بأنه يحمل السماء ويضعها في أرض «Hes­perides» على حافة العالم. 

بينما يؤمن «هيرودوت» أن عقاب أطلس لم يكن كذلك، لكن تم تحويله لجبل، الذي عرف لاحقًا بجبل أطلس، بواسطة الأولمبيين. وهي القصة التي بدأت في الانتشار منذ القرن الـ5 قبل الميلاد. 

هرقل والأعمال الـ12

حسب أفلاطون وكتابه «Critias»، كان أطلس الملك الأصلي لمدينة أتلانتس، كما كان مصدرًا للحكمة وأحد أهم مؤسسي علم الفلك، وربما تعد إحدى الأساطير المتعلقة بهذا الصدد، هي تلك الخاصة بدوره في الأعمال الـ12 الخاصة بهرقل، والتي كانت عبارة سلسلة من الحلقات للتكفير عن الذنوب التي ارتكبها هرقل عندما قتل زوجته وأولاده. 

طبقًا لهذه الأسطورة، طلب هرقل من أطلس إحضار التفاح الذهبي من حدائق «Hes­perides» الأسطورية، والتي يحرسها تنين مخيف له 100 رأس. 

وكان الاتفاق المبرم بين أطلس وهرقل هو أن يجلب الأول التفاح الذهبي، بينما يتكفّل الثاني بحمل الأرض، وبما أنّ الأخير كان كارها لثقل الأرض، وافق بسرعة. 

بالفعل نجح أطلس في جلب التفاح الذهبي، لكنه رفض أن يعود مجددًا لحمل الأرض، فما كان لهرقل ‑طبقا للميثولوجيا- إلا أن يحاول خداعه؛ حيث أخبره أن يحمل الأرض حتى يتسنى له إراحة كتفيه لوهلة، وبمجرد موافقته، خطف هرقل التفاح الذهبي، وترك أطلس حاملًا الأرض على عاتقه، تمامًا كما فعل لسنوات طويلة.

اقرأ أيضًا: ستانيسلاف بيتروف.. الرجل الذي أنقذ العالم من حرب عالمية ثالثة

في الأدب اليوناني

كواحد من أقدم وأقوى الشخصيات في الأساطير، لعب أطلس دورًا مهمًا في العديد من القصص والأساطير. كما أنه مرتبط بشخصيات أسطورية أخرى. 

وطبقًا لبعض الحكايات، كان هو أول ملك لموريتانيا (أرض الموري)، والتي يمكن اعتبارها المغرب العربي حاليًا، وبغض النظر عن قصة حمله للسماء أو كوكب الأرض بأسره، دائمًا ما تم تصويره على أنّه عملاق وقوي، لكنه يتحمّل ما قد يفوق طاقته، وفيما يلي أمثلة على ذلك. 

  • تحولات أوفيد: في هذه القصيدة، يوصف أطلس بأنه شخصية قوية مجبرة على حمل ثقل السماء على كتفيه.
  • في «الإلياذة»، وهي قصيدة ملحمية لهوميروس، يظهر أطلس في دور ثانوي، لكنه لا يزال يصور كشخصية قوية.
  • في «الجنة المفقودة»، قصيدة ملحمية أخرى لجون ميلتون، تحتوي على وصف شامل لأطلس وأساطيره. 
  • في «جحيم دانتي»، وهو عمل أدبي كلاسيكي، تم ذكر أطلس جنبًا إلى جنب مع شخصيات أسطورية مشهورة أخرى.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى