علاقات

الأسماء المكروهة.. وأبرز مظاهر عقوق الآباء لأبنائهم

كثيرًا ما نسمع عن عقوق الوالدين ومظاهره وحلوله، سواء في الخطب أو البرامج التلفزيونية أو على مواقع الإنترنت، ولكننا نادرًا ما نسمع عن عقوق الآباء للأبناء ومظاهره، ولمحاولة لفت انتباه الآباء إلى أن أبناءهم لهم حقوق مثلما عليهم واجبات، قررنا عرض هذا الموضوع بالتفصيل في هذا المقال.

ما معنى عقوق الآباء للأبناء؟

أمر الله الآباء برعاية أولادهم وألزمهم بواجبات تجاههم غير قائمة على العواطف أو الغريزة الفطرية، ولكن لها قوانين محكمة ومنظمة تحفظ حقوق الأبناء من تنشئة سوية وحفظ أموالهم وأنسابهم، فإن التزم الآباء بواجباتهم أثابهم الله على ذلك، وإن انتهكوا حقوق أبنائهم سُمي ذلك بعقوق الأبناء، وسيحاسبون على ذلك أمام الله، وهناك عدة صور تؤكد بأن الآباء مقصرون في أداء واجباتهم، وهذا ما سنتطرق إليه.

صور عقوق الآباء للأبناء

العنف ضد الأطفال

هناك العديد من السلوكيات التي يقوم بها بعض الآباء مع أبنائهم دون شعور منهم بأنها تؤذيهم وتسلبهم حقوقهم، ومنها ما يلي:

إطلاق الأسماء المكروهة على الأبناء

يجب على الآباء أن يسموا أبناءهم بأسماء حسنة لا تسيء إليهم حينما يكبرون، ومن أفضل أسماء أولاد عند الله هي عبدالله وعبدالرحمن، كما قال الرسول صلى الله عليه وسلم: (إن أحب أسمائكم إلى الله عبدالله وعبدالرحمن)، ونجد أنه قال في رواية أخرى: (وأصدقها حارث وهمام، وأقبحها حرب ومُرّة)، ولهذا نلاحظ أن الإسلام وضع ضوابط لتسمية الأبناء، وقد نهى عن إطلاق الأسماء التالي ذكرها:

الأسماء السيئة

لا يجب تسمية الطفل بأسماء نهى عنها الرسول صلى الله عليه وسلم، مثل: حرب ومرة، كما لا يجب مناداته بـ أسماء مكروهة وقبيحة تسيء إليه، مثل: شيطان وحمار، وغيرها من الأسماء القبيحة.

الأسماء التي تحمل معنى الشرك

نهى الله عن تسمية الطفل بأسماء شرك، كأن ينسب العبودية لغير الله، مثل: عبدالنبي، عبداللات، وعبدالعزى، وغيرها من الأسماء التي تحمل في باطنها الشرك.

الأسماء التي إذا نُفيت انقلبت إلى شؤم

راعى الإسلام هذه النقطة أيضًا رفقًا بمشاعر الطفل، فنهى عن تسميته باسم نجيح مثلاً، لأنه إذا سأل أحدهم: هل جاء نجيح، فتكون الإجابة لا، والمعنى من وراء هذا أنه لا يوجد نجاح هنا، وهو معنى مشؤوم، ولهذا قال الرسول صلى الله عليه وسلم: (ولا تُسمّين غلامك يسارًا، ولا رباحًا، ولا نجيحًا، ولا أفلح، فإنك تقول: أًثًمّ هو؟ فلا يكون فيقول: لا).

التفريق في المعاملة بين الأبناء

التعامل الصحيح مع الأطفال

يجب على الآباء مراعاة مشاعر الأبناء والعدل بينهم، وخاصة بين الذكور والإناث، إذ يفضل معظم الآباء في مجتمعاتنا العربية الذكر عن الأنثى، ويتحول شعورهم إلى سلوكيات فيما بعد كأن يمنحون أبناءهم الذكور أموالاً ورعاية خاصة لا يمنحونها للإناث.

وقد ورد عن النعمان بن البشير أن قال: (سألتْ أمي أبي بعض الموهبة لي من ماله، ثم بدأ له فوهبها لي، فقالت: لا أرضى حتى تشهد النبي صلى الله عليه وسليم، فأخذ بيدي وأنا غلام، فأتى بي النبي صلى الله عليه وسلم، فقال: إن أمه بنت رواحه سألتني بعض الموهبة لهذا، فقال: ألك ولد سواه؟ قال: نعم، قال: فأراه، قال: لا تشهدني على جور)، فنجد أن الرسول صلى الله عليه وسلم سمى تلك العطية بالظلم، لأنه لم يعدل بين أبنائه.

اقرأ أيضًا: أسباب تكوين الشخصية السيكوباتية.. وهل يمكن تلافيها؟

عدم الإنفاق على الأبناء

ألزم الله الآباء بالإنفاق على أطفالهم الصغار المحتاجين إلى هذا، حيث قال الله تعالى في كتابه العزيز: «لينفق ذو سعة من سعته ومن قدر عليه رزقه فلينفق مما أتاه الله لا يكلف الله نفسًا إلا ما أتاها سيجعل الله بعد عسر يسرًا)، فالأب الذي لا ينفق على أطفاله يضيع الأمانة التي منحها الله إياها، وهذا إثم سيحاسب عليه بالطبع.

تشديد الآباء على الأبناء في مظاهر الدين

قد يتهم بعض الآباء أبناءهم بالفسق والفجور لرؤية سلوكيات خاطئة تصدر منهم، وهناك بعض الآباء الذين يتشددون في الطاعات، فيوبخون أبناءهم بطريقة قاسية تخلو من اللين والرفق على عدم الصلاة والصيام، ويلزمونهم باتباع أوامرهم، وهذا من الأمور الخاطئة تمامًا.

لحل هذه المعضلة يجب على الآباء إدراك طبيعة المرحلة العمرية التي يمر أبناؤهم بها، بجانب التأثيرات البيئية التي تؤثر فيهم وتحدث التغيير في بعض الأمور، فيجب أن يتسم الآباء بالصبر وأن يحاوروا أبناءهم بالحكمة والحوار البنّاء مثلما فعل الرسول صلى الله عليه وسلم حينما أتى إليه شاب يطلب منه أن يسمح له بالزنا، فهو لم يوبخه أو يعذبه، بل حاوره بلين وحكمة ودعا له حتى انصرف الشاب وهو كاره للزنا.

استبداد الآباء برأيهم

من صور عقوق الآباء للأبناء إظهار أن لديهم الحق في التحكم بأبنائهم، لأن الأبناء في نظرهم دائمًا على خطأ، وهذا ما يترتب عليه شعور الأبناء بأن آباءهم ليس لديهم القدرة على حوارهم، ودائمًا ما يسيئون معاملتهم ولا يستمعون لآرائهم، فتحدث فجوة كبيرة بينهم، والمشكلة أن الآباء يظنون أن هذه الطريقة المثلى في التربية، وهذا ليس صحيحًا على الإطلاق، حيث تشكل هذه الطريقة مشاعر الكبت لدى الأبناء، ومن صور عقوق الاستبداد بالرأي ما يلي:

اقرأ أيضًا: بر الوالدين للأطفال بين الثواب والعقاب

إجبار الأبناء على الالتحاق بكلية معينة

من صور استبداد الآباء أن يجبروا أبناءهم وبناتهم على الالتحاق بكلية معينة أو تخصص معين، أو أن يفرضوا عليهم أعمالاً لا يطيقونها، أو يختاروا لهم مهنة لا يجدون شغفًا بها، فيجب أن يتوقف الآباء عن القيام بهذا الأمر، والأفضل أن يستمعوا إلى أبنائهم ويحاورونهم لمعرفة ما يطمحون إليه، ومحاولة مساعدتهم على هذا بقدر ما يستطيعون.

تزويج الفتاة بالإجبار

زواج القاصرات

من أخطر أنواع الاستبداد أن يقرر الآباء زواج القاصرات دون موافقتهن، وهذا لا شأن للآباء به، فقد حرّم الإسلام هذا الفعل، وأعطى للفتاة الحق الشرعي في رفض من تراه غير مناسب لها حتى وإن وافق أبوها، فهذه زيجتها ومعيشتها وحدها فيما بعد.

دخول الآباء في علاقات محرمة 

قد يعتقد بعض الآباء أن لهم حياة خاصة يفعلون فيها ما يشاؤون، ويغفلون عن تأثير عواقبهم تلك في أبنائهم، فكثيرًا ما نرى بعض الآباء الذين ينشئون علاقات محرمة متعددة مع النساء، فيؤثر ذلك بالسلب في تربيتهم لأبنائهم، وإن اكتشف الأبناء تلك العلاقات غير المشروعة ستسقط كل المثل العليا في أعينهم، وتنهار صورة الأب أمامهم.

من تأثير تعدد العلاقات المحرمة لدى الآباء في أبنائهم سلوكهم مسلك آبائهم نفسه، فقد ينشئون هم أيضًا علاقات محرمة تقليدًا لما يرونه أمامهم، وقد يكون هذا بسبب غياب التربية السوية التي من المفترض أن يتلقوها في مرحلة الطفولة.

تقصير الآباء في حقوق الأبناء الأساسية

من صور عقوق الآباء للأبناء أن يظن الآباء أنهم يوفرون لأبنائهم جميع ما يحتاجونه ما داموا يوفرون لهم الطعام والشراب والأموال، وتغافلوا عن الجانب النفسي الذي يعتبر من أهم الجوانب التي يجب أن تؤخذ بعين الاعتبار في التربية، حيث يجب عليهم توفير الحب والحنان والأمان والرحمة والعدل، فكل هذه الأمور المعنوية أفضل بكثير من الأمور المادية، لأنها تنشئ أفرادًا أسوياء.

وفي النهاية.. انطلاقًا من قول الرسول صلى الله عليه وسلم: (كفى بالمرء إثمًا أن يضيع من يعول) ننصح الآباء بالامتثال لأمر الله وأداء واجباتهم تجاه فلذات أكبادهم رغبةً وحبًا لهم وحرصًا على مصالحهم، وذلك بتغيير الطرائق التقليدية المتبعة في التربية، وتطبيق النصائح التي تطرقنا إليها.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى