رياضة

لماذا يسعى الأمريكيون إلى الاستثمار في كرة القدم الإنجليزية؟

بحلول صيف 2022، ارتفع عدد الملاك الأمريكيين لأندية الدوري الإنجليزي الممتاز إلى 10 من أصل 20 مالك. نفس الأمر يحدُث في إيطاليا، التي طالما كافحت ضد فكرة دخول رأس المال الأجنبي في كرة القدم. 

يطرح هذا التوجه الأمريكي سؤالا حول الأسباب التي تدفع رؤوس الأموال الأمريكية لسوق كرة القدم الأوروبية، التي ‑للمفارقة- لا يمكن مقارنة عوائدها بعوائد الرياضات الأمريكية الضخمة. 

كرة القدم «بيزنس» فاشل

كرة القدم
رومان أبراموفيتش، مالك نادي تشيلسي السابق.

 

تحت قيادة أبراموفيتش، خسر تشيلسي 900 ألف جنيه استرليني كل أسبوع، لمدة 19 عاما. هذا الإنفاق أخل بنموذج العمل المتعارف عليه، حيث تُسير الأندية أعمالها وفقًا المداخيل القادمة من حقوق البث وعوائد تذاكر المباريات. لكن فجأةً، أتى رجل سخي، يضخ أموال طائلة من مصادر أخرى. 

كيران ماجواير، مؤلف كتاب «ثمن كرة القدم». 

في الواقع، إذا ما افترضنا أن شراء ناد لكرة القدم مشروع، فهو مشروع فاشل بكل تأكيد، لأن تكاليفه إدارته تفوق أرباحه، حتى وإذا نجح رياضيًا. في الواقع، لا تحتاج لكثير من البحث لتجد أن معظم أندية النخبة الأوروبية مدينة للبنوك بالمليارات. 

بالتزامن مع تقديم الشيخ جاسم بن حمد آل ثاني عرضا للاستحواذ بشكل كامل على نادي مانشستر يونايتد الإنجليزي مقابل ما يدنو من 5 مليار يورو، نشرت صحيفة «التايمز» الأمريكية تقريرًا يستعرض عديد المحاور التي تخص هذه الصفقة. 

ومن ضمن هذه المحاور، كان الإشارة لمقابلة مع موقع «بلومبيرج»، المهتم بالاقتصاد ورجال الأعمال، أكّد خلالها آل ثاني، مدير بنك قطر الإسلامي السابق، أن أحد أبنائه كان أحد الأسباب التي آلت في النهاية للتفكير في تقديم عرض لشراء فريق كرة قدم. حسب وجهة نظره، الاستثمار في كرة القدم ليس استثمارًا جيدًا، لكنه أشبه بحملة دعائية. 

على مدار عقود، اشترى رجال الأعمال الروس والخليجيين أندية كرة القدم لإبراز القوة الناعمة، في حين كان هدف الاستثمار الأمريكي منذ اللحظة الأولى هو تحصيل الأرباح. هذا بالضبط ما حاول «الجليزرز»، ملاك مانشستر يونايتد، و«مؤسسة فينواي»، المالكة لليفربول القيام به، عبر التفتيش عن الجوانب الخفية التي يمكن من خلالها تعظيم أرباح أنديتهم. 

ومع ذلك، لم تعد مثل تلك المؤسسات قادرة على المنافسة بشكل مستدام، بل أنها قامت بعرض الأندية للبيع والبحث عن استثمار آخر، أكثر جدوى. لذا علينا أن نسأل: ما الذي يدفع جيلًا جديدًا من المستثمرين الأمريكيين إلى الاستمرار في شراء الأندية الأوروبية، وخاصةً الإنجليزية؟ 

4 أسباب منطقية

يعتقد «كريج كوبين»، المصرفي السابق ببنك أمريكا، أنّه على الرغم من المخاطر التي قد تعوق الاستثمار في كرة القدم، خاصة الإنجليزية مثل: تكلفة الاستحواذ على الأندية، عدم وجود سقف للرواتب، عدم تطبيق قواعد اللعب المالي النظيف بشكل عادل، ووجود خطر الهبوط للدرجات الأدنى قائمًا على الدوام، لا يزال المستثمرون الأمريكيون الجدد يرون في كرة القدم استثمارا جذابًا للغاية. لكن كيف؟ 

فرصة للنمو 

 يرى المستثمرون الأمريكيون أن هنالك احتمالية كبيرة للنمو الاقتصادي بكرة القدم الأوروبية. فعلى الرغم من أن إيرادات رياضة كرة القدم الأمريكية تعادل ضعف إيرادات كرة القدم الإنجليزية  يعتقد المستثمرون الجدد أنه لا يزال هناك نمو كبير قادم من حقوق البث والترويج والجولات العالمية، وأن الدوريات الأوروبية وخاصة الدوري الإنجليزي الممتاز لديه القدرة على تجاوز اتحاد كرة القدم الأميركي اقتصاديًا بفارق كبير.

تحت حماية الجماهير

كرة القدم

ينظر هؤلاء المستثمرون إلى أندية كرة القدم كمؤسسات محصنة ضد التدمير أو الانهيار.  فالأندية الكبيرة لا تزال موجودة حتى بعد مرور قرن من إنشاء بعضها. بالتالي على الرغم من خطر الهبوط للدرجات الأدنى ‑الأمر الذي لا يختبره ملاك أندية الرياضات الأمريكية المختلفة–  يؤمن المستثمرون أن الارتباط الوثيق بين أندية كرة القدم ومشجعيها يضمن استمرار الأرباح بغض النظر عن النتائج. 

علامة تجارية 

لأن كرة القدم لعبة عالمية، عكس الرياضات الأمريكية التي يمكن اعتبارها محلية مجازًا، يعتقد ملاك الأندية الأمريكيين أن شعبية كرة القدم تمنحهم أولوية خوض تجربة «الملكية المتعددة للأندية» حول العالم. حيث يمكن لمالك أو مؤسسة واحدة الاستحواذ عدة أندية بمختلف القارات، وهذا ما يعني توسيع نطاق صفقات الرعاية، وشراكات الحملات الدعائية. لذلك، قد تتحول ملكية نادي كرة القدم إلى امتياز بالنسبة لمالكه عند التفاوض مع الشركات التجاريين ومنصات البث المختلفة. 

البريكسيت 

قبل خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي، كان الجنيه الإسترليني يساوي 1.6 دولار أمريكي، أما بعد الخروج، يتأرجح ما بين الـ1.13 و1.06. بالتالي، من وجهة نظر اقتصادية، يبدو الوقت الحالي مثاليًا للاستثمار في إنجلترا، خاصة مع ترحيب المملكة المتحدة بالاستثمار في الأصول بالجميع الإسترليني؛ بسبب زيادة عجز الحساب الجاري في بريطانيا. 

في النهاية، قد لا تنجح مثل تلك الاستثمارات الأمريكية المشوبة بالحذر؛ لأنها لا تتوافق بشكل عام مع رؤية الجماهير الشعبوية فيما يتعلق بمعنى الاستثمار. بمعنى أن المشجع  يعتقد أن المستثمر ما هو إلا حقيبة من الأموال التي تعمل على إرضائه. 

يقودنا هذا إلى الحل الأمريكي الأخير، وهو السوبرليج، حيث تجتمع نخبة الأندية في دوري منغلق على نفسه، يضمن مزايا الألعاب الرياضية الأمريكية الاقتصادية، ويتجنب أضرار كرة القدم التقليدية. 

 

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى