آراء ومساهمات

مصطفى محمد يكتب: ‏سطوة الكاريزما الأسطورية

يقول آينشتاين: توجد طريقتان للعيش؛ إما أن تعيش وترى كل شيء معجزة، أو تعيش ولا ترى أي شيء معجزة. مثل غيري منذ الصغر، قررت بعقلي وقلبي أن أرى الأسطورة دييجو أرماندو مارادونا بمثابة معجزة في عالم الساحرة المستديرة.

لقد سال حبر كثير للحديث عن دييجو، إلا أنه من الصعب على أي كاتب في مجال كرة القدم التوقف عن التفكير في الكتابة عنه، فكل حدث أو مناسبة يظهر فيها ابن الـ 58 عاما فإنه يخطف الأضواء. وعندما نتوقف لنفكر في سر هذه الهالة، لا نجد ما يبررها سوى أن هناك قوة خفية لتلك الكاريزما الأسطورية!

ونظرا للفوارق الفنية التي يفرضها الواقع والمنطق في مباراة ربع نهائي كأس رئيس الدولة بين العين والفجيرة، ستجد أن مارادونا هو أهم ما يمكن أن يلفت الانتباه كعادته. فتواجده داخل الحدث يمثل قيمة مضافة في حد ذاته. مع الأخذ في الاعتبار بالطبع أن مباريات الكأس لا تخضع لثوابت فيما يمكن أن تأول إليه نتائجها!

يقول دييجو: » تعتقد أمي أنني الأفضل، ولقد تم تربيتي على تصديق كل ما تخبرني به أمي.»

الشاب اليافع المتمرد الذي لا يعرف الخوف له طريق داخل الملعب، ولا يعرف اللون الرمادي في اختياراته الشخصية، مما تسبب له في متاعب وأزمات عديدة. والذي قال عنه دي ستيفانو » لو أن كرة القدم لم تخترع لاخترعها دييجو أرماندو مارادونا! ومع الوضع في الاعتبار، كم الضغوط الهائلة التي تعرض لها دييجو جراء عدم قدرته على التعامل مع الشهرة والنجومية الطاغية، والتي تسببت له في مضايقات ومخاوف وصلت لحد (الفوبيا) جعلته يسقط في براثن إغواء مافيا نابولي بحثا عن الحماية! وما ترتب على ذلك من (دراما) يعلمها الجميع. ومع كل تلك المعوقات، إلا أنه استطاع تقديم مسيرة كروية استثنائية لموهبة فذة اعتصرها صراع مرير للسيطرة على الذات.

في عالم الساحرة المستديرة، اللعبة الشعبية الأولى في معظم دول العالم، ومنذ نشأة كأس العالم، وهو المرآة التي تنعكس عليها صورة الأساطير في اللعبة حتى وقتنا هذا، على الأقل! إلى أن ينجح من يحاولون (الرعاة التجاريون) دفن المونديال العالمي وتغييبه لصالح دوري الأبطال الأوروبي!

فقد شارك مارادونا في 4 نسخ لكأس العالم منذ1982 إلى 1994 ، فاز بالبطولة عام  1986 ووصيف .1990 سجل خلال مشواره الدولي 34 هدفا رائعا في 91 مباراة دولية خاضها مع منتخب التانجو. أما عن عدد أهداف مارادونا مع الأندية التي لعب لها، فقد سجل 312 هدفا في 588 مباراة.

ولم يصدق اعتقاد (والدة)  مارادونا في أنه سيظل الأفضل دائما! فهو لم ينجح في تحقيق ثنائية اللاعب والمدرب الأسطورة، مثلما فعل القيصر الألماني فرانز بيكنباور أو الهولندي الطائر يوهان كرويف أو الساحر العربي الفرنسي زين الدين زيدان. وهم نماذج نقلت تفوقها المبهر وموهبتها الفريدة من المستطيل الأخضر إلى مقاعد القيادة الفنية.

و بالرغم من أن قمة الساحة الكروية شهدت سيلا من المواهب الفذة تسلمت راية العبقرية الكروية من دييجو، على سبيل المثال لا الحصر، مرورا بالإيطاليين روبيرتو باجيو وديل بييرو، وزين الدين زيدان، ورونالد ورونالدينهو البرازيليين، وصولا للثنائي اللدود ليونيل ميسي وكريستيانو رونالدو، انتهاء»  بـ  نيمار دا سيلفا ومحمد صلاح. إلا إنه قد يتفق معي كثيرون، ممن شاهدوا دييجو أرمانادو مارادونا، في أنه يظل لابن بيونس أيروس طعم ومذاق خاص وكاريزما وحضور.. اعتقد سيبقى قائم ومرتبط بتاريخ اللعبة الأكثر شعبية.

يدخل الكثيرون في جدل حول، إذا ما كانت قمة المجد في أي مجال من مناحي الحياة، مدببة، يقف عليها شخص واحد فقط من العباقرة في مجاله! أم أنها مسطحة، عريضة تتسع لكل المواهب الفذة! وإن كان لكل موهبة، بالطبع، مساحتها الخاصة على هذه القمة، التي تختلف من شخص لآخر حسب إنجازاته المادية المحسوسة، أو مقدار الكاريزما التي يتمتع بها ومدى تأثيرها على الآخرين..

إخلاء مسؤولية: المحتوى في قسم الآراء والمساهمات لا يعبر عن وجهة نظر الموقع وإنما يمثل وجهة نظر صاحبه فقط، ولا يتحمل الموقع أي مسؤولية تجاه نشره.

 

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى