رياضة

ليفربول واليونايتد.. وكيف بدأ التلاعب بالمباريات في إنجلترا؟

يعلم الجميع تاريخ العداوة بين ليفربول ومانشستر يونايتد، ومع ذلك، يخبرنا نفس التاريخ أنّ لاعبي الفريقين سبق لهم وأن تعاونوا، لتقديم ما عرف لاحقا بأول فضيحة مثبتة للتلاعب بمباريات الدوري الإنجليزي، قبل أكثر من 100 عام، فما هي القصة؟

مباراة غريبة

ليفربول ومانشستر يونايتد
فريق مانشستر يونايتد.

في موسم 1914–1915، وتحديدًا في 2 أبريل 1915، استضاف مانشستر يونايتد نظيره ليفربول على ملعب «أولد ترافورد»، آملًا في تحقيق انتصار يعينه على البقاء في دوري الدرجة الأولى وتفادي الهبوط، خاصةً وأن الريدز لم يكونوا في حاجة للانتصار، حيث احتل الفريق موقعًا في منتصف جدول ترتيب الدوري.

تقدّم اليونايتد بهدفين في شوط المباراة الأول، كما لم يظهر لاعبو ليفربول أي رد فعل ينُم عن رغبة في العودة في المباراة، لينتهي اللقاء، وتبدأ القصة الأهم في ذلك الوقت.

”كانت أغرب مباراة أدرتها بحياتي“.

-جون شارب، حكم مباراة ليفربول ومانشستر يونايتد.

لماذا وصف شارب المباراة بهذا الوصف؟ طبقا لمن شاهدوا المباراة، خلال شوط المباراة الثاني، تعمّد أحد لاعبي اليونايتد إهدار ركلة جزاء كادت لتقتل المباراة بنتيجة ثلاثية نظيفة، لكن الأهم؛ كان خروج أخبار من داخل غرفة ملابس ليفربول، تؤكد عتاب بعض لاعبي الفريق للمهاجم «فريد باجنام» على محاولته تسجيل هدف في مرمى فريق مانشستر.

بنفس الصدد، نشرت صحيفة «مانشستر ديلي ديسباتش» تقريرها عن المباراة تحت عنوان: «ليفربول هزم — كرة قدم بلا حياة في الشوط الثاني»، ووفقًا لتقارير أخرى، فإن مدرب يونايتد جون روبسون، شعر بالاشمئزاز من مشهد الشوط الثاني، ليخرج من الملعب قبل صافرة النهاية، على الرغم من أن هذا الفوز كان كافيًا لإنقاذ الفريق من الهبوط للدرجة الثانية، وهبوط تشيلسي بدلا منهم.

بعد أسبوع من مباراة «يوم الجمعة الجيدة»، انتشرت تقارير عن تساهل لاعبي الفريقين، بشكل يثير الريبة، مما يستدعي فتح تحقيق حول حقيقة ما حدث خلالها.

تورط لاعبي ليفربول ومانشستر يونايتد

فتح الاتحاد الإنجليزي تحقيقا موسعا، لكشف الملابسات التي أحاطت بهذه المباراة، واتضح من خلاله أنّ لاعبي ليفربول ومانشستر يونايتد شاركوا في التلاعب بنتيجة المباراة، لكن لماذا؟

اكتشف لاحقا أن المراهنات التي وضعت على نتيجة «فوز مانشستر يونايتد على ليفربول بنتيجة هدفين مقابل لا شيء» كانت بمبالغ ضخمة، بمعنى أنّ الشخص الذي راهن على فوز اليونايتد قد يربح 7 أضعاف الشخص الذي راهن على فوز الريدز.

في 27 ديسمبر 1915، أصدر قرار بمنع «ساندي تورنبول» و«آرثر والي» و«نوكر ويست» من مانشستر يونايتد، إلى جانب «جاكي شيلدون»، الذي زُعم لاحقًا أنه زعيم المؤامرة، و«توم ميلر» و«بوب بورسيل› و«توم فيرفول» من لعب كرة القدم مدى الحياة.

رفض بعض اللاعبين المشاركة في عملية الاحتيال، بل إن «فريد باجنام» لاعب ليفربول و«أندرسون»، لاعب يونايتد أدلوا بشهاداتهم في وقت لاحق ضد زملائهم في الفريق.

وعلى الرغم من إدانة 7 لاعبين وإيقافهم، لم يتم ثبوت تورط أي من مسؤولي الناديين، بالتالي لم توقّع أي عقوبات على الأندية نفسها، ولم يتم خصم أي نقاط من كلا الفريقين.

الصيد بالماء العكر

ليفربول ومانشستر يونايتد
هاري نوريس، مالك أرسنال الإنجليزي الأسبق.

كان السير «هنري نوريس»، مالك نادي أرسنال، يحمل ضغينة تجاه نادي ليفربول، لاعتقاده أن الريدز تراخوا أثناء إحدى مبارياتهم ضد تشيلسي الإنجليزي موسم 1912–1913، والتي أدت إلى هبوط أرسنال لدوري الدرجة الثانية.

بعد انتهاء الحرب العالمية الأولى، اجتمع دوري كرة القدم في مانشستر في مارس 1919 لرسم مستقبل كرة القدم الإنجليزية بعد الحرب، حيث تم اقتراح زيادة القسمين الرئيسيين ‑الذي كان يتألف في السابق من 20 ناديًا- إلى 22 ناديًا.

كان الشعور السائد بين الأعضاء أن تشيلسي، الذي احتل المركز الثاني من أسفل في دوري الدرجة الأولى متقدمًا على توتنهام، سيعود إلى الدرجة الأولى بدون تصويت، بينما تم التصويت على هوية الفريق المتبقي.

استغل «نوريس» علاقاته السياسية وهدد رابطة الأندية بتوقيع عقوبات حكومية عليها، بتهمة إفساد كرة القدم الإنجليزية، إذا لم يحصل «أرسنال» على المقعد المتبقي، حتى وإن كان لا يستحقه، طبقا لنتائج آخر دوري قبل بداية الحرب.

بالفعل تم التصويت على هوية الفريق الذي سينضم إلى الدوري الممتاز، وحصل أرسنال على 18 صوتا، مقابل 8 أصوات فقط لتوتنهام، ويعتقد أن تهديد «نوريس» كان له مفعول السحر في استعادة أرسنال مكانه بدوري الدرجة الأولى، على حساب توتنهام الذي استحق هذا المقعد طبقا للنتائج.

حسب بعض التقارير، كان مالك أرسنال يعلم تمامًا أن تحركاته ليست أخلاقية، لكنه لم يلقِ بالا لذلك، فحسب رأيه؛ مرّت قصة ليفربول ومانشستر يونايتد مرور الكرام، بالتالي لا مانع من الصيد بالماء العكر.

أخيرًا؛ ربما لم تكن مباراة ليفربول ومانشستر يونايتد عام 1915 سوى مباراة «ضَبَط» لاعبو الفريقين نتيجتها ‑المحددة سلفا- إلا إن آثارها امتدت، لتفيد أطرافا، وتلحق ضررا بأخرى.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى