ملهمات

«معاناة آل روبرتسون».. شهر من العزلة بين حيتان المحيط الهادئ

هل هناك أسوأ من عزلة وسط أمواج المحيط الهادئ؟ ربما لا يمكن لأحد أن يجيب عن هذا التساؤل أفضل من أفراد عائلة روبرتسون، بعد أن تعرض قاربهم لهجوم وحشي من الحيتان، ليصارعوا من أجل الحياة وسط المياه لأكثر من شهر.

رحلة حول العالم

في عام 1971، انطلق أفراد أسرة روبرتسون الـ6 في رحلة بحرية حول العالم، يقودها الأب ضابط البحرية، ومعه زوجته، والابن المراهق دوجلاس، والابنة أني، والتوأم الصغير نيل وساندي، حيث رغب الأب المتقاعد عن العمل أن يشارك أبناءه تجربة حياتية لن ينسوها، وهو ما حدث بالفعل دون عمد.

في سعادة بالغة، قاد الأب قارب الأسرة البالغ طوله 13 مترا، ولكن من دون أي تخطيط يذكر، كما يحكي ابنه الأكبر دوجلاس، والذي صار الآن رجلا يتجاوز الستين من عمره: «أتذكر والدي وهو يقود دفة المركب في حماس منقطع النظير، كان يصرخ بصوت عال، وكأنه يعيش حلمه الذي تحقق بعد شراء هذا المركب، مقابل بيع مزرعة الأسرة».

هجوم مفاجئ

على مدار أكثر من عام كامل، عاشت الأسرة السعيدة تطوف أرجاء المحيط الأطلسي، تتوقف أحيانا بموانئ الكاريبي، قبل أن تستكمل رحلاتها المثيرة، حتى حانت اللحظة الصادمة، التي فوجئ خلالها أفراد عائلة روبرتسون بهجوم من حيتان قاتلة، في وسط مياه المحيط الهادئ.

يحكي الابن: «فوجئنا دون إنذار مسبق، ببضعة من الحيتان تهاجم القارب الذي يحملنا بعنف، أدي إلى تضرره بشكل شبه كامل، إذ تعالت أصوات تكسير الخشب، فنظرت لأرى الحيتان وكأنها تتربص بنا، لذا شعرت حقيقة في تلك اللحظة بأن مصيري سيكون أن أؤكل حيا».

في هذا الوقت كان لابد على الأب أن ينقذ الموقف سريعا، فرأى في الزورق الصغير الاحتياطي الأمل، قبل تعرض مركبهم الكبير للغرق بفعل هجمات الحيتان، وبالفعل سارع الجميع بنفخ الزورق، الذي لم يتسع لهم جميعا بالصورة المطلوبة، ولكنها كانت الحيلة الوحيدة المتاحة.

عزلة في قلب المحيط

لم يتوقع أفراد الأسرة أن يطول الأمر بهم هكذا في هذا الزورق الصغير، إلا أن الأمر كان بالغ الصعوبة كما يحكي الابن: «لم نملك إلا طعاما وشرابا يكفي لبضعة أيام فقط، حيث لم نتوقع أن تطول الرحلة عن ذلك»، مضيفا: «كان من البديهي حينئذ أن نلجأ لمياه الأمطار لنشرب، وللأسماك والسلاحف لنأكل، بل ووصل الأمر بنا أحيانا إلى شرب دماء السلاحف لنروى».

أكثر من شهر كامل عانته الأسرة المسكينة وسط أمواج المحيط الهادئ، تأمل في حدوث معجزة تنجيهم مما يعيشونه من معاناة، حتى ظهرت إحدى سفن الصيد اليابانية فجأة، لتمنحهم فرصة استرداد حياتهم الضائعة منذ 38 يوما بالتمام والكمال، وتنقذهم أخيرا من وسط المياه، لتعود الأسرة إلى موطنها بعد طول انتظار.

يقول الابن دوجلاس: «بالرغم مما عانيناه جميعا طوال تلك الرحلة القاسية، إلا أنني لم أشعر بالندم تجاها ولو للحظة واحدة، بطريقة ما علمتني تلك الرحلة أن أنظر للحياة بشكل مختلف، وأن أشعر بالامتنان لمجرد رؤية شروق الشمس ومغربها»، مختتما حديثه قائلا: «أصبحت الأمور أبسط في نظرنا جميعا، وصار الهدف هو أن نحيا حتى صباح اليوم التالي فحسب».

المصدر
طالع الموضوع الأصلي من هناطالع الموضوع الأصلي من هنا

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى