عجائبآراء ومساهمات

سطور من المستور: محاكمة الطماطم في مدينة «سالم»

سطور من المستور.. مقالات يكتبها سامح مبروك، تكشف في سطور قليلة المستور من حوادث وحكايات غريبة وطريفة تأتيكم من أعماق التاريخ.

مدينة «سالم»

مدينة سالم الأمريكية Salem التي شهدت في العام 1693 محاكمات الساحرات الشهيرة، والتي نالت من الصيت والزخم عبر التاريخ، ما جعل الرئيس السابق للولايات المتحدة الأمريكية دونالد ترامب يستشهد بها في خضم صراعه الانتخابي الأخير مع الرئيس الحالي جو بايدن.

في تلك الآونة انتشر الكثير من الحوادث المريبة، التي وقع ضحيتها العديد من الأطفال الذين راحوا فريسة لحالات من التشنجات والهستيريا غير المبررة، والتي وقف أمامها الطب عاجزًا، ما فتح الباب لتكهنات الناس بإصابة هؤلاء الأطفال بمس شيطاني تسببت فيه الساحرات اللعينات المنتشرات في هذا الزمن في «نيو إنجلاند»، مما جعل الشرطة توجه أصابع الاتهام لما يقرب من 28 متهما، غالبيتهم من النساء، وحكمت محكمة المدينة بإعدامهم جميعًا في واحدة من أكثر القضايا جدلًا وغرابة وظلمًا في التاريخ.

محاكمة الطماطم

ولم تكن هذه الحادثة كافية لمحكمة مدينة سالم لتتصدر تاريخ المحاكمات الأكثر غرابة، وإنما كانت تلك الحادثة محور هذا المقال ‑في عام 1820 أي بعد 127 سنة من محاكمات الساحرات- هي الأغرب على الإطلاق.

فقد نهش الفزع والرعب في جسد المدينة بأكملها بعد انتشار حالات قتل غامضة راح ضحيتها العديد من أثرياء المدينة الأوربيين، وقد كان العامل المشترك بين تلك الجرائم أنها جميعًا حالات تسمم متشابهة.

فتولت الشرطة التحقيقات مع عائلات الضحايا لحل لغز تلك الجرائم الغامضة، لتفاجأ بعامل مشترك جديد وطريف، أن كل الضحايا بلا استثناء قد تناولوا الطماطم مباشرة قبل الموت، دفعت الشرطة بنتائج هذا التحقيق للمحكمة التي بدورها حاكمت الطماطم في واحدة من أطرف المحاكمات في التاريخ، بل إنها أدانت الطماطم، وحكمت بإعدامها وحظرت بيعها أو زراعتها في المدينة بالكلية.

روبرت جونسون

تضرر مزارعو الطماطم من هذا القرار بعد أن كسدت بضاعتهم ونالوا ما نالوا من الخسائر المفجعة، واستمر حظر الطماطم، حتى تقدم المزارع روبرت غيبون جونسون إلى ساحة المحكمة واصطحب معه الطبيب جيمس فان ميتر، وسلة مليئة بالطماطم، آخذًا على عاتقه إبراء ساحة الطماطم أو الموت فداءها.

وقبل أن يشرع في أكل الطماطم، خطب خطبة عصماء في حب الطماطم، ليسطر في التاريخ الخطبة الملحمية الأولى والأخيرة التي سبقت أكل سلة من الطماطم، حيث قال: «سيأتي الوقت الذي تكون فيه هذه الطماطم القرمزية الفاتنة الغنية بالفائدة لذة للعين ومتعة للفم، سواء كانت مقلية أو محمصة أو مشوية أو حتى تؤكل نيئة، وسوف تشكل أساس حقول كثيرة»، وما إن فرغ من خطبته حتى أكل سلة الطماطم بالكامل، والناس من حوله مجتمعون مشدوهون ينتظرون بدافع من الفضول والترقب مشاهدة ذلك المجنون وهو يقتل نفسه بالطماطم السامة.

القاتل الحقيقي

ووسط ذهول الحشود من حول السيد جونسون المزارع، لم يسقط جونسون ولم يمت، بل نجح في أن يثبت براءة الطماطم، ووسط الدهشة والصدمة قام المزارع الشجاع بحل اللغز الذي كان قد استعصى على الشرطة، فقد اكتشف أن الأثرياء في تلك الآونة في مدينة سالم يستخدمون أطباقا من معدن «البيوتر» الذي يشبه الفضة في اللون واللمعان، إلا أن تلك الأواني تحتوي في تركيبها على الرصاص، الذي يتفاعل مع الطماطم ويجعلها سامة.

وما إن أتم السيد جونسون تجربته ودفاعه عن الطماطم، حتى اقتنع الناس في مدينة سالم والمحكمة معهم، وتمت تبرئة الطماطم.

إخلاء مسؤولية: المحتوى في قسم الآراء والمساهمات لا يعبر عن وجهة نظر الموقع وإنما يمثل وجهة نظر صاحبه فقط، ولا يتحمل الموقع أي مسؤولية تجاه نشره.

 

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى