أحيانا ما يؤدي الغضب الشديد والانفعال، أو الصدمات النفسية بشكلها العام، إلى إصابة الإنسان بمشكلات عضوية تتباين من حيث خطورتها، إذ يمكن أن تؤدي به إلى الإصابة بأحد الأمراض، أو إلى الوفاة في أسوأ الأحوال. ولكن هل يعني ذلك صدق تلك المعلومات المنتشرة عبر صفحات الإنترنت، عن انقطاع ما يسمى خيوط النياط بالقلب، وتسببها في الموت، على خلفية خلاف ما مع الحبيب، أو انكسار الخاطر؟! هل خيوط القلب تتقطع من الحزن؟ وأيضا ماذا يحدث للقلب عند الحزن؟ تابعونا خلال السطور التالبة.
ما هي خيوط نياط
إذ انتشرت مؤخرا بعض المعلومات الطبية على ما يفترض، سواء من خلال بعض مواقع التواصل الاجتماعي، أو المواقع الإلكترونية على الإنترنت بوجه عام، تزعم أن القلب يحتوي على بعض الخيوط المسماة بخيوط النياط، والتي ما إن يشعر الإنسان بالحزن الشديد، أو انكسار الخاطر، فإن تلك الخيوط تتمزق في الحال، الأمر الذي يؤدي، وفقا لتلك المنشورات، إلى تجلط الدم، ومن ثم الوفاة.
ما هي خيوط نياط؟ هي عبارة عن حبال وتريّة داخل القلب، تربط بين صمامات القلب وجدار القلب، في حين أن وظيفتها الأساسية هي مساعدة صمامات القلب على الإغلاق بشكل صحيح، مما يمنع رجوع الدم إلى الخلف، أما الحزن الشديد فقد يؤدي إلى بعض الاضطرابات النفسية والجسدية، مثل ارتفاع ضغط الدم وزيادة ضربات القلب، ولكن لا يوجد دليل علمي مؤكد يثبت أن الحزن الشديد يمكن أن يؤدي إلى تمزق خيوط النياط، ولكن ماذا يحدث للقلب عند الحزن؟
أسباب تقطع نياط القلب
تُعرف تقطع نياط القلب أيضًا باسم تمزق خيوط النياط، وهي حالة طبية خطيرة يمكن أن تؤدي إلى فشل القلب لا قدر الله، من أسباب تقطع نياط القلب عندما تنقطع أو تتلف الحبال الوترية التي تربط صمامات القلب بجدار القلب، والتي وظيفتها الأساسية هي مساعدة صمامات القلب على الإغلاق بشكل صحيح، مما يمنع رجوع الدم إلى الخلف، هناك عدد من أسباب تقطع نياط القلب، بما في ذلك:
- صدمة قلبية أو اضطراب نظم القلب: يمكن أن تؤدي الصدمة القلبية إلى تمزق خيوط النياط عن طريق تلف أنسجة القلب،حيث يمكن أن يؤدي اضطراب نظم القلب أيضًا إلى تمزق خيوط النياط عن طريق زيادة الضغط على صمامات القلب.
- العدوى. يمكن أن تؤدي الكثير من العدوى إلى ترقق خيوط نياط القلب، مما يجعلها أكثر عرضة للتمزق، مع العلم أنه يمكن أن تحدث العدوى بسبب فيروس أو بكتيريا.
- الالتهاب. يمكن أن يؤدي الالتهاب إلى ترقق خيوط نياط القلب، مما يجعلها أكثر عرضة للتمزق الشديد، يمكن أن يحدث الالتهاب بسبب عدوى أو حالة التهابية مثل التهاب الشغاف.
- الأمراض الوراثية: من أسباب تقطع نياط القلب بعض الأمراض الوراثية التي تؤدي إلى ترقق خيوط النياط، مما يجعلها أكثر عرضة للتمزق.
أما بالنسبة للوفاة، فقد يؤدي الحزن الشديد إلى بعض المشاكل الصحية فقط، مثل الاكتئاب والقلق، والتي قد تؤدي بدورها إلى زيادة خطر الإصابة بأمراض القلب والسكتة الدماغية، ولكن لا توجد علاقة مباشرة بين الحزن الشديد والوفاة، لذا يأتي النصح من قبل تلك المنشورات أيضاً، بضرورة رفق كل إنسان بالآخر، حتى لا يتعرض لتلك الأزمة الطبية الحادة، كما تم التوضيح، فهل صدقت تلك المنشورات؟
خيوط القلب
في الواقع، تزخر تلك المنشورات دائما بمغالطات علمية وطبية ليس لها حدود، ما أوضحه عدد من الأطباء، الذين يؤكدون أن المقصود بخيوط النياط، هو الحبال الوترية، والتي وإن كانت تؤثر بشكل أو بآخر في عمل القلب، فإنها من المستحيل أن تتمزق نتيجة سوء الحالة النفسية أو الحزن الشديد كما أشير من قبل، لكي تؤدي إلى توقف القلب والموت.
فالدور الرئيسي لتلك الخيوط هو تثبيت بعض الأجزاء الحيوية من صمام القلب، لتحد من حدوث أي ارتخاءات مفاجئة بالعضلة القلبية، الأمر الذي يعد بعيدا كل البعد، عن التأثيرات السلبية للحزن والغضب بصورها المختلفة.
كذلك يشار إلى أن نسبة حدوث انقطاع مفاجئ بتلك الحبال الوترية القلبية، نسبة ضعيفة إلى حد بعيد، وأن هذا الانقطاع قد يحدث على خلفية الإصابة بالتهابات بكتيرية، أو جلطات مفاجئة، أو حمى روماتيزمية، ليؤدي إلى ارتجاع شديد بصمام القلب وحسب، وليس للموت الناتج عن انكسار الخاطر أبدا!
هل خيوط القلب تتقطع من الحزن
ماذا يحدث للقلب عند الحزن؟ بشكل علمي يمكن الإجابة على سؤال هل خيوط القلب تتقطع من الحزن؟ لا، خيوط القلب لا تتقطع من الحزن، حيث أن خيوط القلب هي عبارة عن الأوتار التي تربط صمامات القلب بالعضلة، هذه الأوتار قوية جدًا ولا يمكن أن تتمزق بسهولة، ومع ذلك، يمكن أن يؤدي الحزن الشديد إلى حدوث اضطراب في عضلة القلب، مما يؤدي إلى مجموعة من الأعراض التي تشبه أعراض النوبة القلبية، ولكن هذه الأعراض غالبًا ما تكون مؤقتة ولا تؤدي إلى تلف دائم في القلب.
أعراض تقطع نياط القلب
تشمل أعراض تقطع نياط القلب ما يلي:
ألم في الصدر
قد تكون من أعراض تقطع نياط القلب وجود ألم في الصدر والذي قد يكون شديدًا أو ضعيفًا، ويحدث في المنتصف أو الجانب الأيسر من الصدر.
ضيق في التنفس
إذا شعرت بضيق شديد في التنفس والذي قد يكون مصحوبًا بسعال أو سعال رغوي عليك بمتابعة الطبيب على الفور.
غثيان أو قيء
قد يكون هذا العرَض من أعراض تقطع نياط القلب إذا انتفت الأمراض الأخرى.
إغماء
قد تتعرض لحالة إغماء تتبع الحزن أو الفرح الشديد، مما يشير غلى وجود مشكلة في نياط القلب.
قد تظهر بعض الأعراض الأخرى أيضًا، مثل:
- سرعة ضربات القلب أو عدم انتظامها.
- الدوخة أو الدوار.
- التعب.
- التعرق.
مع العلم أنه تعتمد شدة الأعراض على شدة تمزق خيوط النياط، في الحالات الشديدة، وكذلك قد يؤدي تمزق خيوط النياط إلى فشل القلب، والذي يمكن أن يكون مهددًا للحياة بدوره، فإذا كنت تعاني من أي من هذه الأعراض، فمن المهم استشارة الطبيب في الحال، و يمكن أن يكون تمزق خيوط النياط حالة طبية خطيرة، لذا من المهم الحصول على العلاج في أسرع وقت ممكن، حيث يعتمد العلاج على شدة تمزق خيوط النياط؛ في بعض الحالات، قد يكون علاج تمزق خيوط القلب يحتاج لإجراء عملية جراحية لإصلاح أو استبدال خيوط النياط.
شكل القلب عند الحزن
هناك عدة أعراض تظهر على القلب عند الحزن وينتج عنها بعض الأعراض، حيث يؤدي الحزن الشديد إلى حدوث اضطراب في عضلة القلب، مما يؤدي إلى مجموعة من الأعراض التي تشبه أعراض النوبة القلبية، ولكن هذه الأعراض غالبًا ما تكون مؤقتة ولا تؤدي إلى تلف دائم في القلب، وتغير في شكل القلب عند الحزن هكذا:
- منخفضًا: القلب يميل إلى الأسفل، مما يدل على الخمول والشعور باليأس
- مضغوطًا: أي أنه يبدو أصغر حجمًا من المعتاد، مما يدل على الانقباض والشعور بالضيق
- مظلمًا: بمعنى أنه يبدو شكل القلب عند الحزن يتحول للون أغمق من المعتاد، مما يدل على الكآبة والشعور بالظلام.
- مكسورًا: أي أنه يبدو كما لو كان تم قطعه أو تمزقه، مما يدل على الألم والمعاناة
ماذا يحدث للقلب عند الحزن
على الرغم من كذب تلك المنشورات المتداولة عن تقطع خيوط القلب عند الحزن، إلا أنها تضمنت معلومة واحدة صادقة، ربما جاء ظهورها فقط بالصدفة البحتة، حيث أشارت لإمكانية وفاة البعض نتيجة حزنه الشديد، ما تكشف عنه الكثير من الدراسات والأبحاث العلمية، ولكن بعيدا عن خيوط النباط بالتأكيد.
فقد أكدت إحدى الدراسات الأمريكية، التابعة لجامعة هارفارد للطب، أن الاحساس بالحزن الدفين، والذي غالبا ما ينتج عن وقاة شخص مقرب، يؤدي إلى زيادة سرعة نبضات القلب، وارتفاع ضغط الدم، ما يعني زيادة فرص التعرض لأزمة قلبية حادة قد تؤدي للموت، وهو الأمر الذي تم توضيحه بالأرقام، إذ تمت الإشارة إلى أنه عند وفاة شخص ما، تزداد فرص إصابة الأشخاص المقربين منه بالنوبات القلبية بنحو 21 ضعفا في اليوم الأول للوفاة، بينما تهبط النسبة لتبلغ نحو 6 أضعاف النسبة الطبيعية، على مدار اسبوع كامل، وهي نسبة مرتفعة أيضا في كل الأحوال.
يؤكد موراي ميتلمان، طبيب القلب، بمدرسة الطب بجامعة هارفارد الأمريكية، نتائج الدراسة المذكورة، فيقول: «يجب أن يدرك الأطباء والممرضين، وكذلك الأشخاص الذين فقدوا شخصا مقربا منهم مؤخرا، أن حياتهم تصبح على المحك في الأيام والاسابيع التالية لسماع خبر محزن مثل هذا، ما يتطلب توخي الحذر من تلك العناصر المذكورة، من أناس عاديين، أو أطباء مسؤولين عنهم.
علاج تمزق خيوط النياط
علاج تمزق خيوط النياط يعتمد على شدة التمزق، حيث في الحالات الخفيفة، قد يكون من الممكن علاج التمزق باستخدام ضمادة أو دعم، ومع ذلك، في الحالات الأكثر خطورة، قد يلزم إجراء عملية جراحية لإصلاح التمزق، أي أن علاج تمزق خيوط النياط على شدة التمزق وموقعه. بشكل عام، هناك نوعان من العلاجات الرئيسية:
العلاج الجراحي
إذا كان التمزق كبيرًا أو إذا كان يقع في موقع مهم، فقد يكون من الضروري إجراء عملية جراحية لإصلاح التمزق. تتضمن هذه العملية عادةً إزالة الخيوط الممزقة واستبدالها بخيوط جديدة.
العلاج غير الجراحي
إذا كان التمزق خفيفًا، فقد يكون من الممكن علاج تمزق خيوط النياط باستخدام ضمادة أو دعم. تشمل ضمادات النياط ما يلي:
- ضمادة النياط الضيقة (TNB): هذه ضمادة ضغط ضيقة يتم وضعها حول الرسغ أو الكاحل، يساعد هذا في تقليل التورم والألم
- ضمادة النياط الواسعة (WWB): هذه ضمادة ضغط واسعة يتم وضعها حول الرسغ أو الكاحل، يساعد هذا في تقليل التورم والألم ودعم الرسغ أو الكاحل.
نصائح طبية هامة لعلاج تمزق خيوط النياط
- الراحة: قد يُنصح المريض بالراحة من الأنشطة التي تزيد من الضغط على الوتر، مثل الرياضة أو رفع الأشياء الثقيلة.
- التثبيت: قد يُنصح المريض بارتداء جبيرة أو دعامة لتثبيت الوتر في مكانه.
- الأدوية: يمكن أن يُعطى المريض أدوية مسكنة للألم أو مضادات الالتهاب غير الستيرويدية للمساعدة في تخفيف الألم والتورم.
دراسة أولى من نوعها
ومع الوضع في الاعتبار بأن الدراسة الأمريكية الموضحة، هي الأولى من نوعها، التي تتطرق بتركيز واضح، إلى مخاطر الإصابة بالنوبات والأزمات القلبية، لدي هؤلاء ممن فقدوا أحبابهم خلال أيام واسابيع قليلة، فقد تم التوصل إلى أسباب أخرى لم يتوقعها المتخصصون من قبل، تؤدي للنتائج الموضحة.
بدأ الأمر مع ربط العلماء بين الحزن الذي يصيب البعض عن وداع شخص مقرب للأبد، وبين الأعراض التي تصيبه لاحقا، بإرادته أو بغير إرادته، حيث يؤدي احساسه بالكآبة الممزوجة بالتأثر وقلة الحيلة، إلى قلة عدد ساعات نومه لإصابته بالأرق الناتج عن التوتر والغضب، وإلى تراجع الشهية لديه وعدم الرغبة في تناول الطعام بل والشراب أحيانا، بل وحتى نسيان أو عدم الاهتمام بتناول الأدوية والعلاجات لدي البعض، وهي أمور تعمل بصورة تلقائية على زيادة هرمونات التوتر المعروفة باسم هرمونات الكورتيزول، لتؤدي إجمالا لارتفاع مخاطر الإصابة بالنوبات القلبية.
ومن جانبها، تشير إليزابيث موستوفسكي، المسؤولة الأولى عن البحث الأخير، إلى أن تجاهل تناول الطعام أو العلاجات، يجب أن يكون محط اهتمام الأسر والأصدقاء القريبين من عائلات الشخص المتوفى، قائلة: «المسئولية الأكبر يقع دائما على عاتق الأصدقاء والأسر، الذين يجب أن يولوا اهتماما خاصا بمن فقد شخصا مقربا، وخاصة في الأيام الأولى من الوفاة، فهو أمر ضروري، ينصح الأطباء كذلك بوضعه في الاعتبار، عند الكشف على من يعاني من أي أزمة قلبية».
الجدير بالذكر أن أعراض الإصابة بالنوبات والأزمات القلبية، والتي تتطلب الاهتمام من قبل المصابين بها من ناحية، والتعامل معها بعناية وحذر من جانب أسرهم من الناحية الأخرى، تتضمن عدم الشعور بالراحة في منطقة الصدر، الاحساس بالألم بالمنطقة العليا من الجسم والمعدة، المعاناة من ضيق واضح بالتنفس، الشعور بالغثيان، إضافة إلى الدوار الخفيف.
في النهاية، يؤكد المتخصصون في أمراض القلب وأطباء علم النفس على حد سواء، أن تجاوز تلك المرحلة السيئة الخاصة بفقدان شخص مقرب، تتطلب الاستعداد التام لها والتعامل معها بكل شجاعة، حيث يجب أن يتم تقبل فكرة المرور بأوقات غير جيدة، بل وشديدة الحزن، مع الوضع دائما في الاعتبار بأن الموت هو الحقيقة التي ستطول الجميع مهما طالت أعمارهم.