رياضة

كأس العالم 2002.. معجزة كوريا الجنوبية المدللة بالتحكيم

بدلًا من أن يتم تذكُّر كأس العالم 2002 لكونها بطولة المستضعفين؛ التي نجحت خلالها السنغال في التفوُّق على بطل النسخة السابقة، أو تسليط الضوء على مسيرة تركيا الرائعة، دائمًا ما يتم النظر لهذه النسخة تحديدًا على أنّها لم تكن سوى نتيجة لسياسات الاتحاد الدولي لكرة القدم الفاسدة. 

-ويل ماجي، كاتب رياضي إنجليزي مستقل. 

في الواقع، يتشارك الكثير ممن تابعوا كأس العالم في كوريا الجنوبية واليابان نفس الإحساس مع ماجي، والسبب بسيط؛ وهو الشعور الذي تنامى خلال عمر البطولة برغبة القائمين عليها في المحاباة لأحد البلدين اللذين نالا حق استضافة البطولة الكروية الأهم على الإطلاق. وهذا البلد هو كوريا الجنوبية دون شك. 

لا دخان بلا نار

كأس العالم

تبدأ القصة قبل انطلاق البطولة نفسها بست سنوات كاملة، تحديدًا في صيف 1996، حين منح الاتحاد الدولي لكرة القدم «فيفا» حق تنظيم كأس العالم لكوريا الجنوبية واليابان بشكل مشترك لأول مرة في تاريخ البطولة. 

المثير، لم يكن فوز البلدين بهذا الشرف، حتى وإن كانتا في ذلك الوقت بلا أي بنية تحتية قادرة على استيعاب وتأمين الأعداد المهولة المتوقّع وصولها ليوكوهاما وسيول، بل لأن البلدين الأسيويين كانا قد قدما ملفات الترشّح على أساس حصول إحداهما على حق الاستضافة، دون أي نية للشراكة. 

ومع ذلك، لم يكن الإعلام الغربي في ذلك الوقت مهتمًا بقصة جانبية كتلك، حيث كان الأهم تداعيات هذا القرار، بداية من الأسئلة حول الحلول اللوجستية التي ستوفرها كل بلد لنقل الجماهير عبر البحر بسلاسة لحضور المباريات، وصولًا لانتقادات لفارق التوقيت بين مكان إقامة البطولة ومعظم دول العالم، ما يعني اضطرار الجماهير للمباريات صباخًا أثناء أوقات العمل الرسمية. 

في النهاية، لم يتم النظر لشكاوى عمالقة كرة القدم المنطقية؛ نظرًا لرغبة الاتحاد الدولي في اقتحام السوق الأسيوي الضخم. 

كوريا الجنوبية التي لا يعرفها أحد

كأس العالم

لقد طُردت إيطاليا من كأس العالم بفعل فاعل، حيث تم استخدام الحكام ومساعديهم كقتلة مأجورين». 

بعد صعودها كأول لمجموعة ضمّت منتخبات البرتغال، بولندا والولايات المتحدة الأمريكية، اتضح أن كوريا الجنوبية بقيادة الهولندي «جوس هيدنيك» لن تكون لقمة سائغةً مثل اليابان التي بدا واضحًا أن فريقها لم يأتِ سوى لتقديم أداء مشرف. 

في دور الـ16، أصبح استمرار كوريا في المنافسات مرهونًا بالتغلُّب على منتخب إيطاليا المدجج بالنجوم، لكن لكي تنجح هذه الخطة، على الفريق أن يلعب بخشونة كبيرة، على أمل أن يتجنَّب حكم المباراة إزعاج الجماهير الحاضرة بإشهار أي بطاقات حمراء لفريق البلد المضيف. 

خلال هذه المباراة، طرد فرانشيسكو توتي، نجم روما الإيطالي، في لقطة جدلية بداعي التمثيل، وحرم زميله داميانو توماسي من هدفٍ صحيح بداعي التسلل، مع تغاضٍ واضح من حكم المباراة «برايان مورينو» للعنف الذي تعرَّض له لاعبي إيطاليا. ما جعل الصحافة الإيطالية تصف ما حدث بالمؤامرة التي تهدف لإبقاء كوريا الجنوبية داخل كأس العالم لأطول فترة ممكنة. 

ردًا على ذلك، صرّح سيب بلاتر، رئيس الفيفا آنذاك، أنّ الأخطاء جزء من لعبة كرة القدم، وأنّه دون شك، لا توجد أي نية للتلاعب بالمباريات لمصلحة فريق على حساب الآخر. 

بذكر التلاعب، كان الإكوادوري مورينو قد تعرَّض لعقوبة الإيقاف بواسطة الاتحاد الإكوادوري لـ20 مباراة بعد التحقيق معه في ملابسات إحدى المباريات  المحلية عام 2002، حيث ثبت تورطه في ارتكاب مجموعة من الأخطاء الفنية والقانونية المثيرة للجدل. 

وبعد 8 سنوات من هذه الحادثة، تم ضبط نفس الرجل في إحدى المطارات متلبسًا بحوزته بضعة كيلوجرامات من مخدّر الهيروين، ليتم إيقافه مدى الحياة. هنا يمكننا أن نقول بفم ممتلئ أن سردية التلاعب أعلاه منطقية؛ لأن الرجل الذي لم يخجل من تهريب المخدرات، قد لا يخجل بداهةً من التلاعب بنتيجة مباراة. 

جمال الغندور.. عدو إسبانيا البريء

كأس العالم

 

تحذير: لا تهتف لكوريا الجنوبية. ليس لديهم الحق في التواجد في نصف نهائي كأس العالم. يجب أن تلعب إسبانيا مع ألمانيا في سيول. وتقول السجلات إن الكوريين هزموا إسبانيا بركلات الترجيح في غوانغجو يوم السبت. السجلات  كاذبة، لقد تحولت هذه البطولة إلى مهزلة.

-بول هايوارد، صحفي تليغراف البريطانية. 

بعد مباراة منتخبي إيطاليا وكوريا، التي انتهت بفوز الأخير بالهدف الذهبي بتوقيع «أهن جونغ هوان»، الذي فقد وظيفته كلاعب لبيروجيا الإيطالي، نتيجة لتسببه في إقصاء الأتزوري، تلقت مكاتب الفيفا نحو 400 ألف بريد إلكتروني من الجماهير التي تطلب تفسيرًا لما حدث بمباراة ثمن النهائي بين إيطاليا وكوريا. 

في المقابل، ندد كيث كوبر، مدير الاتصالات في الفيفا، بنظريات المؤامرة التي تدور حول كأس العالم هذه ووصفها بأنها «مثيرة للشفقة»، ونقل عن سينيس إرزيك، رئيس لجنة التحكيم، قوله: «تظهر نظريات المؤامرة في جميع مناحي الحياة، وفي 99 في المئة من الحالات لا أساس لها من الصحة». 

في الواقع، شهدت مباراة إسبانيا وكوريا الجنوبية بربع نهائي البطولة أحداثًا لا تقل إثارة للجدل، وكان التشكك واضحًا في لهجة التناول الإعلامي الإسباني لجنسيات حكام هذه المباراة؛ خاصة المصري جمال الغندور، ومساعده التريندادي ميشيل راجوناس، بوصفهم «قادمين من دول لا تمتلك أي تاريخ كروي. 

على مدار 20 عاما، كان الغندور أحد المكروهين في إسبانيا. لكن في الواقع، كان إلغائه لأهداف إسبانيا الصحيحة، مرهونًا بإشارات مساعده التريندادي. 

أعتقد أنني قدمت أداءًا جيدًا في كأس العالم 2002، ودائما ما أوضح ما يلي: أتحدث عن قراراتي الخاصة، عما قررته، دون تحمل مسؤولية قرارات المساعدين. 

-الحكم الدولي المصري السابق، جمال الغندور. 

 

في النهاية، توقفت مسيرة كوريا الجنوبية بكأس العالم 2002 عند محطة نصف النهائي ضد ألمانيا، قبل أم تخسر مجددًا من تركيا ‑مفاجأة البطولة- في مباراة تحديد المركز الثالث. 

لتظل نظرية المؤامرة قائمة، على الرغم من إنكار بريان، وتصريحات الغندور عن أدائه الجيد، ويظل السؤال مطروحًا: هل تم التلاعب لمصلحة كوريا الجنوبية؟ والإجابة: الشواهد كافة تؤكد ذلك، لكن لا دليل. 

المصادر: 

 

١- كيف أصبحت كأس العالم 2002 البطولة الأكثر إثارة للجدل في الذاكرة الحديثة؟

2- كرة القدم السياسية في كوريا واليابان

3- كوريا الجنوبية النارية، وإيطاليا بلا أسنان، والفساد في كأس العالم 2002

4- تحليل أخطاء حكم مباراة إيطاليا وكوريا الجنوبية. 

5- معجزة كوريا الجنوبية المدللة بالتحكيم. 

6- بعد عشرين عاما، جمال الغندور: لقد قمت بأداء تحكيمي ممتاز. 

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى