رياضة

«خسرت كل شيء بسبب محدودية تعليمي».. عن أهمية الشهادة الجامعية للاعب الكرة

لقد فقدت كل شيء عملت لأجله؛ لأن تعليمي كان محدودًا. 

-إيمانويل إيبوي، نجم أرسنال الإنجليزي ومنتخب كوت ديفوار السابق. 

بعد اعتزاله كرة القدم عام 2020، اعترف الدولي الإيفواري السابق إيمانويل إيبوي أنّه كان ساذجًا حين وضع أمواله التي جمعها طوال مسيرته المهنية تحت تصرُّف زوجته، التي نجحت في الاستيلاء عليها قانونيًا بحكم المحكمة، بعدما ربحت دعوى طلاق ضد زوجها، بالتالي آلت معظم ممتلكاته إليها. 

«أنظر إلى الوراء وأقول إيمانويل، لقد كنت ساذجًا، لماذا لم تفكر في ذلك من قبل؟ في تركيا، كنت أتقاضى 8 ملايين يورو سنويا، كنت أرسل 7 ملايين إلى الوطن. كنت أوقّع على أي مستند ترسله لي دون تفكير، حتى تلك المستندات المتعلقة بممتلكاتي. 

يعتقد إيبوي أنّه بحكم تعليمه المحدود كان يثق بشدة في القرارات التي تتخذها زوجته بشأن أمواله، والتي كان من المفترض أن تضمن له حياةً مثالية حتى بعد اعتزاله كرة القدم، لكن ذلك لم يحدُث. 

الموهبة أم التعليم؟ 

كرة القدم
ديديه دروجبا وإيمانويل إيبوي.

في مقال بعنوان: الدروس المستفادة من تراجيديا إيبوي، قارن أحد الكتاب تعامل إيمانويل إيبوي مع مسيرته بتعامل قائده وزميله بالمنتخب الإيفواري ديديه دروجبا، نجم تشيلسي الأسبق. 

ومن ضمن هذه الدروس المستفادة، كان حقيقة استثمار دروجبا في شخصه، حيث حصل على شهادة جامعية في المحاسبة، مكنته عقب اعتزال الكرة من إدارة حياته وأمواله بطريقة مثالية، حيث أصبح أحد أهم المستثمرين بمناجم كوت ديفوار، إضافة لامتلاكه ناديًا لكرة القدم بالولايات المتحدة الأمريكية. 

في حين كان استثمار إيبوي مقتصرًا على شراء السيارات الفارهة بدلًا من استثمارها في أي من فروع التعليم. لذا انتهى به المطاف فاقدًا لمعظم ثروته، مكتئبًا، والأهم بلا أي مقومات معرفية للحصول على وظيفة جديدة. 

في الواقع، قصة نجم ساحل العاج ما هي إلا واحدة من مئات القصص التي تقودنا لأهمية استكمال لاعب كرة القدم لتعليمه، لأن مسيرة اللاعب ‑في الواقع- مرحلة مؤقتة، تنتهي بتعليقه حذائه، أما باقي حياته، فغالبًا تعتمد بالأساس على مدى استثماره في نفسه كإنسان. 

«التعليم أهم بكثير من كرة القدم.»

 هذه ليست كلمات أكاديمي أو زعيم سياسي، لكنها تعود بالأساس لرومان توريس، قائد منتخب بنما الذي شارك في نهائيات كأس العالم الوحيدة على الإطلاق (روسيا 2018). 

في 2018،  أنشأ رومان أكاديمية  تستوعب الفتيان والفتيات من الأحياء الفقيرة، ذات الموارد الاقتصادية المنخفضة للغاية والمعرضين لمخاطر اجتماعية عالية، لمساعدتهم على رفع جودة  حياتهم من خلال الرياضة. 

يتلقى داخل الأكاديمية نحو 130 طفلًا من مدن بنمية مختلفة  تدريبًا على كرة القدم إضافة  لدروس في اللغة الإنجليزية والتعليم الأساسي لمساعدتهم على تحسين فرص حياتهم. لكن لماذا؟ 

يعتقد توريس، الذي يعد أبرز عناصر الرياضة البنمية، أن نشأته كانت الدافع لإنشاء مثل تلك الأكاديمية. يحكي نجم بنما أنه امتلك في فترة مراهقته أصدقاءً يمكنهم لعب كرة القدم أفضل منه، لكنهم لم ينجحوا لأسباب مختلفة في لعبها بشكل احترافي، ومع عدم امتلاكهم للوعي الكافي، انتهى بهم المطاف بين العصابات المسلحة أو تجار المخدرات. 

«كان رافاييل شريكي في خط هجوم منتخب بنما تحت 23 عامًا، ومع ذلك، اختار طريقًا آخر وقتل في سن 27، لن أنسى قصته أبدًا». 

ملاذ آمن

يُفلس 2 من كل 5 لاعبين في غضون خمس سنوات من اعتزالهم  كرة القدم الاحترافية، غالبًا بسبب قلة التعليم. 

«تليغراف البريطانية». 

في الواقع، لا يمكن إنكار ضيق وقت لاعب كرة القدم المحترف، أحيانًا تشغل المباريات، التدريبات والانتقالات يومه بالكامل، ما يجعل حصوله على شهادة جامعية حلمًا صعب التحقيق. 

وللمزيد من الموضوعية، يعتقد بعض اللاعبين أن التعليم في حد ذاته قد لا يُشكل فارقًا، لأن اللاعب الذي يصل إلى الدوري الإنجليزي الممتاز مثلًا يتقاضى راتبًا يساوي أضعاف ما قد يحصُل عليه أي مختص بمجال آخر. وهنا تبدأ المشكلة. 

ما يغفله بعض اللاعبين، عمدًا أو عن غير قصد، هو أن المسيرة الاحترافية للاعب ما هي إلا فترة قصيرة من حياته ككل، والأهم أنّها وظيفة غير آمنة، يمكن أن تنتهي بين عشية وضحاها. 

«كرة القدم مهنة قصيرة وغير آمنة. الشيء المؤكد الوحيد هو أنه عندما تصبح لاعب كرة قدم محترف، في مرحلة ما في المستقبل، ستصبح لاعب كرة قدم سابق. لذا يتعين على اللاعبين الاستعداد لمهنة بديلة تتجاوز مسيرتهم الكروية، التي قد تستمر من الناحية الإحصائية أقل من ثماني سنوات في المتوسط». 

بول رافين، مدير في إدارة التعليم في اتحاد كرة القدم الإنجليزي للمحترفين. 

يرى دونكان ويتمور، لاعب سندرلاند الإنجليزي السابق، والذي حصل على درجة البكالوريوس في الاقتصاد وإدارة الأعمال من جامعة مانشستر في 2015، أنّ الدراسة الجامعية كانت ملاذًا للهروب من ضغط لعب كرة القدم الاحترافية، التي ابتلعت وقته بالكامل. 

كرة القدم في عصر الاحتراف

كرة القدم
جورجيو كيليني يحصل على ماجستير في الإدارة من جامعة تورينو الإيطالية.

 

يحتاج اللاعبون إلى تعليم أفضل، خاصة لمستقبلهم بعد مسيرتهم الكروية. اللاعب المتعلم قادر على فهم نفسه والعالم واللعبة بشكل أفضل. 

-جواو بايفا، لاعب سبورتنغ لشبونة الأسبق. 

يمتلك بايفا، الذي عمل كمدير لعلاقات اللاعبين بالاتحاد السويسري لكرة القدم، رأيًا واضحًا حول أهمية التعليم للاعب كرة القدم. حسب رأيه؛ لا يقتصر الأمر على إدارة اللاعب المتعلّم لحياته بشكل أفضل، بل يمتد تأثير المعرفة ليترك أثرًا على جودة اللاعب واللعبة نفسها. 

كمثال؛ يرى بايفا أن التعليم يوسّع أفق لاعب الكرة، بالتالي يجعله يتساءل عن الأسباب، ومن هنا يتمكّن من إيجاد إجابات على أسئلة يومية مثل أهمية تدريب ما، أو الغرض من تعليمات معينة، أو حتى إنشاء علاقات اجتماعية جيدة مع زملائه ومدربه، ومن ثم يتحوَّل من مجرّد منفذ لتعليمات المدرّب، إلى مستوعب لها. وهذه هي اللحظة التي يمكن أن يتحول عندها للاعب أفضل بشكل واضح. 

 في الواقع، ربما تتعارض الصورة الذهنية التي يمتلكها الجمهور عن لاعب كرة القدم المحترف مع اهتمامه بالتعليم، لكن الحقيقة هي أن استكمال اللاعب لمسيرته التعليمية أصبح لا يقل أهمية عن التزامه بمسيرته الاحترافية. باختصارٍ، ربما تحوَّل التعليم إلى أحد مقومات لاعب كرة الجيد، أو هكذا نعتقد. 

المصادر: 

١- خسرت كل شيء بسبب محدودية تعليمي.

٢- التعليم أهم من كرة القدم.

٣- لاعب كرة القدم المتعلم أكثر قدرة على فهم نفسه والعالم من حوله.

٤- لماذا لا يتلقى الكثير من اللاعبين تعليمًا جامعيًا؟ 

 

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى