رياضة

هروب رياضي.. وقصة اختفاء منتخب سريلانكا لكرة اليد

بأغسطس 2008، أُعلن عن صدور فيلم من إنتاج إيطالي بعنوان «Machan»، يحكي قصة منتخب سريلانكا لكرة اليد، الذي فرّ عناصره من معسكرهم التدريبي بألمانيا عام 2004، وطبقًا لـ«أوبرتو باسوليني»، منتج الفيلم الذي ترشّح لجائزة الأوسكار، كانت سيريالية القصة دافعا قويا له كي ينتج فيلما عن ما وصفه بالاحتيال، فما هي القصة؟

توأمة

منتخب سريلانكا لكرة اليد

تعد قصة فرار منتخب سريلانكا لكرة اليد من المعسكر التدريبي بألمانيا عام 2004 أحد أكبر ألغاز الرياضة بالألفية الثالثة، لأسباب عدّة، سنشرحها فيما يلي.

بداية من عام 1989، أسس الألماني «ديتمر دورينج»، ما يعرف ببرنامج التبادل الرياضي الآسيوي الألماني (AGSEP)، وهو مؤسسة غير حكومية تعمل في سريلانكا، تعمل على تنظيم مباريات بين الفرق الرياضية السريلانكية والأوروبية، على أرض ألمانيا.

في عام 2004، قامت مؤسسة (AGSEP) بتنظيم مباراة في كرة اليد بين منتخب سريلانكا لكرة اليد وفريق ألماني، لكن يبدو أن الأمور لم تجرِ كما خطط لها.

وصل فريق كرة اليد السريلانكي إلى بافاريا بألمانيا للمشاركة في البطولة، وفي ذلك الوقت، لم يكن هناك أي شكوك حول المجموعة التي حطت رحالها إلى الأراضي الألمانية، حيث قدموا جميع الوثائق الصحيحة إلى السفارة الألمانية في كولومبو بسريلانكا، وطبقا للتأشيرات التي صدرت لهذا الفريق، يحق لعناصره البقاء داخل ألمانيا لمدة شهر كامل، من سبتمبر إلى أكتوبر 2004.

لكن بعد وقت وجيز من وصولهم لبافاريا، اختفى عناصر الفريق، المكوّن من 24 شخصًا، مُقسمين لـ16 لاعبا، و8 مدربين، ولم يستدل على طريقهم حتى الآن، فماذا حدث؟

اختفاء منتخب سريلانكا لكرة اليد

بدأت الجولة الرياضية لمنتخب سريلانكا كما كان متوقعا لها، حيث لعبوا مباراة الفريق الألماني «TSV Wit­tis­lin­gen» في بافاريا، وبدا أن الأمور تسير وفقًا للخطة المعدة مسبقا، لكن ذات صباح، بعد أيام قليلة من وصولهم إلى ألمانيا، لم يحضر اللاعبون ولا مدربوهم السريلانكيون لتناول الإفطار، نتيجة لذلك، سرعان ما شعر المضيفون البافاريون بالقلق.

في الواقع، اعتقد الألمان وقتئذ أن الفريق الضيف، الذي لم يكن على دراية بجغرافيا المدينة، قد تاه أثناء الركض في الغابة، لكن المفاجأة كانت حين بدأت السلطات الألمانية تكثيف البحث عن الضيوف الضائعين، حيث تبيّن أن عناصر منتخب سريلانكا لكرة اليد كانوا قد تركوا بعضا من أدواتهم الرياضية، إضافة لرسالة يشكرون من خلالها الألمان على كرم الضيافة، ويخبرونهم أنّهم فرّوا إلى فرنسا.

تحقيقات

فور الحصول على هذه الأدلة، بدأت السلطات الألمانية في التحقيق حول ملابسات هذه الحادثة، لمحاولة فهم ما حدث.

بمراجعة رحلة منتخب سريلانكا لكرة اليد داخل ألمانيا، أول ما ظهر كان مستوى الفريق المتدني خلال مباراته مع الفريق الألماني، وهو الأمر الذي لم يثرِ الكثير من الشكوك آنذاك، بحكم الفارق الفني بين كلا البلدين، لكن بعد الحادثة، استرعت هذه الجزئية انتباه المسؤولين.

مبدئيًا، لم يكن لدى لاعبي المنتخب السريلانكي أي دراية بقواعد لعبة كرة اليد، بل لم يكونوا قادرين على إمساك الكرة بشكل صحيح. وبعد تكثيف التحقيقات، اتضح أن هذا الفريق «المزعوم» لم يكن فريق كرة يد من الأساس، بل مجموعة من الأشخاص قرروا الفرار من سريلانكا إلى ألمانيا، ومنها إلى أي بلد أوروبي آخر.

وفقًا لوزارة الرياضة في سريلانكا، لم يتم إرسال أي فريق لتمثيل الدولة، حيث صرح المسؤولون السريلانكيون أيضًا أن كرة اليد، على الرغم من أنها لعبة شائعة في العديد من البلدان الأوروبية، لم تكن شائعة في سريلانكا، بل إن سريلانكا نفسها لم يكن لديها اتحاد لكرة اليد من الأساس في ذلك الوقت.

من هؤلاء؟

منتخب سريلانكا لكرة اليد

كان السؤال الأكثر أهمية في هذه اللحظة، هو السؤال عن هوية الـ24 فردا الذين فرّوا من ألمانيا، وتم طرح العديد من النظريات للإجابة على هذا السؤال، لكن النظرية الأكثر قبولًا هي أن الفريق كان مجرد مجموعة من الأشخاص يبحثون عن عبور آمن إلى إيطاليا.

وفقًا للتقارير الرسمية في ذلك الوقت، أصبحت إيطاليا مؤخرًا موطنًا للعديد من اللاجئين السريلانكيين، حيث تمكن هؤلاء اللاجئون حتى من تكوين مجتمع متماسك لأنفسهم، ونتيجة لذلك، من المرجح أن يكون اللاعبون السريلانكيون قد هاجروا إلى إيطاليا.

عند هذه اللحظة، صدر قرار بوقف عمل برنامج التبادل الرياضي الألماني الأسيوي، نظرًا للسمعة السيئة التي لحقت به جراء هذه الحادثة.

وبنفس الصدد، رأى «بيورين روبريخت»، الذي أشرف على تدريب هذا الفريق السريلانكي لمدة 3 أشهر، أنّه مُشفق على عناصر منتخب سريلانكا لكرة اليد «المزعوم»، لأنهم كانوا يعيشون في فقر مضجع، بالتالي ربما لجؤوا لخيار الهروب لتوفير حياة أفضل لهم ولأسرهم.

بعد مرور نحو عقدين من حادثة اختفاء منتخب سريلانكا لكرة اليد، نشرت تقارير تفيد بأن بعض عناصر هذا الفريق وجدوا طريقا للعمل كخبّازين في إيطاليا، فيما عاد البعض الآخر لسريلانكا بعدما فشلوا في تأمين مصدر دخل مناسب لإعالة أسرهم.

في النهاية، ربما تمتلك الرياضة قصصا مشابهة لقصة منتخب سريلانكا لكرة اليد، مع اختلاف التفاصيل، طبقًا للمتخصصين، يجد البعض في المناسبات الرياضية ملاذًا للهروب من واقع صعب، أملًا في الحصول على حياة أفضل.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى