ثقافة ومعرفة

من هو الذي كان مندوب قريش في صلح الحديبية

كم من مرة سمعنا عن صحابي جليل دخل في الإسلام بعدما كان من ألد أعدائه وأكثرهم إيذاءً للمسلمين! كثيرًا ما نتعجب من تقلب حال الصحابي بعد ماضيه المليء بالكفر وفعل الفواحش إلى حال المؤمن الصالح الذي يتقرب إلى الله بكل ما أوتي من قوة، ولعل مندوب قريش كان من ضمن هؤلاء الصحابة، وهنا ينبغي معرفة من هو الذي كان مندوب قريش في صلح الحديبية وما هي قصة إسلامه. 

نبذة عن صلح الحديبية 

يُطلق على صلح الحديبية أمر الحديبية أو غزوة الحديبية، والأشهر هو صلح الحديبية، وسُمي بهذا الاسم لأن هذا الصلح تم في مكان يُسمى الحديبية لوجود بئر يُطلق عليه هذا الاسم، وقيل في بعض المصادر التاريخية أنه بسبب وجود شجرة حدباء تُسمى بهذا الاسم. 

والجدير بالذكر أن صلح الحديبية هو هدنة تمت بين المسلمين وقريش في شهر ذي القعدة من العام السادس الهجري بشروط معينة وضعها الرسول مع مندوب قريش، وقد أثار هذا فضول العديد من الأشخاص لمعرفة من هو الذي كان مندوب قريش في صلح الحديبية عام 6هـ.

القصة المختصرة لصلح الحديبية 

خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم مع الأعراب والمهاجرين والأنصار قاصدًا مكة لأداء العمرة وليس للحرب، ومع ذلك خرج أهل قريش لقتالهم وعلى رأسهم خالد بن الوليد، فبحث الرسول صلى الله عليه وسلم عن طريق آخر؛ لكي يتجنب لقاء المشركين، واستقر مع المسلمين في مكان بركت فيه ناقته، وأرسل إلى قريش خراش بن أمية الخزاعي ليبلغهم بدخول المسلمين دون قتال، ولكنهم هاجموه وحاولوا قتله. 

أرسل رسول الله صلى الله عليه وسلم عثمان بن عفان إلى كبار قريش مرة أخرى، فأشيع أنه قُتل فعزم الرسول والمسلمون على الحرب، ولكن تبين أنه حي فتراجعوا عن الحرب، ولكن أرسلت قريش خمسين فارسًا لقتال المسلمين، فأسرهم المسلمون وعفا عنهم الرسول صلى الله عليه وسلم ليؤكد على الغرض الذي أتى من أجله وهو بعيد عن القتال، فأدركت قريش هذا الأمر وأرسلوا مندوبًا إلى الرسول صلى الله عليه وسلم للاتفاق على الصلح. 

من هو الذي كان مندوب قريش في صلح الحديبية ؟ 

أرسلت قريش سهيل بن عمرو مندوبًا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم لعقد الصلح والاتفاق على شروطه، وقد كان قائدًا من قادة قريش عُرف عنه أنه حسن الخطاب وفصيح اللسان؛ إذ كان يحفز المشركين على محاربة المسلمين وقتلهم من خلال إلقائه للخطب، وما يؤكد على ذلك أن عمر بن الخطاب أراد نزع ثنية سهيل (شفتيه) بعدما وقع في الأسر بعد انتصار المسلمين في غزوة بدر حتى يعجز عن الخطابة، فرفض الرسول صلى الله عليه وسلم وقال له «لعله يقوم مقامًا لا تكرهه. 

على الرغم من رجاحة عقل سهيل بن عمرو فهو لم يسلم حينما بدأ الرسول صلى الله عليه وسلم دعوته، بل كان يدعو الناس لعدم الانصياع وراء دعوة محمد، وكان يعذب من أسلم منهم حتى يرتدوا عن إسلامهم، وهذا ما فعله مع ابنه عبد الله حينما وقع بين يديه، فقد ساقه إلى داخل بيته في مكان مظلم وقيد يديه وقدميه، وأخذ يمارس ألوان العذاب كلها عليه إلى أن ارتد عن الإسلام. 

قصة إسلام مندوب قريش 

بعدما ارتد عبد الله بن سهيل بن عمرو عن الإسلام ظن سهيل أنه انتصر على الرسول صلى الله عليه وسلم، واصطحب ابنه معه في غزوة بدر لمحاربة المسلمين متمنيًّا أن يقتل ابنه النبي، وما لبث أن تلاقى المسلمون والمشركون حتى ألقى عبد الله نفسه تحت راية الإسلام وشق صفوف الكفار ليقاتل أباه ومن معه من المشركين، فانتصر المسلمون على المشركين ووقع سهيل بن عمرو أسيرًا في أيدي المسلمين. 

بعدما نقضت قريش العهد المتفق عليه في صلح الحديبية هُزمت بفتح مكة، وأعطى الرسول صلى الله عليه وسلم والمسلمون الأمان إلى من دخل بيته أو دخل المسجد الحرام أو منزل أبي سفيان، فأزعج هذا سهيل بن عمرو، وطلب من ابنه عبد الله على استحياء أن يجاور النبي، فقد كان يخشى أن يُقتل من قبل المسلمين، وحينما أخبر عبد الله النبي بذلك فأعلمه أنه آمن، ثم نهى الجميع عن إيذائه، ومن بعدها أسلم سهيل بعدما أحب الرسول صلى الله عليه وسلم، وأصبح صحابي يقوم بكل عمل يقربه إلى الله. 

تناولنا في هذا المقال الإجابة عن سؤال من هو الذي كان مندوب قريش في صلح الحديبية وكيف تحول من مشرك يحارب رسول الله صلى الله عليه وسلم والمسلمين إلى صحابي جليل يدعو إلى الدخول في الإسلام. 

اقرأ أيضًا: غزوات الرسول بالترتيب.. أسبابها وأحداثها والفرق بينها وبين السرية

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى