رياضة

«إفراط بيب».. «لعنة يايا».. وقوى خفية تمنع السيتي من «الأبطال»

قلب بيب جوارديولا إفريقيا كلها ضده، أعتقد أن الكثير من الشامانية الأفارقة سيبذلون قصارى جهدهم كي لا يحقق دوري أبطال أوروبا مع مانشستر سيتي.. لم يكن قراره إنهاء مسيرة يايا توريه مجرد قرار خاطئ، بل جريمة سيدفع ثمنها، وستثبت الأيام وحدها صدق حديثي.

ديمتري سيلوك، مدير أعمال الدولي الإيفواري يايا توريه، عام 2018.

مجددًا، لم ينجح بيب في تحقيق لقب دوري أبطال أوروبا، الغائب عنه منذ أن كان مديرًا فنيًا لبرشلونة الإسباني، أي منذ نحو عقد من الزمن، والمثير هو حبكة سيناريوهات خروج الأندية التي يُشرف الإسباني على تدريبها، وخاصةً تلك المتعلقة بمانشستر سيتي الإنجليزي.

بعد الهزيمة من ريال مدريد في نصف نهائي نسخة 2021/2022، صرّح بيب أن السبب الحقيقي خلف خسارة مباراة العودة على ملعب سانتياجو بيرنابيو هو فشل الفريق في ترجمة سيطرته إلى هدفٍ يقتُل المباراة تمامًا، لكن دون شكٍ هذا التفسير لا يُرضي طموحات المتابعين، لأنه لا يحمل بداخله أية نظريات خفيّة، بالتالي، لا بُد وأن نتطرق لتفسيرات أكثر إثارة.

سحر وشعوذة

بيب جوارديولا

بالعودة لقصة يايا توريه، الذي تثبت الأيام ‑حتى الآن- صدق حديث وكيله، لا نعلم حقيقةً مدى تورُّط السحر في نتائج كرة القدم، على الرغم من إيماننا الكامل بوجود السحر بشكل عام، وبما أننا بشر، ربما كان تصريح وكيل توريه بمثابة رسالة ضمنية لسحرة إفريقيا كي يبدؤوا في تسخير قدراتهم لنسف مسيرة الإسباني، الذي أنهى مسيرة إحدى أيقونات كرة القدم الإفريقية.

لكن المشكلة الحقيقية في هذا الطرح، هي أن بيب نفسه، لم يستطع الفوز بدوري أبطال أوروبا مع برشلونة (أفضل فريق أشرف على تدريبه) بسيناريوهات لم تخلُ من الدراما كذلك، كما أنه لم يستطع أيضًا أن يفعل ذلك حين قاد عملاقا أوروبيا آخر (بايرن ميونخ)، لذا، يبدو أن الأمر لا علاقة بيايا توريه، ولا شامانية إفريقيا، لكن لحظة؟ لماذا نحنُ هنا؟

لدينا فيل في الغرفة، حسب التعبير الأمريكي، والفيل هنا، أنّه على الرغم من تطوُّر كرة القدم على مدار أكثر من قرن من الزمان، لا يزال البعض يتشبّث ببعض الخرافات، مثل أرقام الحظ، بعض الطقوس الخاصة، وحتى قدرة السحرة على التلاعب بأقدار شعوب بأكملها، والأهَم أن هذه الأحاديث لا تخرج على لسان العامة، بل يُصرح بها على الهواء مباشرة دون حرج.

بيب جوارديولا

مؤخرًا، انتشر مقطع مصوّر للدولي المصري أحمد حسام «ميدو»، يُصرح خلاله أنّ كارلو أنشيلوتي، المدير الفني الأسبق لميلان الإيطالي، يؤمن بالسحر، بل إنّه لا يذهب لتدريب أي فريق دون أن يرافقه ساحر إفريقي، وبغض النظر عن عدم ذكر نجم أياكس السابق لمصدر قصته بشكلٍ صريح، هل يُمكِن أن يحدُث ذلك فعلا؟

الإجابة هي نعم، يُخبرنا ريموند دومينيك، المدير الفني الأسبق لمنتخب فرنسا، أنّه كان يضع إشارات النجوم في الاعتبار عند اختياره الّاعبين الذين يمثلون منتخب الديوك بمنتصف الألفية الثالثة.

خلال إشرافه على تدريب المنتخب الفرنسي، رفض دومينيك ضَم نجم آرسنال الأسبق روبرت بيريز بحجة أنّه برج العقرب، بينما اعترف أن كون يوهان ميكود، لاعب فيردر بريمن السابق، من المنتمين لبرج الأسد يعد سببا كافيا لاستبعاده، لأن تواجد الكثير من المنتمين لهذا البُرج يعني ‑وفقا لمعتقداته- اقتراف الفريق أخطاء ساذجة.

اقرأ أيضًا: لماذا ينصح بتشجيع الأطفال على ارتداء ملابس الأبطال الخارقين؟

بيب جوارديولا.. بعيدا عن السحر

بيب جوارديولا

في الواقع، تتجاهل مثل تلك المزاعم المتأثرة بالزخم المحيط بمباريات كرة القدم عدة حقائق، ربما أهمها هو فشل أندية عملاقة أخرى ومدربين كبار كُثر في تحقيق لقب دوري الأبطال أيضًا، وربما أحيانًا بسيناريوهات درامية كذلك.

أحيانًا، يُتهَّم بيب جواريولا بهوسه في التحكُّم في فريقه، كي يضمَن تحييد تأثير الحظ داخل الـ90 دقيقة، بل إنّه في بعض الأوقات، يُفرِط في التفكير، بشكلٍ يجعل الأمور تسير بشكل سيئ، ظل هذا الطرح مناسبًا لحالة بيب جوارديولا حتى ليلة الـ4 من مايو 2022.

مع توالي الصدمات، لجأ الإسباني لحلول مختلفة، اتضحت جلية برغبته في تأمين انتصاراته بالدفع بلاعبين أكثر ميلًا للدفاع، ما يعني تعليمات ضمنية بالتخلي عن أسلوب الفريق في لعب كرة القدم لدقائق من أجل تحقيق الانتصار، لكن هذه المحاولة أيضًا لم تنجح، إذن.. ما الحل؟

لأنه لا توجد مشكلة من الأساس

بيب جوارديولا

باختصار مُخل، إذا ما اعتبرنا الهدف الحقيقي من لعب كرة القدم هو وضع الكرة في الشباك، وبما أنّ الإحصائيات قد سبق وأثبتت أن معظم المباريات تشهد تسجيل هدف أو هدفين في المتوسط، بالتالي، الأحداث المهمة (تسجيل الأهداف) تستغرق من 2% لـ3% من عمر المباراة بأكملها.

هذا هو حجم العشوائية الذي نتعامل معه في رياضة مثل كرة القدم، فبغض النظر تماما عن بيب جوارديولا، وسواءً كان متأثرًا بسحرٍ إفريقي، أو مصابا بفرط التفكير، طبقا لكتاب «The Num­bers Game»، شُح الأهداف في كرة القدم مقارنةً برياضات أخرى، هو السبب المباشر في جعلها لعبة لا يمكن توقعها، وربما يعد ذلك سببا في كونها الرياضة الأكثر شعبية حول العالم؛ تلك العشوائية التي تخلق سيناريوهات لا يمكن توقعها، وخلال 90 دقيقة فقط، طبقا لقوانين الاحتمالات، من الممكن أن يخسر بيب جوارديولا فرصه في حصد لقب دوري الأبطال حتى يعتزل التدريب.

نهايةً، ربما تكمُن المشكلة الحقيقية في تصدير خرافات مثل؛ تأثير السحرة على مسيرة بيب جوارديولا، أو الربط ما بين يوم ميلاد لاعب ما ومردوده داخل أرض الملعب، لإيهام البشر بقدرتهم على مَنطقة العشوائية، وإحالة النتائج لأسباب مباشرة، والأهم أن تكون جذّابة للمتابع الذي يرغب في أن يكون التفسير الذي يحصل عليه بسيطا، مباشرا، والأهم؛ يجعله يعتقد أنّه مُلم بالحقيقة كاملةً.

لذا، لا مانع من تكرار خرافة «لعنة جوتمان» مع كُل إخفاق أوروبي لبنفيكا البرتغالي، ولم لا إضافة بيب جوارديولا لقائمة المسحورين؟

تعليق واحد

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى