شخصيات مؤثرةرياضة

جيمي هاستي.. نجم كرة القدم صاحب الذراع الواحدة

كرة القدم لعبة توازن. إذن، كيف تمكّن جيمي هاستي من اللعب في المستوى العالي بذراعٍ واحدة؟

مرحبًا بك، بالتأكيد لم تسمع قَط عن هاستي، ولا حرَج في ذلك، لأنّه لم يكُن ذلك اللاعب المشهور؛ حيث لعب لأحد أندية أيرلندا الشمالية بستينات القرن الماضي، لكن ما يجعَل قصته ملهمة، هو العبارة أعلاه، فالرجُل الذي تناسته صفحات التاريخ، نجح بشكلٍ ما من لعب كرة القدم بذراع واحدةٍ. فكيف حدث ذلك؟

 حادثة

بأحد حانات بلفاست الأيرلندية الشمالية، توجد صورة بالأبيض والأسود، يعود تاريخها لعام 1965، تُظهر لاعبا يحمل كأسا بيد واحدة، اتضح لاحقا أنّها جائزة أفضل لاعب في نادي دوندالك الأيرلندي الشمالي. بينما كان سبب حمله للكأس بيده اليُمنى فقط؛ هي الحقيقة المفجعة بأن اللاعب (جيمي هاستي) لم يكن يمتلك يدًا يُسرى من الأساس.

ولد جيمي في سيلورتاون عام 1936، وكان مقدرًا له أن يعيش حياة كاملة كعامل على رصيف الميناء، خاصةً بعدما فقد ذراعه اليسرى في حادث آلة طحن في أول يوم له في العمل، وهو يبلغ من العمر 14 عامًا.

ومع ذلك، كان هاستي ‑الذي امتلك موهبة حقيقية كمهاجم في كرة القدم- مصمما على أن لا يؤثر هذا الحادث الأليم على حياته بشكلٍ سلبي، حيث شَق طريقه في كرة القدم للهواة عبر ناديي Island Magee وNewry town، قبل أن يلتحق أخيرًا بنادي Dun­dalk FC.

في تفسيره لتمكُّن هاستي من مساعدة Dun­dalk FC على حصد العديد من الألقاب بسبب أهدافه على الرغم من كونه يُعد معاقا، يعتقد بول مكلين، الذي أنتج فيلما وثائقيا عن اللاعب، أن هاستي لم يولد هكذا، بالتالي تعلَّم في طفولته وحتى وقت الحادثة كيفية الركض، لذا كانت الأزمة الحقيقية في تحفيزه كي يصبح لاعبا مميزًا وحسب.

تعاقُد مثير

جيمي هاستي

في أكتوبر 1960، أخبر جيم مالون، رئيس نادي دوندالك لكرة القدم، مجلس الإدارة أنه اكتشف موهبة مثيرة، مهاجم كان يسجل هدفًا تلو الآخر لنيوري تاون، عبر الحدود في أيرلندا الشمالية. كان طويلًا وقويًا، وكان لديه توازن خارق للطبيعة وكان قاتلاً في الهواء. قال مالون إن دوندالك يجب أن يوقع معه على الفور. كان اللاعب هو جيمي هاستي.

 

في الواقع، لم يرفُض مجلس إدارة النادي قرارًا لمالون قبل هذه اللحظة، لكن في خِضَم المناقشات حول قابلية التعاقد مع هاستي، تدخَّل أحَد الأعضاء قائلًا: لسنا في حاجة لنزوة محفوفة بالمخاطر. ومع ذلك أصر الرئيس على موقفه، قبل أن يمنح هاستي شيكًا من حسابه الشخصي، معلنًا انضمامه لفريق دوندالك رسميا.

لم يكُن مجلس الإدارة سعيدًا، لكن مالون آمن بقدرات چيمي، حقيقةً لم نكن نعرف ماذا يجب علينا أن نتوقع منه بالضبط.

-جون مورفي، قائد فريق دوندالك في الستينيات.

 

طبقا للموقع الرسمي لنادي دوندالك الأيرلندي الشمالي، سجَّل جيمي هاستي أكثر من 100 هدف رفقة الفريق على مدار ست سنوات، كما ساعد الفريق على حصد لقب الدوري عام 1963، منهيًا صيام دام نحو 30 عاما.

وعلى الرغم من كونه مهاجمًا ممتازًا، لم ينجح هاستي في اللعب بإنجلترا، حتى مع اهتمام نادٍ بحجم نوتنجهام فورست بخدماته؛ لأنّه طبقا لديس كيسي، نائب رئيس الاتحاد الأوروبي لكرة القدم السابق، كان معاقًا بشدة، وهو ما يمنع حصوله على تصريح للعب بالدوري الإنجليزي، طبقًا لقوانين العمل.

لتنتهي حياة جيمي هاستي الكُروية بنهاية الستينات، بعدما حصد معظم الجوائز الفردية بأيرلندا، ليبدأ بعد ذلك حياةً جديدةً في بلفاست، كموظِّف بأحد مكاتب المراهنات.

المشاكل

جيمي هاستي
فريق دوندالك الأيرلندي الشمالي.

منذ بداية الستينات، عانت أيرلندا الشمالية مما يعرف بالمشاكل؛ وهو باختصار صراع قوميّ خلال أواخر القرن ال20، ويوصف أحيانًا على أنّه حرب عصابات بدأت لأسباب سياسية، قبل أن تُصبغ بطابع طائفي مع مرور الوقت.

كانت القضية الرئيسيّة هي الوضع الدستوري لأيرلندا الشمالية،فقد أراد الاتّحاديّون أو الأولستريّون (معظمهم من البروتستانت) أن تبقى إيرلندا الشماليّة داخل المملكة المتحدة، أمّا القوميون (معظمهم من الكاثوليك)، فقد أرادوا أن تغادر أيرلندا الشمالية المملكة المتّحدة وتنضمّ إلى أيرلندا الموحّدة.

في 11 أكتوبر 1974، كان هاستي، الذي كان يبلغ من العمر 38 عامًا آنذاك، يسير في طريقه المعتاد إلى العمل، في شارع بروجهام. توقفت سيارة، نزل مسلح وفتح النار، وضرب هاستي ثلاث مرات في ظهره.

كان القاتل أحد عناصر الأولستر البروتوستانت، واتضح من خلال تحقيقات أجريت بعد ذلك أن جيمي هاستي كان أحد المستهدفين من الحركة الاتحادية، حيث كان الضحية رقم 1205.

طبقا لبول هاستي، الذي كان يبلغ من العمر عامين عندما فقد والده، لم يكن قتل والده صدفة، بل كانت خطة ممنهجة لنشر الخوف إلى المجتمع الكاثوليكي من خلال إطلاق النار على الشخصيات المعروفة، في رسالة مفادها أنّ الجميع مستهدف.

في الواقع، تبدو الحكاية برمتها زائفة، قصة أسطورية عن لاعب مُعاق نجح في تسجيل 100 هدف، قبل أن تغتاله مجموعة سياسية/طائفية. حقيقةً لم نُصدّق ذلك أيضًا.

حتى 2015، شاطرنا بول مكلين، صحفي هيئة الإذاعة البريطانية نفس الإحساس، قبل أن يصله مقطعًا من سويسرا، لمباراة جمعت دوندالك بزيورخ السويسري بدوري أبطال أوروبا، حيث نجح جيمي هاستي في مساعدة فريقه في الفوز على بطل أوروبا في ملعبه.

وقتئذ، وبمجرّد رؤية صاحب الذراع الواحدة يسجّل في مرمى زيورخ، ويتحرك بسلاسة بين خطوط دفاعه، أدرك مكلين أنّها ليست أسطورة، وتأكدنا أنّ جيمي هاستي لربما كان ظاهرةً لم يُكتب لها النجاة ليحكي قصته بنفسه.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى